وجه الروائي التركي الحائز على نوبل الآداب “أورهان باموك”، قبل وصوله إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم الخميس 27 أغسطس، سلسلة انتقادات طالت حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والمؤسسة العسكرية، والوضع العام في بلاده، مكرراً مواقفه السابقة بصدد المجازر ضد الأرمن التي ارتكبتها الدولة التركية، وذلك في لقاء معه أجرته مجلة “موسكو تايم أوت” time out moskow .
وقال الروائي “باموك”، أن فهم العسكر الخاص للعلمانية كان وراء ظهور حزب العدالة والتنمية، موضحاً أن هنالك في تركيا اليوم جهات تساوي بين تدخلات العسكر في السياسة والعلمنة، قائلاً أن تلك الجهات ترى أن الطريق الوحيد إلى العلمانية يمر عبر تدخلات العسكر تلك. ويؤكد الروائي التركي العالمي “باموك” وجود فروقاً بين فهم مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك وفهم جنرالات المؤسسة العسكرية التركية للعلمانية. ويعزو “باموك” أسباب اكتساح حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي للصناديق الانتخابية في البلاد منذ 2002 وحتى الآن إلى تبرّم مواطني تركيا من التدخلات السافرة للعسكر في الشأن السياسي. ويدين الحزب الحاكم في نجاحه السياسي والشعبي للمؤسسة العسكرية، التي لولاها لما نجح حزب إسلامي في استقطاب أصوات الناخبين بهذا الحجم، كما اتضح من الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت في 29 مارس 2009، وقبلها الانتخابات البرلمانية في صيف 2007.
وأوضح الروائي “باموك” أن تركيا الراهن إنما تدار من قبل قوى ظلامية، نافياً إدارتها بقوانين مناسبة ومقبولة، وأن هنالك بعض القوى المحصنة من قبل جهات في الدولة متورطة في أنشطة إجرامية وإرهابية، نافياً أن تكون تركيا قد وصلت بعدُ إلى مبدأ سيادة القانون.
وكرر “باموك” في اللقاء أيضاً التصاقه بآراءه السابقة حول المجازر المرتكبة بحق الأرمن والكورد من قبل الدولة التركية، وذلك في معرض الرد على أحد الأسئلة الموجهة إليه، وبيّن أنها ليست نابعة من إرادته في قول الحقيقة فقط، وإنما هي نابعة أيضاً من إنسان يدافع عن أفكاره، وأن دفاعه عن الأرمن والكورد، يندرج في إطار الدفاع عن قيمه الخاصة وكذلك عن قيم الناس وثقافاتهم. وكان باموك قد صرح في فبراير 2005 لمجلة سويسرية، أن بلاده شهدت مقتل مليون أرمني و30 ألف كوردي على يد الحكومة.
ويرى باموك أن خطابه الروائي موجه إلى الأتراك قبل الآخرين. فمضامين رواياته تخاطب الأتراك دون غيرهم، وأن أزدهار وتقدم تركيا رهن بديمقرطتها. فتركيا برأيه تبدو قياساً على الدول الأوروبية مجتمعاً منغلقاً على نفسه. وتحتاج تركيا برأي ” باموك ” إلى لحظة جامعة للأقليات القومية والدينية وتراثها الثقافي، ونظام سياسي ليبرالي يتضمن احترام حرية التعبير، للوصول إلى تركيا أكثر رفاهاً.
وأعرب “باموك” في نهاية اللقاء عن تطلعه إلى تحقق احترام حرية التعبير وسيادة الديمقراطية ودولة القانون في تركيا.
هذا، ويعد الروائي أورهان باموك من الكتاب المثيرين للجدل في بلاده، فهو ملعون من قبل الإسلاميين والقوميين الأتراك لدفاعه عن القضيتين الكوردية والأرمنية، ولم تتوقف الملاحقات القضائية بحقه إلا مع بداية عام 2006 ، وقد أضطر إلى مغادرة بلده تركيا في 2007 ، نتيجة لتلقيه تهديدات بالقتل من قبل جهات ضالعة في مقتل الصحفي التركي الأرمني هرانت دينك.