ألقى مرشّح 14 آذار في منطقة جبيل، الدكتور فارس سعيد، الخطاب التالي مساء أمس الجمعة.
*
ينكُر أركان فريق 8 آذار وعلى رأسِهِ حزب الله موضوع المثالثة المذهبية بديلاً عن المناصفة التي أقرّها إتفاق الطائف وأصبحت جزءاً من دستور لبنان.
إنّ فكرة المثالثة فكرةٌ قديمة وُلِدَت خلال الحرب الأهلية وظهرت للمرّة الأولى في الإتفاق الثلاثي عام 1985 الذي وُلِدَ في دمشق تحت عنوان إنهاء الحرب الدائرة في لبنان بين الميليشيات الثلاث.
في العام 1989 أتى إتفاق الطائف لينهي منطق الثنائيات الطائفية والمثالثة لصالح المناصفة الإسلامية – المسيحية وهذا بغض النظر عن العدد والديموغرافيا.
بعد حرب الخليج الأولى في العام 1991، سلّم المجتمع الدولي مسؤولية تنفيذ إتفاق الطائف في لبنان إلى الجانب السوري الذي اعتمدَ صيغة “الترويكا”، أي الرؤوس الثلاثة، بينما ينصّ إتفاق الطائف على أن للدولة رأساً واحداً هو رئيس الجمهورية. كما ينصّ على الفصل بين السلطات وتعاونها. أما على الصعيد العملي فقد كانت “الترويكا” صيغة لإخراج القرار من يد السلطة اللبنانية ووضعه في يد السلطة السورية، لأنه كان ممنوعاً على الثلاثة أن يتفقوا، وبالتالي يكون القرار في يد السوري.
ساهم هذا الترتيب السياسي في إبقاء الطوائف اللبنانية في حالة حربٍ باردة. وكان السوريون يتبرّعون بالتدخل من أجل إحلال السلام بين الطوائف الكبرى مكرّسين بذلك دورهم المفضّل : إشعال النار وإطفاؤها في آنٍ واحد.
خلال حرب تمّوز 2006، طرح الوزير محمّد فنيش داخل مجلس الوزراء أنَّ إتفاق الطائف جاء في حينه ليعبّر عن موازين قوى في المنطقة تبدّلت بعدَ بروز إيران كقوة إقليمية وبالتالي يجب إعادة النظر بهذا الإتفاق بمّا يتناسب مع الأحجام الإقليمية الجديدة وأدوار الطوائف في لبنان بحيث أن الطائفة الشيعية التي حرّرت الأرض تستحقّ حصة الثلث في الدولة.
واجه محمّد فنيش آنذاك الشيخ بيار الجميّل الذي استشهَدَ بعد بضعة أشهر.
وفي إجتماعات “سان كلو” عاد فريق حزب الله إلى طرح المثالثة داخل الإجتماعات المغلقة بعد أن طرح الإيرانيون الفكرة ذاتها على السفير كوسران في اللقاءات التمهيدية للحوار في سان كلو.
وفي الدوحة وخلافاً للدستور كرّس حزب الله مبدأ الثلث المعطّل مهدّداً بـ 7 أيـار جديد في حال عدنا إلى الطائف بعد الإنتخابات.
أيها الأصدقاء،
إن فريق 14 آذار لا يتجنّى على حزب الله حين يتهمه بالسعي إلى المثالثة، وهي ليست سوى “فدرالية” مقنَّعة.
وفريق 14 آذار لا يتجنّى على العماد عون عندما يسأل عن الهدف من رفع شعار الجمهورية الثالثة.
لماذا يريد حزب الله تكريس الثلث المعطّل داخل النظام اللبناني؟
لأن الحزب يريد التحكّم بقرار الدولة والإحتفاظ بسلاحه غير الشرعي لخدمة مصالح إيرانية وسورية. هذا السلاح أصبح بعد 7 أيـار سلاحاً ميليشياوياً بامتياز.
أيها الأصدقاء،
يفصُلُنا عن موعد 7 حزيران اسابيعُ معدودة ونحن امام خيارين لا ثالث لهما.
إمّا أن تكرِّس الغطاء المسيحي لهذا المخطط الخطير.
وإمّا أن يساهمَ المسيحيون في تحرير قرار الدولة من إملاءات حزب الله.
هذه المسؤولية هي مسؤولية مسيحية قبل أي شيء آخر للأسباب التالية:
1. لا ضمانة للمسيحيين إلاّ بقيام دولة واحدة بجيشٍ واحد وبقرارٍ واحد.
2. تقع هذه المسؤولية على المسيحيين لأن المعارك المفصلية تقع في مناطق وجودهم.
3. لأن السلاح غير الشرعي يحظى منذ إبرام ورقة التفاهم بغطاءٍ مسيحي واضح من قبل التيار الوطني الحرّ بينما على المسيحيين تأمين الغطاء لسلاح الجيش اللبناني وحدّه.
أيها الأصدقاء،
هذه المعركة أتحمّلُ مسؤوليتها في منطقة جبيل.
لن أكون وأياكُم شهودَ زورٍ على المشاريع المعطّلة للدولة.
في لبنان مناصفة وليس مثالثة.
رفضنا منذ الثمانينات الإتفاق الثلاثي وطالبنا باتفاق ثنائي.
رفضنا الترويكا في عهد الوصاية السورية.
واليوم نرفُض الثلث المعطّل.
ونستمر بهذه المعركة حتى بلوغ الإستقرار الكامل من خلال العبور إلى دولةٍ كاملة.
نحن هنا لنقول “لا” لهذا الثلث المعطّل، وسوف نسقطه في 7 حزيران، حتى لو بقينا وحدنا.. لأننا أقوياء بإرادة الناس وبقوة العيش المشترك في هذه المنطقة التي ترفض الوصاية بعد أن كانت في طليعة إنتفاضة الإستقلال.
أيها الأصدقاء،
جبيل مدعوة اليوم لأن تجدّد الإنتفاضة وتبقى في طليعتها، وموعدُنا 7 حزيران.