“مثقف السجن.. أم تخريب السجين! هذا عنوان المقال الأول للروائية السورية منهل السراج، التي ربما بتجربتها قد عايشت بعضا من سجناء الرأي في سورية، وخاصة اليساريين منهم، لكنها أبدا ومن خلال كتابتها، لم تعرف السجن ولم تحاول أن تتعرف عليه، ورغم ذلك كان المقال ربما جديرا بأن نتفاعل معه، ربما من موقعنا كسجناء رأي يساريين، وهذا يعني أننا المقصودون.. وأنا واحد منهم.. من يقرأ مقال منهل، يخلص إلى نتيجة بسيطة أولية وربما سطحية” أنها تريد منا أن نبرز عنوة أو برضانا.. أننا مرضى وضحايا.. وإلا نكون بمظهرنا الذي تنتقده نقدم خدمة للظالم، يجب أن يرى العالم ضعفنا، ومن نحن على حقيقتنا..
ومن الواضح بداية أن منهل لم تقرأ رواية “القوقعة” للرفيق والصديق مصطفى خليفة، ولم تقرأ ما كتبه كثر منا عن تجربة السجن، وهذه نقيصة ما كان يجب لمنهل أن تقع فيها. ورغم ذلك… نحن بشر في النهاية يا صديقتي..بشر من لحم ودم..لنا نزواتنا ولنا ضعفنا ولنا صورة نرسمها لذاواتنا، حتى لو كان هنالك مسافة بين الصورة وبين الحقيقة، هذا لا يغير في الأمر الكثير…مع ذلك من حق كائن من كان نقد كل تجربة إنسانية، فهل تجربتنا إنسانية؟ إن كانت كذلك ففيها كل لحظات الكائن الإنساني. وكنت قد طرحت سؤالا على الصديق ياسين الحاج صالح حول تجربة السجن، وإليك السؤال والجواب:
من نسيانات الروح، كي تستمر عطاء، لا أعرف هل يمكن أن نسميها نسيانا كي نتجدد أم نسميها تجاهلا، كي نستعيد أرواحنا، عالم السجن في كثير من اللحظات عنى لي أنه نهاية التاريخ! هنا سيتوقف نبضنا، وهنا سيكون قبرنا، وهنا سيكون مستقبل بلدنا، وعنى لي أنه الموت البطيء تشفيا أو لأسباب أخرى، وعنى لي في ذات الوقت امتحان إنساني لتنظيف الروح، لمراكمة تجربة إنسانية من نوع خاص، لحظات عشق هوامي، لحظات ندم، لحظات تحدي، لحظات جبن واستكانة، لحظات خوف من السجان الذي بات يقبع داخلي. لحظات أم كانت تقف خلف شبكين من الحديد الأسود، بينهما مسافة متر تقريبا وشرطي، وهي مصابة باحتشاء في عضلتها القلبية من أجل أن تراني، كنت بعد كل زيارة أسأل نفسي هل كنت استحق هذا الأمر؟ إنها لحظة من قحط الروح، السجن عنى لي أيضا مثاقفة خطيرة وجنونية في أحيان كثيرة مع الذات ومع الآخر مهما تعددت مسمياته ومواقعه، ماذا عنى السجن لياسين الذي أمضى فيه ما يقارب ستة عشر عاما؟ أنت من قلت: لم يتسن لأحد من السوريين أن يتناول حياة المعتقلين السياسيين السابقين بعد الإفراج عنهم. تبدو هذه الحياة فاقدة لـ”الندرة” و”الفرادة” اللتان تميزان تجربة السجن، وتجعلان منها جديرة بأن تروى أو تدرس أو يكتب عنها، أن تتناول بوصفها موضوعا جذابا.؟ هل هي موضوع جذاب أم علي أن اعتذر منك لكوني بدأت بما يمكنني تسميته معك فرادة الألم، ولكن ليس ندرته؟ هذا سؤالي.
جواب ياسين: ليس السجن جذابا من وجهة نظر السجين أو المهدد بالاعتقال. لكنه قد يكون جذابا من وجهة نظر القارئ، حين يُتَناول كموضوع لكتابة فنية أو فكرية. هو جذاب من وجهة النظر هذه لأنه تجربة نادرة، “مغامرة”، ولأنك بالكتابة عنه تثير عند القارئ دافع الاطلاع على حكاية مشوقة، وفرصة تلصص على حياة حدّيّة، محفوفة بالخطر. وأظن أن سر كل منتج ثقافي يتمثل في اختلافه عن غيره، في ندرته، وإن شئت في فرادته. واختلاف السجن وندرته مضمونان، لأنه في النهاية الناس لا يسجنون كل يوم أو يروون سيرة سجنهم.لكن ليس بالضرورة فرادة الألم كما يقول سؤالك. صحيح أن الألم، ألم التعذيب بالخصوص، شأن مضمون الندرة، ولا نحتاج إلى جهد أدبي أو فكري لـ”تنديره”، لكننا لم نقض الحبس معذبين أو سجناء فحسب، ولا يرتد السجن إلى تجربة تقييد للحرية تفرض ذاتها في كل لحظة. قد يتاح لنا، وقد أتيح نسبيا، ما يساعد على ترويض السجن، أو تقييده، “حبسه” بصورة ما. ووسيلة الترويض التي ناسبتني أكثر من غيرها هي القراءة والتعلم. قراءة الكتب تضاعف الحياة وتحرر من السجن، فتبطل بدرجة ما الغرض من حبسنا. وما تفتحه من آفاق عقلية وروحية يمثل تجربة انعتاق حقيقية، ليس من السجن وحده، بل ربما كذلك من سجون أخرى ليست أقل فتكا: سجن الأنا الإيديولوجية والحزبية، والأنا الشخصية أيضا. بدرجات متفاوتة طبعا. فالانعتاق من السجن الإيديولوجي والحزبي قد يفضي إلى مزيد من الانحباس في سجن الأنا الشخصية. فأنت تعلم أن من أنجع سبل التحرر من التمركز الأناني حول الذات الانخراط في مشروع جمعي يتجاوزها، فإذا عملت على التخلص من هذا أو تقييده فإنك تجازف بأن تطلق لذاتك الشخصية العنان، فتتضخم وتجعل من ذاتها مشروعا أوحد لذاتها. أظن هذا، بالمناسبة، شائع في أوساطنا، نحن المشتغلون في الشأن العام. في المجمل، اتخاذ السجن وسطا للانعتاق (النسبي، دوما) من سجوننا العديدة هو التجربة الأندر والأثمن التي ربما أكون أطللت عليها بعد أن “استحبست”، أي بعد انقضاء نحو نصف سنوات السجن الستة عشر.
انتهى جواب ياسين.
ربما تلمس صديقتنا منهل أن أكثرية سجناء اليسار أكثر قدرة على التعبير عن تجربتهم حتى في أبشع لحظات ضعفهم، كما أنني أذكّر منهل أن اليساريين هم من احتفوا برواية المعتقلة الإسلامية هبة الدباغ “تسع سنوات في سجون سورية” رغم ما فيها من- قدح ربما- لتجربة بعض المعتقلات اليساريات. كما أنه كان يمكن لمنهل أن تقرأ رواية حسبية عبد الرحمن، المعتقلة اليسارية بتهمة الانتماء لحزب العمل الشيوعي في سورية، ولمدة ست سنوات في سجون النظام، عن تجربتها في المعتقل، مع رفيقاتها ومع السجن، رواية الشرنقة، رغم أنها أثارت ضجة حين صدورها، فيما اعتبره بعضنا أنه تجريح برفيقاتها المعتقلات اليساريات، في رواية شرنقة حسيبة عبد الرحمن: مواجهة مع الذات الجمعية لهذا الاعتقال النسوي اليساري، من خلال المواجهة مع فرديات، وانوات متعددة الوجوه..
*******
اليساري والإسلامي حين يعانيان آلام ابن الست وآلام ابن الجارية… عنوان المقال الثاني لمنهل.. الذي افتتحت الحديث عنه بتعليق لقارئة للمقال أعجبني فوددت قبل أن أساهم مع منهل في فتح ملف تعتقده أهم بكثير من ملفات أخرى:
تقول منتهى” كاتبة التعليق :
اليساريون منحوا الاوسمة- وأية أوسمة يا صديقتي المعلقة!!؟- لأنهم كانوا نشطاء في الشأن العام، محامون وشعراء. بينما الإسلاميون انسحبوا قليلا. المقالة تبدو وكأنها تدين اليساريين فيما لا ذنب لهم فيه، وهي تمشي على خط غريب تنتهجه الكاتبة مؤخرا لتحطيم ايقونات السجناء اليساريين. وللاسف يبدو دفاعها عن السجناء الاسلاميين هنا ليس محبة بعلي بل كرها بمعاوية. أنا لم أحب هذا التعاطي. المذكرات التي كتبها سجناء يساريون تحدثوا فيها عن معاناة السجناء الاسلاميين في السجون السورية. وأعتقد أن المتابعين للشأن العام في سوريا يعرفون تماما أية ظروف مر بها السجناء الاسلاميون، وهذا بالضبط لأن اليساريين نقلوا هذه المعاناة في مذكراتهم وأحاديثهم، وهذه التفاصيل وصلت من اليساريين ولم تصل من نشطاء اسلاميين. وأتساءل لو أتيح للإسلاميين الحديث عن تلك التجربة فهل سيتذكروا اليسار؟
أعتقد ان الكاتبة استمدت فكرتها من المشادات الصبيانية، والتهم التي تم تبادلها بين المدونين السوريين والتي تقول أن تجنب الاهتمام باعتقال الشابة السورية طل الملوحي كان بسبب حجابها، علما أن الناشطين الحقوقيين قد انتبهوا للجريمة التي حلت بالملوحي وسلطوا الضوء عليها. وبالتالي فالاتهامات المتبادلة لا صحة لها ومبعثها عقدة اضطهاد. طل الملوحي على الرغم من حجابها وصلت قضيتها للراي العام على خلاف ماتدعي المقالة المنشورة هنا. هذا لان طل الملوحي نفسها لديها اهتمام بالشأن العام، ولامانع لديها من الظهور بدليل أن لها مدونة تعرض فيها همومها وتدلو بدولها- معذرة سيدة منتهى للأسف هناك من يدعون الاهتمام بالشأن العام والحقوقي، لم يتعاطوا مع اعتقال الملوحي لأنها محجبة، وربما تكون معتقلة على حساب قضية إسلام سياسي..هذه حقيقة تسجل لمنهل جرأتها في طرحها- ثم تتابع السيدة منتهى:
حين حاولت الروائية السورية روز ياسين حسن لقاء السجينات من الاتجاه الاسلامي، قوبلت برهاب، ورفض وواجهت صعوبات كثيرة، لأن السجينات الاسلاميات رفضن الحديث عن فترة السجن، بالمقابل كانت السجينات اليساريات أكثر انفتاحا ووعيا بأهمية تسجيل هذه المعاناة. اخيرا وبالتاكيد اعلن تضامني مع كل سجين راي من اي تيار او عرق او جنسية.
هذه النقطة من تعليق السيدة منتهى، لا بد أن أقول فيها كلمة أيضا” المعتقلات الإسلاميات تعرضن للكثير، والذي ربما لا تجرؤ إمراة أن تبوح به، فما بالك يا سيدتي أن تكون إسلامية؟ عن الإهانات الجسدية، والتعرض للجسد الآدمي والأنثوي أمر معقد الحديث عنه بالنسبة لهن، ربما لخوفهن العودة إلى السجن مرة أخرى، وربما لأنهن من عائلات محافظة وتقليدية، ولا ترضى بالحديث عن هذا الأمر، ربما أيضا لنفس الأسباب. والأهم من كل هذا أن التربية التقليدية والدينية تخاف فيها الفتاة الحديث عن هذه القضايا، لخوفها من المجتمع المحيط بها.
أعود لمنهل وأسجل مرة أخرى، أنها بفتحها هذا الملف ربما تشجعنا جميعا على فتحه، لأنه صفحة سوداء كانت ولازالت وستبقى في تاريخ سورية الأسدية أولا وأخيرا…
أبدأ بسؤال منهل، أين احتل معتقلوا اليسار مساحة المشهد السوري؟ إن عدد مثقفي سجناء اليسار الذين عادوا للكتابة بالشأن العام لايتجاوز ربما العشرين معتقلا، وهؤلاء لولا أن صحف ومنابر إعلامية غير سورية، تنشر نشاطهم لكانوا ماتوا جوعا، ولكانوا ظلوا في الظل ولم يسمع بهم أحد…هذا الأمر يصبح شتيمة ونقيصة ضد معتقلي اليسار هؤلاء؟ لا أعرف أي منطق هذا الذي يتم الحديث فيه…!
عندما احتفت رابطة القلم الدولية بالشاعر فرج بيرقدار احتفت به وهو لا زال في السجن، ومنحته جائزتها لكونه شاعرا ومعتقلا، فهل هذا ذنب فرج بيرقدار؟
إن خوف وعوامل أخرى دخلت على الخط بعد تفحيرات نيويورك 11 أيلول جعلت هذه المنظمات تتعاطى بحذر وبأقل حيادية مع معتقلي التيارات الإسلامية، ولأن قسما كبيرا أيضا من هذه التيارات الإسلامية، يتعامل مع هؤلاء بوصفهم عملاء للأجنبي.. ولا أريد التذكير والإطالة في هذه النقطة، بالمؤدى النهائي، ورغم ذلك فإن المنظمات الحقوقية التي تتحدثين عنها هي نفسها من فضحت أسرار غوانتانامو.وغيره من الأمور المتعلقة بهذا الملف.. ثم لا بد ان منهل تذكر الكرنفال الدولي السياسي والحقوقي الذي حدث عند اعتقال الصحفي السوري تيسير علوني في اسبانيا بتهمة انتماءه للقاعدة..كان كرنفالا لمنظمات حقوقية لا علاقة لها بالإسلام السياسي بل هي نقيضه ثقافيا… والإسلام السياسي عموما وخاصة الجهادي منه لا يعترف أصلا بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي تعتنقه هذه المنظمات وتعتبره دستورها. ومع ذلك أطالب معك في حالات الاعتقال يجب أن يتساوى التعامل مع الجميع بدون استثناءات سياسية أو أيديولوجية، ولكن أيضا يجب أن نعرف ماذا يجري…وللتأكيد هناك فضاء دولي يغض الطرف عن الاعتقالات عموما، وخاصة اعتقالات الإسلاميين.
مع إدانتي الكاملة لتلك المرحلة وللتعامل الذي كان يتم مع المعتقلين جميعا، ولكن يجب أن تلاحظ منهل معي نقطتين أساسيتين:
الأولى- أن اعتقال اليسار كان لثقافته السياسية التي يحاول نشرها، ولم يكن يحمل بيده أي سلاح سوى قلمه.
بينما الاعتقالات في صفوف الإخوان والبعث العراقي جرت على أرضية معركة عنفية كانت الأمور فيها، كسر عظم بين الطرفين، كما حاول النظام التعامل معها، وتصويرها. ولكونه ذو عقلية طائفية حاول أن يستجر من يعتبرون أنفسهم ممثلي الطائفة السنية والأكبر في سورية على معركته الفاصلة التي أجاد فيها وأخضع كل المجتمع السوري، أجاد قمعا وتنكيلا لم يعرفه تاريخ سورية الحديث والمعاصر!
الثانية- غالبية معتقلي اليسار هم من حزب العمل الشيوعي، وهؤلاء لم يكن تربطهم أية علاقة من أي نوع كان مع أي طرف خارجي. وقدمهم كأضحية، وكدرس للمجتمع من جهة اليسار، خاصة أنهم لم يكن لهم أي غطاء لا داخلي ولا خارجي، وقياسا بما قمنا به نحن والرفاق في حزب الشعب- المكتب السياسي سابقا، يعتبر ما قام به النظام بطشا أشد مما قام به مع الآخرين، لأننا أبدا لم نحمل سلاحا، ولم ندعو لحمل السلاح، كما قدم الآخرين قربانا من جهة اليمين. بالنسبة للاعتقالات في صفوف المكتب السياسي لم تتم إلا بعد عام 1980 أي بعد اعتقال المناضل رياض الترك، ومعتقلي ما يعرف بحركة 23 شباط كان يعتبرها النظام شأنا داخليا في حزب البعث الحاكم…وتعامل معهم بعد خروجهم بخلاف تعامله معنا، ومع معتقلي حزب الشعب الديمقراطي.
ضمن هذا المنظور، ما علاقتنا نحن كمعتقلي يسار بهذا الأمر الذي لم يكن لنا خيار فيه؟
وهذا يقودنا إلى نقطة تعالجها منهل بشي من الانتقاص” أننا تخلينا عن ديننا- الشيوعية- ببساطة، وهذه نقطة منهل ليست ملمة بها أبدا، ميزة كانت لحزب العمل الشيوعي أنه لم يتعامل لا مع الشيوعية بوصفها دينا ولا مع السوفييت بوصفهم مركز أممي بروليتاري يجب التقيد بتوجيهاته بل كنا على خلاف دائم مع السياسة السوفييتة بالمنطقة، هذا من جهة ومن جهة اخرى، لم نحاول التعاطي بأي شكل من الأشكال حتى مع طروحات ما يعرف بالشيوعية الأوروبية آنذاك…إلا اللهم مجموعة الأممية الرابعة التروتسكية، والتي لاحول لها ولا قوة سوى أنها ربما تكون منشط نظري للفكر الماركسي عموما. لهذا لا أنكر أنه كان هنالك بيننا من يتعامل مع الشيوعية كدين، ولكنهم كانوا أقلية نظرية بالطبع، لهذا كان من السهل أن نعود إلى قراءة الماركسية من جديد على ضوء المعطيات الجديدة…
كما أننا كيسار لم نعتقل لأننا يساريون بل لأننا تبنينا موقفا سياسيا محددا من النظام القائم، الذي مفاده: أن النظام لا وطني على الصعيد الإقليمي وفي طريقه للخيانة، وأنه نظام فاسد وقمعي وذو سمات طائفية على الصعيد الداخلي، والدليل أن كل أحزاب اليسار في العالم العربي كانت تعتبر دمشق- الأسد قبلتهم…وأيضا الرفاق في حزب الشعب اعتقلوا لأنهم تبنوا موقفا سياسيا ضد النظام، وليس لأنهم يسار…
******
منهل السجن قبل أن يكون صمودا للمعتقل يتفاخر به كثر من المعتقلين، هو حالة إذلال لا مراء فيها، وهذا التفاخر بالصمود، تماما يشبه اعتدادك برأيك الذي تصرين عليه في مقالين متتاليين، أليس من حق من تعرض لأشد انواع التعذيب، ولم يشي بأسرار حزبه ورفاقه، أن يفتخر بهذا الأمر…؟ وإن كان هنالك من يدعي ذلك إدعاء فهي مشكلة فردية بالمؤدى الأخير..
عندما يقول أي محقق لي أو لغيري سواء صمد أم لم يصمد: بدي أفعل وأترك بأمك وأختك وزوجتك.. أليس هذا بالنسبة لمن يمارس هذا القول أنه بذلك يمتهننا منتهى الامتهان؟ ما رأيك؟
عندما يضع عنقك تحت حذاءه أليس هذا منتهى الإذلال….
عندما يقف رجل استخبارت أو خلافه على زيارة أهلك لك، وهو يحاول أن يجر زوجتك أو أختك لعلاقة ما من خلال موقعه هذا… ألا يعتبر هذا منتهى الاحتقار لآدميتك؟
ماذا تريدين؟ هل تريدين منا أن نقول” نعم لقد انهزمنا إنسانيا ونحن ضعاف إلى حد أننا نعترف أمام هيكلك المرصع: أننا أذلاء…وأننا نخاف ولم نصمد..ولم نكن كما ترانا بعض من الأجيال الشابة التي أغضبك رؤيتها لنا…أو أن تقوم بعضها بترميزنا، هل نقول لها نحن لا نستحق هذا؟ المعتقلون الإسلاميون وحدهم يستحقون ذلك..؟ رغم أنني أعتقد أن هنالك وفق طبيعة مجتمعنا، لدى المعتقلين الإسلاميين أجيال شابة ترمزهم أكثر بكثير مما لدى معتقلي اليسار…الموضوع كما أنه لا يحتاج إلى غرور مزيف أيضا لا يحتاج إلى تواضع منافق…
صدقيني أنا لا أزايد عليك في هذه النقطة، الاعتقال: هو إنهاء الكائن من كينونته، من حضوره كفاعل إنساني، إلغاءه….السجن فعل تحطيمي بكل معنى الكلمة، ولكن ماذا نفعل إن قاومناه بالقراءة وخلاف ذلك من أساليب مقاومة شرعية ومشروعة بالمعنى الإنساني، إنها معركة دفاع عن الحياة، صراع وجود ولا وجود بكل معنى الكلمة…بإمكانك هنا أن تعيدي تقديم الشكر للرئيس الراحل حافظ الأسد لأنه سجننا، كما فعلت بمقالك الأول..معيدة قول ياسين الحاج صالح وساحبة له من سياقه…بإمكانك أيضا أن تصدري إعلانا بأن معتقلي اليسار السوري، لا يستحقون أن تحتفي بهم منظمات معنية بشؤون الاعتقال لامن الزاوية الحقوقية ولا من الزاوية الإنسانية، ولا من الزاوية التي تعترف لهم بنشاط ما، فكري أو أدبي أو فني…
الكمال لله…ياسيدتي..لا أحد منا كامل سواء اعتقل أم لم يعتقل، ولكن محاولة كل منا أن يكون إنسانا هي الجديرة بالحياة بالنسبة لنا، وما تبقى” هي قشور….في نهاية هذه السردية غير المنضدة:
سأروي لك هذه القصة السريعة…كنت في المعتقل كغيري قد فرض كل منا على نفسه اعتقال من نوع آخر، حيث نصب كل منا خيمة من شراشف حول فراشه الذي ينام عليه في المعتقل، بحيث عندما يغلقها لا يرى أحدا ولا أحد يراه من رفاقه المعتقلين معه في نفس المهجع، يقرأ وينام.. وربما يمارس العادة السرية الشهرية كي لا يصاب بأمراض تناسلية كنصحية من الأطباء… وبقيت على هذه الحال أكثر من عشر سنوات… وبعد أن خرجت من السجن… كان بيتي في دمشق فيه من الغرف الكبيرة خمس وفيه موزع مساحته أيضا تتعدى الغرفتين…يسمونه” أرض ديار بالشامي أو صالون…لأنني سقفته! وثم وجدت نفسي دون أن أدري، انني بحثت عن زاوية مناسبة بالصالون وأنشات فيها خيمة كبيرة قليلا لكنها تشبه خيمتي في السجن….وبقيت أقل من عام حتى تخلصت من هذه المسألة والفضل بذلك يعود لإمرأة..
في النهاية فعلا أشكرك من القلب..وربما مقاليك كان لهما دورا في أن أعيد العمل على موضوع السجن كما كنت أكتب يومياته، وأنا هناك…في الجناح ج طابق2 مهجع 7 سجن صيدنايا العسكري…
* معتقل يساري سابق
زيورخ…
ghassanmussa@gmail.com
اليساري والإسلامي حين يعانيان، آلام ابن الست، وآلام ابن الجارية
السجين اليساري، دفاعا عن منهل السراج.. سوري قرفان رد على السيد ’’دفاعا عن عملاء عبد الحليم خدام’’ أنا ما استعملت كلمة عميل-أولاً لأنها ما بتناسب الموضوع وتانياً أنها لغة الإيديولوجيات ألي أودت بالشعب السوري بستين داهيه. بعدين دور خدام بالنظام السوري برأيي كان حتى أخطر من دور رفعت. بالنسبه لخدام وبعد خدمة ونهب 40 سنه بدو يتوب؟ حتى بعد هروبه من سورية ما غير خطابه. والمتابع للقاءات السيد مفلح مع خدام أفندي بلاحظ بوضوح إنو خدام كان يدير اللقاء مو السيد غسان. أنا بعتقد انو ثقافتنا العربيه الاسلاميه هي سبب مصايبنا وأنظمنا الدكتاتوريه ما هيه إلا نتاج هالثقافه. مع احترامي… قراءة المزيد ..
السجين اليساري، دفاعا عن منهل السراج.. سوري قرفان رد على السيد ’’دفاعا عن عملاء عبد الحليم خدام’’ أنا ما استعملت كلمة عميل-أولاً لأنها ما بتناسب الموضوع وتانياً أنها لغة الإيديولوجيات ألي أودت بالشعب السوري بستين داهيه. بعدين دور خدام بالنظام السوري برأيي كان حتى أخطر من دور رفعت. بالنسبه لخدام وبعد خدمة ونهب 40 سنه بدو يتوب؟ حتى بعد هروبه من سورية ما غير خطابه. والمتابع للقاءات السيد مفلح مع خدام أفندي بلاحظ بوضوح إنو خدام كان يدير اللقاء مو السيد غسان. أنا بعتقد انو ثقافتنا العربيه الاسلاميه هي سبب مصايبنا وأنظمنا الدكتاتوريه ما هيه إلا نتاج هالثقافه. مع احترامي… قراءة المزيد ..
السجين اليساري، دفاعا عن منهل السراج..
دفاعا عن عملاء عبد الحليم خدام
المطرقة والسندان
السجين اليساري، دفاعا عن منهل السراج..
بيجوز بيشتغل مع عبد الحليم خدام لانو بيعتقد انو كل البشر بتغلط. وبالتالي ممكن انو هدون المجرمين امثال خدام يتوبوا. العمل مع خدام ليس بجريمة بس لازم يكون تحت شروط. طبعا هاد الحكي نظري كليا لانو خدام ضل خدام جوا سوريا وبراتا متلو متل رفعات الاسد ورفعات الاسد موقليلة الزبالة اللي لاممها حواليه.
السجين اليساري، دفاعا عن منهل السراج..
سوري قرفان
صار لي بأوربا دهر درست وعشت ورح ختير بالغربه اللي مبسوط فيها لديمقراطيتها والمساواة بين مواطنيها كان من كان. أما تواضع نخبها فحدث بلا حرج حيث أقدر ذلك وبشكل خاص عندما اقرأ لما يسمى كتاب عرب. أحيان كتيره بستغرب ليش هيك ناس دخلت السجون ومشان شو ؟ بتقرا كتاباتن بتلائيها مليانه غرور وإعجاب بالنفس وتحقير مباشر أو غير مباشر للانسان الذي يعتبرونه عادي. يعني بيقدر حدا يقللي ليش واحد بيدخل السجن كمعارض سوري وبيتغرب وبالغربه بيشتغل مع واحد متل عبد الحليم خدام