البقاع- خاص بـ”الشفاف”
الجيش الحر يحتل عرسال.. ويقال تخوم الضاحية الجنوبية..! فجر يوم السبت ٢٢ أيلول أعلن عدد من المؤسسات الإعلامية أن مجموعة من الجيش الحرّ اعتدت على نقطة مراقبة للجيش اللبناني في عرسال واشتبكت مع عناصره.
المعلومات والمصادر الصحافية المقربة لقوى الثامن من آذار تحدثت عن وجود 650 مسلّح و عدد هائل من الأسلحة المنتشرة في بلدة عرسال. وفيما البعض منهم تحدث عن كميات من السلاح بنوعية حديثة وفائقة الجودة.
العرساليون استغربوا أن يزج باسمهم واسم بلدتهم كل مرة. فهم لم ينسوا بعد قصة حمزة القرقوز الشاب السوري الذي اتهم بأنه ينتمي لـ ”القاعدة“ ومن ثم تبين بلقاء خاص مع تلفزيون ”أخبار المستقبل“ إنه فتى في العشرين من العمر يعمل فراناً ومعلما لصناعة الحلويات كان قبل شهرين استقبل البطريرك مار بشارة الراعي بغداء كبير حين كان يعمل في أحد مطاعم “حدث بعلبك”!
في عرسال يبقى الهدوء الصباحي هو نفسه كل يوم. مبنى البلدية يشهد حركة عادية أو خفيفة نسبياً، يجلس نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي، يروي ما حصل يوم السبت الماضي على تخوم عرسال.
يقول الفليطي إن منطقة “المرصد” وهي نقطة مراقبة سورية على الحدود بين لبنان وسوريا، جرى العرف على اعتبارها سوريّة لعدم وجود ترسيم فعلي للحدود، و لكنّها جغرافياً متوغّلة سبعمئة متر داخل الأراضي اللبنانية. فجر يوم السبت الماضي جرى قربها اشتباك مسلّح ما بين مجموعة من الجيش السوري الحرّ وقوة كبيرة من الجيش السوري النظامي. أدّت الاشتباكات إلى سيطرة القوة النظامية بسبب حجمها وآلياتها، فلم يجد عناصر الحرّ أمامهم سوى العبور إلى الأراضي اللبنانية والتي هي للمناسبة متداخلة بالأراضي السورية ولا يوجد أي إشارات تدل على الفارق فيها.
تفاجأ عناصر مجموعة الجيش الحر بعد عبورهم مسافة خمسمئة متر هرباً من رصاص الجيش السوري النظامي بنقطة مراقبة للجيش اللبناني، حيث أوقفتهم واحتجزتهم. فما كان من مجموعة أخرى من الجيش الحرّ إلّا أن طوّقت مركز الجيش اللبناني و أخذت عناصرها المحتجزين دون أن يحصل إطلاق رصاصة واحدة بأيّ من الإتجاهين. وعادت أدراجها إلى داخل الأراضي السورية.
إذاً، لا اشتباكات ولا معارك حصلت في منطقة عرسال كما قيل عبر بعض الإعلام. هذا الأمر يؤكده الفليطي، ويبدي تخوفه من تكبير اسم عرسال في عدد من القضايا الأمنية لتوجيه ضربة عسكرية لها من قبل الجيش السوري أو لعملية أمنية ما.
ويتابع أن عرسال تأوي 1370 عائلة سورية نازحة في بيوتها، أي ما يعادل 15% من حجم سكانها، ولذلك يبدو أن عليها أن تنال عقوبتها. فالنظام السوري أكثر ما يكرهه هو دعم النازحين السوريين وإيوائهم في سوريا وخارجها، فكيف إذا كان الأمر عند حدود دولته.
يستغرب الفليطي دور بعض الإعلام اللبناني في التهيئة لهكذا ضربة. فهو يتّهمنا تارة بإيواء عناصر الجيش الحرّ وتارة بتمويل الثورة بالمال و السلاح، حتى أصبح البعض يعطي أرقاماً ”مريخية“. يقول: نحن نرفض هذا الكلام و نؤكد أنه ليس لدينا ولا حتى عنصر واحد للجيش الحرّ في عرسال و قد كان بيان الجيش اللبناني واضحاً في هذا الخصوص، حيث لم يشر إلى عرسال بأي كلمة في هذا الموضوع.
أما عن وقوف العرساليين إلى جانب الثورة بشكل معنوي وذلك من خلال إغاثة اللاجئين فهو لا يعتبره إلّا دعماً للقضايا المحقّة التي لطالما كانت عرسال إلى جانبها. ففي ثورة ١٩٥٨ كان العراسلة إلى جانبها في رفض الأحلاف. وأوّل شهيد لجبهة المقاومة الوطنية ضد العدو الإسرائيلي يوم دخولها العاصمة بيروت في العام ١٩٨٢ كان من عرسال.
ويقول الفليطي: نحن أوّل من نزل إلى ساحات الحريّة في العام 2005 لإخراج الوصاية السورية من لبنان. ولذلك، نحن لم نخرج وصاية من الباب لندخل وصاية أخرى من الشبّاك، و لن نرضى بعلم يرفرف فوق أراضي عرسال سوى العلم اللبناني ولا نقبل بيد أن تعلو يد الدولة اللبنانية. والجيش اللبناني إخوتنا وأولادنا. ونحن حريصون كلّ الحرص على أفضل العلاقات مع الأهالي في محيطنا من القرى المجاورة.
و توجّه الفليطي إلى الدولة اللبنانية مناشداً إيّاها ببسط سلطتها على الحدود مع سوريا، أقلّه بنقاط مراقبة للجيش اللبناني . كي لا يتكرّر ما حدث يوم 17 أيلول الماضي حين ضرب الطيران عمق 700 متر داخل الأراضي اللبنانية.
كما ردّ على قائد سرايا المقاومة في لبنان النائب وليد سكرية الذي تحدّث عن كميات كبيرة من السلاح في عرسال قائلاً: النائب سكرية يعلم حق العلم أن لا يوجد سلاح في عرسال و أن أهالي عرسال ينامون و أبوابهم مفتوحة لأنه في عرسال تحديداً لا بندقية تعلو فوق بندقية الجندي اللبناني. والإصطياد في الماء العكر لم يعد مقبولاً.
أحد المواطنين الناشطين اجتماعياً و انسانياً في عرسال، والذي تحفّظ على ذكر اسمه، أكّد على رواية الفليطي حول ما حصل بين عناصر من الجيش السوري الحرّ ونقطة الجيش اللبناني وقال: نحن في عرسال متعاطفين مع اللاجئين السوريين نظراً لسوء ظروفهم المعيشية المأساوية، بغض النظر عن تاييدهم أو رفضهم للثورة. ونحن من قدمنا إخوتنا وأولادنا شهداء للجيش اللبناني لا نقبل بجيش غيره على أراضينا. و كلّ ما يشاع عن عرسال من إيواء مقاتلين و سلاح واتهامها بالإرهاب هو أمر عار عن الصحّة.