هل ينعكس نجاح قناة (الجزيرة) على مشروع إنشاء صحيفة يومية تحمل الاسم نفسه وتصدر عن المؤسسة الإعلامية القطرية نفسها؟.
هنا ،وبدون أي تكهنات عن صحيفة ما زالت قيد الإنشاء ، يمكن القول أن الصحافة الورقية ما زالت في المجتمعات العربية متخلفة ومحدودة الانتشار ، وهي بذلك تعكس بوضوح واقع الأمية التعليمية والثقافية في هذه المجتمعات ،مما يصير الإعلام المرئي التلفزيوني هو المهيأ أكثر للانتشار عن غيره من الوسائل الإعلامية.
ولكن ،مع هذا، ما هو المطلوب من صحيفة يومية تقديمه لمن هم قراء فعلا وسط هذا الواقع الأمي والمليء بضجيج القنوات التلفزيونية المسلّية بالخفّة والجسد والصخب والسِّحر!
ماذا يمكن فعله من أجل صحيفة تُقرأ؟.
في الحقيقة ، نحن أمام صحافي مخضرم كبير مرشح لقيادة هذه الصحيفة وهو الأستاذ عبدالوهاب بدرخان ، ولهذا ما يمكن أن نشير إليه هنا ،فقط، هو التنبيه إلى أهمية أخذ العوامل التي ذكرناها، بداية، في الحسبان، وأن نجاح (الجزيرة ) الصحيفة سيكون بحاجة إلى جهد كبير مضاعف ومختلف عن قناة (الجزيرة) التلفزيونية المسلحة بحداثة الصوت والصورة ، وبالتالي فإن خبرة بدرخان الصحافية في (الحياة) ، وفي غيرها، توحي لنا بتميز صحافي على المستوى المهني والتقني ؛ إلا أن هذا التميز ليس مطلوبا وحده لعمل صحيفة تُقرأ على نطاق واسع في مجتمعات تعاني من الأمية.
وهنا يمكن الإشارة إلى أهمية العنوان (المانشت) اللافت للمادة الصحافية إلى جانب أهمية الحرفية والمعلوماتية،طبعا.
فغياب (المانشت) ، ربما، كان وراء بقاء صحيفة (الحياة) في محل صحافة النخبة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية على الرغم من الجهد الهائل في بث المعلومات والأخبار ، إضافة إلى الزاوية أو المنطلق الذي تتعامل منه (الحياة) مع المادة الصحافية ، والتي تجنح إلى المحافظة والاتزان!.
والسؤال إلى بدرخان ، أليست المجتمعات العربية بحاجة إلى صحافة مختلفة ، ليس في منحاها السياسي ، فقط، وإنما أيضا في منحاها الاجتماعي والثقافي ، أي صحيفة تجترح المواضيع الاجتماعية التقليدية والمُحافِظة وتواصل جهود التنويريين في دعواتهم إلى احترام حقوق الإنسان وحرياته العقائدية والفكرية والشخصية أو الفردية ، ومن ذلك إزاحة الغبن التاريخي عن المرأة ، ونقد المفاهيم والمناهج التعليمية المتطرفة وذات البعد الأحادي في النظرة إلى الإنسان والوجود.
الحاجة ،ربما، إلى صحيفة تواصل نهج فرح أنطون ومحمد عبده فتنتصر للأفكار الحديثة بأطروحاتها وانتقاداتها.
فالقارئ ،كما يبدو لي ،لا يمكن أن يتقبل الصحيفة الجديدة كظل لقناة (الجزيرة)، كما أن المطلوب لم يعد هو الخبر والتقرير الخبري التكميلي كما تعمل (الحياة) و(الشرق الأوسط) وإنما المطلوب هو الصحيفة التي تحقق عما وراء الخبر ليس بالتحليل وإنما بالكشف والفضح والسبق المعلوماتي.
هل هي دعوة لتأسيس صحيفة ممنوعة ، أو ما يشبه….؟.
ليكن ذلك.. ..!
فللصحافة صار أجنحة لا أحد يستطيع الحد من تحليقها في الفضاء وعلى الأرض !
ولا يمكن لصحيفة تزيح الستار عن التخلف العربي في كل مستوياته إلا أن تكون ممنوعة من قادة هذا التخلف ومؤسساته وجهابذته العظام !.
وليكن ، مع هذا ، للصحيفة موقعها على النت الذي يختلف عن (الجزيرة نت) حيث لم يعد هذا الأخير في المستوى المُرَوّج له.
وليكن لها استقلالها الحر و (مراوغتها !)الصحافية الجميلة التي يقودها عبد الوهاب بدرخان وتهدف إلى البقاء!…. مع هذا!!!!
ali_almuqri@yahoo.com
*شاعر وكاتب من اليمن