ماذا يعني كلام ميشال عون؟ كلام “الجنرال” يمثّل “تصعيداً” بحد ذاته. وهو يقول ما لم يقله حسن نصرالله حتى الآن: ليس فقط “مطلوب” إلغاء المحكمة الدولية حتى لا تدين النظام السوري القاتل، بل والمطلوب تبرئة “القتلة اللبنانيين”، الذين كانوا أركان النظام الأمني في ظل الإحتلال السوري. يعني، “المطلوب” هو الإستسلام الكامل للسلطة اللبنانية الشرعية وتسليم مقاليد الأمور إلى جماعة 8 آذار وجماعة “الوفاء لسوريا الأسد”.
هذا كلام جديد، وخطير. تبرئة الجنرالات، ثم ماذا؟ إعادتهم إلى مناصبهم؟ وإعادة النظام الأمني الذي كان يرأسه جميل السيّد ومصطفى حمدان وريمون عازار وعلي الحاج؟ وماذا بعد؟ يتنازل إميل لحّود عن الرئاسة لميشال عون بعد أن يكون قد ضمن عدم حصول ملاحقات ضدّه في قضية إغتيال الحريري، وفي قضايا الإغتيال الأخرى؟
كل هذا من أجل رئاسة ميشال عون؟ ألم يقل ميشال عون “لا تحلموا بـ14 آذار”!
وطنية – 23/12/2006 (سياسة) اعتبر رئيس كتلة “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون، في حديث إلى محطة “نيو.تي.في”، وردا على سؤال عن اتهام الاعلامي فراس حاطوم وزميليه المصورين بالسرقة من شقة الشاهد محمد زهير الصديق، أن أعضاء الفريق الاعلامي المتهم “يحاولون السرقة عبر تنوير الرأي العام حيال موضوع شائك يحوي شبهات كثيرة عن الشاهد الملك الذي تمنع السلطات من اعادة استجوابه”.
وقال: “بالطبع هذه سرقة. هذه سرقة حقيقة لإعلانها الى الناس. في كل الأحوال، تصرف أهل السلطة اللبنانية لا يفاجئني لأنهم أعادوا تركيب الدولة الأمنية على النموذج الذي تربوا عليه خلال الأعوام ال15 الماضية، وطبعا إن التعامل مع الإعلام يجب أن يكون بالروحية نفسها التي تعاملوا بها سابقا.
ممنوع أن يكون الإنسان حرا، ممنوع أن يتحرر. ممنوع أن يقوم بتحقيقات صحافية تنور المجتمع لأن هذه التحقيقات تحمل المسؤولية وتكشف اللعبة أمام الراي العام. أكثر شيء مبهم في التحقيق هو قضية الشاهد الملك زهير الصديق الذي بسببه هناك أربعة ضباط في السجن حتى الآن من دون أي مسوغ قانوني، بعدما أمضوا الفترات اللازمة في السجن، وكان يجب إطلاقهم. ولكن حتى الآن لا اتهام لكنهم غير أحرار. هذا الواقع لا يحصل سوى في ظل العدالة الدولية، أيعقل أن تكون هذه هي العدالة الدولية التي تعلمنا حقوق الإنسان؟
على سبيل المثال علام يفتش هذا الصحافي؟ هو لا يفتش عن كنز من الذهب ولا يفتش عن شيء يسرقه من الشقة، بل يفتش عن وثائق تظهر ربما الحقيقة. هذا الصحافي لا يتهم بالسرقة، ولكن في ما لو سلمنا جدلا يمكن أن يشكل هذا الشيء مخالفة لا سرقة”.
وردا على سؤال آخر حول الموضوع نفسه، كرر مؤكدا “ليس هناك سرقة، بل هناك أولا روحية الصحافة وهي أساس مهمة الصحافي بالتفتيش عن الخبر وعن الحقيقة. جميع صحافيي العالم اليوم يقومون بتحقيقات عن القضايا الملتبسة، ويكونون هم في أساس فتح تحقيقات في قضايا وفضائح، سواء في أميركا او اوروبا وفي كل البلدان الحرة، يكون وراء الفضيحة ومن يكشفها صحافي.
وهذا لا يمنع أن يكون فراس حاطوم قد كاد يصل الى فتح تحقيق في فضيحة التحقيق، لذلك تم توقيفه بتهمة السرقة، لأنهم إذا أرادوا استعمال تهمة أخرى، فلا وجود لأي تهمة أخرى يمكن توقيفه بموجبها.
أنا أعتبر أن القضية خطيرة جدا على الحريات في لبنان، والحريات أمر مقدس. وإذا أردنا مقارنة جريمة فراس بالإعلام السوقي الذي يصدر عن أهل السلطة ووسائل إعلامها، أعتقد أنهم من يجب أن يصدر في حقهم حكم بالسجن المؤبد، فإذا هو كان يسرق فهؤلاء يحاولون سرقة ضمائر الناس وتوسيخ سمعتهم، ولا يرتكبون الا الاعتداءات على الآخرين في الإعلام.
فإذن فراس حاطوم هو قديس بالنسبة إليهم بسبب ما فعله، فيما الآخرون يحتمون في مكاتبهم وشاشاتهم ومطابعهم، وهم يستطيعون قول ما يريدون خلافا لكل القوانين المرعية الإجراء”.
سئل: إذا أردنا التكلم إعلاميا، اللافت ان هناك تقصيرا. فهناك من ينظر الى فراس كجهة سياسية او كوصمة، فعندما تقول التحقيق في اغتيال الشهيد أو تعطي معلومة عن التحقيق، يمنع عنك الكلام ويكون السكوت من نصيبك. ماذا تقول للاعلاميين خصوصا أنك ترعى إذاعة صوت الغد وإعلاميين جددا؟
أجاب: “أعتقد أن للاعلامي حقا في قول ما يريد عن أي حقيقة او رأي يظهر أمامه. الإعلامي ليس محققا عدليا ولا يصدر قرارا اتهاميا، ولكن هو يفتح أعين الناس على موجودات لا تصل اليهم. إذن يجب ألا يكون هناك أحد ما خائف من الحقيقة، ولكن ليس بالضرورة أن نقول لا خوف كي لا يخاف الناس، فهناك نوع من الإرهاب الفكري يمارس على الإعلاميين، وحتى أنه يمارس على السياسيين. اننا نقول إننا مع المحكمة الدولية، وهم يقولون كلا انتم لستم مع المحكمة وانتم تريدون إخفاء الحقيقة…يمكنهم الكذب وجها لوجه، فلم يعد هناك مسؤولية في لبنان لأن الحكومة تخلت عن موقعها كحكومة وتخلت عن تطبيق القوانين، وهي تعيش على الإشاعات والتهم.
أيضا، في ما لو سألنا لماذا لا يزال الضباط الأربعة في السجن، يسرعون إلى القول إنك تريد تبرير من اغتال الحريري، ولكن ما هي التهم المسنودة اليهم والقضاة محتارون، حتى بعضهم قال: ساعدونا كي نوفر المناخ السياسي كي نتمكن من تركهم. ما معنى هذا الكلام؟ معناه، أن المناخ السياسي هو الذي يسجنهم. هل أصبحت الآن المحكمة الدولية تستعمل للانتقام السياسي؟ هنا يجب أن نتكلم وأن نطرح السؤال.
هؤلاء الضباط الأربعة لم يكونوا أصدقائي والجميع يعرف أنهم كانوا جزءا من النظام الذي اضطهدني واضطهد التيار الوطني الحر، ولكن إذا كان هناك شيء يتعلق بهم في المرحلة السابقة في ممارستهم، فيحاكمون عليه. ولكن أن يحاكموا بتهمة يمكن أنهم ليس من ارتكبها أو لا دليل إلى ارتكابها، فهذا شيء لا يجوز خصوصا ان هذا الشيء حصل في شكل تعسفي، فالبقاء بعد سنة في السجن نتيجة الشبهة، أصبح عملا تعسفيا والقوانين المحلية والدولية لا تسمح بذلك.
إذن كل هذا هو نوع من الإرهاب، وإذا تكلمنا الآن فسيهاجموننا غدا، ويسألون لماذا قلنا هذا الكلام، مع أننا نعرض قضية حق. وكما قلنا عن قضية الصديق، لا يجوز القبول بها على هذا النحو، أي أن يحجز ويحجب عن القضاء اللبناني، شاهد بسبب شهادته يسجن أربعة ضباط كانوا في موقع المسؤولية. عدا عن ذلك، هو أوقف لأنهم اعتبروه ضلل التحقيق أو أنه مطلع على معلومات. هناك الكثير من اللغط والإبهام حول المهمة التي كان قائما بها سواء قبل التحقيق أو في التحقيق”.
سئل: زملاؤنا اليوم في سجن رومية إلى حيث تحال القضايا الجرمية، قد يكون فراس موضوعا في غرفة مع مجرمين متهمين بالسرقة الفعلية، ماذا سيتبادل معهم، وماذا سيقول لهم: ماذا سرقت؟ كيف سنفسر لأولادنا معنى السرقة؟
أجاب: المدعي العام الذي أوقفهم بتهمة السرقة يجب عليه شرح المصطلح للناس وليس أنا، ولا فراس مسؤول عن شرحها للناس، لأن فراس لا ينكر ما فعل ولكن كيف يصبح سارقا؟ هذا ما لا اعرفه”.
سئل: القانوني مخايل الضاهر قال إن هؤلاء الشبان كان يجب أن يخرجوا من السجن بغرامة مالية تقدر بمئة الف ليرة حدا أقصى خلال ساعات فقط، ولا يحق لأي كان اعتقالهم تحت اي بند او مادة، فما هي الكلمة التي توجهها الى القضاء؟
أجاب: “أعتقد، أن ما كنا نحلم به في الإصلاح القضائي لم يحدث بعد، آمل في أن نتوصل الى المساهمة في هذا الإصلاح. جميع اللبنانيين يتذكرون كيف حصلت المشكلة عند تأليف الحكومة، عندما لم يريدوا إعطاءنا وزارة العدل، ربما كانت هناك خشية أن يصير القضاء بالفعل سلطة ثالثة مستقلة كفية ونزيهة”.
سئل: لقد أسهمت في كشف بعض الحقائق في وزارة المهجرين خلال المؤتمر الشهير حين عرضت وثائق ومستندات، هل حصانتك هي التي أبقتك في الرابية ولم تنقل الى احد السجون؟
أجاب: “هناك حصانتي وهناك شيء آخر أيضا يمكن ان يساعد. فيوم كانوا من الممكن ان ينالوا من جميع الناس وأن يلفقوا عليهم الأخبار، لم يتمكنوا مني، فمها كانت الأيام صعبة لن تكون أصعب من الماضي، وان شاء الله على رغم كل المظاهر وهذه الغيمة السوداء التي تمر فوق لبنان اليوم، فالطقس الجميل آت وان شاء الله سنحقق أحلام اللبنانيين.
لا يمكن أن يستمر الظلم والظلامية ولا التعسف في الحكم كما هو حاصل اليوم، فلو جاء العالم كله لن يستطيع أن يظلمنا، لأننا نحن نعيش على أرض وطننا وهذه إرادتنا. وفي هذه المناسبة اتوجه الى المواطنين واقول لهم: انتبهوا للاشاعات، انتبهوا لهذه الدول الكبرى، فالمشاهد التي نراها اليوم لم نشاهدها في أي من دول العالم…
انتبهوا من الدعم الدولي لرؤساء هذه الدول الذين يدعمون رئيس حكومتنا حتى بدأ اللبنانيون يتساءلون عن سبب إفراط هذه الدول في هذا الدعم اللامحدود لرئيس حكومتنا.
أعتقد أن هذا الحكم سيبدأ بالإنهيار، لأن القضايا الغامضة التي تتلطى وراءها هذه الحكومة ستكشفهم في شكل فاضح.
سئل: بماذا يتوجه الجنرال الى الزملاء الثلاثة المعتقلين في السجن؟
أجاب: “عليهم أن يفخروا بهذه التجربة حتى لو كانوا في السجن. هنالك قول مأثور: “السجن للرجال” وهنا نقصد ليس الخارجين عن القانون بل نقصد بها المقاومين والمتمردين الذين يناضلون من أجل الحرية والحقيقة. هكذا تكون ضريبة المناضلين الذين يسلكون طريق الحق”.
سئل: هل تنصحهم بكتابة تجربتهم؟
أجاب: “أحبذ كتابة قصص نضالهم، ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن الدولة قد تمنع نشرها. الجميع يتذكر كتاب الدكتور ادونيس عكرا تحت عنوان “عندما صار إسمي 16″، ولكن نحن سنكون في المرصاد لأي تعد قد يطاولهم شخصيا أو يطاول كتاباتهم، بالعكس نحن نهنئهم لما يبدونه من شجاعة”.
سئل: أين أصبحت المعارضة اليوم؟
أجاب: “المعارضة منسجمة مع ذاتها وعلى المواطنين أن يدركوا أن تحقيق هذه الأهداف الكبيرة من قبل أكثر من نصف الشعب على الحكومة أن تقف على مسؤولياتها، ولا ينفع التنكر لمطالب هذه الأكثرية الشعبية بخلق استفزازات من هنا وهناك. فالحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية أي خلل امني وهي تشجع الصدامات، نحن حملنا مسؤولية أي اضطرابات أمنية للحكومة اللبنانية وهذا ما قلناه أمام الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وقلنا له ان تحركنا سلمي. نحن بدأنا نشكك في نزاهة السلطة اللبنانية لناحية التحقيق في الجرائم التي وقعت أخيرا. وما زلنا ننتظر نتائج التحقيقات في جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل لأن هذه الجريمة بالتحديد تحمل في طياتها كل العناصر الآيلة للوصول الى الحقيقة، لأنها وقعت في وضح النهار، فيما نلحظ أن التحقيقات في الموضوع ليست على الشفافية المطلوبة”.
سئل: هل من تصعيد من جانبكم كمعارضة بعد مرور الأعياد المجيدة؟
أجاب: “نعم هناك خطوات جديدة، قد تكون تصعيدية وقد تكون غير تصعيدية. نحن نعيش في ظل دولة غائبة كليا، على السلطة أن تدرك أن الحكم يكون بالمشاركة ولأن وجهة البلد كما تسيره هي تأخذه نحو الهاوية.
صدر كتاب أخيرا يلحظون فيه إنجازاتهم الإقتصادية، فيما لا نلحظ الا مزيدا من الإنهيار الإقتصادي والسياسي.
الحكومة اللبنانية من خلال تمرسها بالحكم وضعت البلد في حال الإفلاس السياسي والإجتماعي والأمني حتى أصبح للسفراء والمعتمدون الأجانب سلطة معنوية يستطيعون من خلالها تصنيف بعض اللبنانيين في أمور تنسجم مع مصالحهم.
على (رئيس مجلس الوزراء فؤاد) السنيورة أن يتنبه لأن الدبلوماسية الجديدة لبعض السفراء لا تطمئن أبدا، كأنه غير موجود”.
سئل: يقال ان نقلة نوعية ستحدث بعد رأس السنة على الساحة اللبنانية، فهل يعني ذلك انكم ستوقفون الاعتصام المفتوح وتنتقلون إلى خطوة جديدة؟
أجاب: “قد نجد انفسنا امام كذبة أو رشوة جديدة، المجتمع الدولي يعدنا بمؤتمر باريس 3، وكانوا وعدوا اللبنانيين عام 1990 بصندوق إعمار المليارين ونصف المليار، شرط ان يسقطوا العماد عون، وليس من المستبعد ان يعرضوا عشرة مليارات في مقابل ازاحتي. ولكن كيف سيعطوننا هذه المساعدات؟ قد يعطوننا مليارا ويؤجلون الباقي إلى أجل غير مسمى، مثلما حدث عام 1990، ذهب عون وذهب الاعمار معه أو مثلما قال الاستاذ غسان تويني في أحد مقالاته: “ذهب عون وبقيت النفايات”.
سئل: هل تعتبر ان الانظمة الامنية ترث دائما أنظمة أمنية؟
أجاب: النظام لم يتغير، لأن الاشخاص الذين عايشوا النظام الأمني السابق استمروا في السلطة. العوسج يعطي عوسجا ولا يمكنه ان يعطي تينا او عنبا. النظام الاقتصادي لم يتغير ولا يزال ينتج دينا بدلا من الفائض (…) الوضع بمثابة استنساخ للنظام السابق.
عندما اعتمدنا اسم “التغيير والاصلاح” لكتلتنا النيابية كنا نظن انهما حاجة البلد، ولكن يبدو ان البلاد في حاجة إلى كتلة تأسيسية في النظام اللبناني وذلك على كل المستويات السياسية والامنية والقضائية والاقتصادية”.