الجيش يقضي على متشددين بينهم سعوديون وشيشان ومقتل 3 من «فتح الاسلام» في اشتباك مع «فتح» في البارد

2

بيروت , باريس – محمد شقير , رنده تقي الدين
الحياة – 25/06/07//

تسارعت التطورات الأمنية في لبنان أمس وتنقلت بين طرابلس في الشمال ومنطقة مرجعيون – حاصبيا في الجنوب. وبدا ان خيطا يربط هذا التصعيد الامني، إذ ان مواجهات الشمال التي ما تزال مستمرة مع «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد ومواجهات الجيش في طرابلس مع مسلحين اصوليين، لا تنفصل عن الاعتداء الارهابي الذي استهدف قوات «يونيفيل» في الجنوب.

وبلغت ذروة خطورة هذه التطورات بتفجير لاسلكي لسيارة مفخخة بتقنية عالية مركونة الى جانب الطريق في ناقلة جند مصفحة تابعة للوحدة الإسبانية العاملة في القوات الدولية في الجنوب «يونيفيل» كانت في دورية روتينية في محلة الدردارة في سهل بلدة الخيام. وأدى التفجير إلى مقتل خمسة جنود من الدورية وجرح ثلاثة آخرين.

وفي طرابلس تمكنت قوة من الجيش اللبناني من قتل خمسة، من جنسيات سعودية وشيشانية ولبنانية، ينتمون إلى مجموعة إرهابية متشددة عندما دهمت شقة مشبوهة كانوا يقيمون فيها في مجمع الشهال السكني في محلة أبي سمراء في طرابلس. فيما قتل ثلاثة من «فتح الاسلام» على ايدي عناصر من حركة «فتح» في مخيم نهر البارد القديم.

والاعتداء على الدورية الإسبانية، هو الأول من نوعه منذ تعزيز انتشار «يونيفيل» في جنوب لبنان تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 1701 الصادر في آب (أغسطس) الماضي بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، ويأتي بعد أسبوع من إطلاق مجموعة فلسطينية مجهولة الهوية صواريخ «كاتيوشا» من المنطقة الواقعة بين بلدتي الطيبة وعديسة الحدوديتين على مستعمرة «مسكفعام» الإسرائيلية في الجليل الأعلى.

ويُدخل هذا الاعتداء الجنوب، ومن خلاله لبنان، في وضع سياسي وأمني هو الأخطر في ظل استمرار التأزم الداخلي بعد فشل مهمة الوفد العربي برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في التوصل إلى مخرج لإنهاء المشكلة في لبنان، وفي ضوء التهديدات التي أطلقت ضد «القوات الدولية»، وبعضها كان صدر عن أطراف محليين معروفين لم يترددوا في توعد هذه القوات بمواجهة مصاعب خلال تنفيذ مهمتها.

كما تزامن الاعتداء مع وصول مدير الحرس الوطني والبوليس الإسباني خوان فرناندو سكيدا إلى بيروت أمس، في زيارة تفقدية للوحدة الإسبانية التي تتخذ من بلدة بلاط، مقراً لقيادتها، وللمشاركة في تدشين عدد من المشاريع الإنشائية والحيوية التي نفذتها هذه الوحدة في عدد من البلدات.

وأفاد شهود عيان في الخيام «الحياة» انهم سمعوا دوياً هائلاً ارتفعت بعده سحب دخان سود كثيفة شاهدوها من منازلهم المجاورة للمكان الذي وقع فيه الانفجار على الطريق العامة المؤدية إلى بلدتهم.

وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية ان الانفجار نجم عن تفجير عبوة كبيرة وضعت في سيارة على جانب الطريق، وجدت آثارها متناثرة في المكان. ودوى بعد لحظات انفجار آخر جراء اشتعال خزان الوقود وتفجر الذخيرة التي كانت داخلها. وأفاد شهود ان سيارة من طراز «رينو رابيد» كانت تتجول في المنطقة قبل الانفجار. وضربت القوات الدولية ووحدات من الجيش اللبناني المنتشرة في منطقة جنوب الليطاني طوقاً أمنياً حول مكان الاعتداء وسارعت المروحيات الدولية إلى التحليق فوق المنطقة. وفيما أشيع ان التفجير ناتج عن هجوم انتحاري، تردد ان شخصا ركن السيارة الملغومة وغادر المكان في سيارة اخرى.

وفي هذه الأثناء انتشلت جثث الجنود الإسبان الخمسة ومن بينها جثتان متفحمتان، فيما نقلت مروحية دولية الجرحى إلى المستشفى الإسباني في بلاط، ثم الى مستشفى حمود في صيدا لخطورة حالتهم.

وفي أول رد فعل دان «حزب الله» بشدة الاعتداء واعتبره «عملاً مشبوهاً يضر بأهل الجنوب ولبنان ويساهم في المزيد من العبث بأمن لبنان واستقراره وبالأخص جنوبه المقاوم». وبدورها اعتبرت حركة «أمل» في بيان «التفجير» اعتداء عليها واستهدافاً للبنانيين عموماً والجنوبيين خصوصاً وللاستقرار الوطني ومشروع الصمود «الذي يمثله ابناء المقاومة وأبناء هذه المنطقة»، مؤكدة انها ستبقى مع كل الجنوبيين في الموقع نفسه «الى جانب قوات الطوارئ في تطبيق القرار 1701 وحفظ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة».

وأجرى رئيس المجلس النيابي نبيه بري اتصالاً بالسفير الإسباني في لبنان ميغيل بينزو بيريا معزياً ومؤكداً وقوفه الى جانب «يونيفيل»، كما اتصل ايضاً بقائد القوات الدولية الجنرال كلاوديو غراتسيانو.

واتصل رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري بالسفير الإسباني معزياً، ووصف الجريمة بأنها «عمل إرهابي خطير يستهدف أمن لبنان كله وليس القوات الدولية فحسب». وقال: «إننا ندين بشدة هذا الاعتداء المجرم الذي يرمي الى عرقلة تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، ويأتي في سياق التهديدات التي يتعرض لها لبنان والمحاولات الهادفة إلى فتح أكثر من جبهة أمنية تسعى إلى عودة عقارب الساعة إلى الوراء».

وأضاف الحريري: «إننا نهيب بالمجتمع الدولي وبقيادة قوات الطوارئ الدولية تحديداً، أن تواصل تحمل مسؤولياتها تجاه لبنان وتجاه المنطقة الحدودية تحديداً على رغم فداحة الخسائر التي نجمت عن هذا الاعتداء الإرهابي المجرم، كما نهيب بكل القيادات اللبنانية بأن تعبر عن تضامنها مع قوات الطوارئ الدولية وتمسكها بالقرار 1701 باعتباره ضمانة حقيقية لأمن لبنان وأمن الجنوبيين ورفضها كل أشكال الخروق الأمنية التي تقف وراءها جهات معادية للبنان وشعبه».

ودان الرئيس اميل لحود التفجير واعتبر انه يستهدف امن لبنان واستقراره، ويشدد على ان الرد هو التضامن مع القوات الدولية والحرص على تمكينها من القيام بالمهمات الموكولة إليها.

ودان وزيرا الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والاميركية كوندوليزا رايس في باريس الاعتداء الذي استهدف قوة «يونيفيل». واعربت الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية مارك ريغيف عن «الاسف العميق لمقتل الجنود» الاسبان. وقال «ان اسرائيل على اتصال مباشر بيونيفيل والحكومة الاسبانية واقترحت تقديم المساعدة في كل المجالات الممكنة».

وفي الشمال، تجاوزت مدينة طرابلس قطوعاً أمنياً كبيراً عندما تمكن الجيش اللبناني من القضاء على مجموعة متطرفة في محلة ابي سمراء بعد اشتباكات استمرت من الليل قبل الفائت حتى ظهر أمس. وكان الجيش دهم شقة بناء لمعلومات توافرت لمديرية المخابرات فيه عن وجود مجموعة إرهابية مشبوهة في داخلها. لكن عناصر المجموعة المتطرفة سارعوا إلى إطلاق النار على عناصر وحدة الجيش فور ترجلها لمنعها من تنفيذ مهمتها ما اضطرها إلى الرد عليهم فقتلت جميع أفراد المجموعة وعددهم خمسة من جنسيات سعودية ولبنانية وشيشانية، بحسب المعلومات الأولية غير الرسمية التي أدلى بها صاحب الشقة فور استسلامه لاحقاً إلى الجيش اللبناني، فيما سقط شهيد من الجيش وعشرة جرحى بينهم ضابط برتبة نقيب أصيب إصابة بالغة، إضافة إلى استشهاد معاون في قوى الأمن الداخلي كان صدفة في المبنى الذي تقع فيه الشقة في زيارة لأهل زوجته، إضافة إلى ابنتيه وحميه.

وعلمت «الحياة» ان قائد المجموعة يدعى الشيخ نبيل رحيم وهو من مواليد طرابلس وفار من وجه العدالة وملاحق قضائياً بناء لمذكرة توقيف صادرة في حقه استناداً الى الاعترافات التي أدلى بها أمير المجموعة ويدعى بسام حمود الذي كانت أوقفته أجهزة الأمن السعودية في مطار جدة وهو في طريقه إلى بيروت بعد ان أدى مناسك العمرة في الديار المقدسة.

وكشفت مصادر أمنية لبنانية لـ «الحياة» ان الشيخ رحيم كان برفقة حمود عندما أوقف في جدة، وأن الأخير يعتبر أميراً للمجموعة وهو ينتمي إلى تنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن.

وأضافت المصادر ان حمود أدلى باعترافات أمام الأجهزة الأمنية السعودية وفيها ان رحيم مساعد له، وتبلغت الأجهزة الأمنية اللبنانية ذلك من بعثة أمنية سعودية زارت بيروت منذ اشهر، أي بعد توقيف حمود بمدة قصيرة إضافة إلى ثلاثة سعوديين كانوا اعترفوا بأنهم على علاقة به وأنهم تلقوا تدريبات عسكرية في شمال لبنان.

وأوضحت المصادر نفسها ان القضاء اللبناني اصدر مذكرة توقيف غيابية في حق رحيم بناء للمعلومات التي توافرت له من البعثة الأمنية السعودية، مؤكدة ايضاً ان التعاون اللبناني – السعودي في هذا المجال ساعد مديرية المخابرات في الجيش في توقيف مجموعة من 13 شخصاً جميعهم لبنانيون.

وقالت ان عملية التوقيف تمت منذ اشهر وجاءت متزامنة مع قبض قوى الأمن الداخلي – فرع المعلومات – على مجموعة أشخاص اعترفوا بعلاقتهم المباشرة بتفجير حافلتين لنقل الركاب في بلدة عين علق في المتن الشمالي في شباط (فبراير) الماضي ما أدى إلى استشهاد ثلاثة مواطنين وجرح العشرات.

ولفتت المصادر إلى انه لم يتم التأكد حتى الساعة من وجود علاقة مباشرة بين تنظيم «فتح الإسلام» وبين هذه المجموعة التي يُعتقد أنها تنتمي إلى ما يسمى «الحركة السلفية الجهادية». لكنها أشارت في المقابل إلى ان هذه المجموعة تعتمد شكلاً من أشكال «التنظيم العنقودي» وأن التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كان هناك من تنسيق أو تواصل بينها وبين «فتح الإسلام» بزعامة شاكر العبسي، من خلال الرجل الأول فيها من دون معرفة الأعضاء المنتمين إليها.

وأكدت المصادر ان المدعو باسم السيد الذي استسلم إلى الجيش اللبناني بعد انتهاء القوة من عملية دهم حي الزيتون في محلة ابي سمرا يملك معلومات كثيرة عن هوية الأشخاص الخمسة الذين قتلوا في الشقة التي يملكها وأصولهم.

وتابعت ان السيد الذي يدير دكاناً في المبنى نفسه لبيع المرطبات والعصير والمثلجات يستضيف أفراد هذه المجموعة وأن سكان الحي فوجئوا بعلاقته التنظيمية بأفرادها، خصوصاً انه لم يكن يوحي كما أكد شهود عيان في الحي لـ «الحياة» من خلال سلوكه اليومي بأنه على ارتباط مباشر بهم.

وأكدت المصادر انه كشف من خلال المعلومات الأولية التي أدلى بها، أن بين القتلى ثلاثة سعوديين ولبنانياً وروسياً من اصل شيشاني، وأنه لا يعرف أسماءهم الحقيقية وإنما كان يناديهم بألقابهم.

ولم تؤكد المصادر ما إذا كان بعض أفراد المجموعة يتردد على إحدى الجامعات الخاصة في طرابلس أو ما إذا كان أحدهم يحمل جواز سفر دنماركياً، لكنها أوضحت ان السلطات اللبنانية ستتواصل مع السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية للثبت من هوية القتلى السعوديين وذلك من خلال فحص الحمض النووي لتحديد هويتهم الوراثية.

كما ان المصادر لم تؤكد ما إذا كان بين القتلى شخص يحمل الجنسية السورية كما تردد أمس في طرابلس.

وأتت عملية دهم الشقة في حي الزيتون بعد دهم أخرى في حي الرفاعية في محلة أبي سمراء، بناء لإفادة الموقوف عمر حدبا الذي أوقفته مخابرات الجيش قبل أيام واعترف بملكيته للشقة التي دهمتها قوة من الجيش اللبناني بعد ظهر أول من أمس وعثرت فيها على أسلحة وذخيرة وعتاد عسكري وأقنعة وألبسة سود، إضافة إلى رزم من أصابع الديناميت.

وذكرت المصادر ايضاً ان عمر حدبا كان هاجر قبل سنوات إلى استراليا وعاد منها اخيراً، وأنه عمل في السابق سائق سيارة أجرة، لكنها لم تجزم ما تردد عن ارتباطه بجهات «سلفية جهادية» أثناء وجوده في المهجر.

رايس وسورية

الى ذلك، دعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الأسرة الدولية الى توجيه رسالة قوية الى سورية «لتحذيرها من ان استمرار تدخلها في الشؤون اللبنانية والوضع في لبنان غير مقبول ولن يُقبل».

ووصلت رايس إلى باريس مساء أمس للمشاركة في مؤتمر دعا إليه وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنر حول أزمة دارفور. وتجري محادثات صباح اليوم مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأكد الجانب الأميركي لـ «الحياة» ان لبنان وسورية سيكونان في صلب محادثاتها مع الرئيس الفرنسي. وتلتقي رايس صباح غد رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الذي يزور باريس قبل لقائه الرئيس الفرنسي ظهراً، ويجري السنيورة سلسلة من اللقاءات مع رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون ووزير الخارجية برنار كوشنر والداخلية ميشيل إليوماري والدفاع هيرفي موران.

وتوقعت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية ان تجري رايس محادثات مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في باريس على هامش المؤتمر الخاص بدارفور.

(الحياة)

2 تعليقات
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
جهاد
جهاد
16 سنوات

الجيش يقضي على متشددين بينهم سعوديون وشيشان ومقتل 3 من «فتح الاسلام» في اشتباك مع «فتح» في البارد
الله يريحنا من نيرون العرب الجديد ( بشار الاسد ) واعوانه لانهم هم اصل البلاء في العالم العربي وخاصة في لبنان الحبيب على قلوبنا

hasan
hasan
16 سنوات

الجيش يقضي على متشددين بينهم سعوديون وشيشان ومقتل 3 من «فتح الاسلام» في اشتباك مع «فتح» في البارد
لااحد يمتلك فى لبنان مثل هذه التقنيات غير حزب الله واستنكاره للحادث هى عادة اسلاميه عربيه كشفناها واصبحت معروفة ولايوجد تنظيم تدعمه دولتان من اجرم الانظمه (سوريا وايران) غير حزب الله ولامانع من التنفيذ بواسطة عناصر فليسطينية ماجورة اعتقد انه لاحل الابالقضاء على حزب الله (ولو بالاباده فالقاتل اولى ان يباد ان لم يسيطر عليه) واستعادة السيادة الليبنانيه كاى دوله اخرى لاتسمح بمسلحين خلاف القوات المسلحة والشرطه للدوله واصبح لابديل من القضاء على النظامين السورى والايرانى

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading