الشفاف”-بيروت- خاص”
بعد اسبوع من الراحة تُستأنف المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية والاختيارية في لبنان في محافظة الجنوب. ثم تليها، في مرحلة نهائية، محافظة الشمال.
في الجنوب تسعى قوى 8 آذار الى استدراج “تيار المستقبل”، مجدّداً، الى معركة انتخابية في مدينة صيدا التي سعى الرئيس السابق للحكومة ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري الى بذل المستطاع من اجل تجنيبها المدينة انقساما عاموديا جديدا، خصوصا انه لم يمض على الانتخابات النيابية وقت يسمح باندمال جراح الانقسامات السابقة.
السنيورة والحريري قررا عدم تسييس المعركة البلدية واعلنا، بعد سلسلة مشاورات مع قيادات المدينة وفعالياتها، ترشيح المهندس محمد السعودي لرئاسة البلدية على ان يتولى العمل على إختيار فريق عمله في المجلس البلدي بما يؤمن حسن سير العمل الانمائي للمدينة.
ترشيح السعودي لاقى ترحيبا من جميع الاطراف في المدينة على ان تترك له حرية اختيار الاعضاء من خارج إطار الاصطفافات السياسية في المدينة بين “التنظيم الشعبي الناصري: بقيادة أسامة سعد مدعوما من قوى 8 آذار وتيار المستقبل. وفور إعلان المهندس السعودي فريقَ عمله، بادرت قوى 8 آذار، وواجهتها النائب السابق أسامة سعد، الى رفض التشكيلة البلدية معتبرا انها “مسيّسة”. ولكن المعلومات تشير الى ان سبب رفض سعد لمشروع الائتلاف ليس فريق العمل، فهو كان سيرفض اي طرح بديل. والهدف الاساس لقوى الثامن من آذار هو استدراج تيار المستقبل الى منازلات بلدية تعمق الانقسامات السياسية في مناطق نفوذه، على ان يفرض حزب الله بالاتفاق ع حركة امل سيطرتهما في مناطق نفوذهما سلماً وترهيباً والنأي بها عن النزاعات البلدية والاختيارية.
وما يحصل في صيدا يمثل تكرارا لما حصل في العاصمة، حيث كانت الواجهة في رفض مشروع الائتلاف البلدي النائب عون الذي تم إسدراجه وإستدراج تيار المستقبل معه الى منازلة بلدية كان فيها الطرف الشيعي الغائب الاكبر. بل يصح القول ان ما يسمّى الأحزاب الشيعية كانوا اللاعب الابرز بطريقة تصويتهم وتوزيع أصواتهم ضد عون حينا ومع الطاشناق احيانا وصولا الى الاقتراع لمصلحة لوائح قوى الرابع عشر من آذار في بعض المناطق. وهذا، فضلا عن الايعاز للعدد الكافي من انصارهم بالتصويت بما لا يرفع نسبة المقترعين في البلدية ولا يحرم المخاتير من الاصوات في العاصمة بيروت.
وبالعودة الى صيدا، فإن السيناريو يتكرر، حيث يحلو لحزب الله المنازلة بواجهة سنية هذه المرة وليست مسيحية ما يعطيه الفرصة لتعميق الانقسام السني في مقابل إدعاء تمثيل 90 في المئة من الشيعة بالشراكة مع حركة امل، كما قال وزير حزب الله محمد فنيش. وهو ادعاء تكذّبه استطلاعات رأي عديدة لا تعطي حزب الله وأمل معاً أكثر من 27 بالمئة من أصوات الشيعة!!
آخر محاولات إفشال الاتفاق في صيدا كانت ليل امس حيث رفع سعد من سقف مطالبه، على ما يبدو بعد لقائه “محمود قماطي” القيادي في حزب الله. فطالب بشطب ثمانية اعضاء من لائحة السعودي على ان يسمي سعد اربعة من بينهم وان تسمي الجماعة الاسلامية 3 آخرين وان يتم تسمية مرشح لحزب الله وتُستبدل مرشحة شيعية بمرشّح من حركة امل.
المصادر الصيداوية اعتبرت ان مطالب سعد تعجيزية ولا تنم عن رغبة لديه بالتوافق من اجل الصالح الانمائي لمدينة صيدا. ومع علم سعد ان ليس في إمكانه حتى خرق اللائحة المدعومة من تيار المستقبل، فهو سيصر على مطالبه التعجيزية والتي تمثل خرقا لأسس التوافق بعدم تسييس المجلس البلدي. وهذا ما يرى فيه المراقبون ضربا للتشكيلة التي عمل السعودي عليها طوال الفترة السابقة.
وإزاء ما سبق تشير المعلومات الى ان صيدا تتجه نحو معركة انتخابية بين تيار المستقبل من جهة وقوى 8 آذار من جهة ثانية. وإن كانت النتائج معروفة سلفا نظرا لعدم تكافوء موازين القوى بين الجانبين، إلا أن رغبة المايسترو الخارجي وعامله المحلي في قوى 8 آذار مجتمعة وعلى رأسها حزب الله لا تريد للمستقبل ان يحظى بفرصة التعبير عن مشاريعه الانمائية في معزل عن إغراقه في زواريب ومناكفات ونزاعات محلية.