اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال في لبنان سعد الحريري السبت ان كل ما تم التداول به خلال الوساطة السعودية السورية التي سبقت سقوط حكومته في 12 كانون الثاني/يناير، حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده رفيق الحريري، “اصبح من الماضي” و”خارج التداول”.
وقال الحريري، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي، “اعلن (…) امام جميع اللبنانيين، ان كل ما يتصل بما سمي س-س (السعودية سوريا)، اصبح من الماضي ، ولا وجود له في قاموس سعد الحريري او قاموس تيار المستقبل”.
واضاف ان “اي بناء على ما قيل وتردد ونشر وجرى تزويره او تحريفه او اقتطاع اجزاء منه، هو في حكم المنتهي وغير الموجود”، مؤكدا ان “ليس هناك من ورقة او بنود تتصل بعمل المحكمة الدولية وعلاقتها بالدولة اللبنانية تمت المصادقة عليها او توقيعها”.
واوضح ان “هناك فرقا كبيرا بين التداول بأفكار معينة وبين التوقيع او المصادقة على هذه الأفكار”، مضيفا “على اي حال، ما جرى تداوله نسحبه من التداول، ويبقى الحال على حاله”.
وقال الحريري “سبق ان اعلنا بعيد الاستشارات النيابية (التي اجراها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس حكومة جديد) ان ما قبل الاستشارات شيء وما بعد الاستشارات شيء آخر”.
وكان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط اعلن في 21 كانون الثاني/يناير ان الحريري وافق خلال الوساطات التي جرت من اجل حل الازمة المستعصية بين فريقه وفريق حزب الله، على ورقة قطرية تركية مستوحاة من المبادرة السعودية السورية تنص على “الغاء ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية من خلال الغاء بروتوكول التعاون ووقف التمويل اللبناني لها وسحب القضاة اللبنانيين منها”.
وقال جنبلاط الذي اعلن يومها انتقاله من موقع وسطي الى فريق “سوريا والمقاومة”، انه اتفق مع الرئيس السوري بشار الاسد “على تثبيت بنود تلك المبادرة من خلال البيان الوزاري (للحكومة المقبلة) عبر النقاط الآنفة الذكر”.
واكد الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بدوره ان الحريري تراجع عن التزامات تعهد بها خلال الوساطة السورية السعودية.
وفي ما يشبه الاعلان الواضح عن عدم مشاركة تياره في الحكومة المقبلة وانتقاله الى المعارضة، قال الحريري “ان تيار المستقبل يجد نفسه الان في موقعه الطبيعي، اي في خط الدفاع الاول عن النظام الديموقراطي، وهو الموقع الذي اختاره الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 1998 ثم في العام 2004 – 2005″، في اشارة الى الفترة التي كان فيها رفيق الحريري خارج السلطة.
واضاف ان تياره سيكون في “المساحة السياسية التي تتوافق مع قناعاته الوطنية والتزاماته تجاه جميع اللبنانيين حيال القضايا المصيرية”، مجددا التذكير بموقف كتلة المستقبل النيابية خلال لقائها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.
وسألت كتلة المستقبل ميقاتي خلال اجتماعها به الخميس ان كان قادرا على “الالتزام العلني” بمسألتي “عدم الموافقة على طلب فك التزام لبنان” بالمحكمة الدولية و”وضع خطة زمنية لجمع السلاح الموجه الى صدور الناس من كل الاراضي اللبنانية ومن كل الاطراف” وادراجهما “في البيان الوزاري” للحكومة.
الا ان ميقاتي صرح الجمعة انه لن يلتزم بشيء مسبقا.
من جهة اخرى، اكد الحريري، بحسب بيان مكتبه، ان “التطورات التي رافقت الاستشارات النيابية” التي كلف نتيجتها نجيب ميقاتي تشكيل حكومة، “جاءت على خلفية مخطط مدروس وضغوط خارجية شديدة الشراسة استهدفت تغيير قوانين اللعبة الديموقراطية”.
واضاف ان “خروجنا من السلطة ليس وليد اللحظة التي اعلنت فيها نتائج الاستشارات النيابية، بل هو جاء محصلة لأمر عمليات خارجي جرى الاعداد له منذ اشهر، وعملوا على تنفيذه بأدوات محلية”، مشيرا الى انه تعامل مع امر العمليات هذا “منذ اللحظة الأولى” باعتباره “محاولة لفرض رؤساء الحكومات وسائر الرئاسات بقوة التدخل الخارجي والترهيب الداخلي”.
وتتهم قوى 14 آذار المدعومة من الغرب حزب الله بالاستقواء بالسلاح وبحليفتيه سوريا وايران لتنفيذ “انقلاب” في السلطة في لبنان.
من جهة اخرى، سارت حوالى الف امرأة بعد ظهر السبت في شوارع مدينة طرابلس في شمال لبنان، تضامنا مع سعد الحريري وتنديدا ب”فرض حزب الله” نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة المقبلة.
وانطلقت التظاهرة من امام مكتب “تيار المستقبل” الذي يترأسه الحريري في وسط المدينة نحو المدخل الجنوبي لطرابلس ذات الغالبية السنية حيث تجمع النسوة يرافقهن العديد من الاطفال في ساحة النور لبعض الوقت واطلقن هتافات بينها “بالدم بالروح نفديك يا سعد” و”يا نجيب طلع برا”، قبل ان يتفرقن.
ورفعت خلال المسيرة لافتات تضمنت سؤالا موجها الى ميقاتي “ماذا ستقول للمحكمة الدولية؟”، في اشارة الى التخوف من قبول ميقاتي بمطلب حزب الله فك ارتباط لبنان بالمحكمة المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري.
كما حملت النسوة والاطفال صورا لسعد الحريري وعبارات “نعم للمحكمة”، و”لا للوصاية”. وواكبت التظاهرة تدابير امنية.