تواجه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المزيد من المطبات والمشاكل والعقبات في ظل ازدياد الخلافات بين قوى الأكثرية الداعمة لها والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى وجود العديد من الملفات والقضايا التي تتطلب اتخاذ مواقف واضحة وحاسمة، في حين ان الحكومة غير قادرة على تحديد موقف موحد بسبب الخلافات. وأبرز هذه الملفات ملف تمويل المحكمة الدولية الذي أصبح واضحاً عدم الاتفاق بشأنه بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومن يدعمه من جهة وبين حزب الله وحلفائه من جهة أخرى.
وقد أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال المقابلة الأخيرة مع تلفزيون المنار عدم موافقة الحزب على تمويل المحكمة بعكس ما يراه الرئيس ميقاتي.
ويقف وزراء التيار الوطني الحر في مواجهة بقية الوزراء من الحلفاء والأصدقاء والخصوم حيث يواجهون العديد من المشاكل والعقبات، وقد حصلت داخل مجلس الوزراء عدة مواجهة بين الوزراء العونيين من جهة وبقية الوزراء من جهة أخرى وانتقلت الخلافات الى خارج مجلس الوزراء من خلال التصريحات المتبادلة بين النواب العونيين والاشتراكيين.
وتتحدث مصادر مطلعة داخل التيار العوني عن غياب التنسيق والتعاون بين وزراء تكتل التغيير والاصلاح وبقية الوزراء الزملاء، سواء الذين كانوا يشكلون ما يسمى «المعارضة السابقة» (كوزراء حركة أمل وحزب الله) أو مع بقية وزراء الأكثرية الجديدة كوزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، إضافة الى وجود خلافات مع الرئيس ميشال سليمان ونجيب ميقاتي في بعض الملفات وخصوصاً التعيينات الادارية والموقف من بعض الموظفين.
فما هي طبيعة الخلافات بين وزراء تكتل التغيير والاصلاح والتيار العوني من جهة وبقية الوزراء من جهة أخرى؟
وهل ستطيح هذه الخلافات اضافة إلى مشكلة ملف تمويل المحكمة الدولية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أم انه سيتم ايجاد الحلول لهذه المشكلات لإطالة عمرها؟
أسباب الخلافات
عن أسباب الخلافات بين وزراء تكتل التغيير والاصلاح وبقية الوزراء الحلفاء والأصدقاء والخصوم في مجلس الوزراء، تقول مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر (التيار العوني): «ان الروزنامة السياسية والاصلاحية للتيار الوطني تختلف عن بقية روزنامات القوى الأخرى، سواء في حزب الله وحركة أمل من جهة أو لدى الرئيس نجيب ميقاتي ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة أخرى، فحزب الله لديه أولويات أساسية ومنها ملف المحكمة الدولية والحرص على استمرار الحكومة وعدم الوصول بالخلافات الى الحد الأقصى مع بقية القوى السياسية والحزبية الداعمة للحكومة، في حين أن التيار الوطني يعتبر أن وجوده في الحكومة اليوم هو أفضل فرصة لتحقيق أكبر عدد ممكن من الأهداف والانجازات، وإلا فلن يكون أمامه فرصة جديدة كهذه الفرصة، خصوصاً أن الانتخابات النيابية عام 2013 ستكون حاسمة لجهة مستقبل التيار وشعبيته».
وتضيف المصادر «ان احد أهم الأسباب للخلافات، إضافة إلى وجود استراتيجيات مختلفة، غياب التنسيق والتعاون بين وزراء الصف الواحد، فليس هناك أي تنسيق مع حزب الله وحركة أمل حول العديد من القضايا، ما يؤدي الى قيام وزراء تكتل التغيير والاصلاح بطرح مشاريع واقتراحات في مجلس الوزراء تفاجيء بقية الوزراء وتحصل خلافات حولها».
وتضيف المصادر «ان الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي اضافة الى وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي يحاولون عرقلة بعض المشاريع والاقتراحات التي يتقدم بها وزراء تكتل التغيير والاصلاح، ويحاولون منع التيار من انجاز بعض التعيينات الادارية أو تغيير بعض المواقع الادارية وكل ذلك يساهم في زيادة المشاكل داخل مجلس الوزراء».
كما ان التطورات التي تحصل في المنطقة وخصوصاً في سوريا زادت من هذه الخلافات ومن اندافع البعض لانتظار ما سيحصل في سوريا لتحديد موقفه النهائي مما يؤدي الى بطء عمل الحكومة وعدم قيامها بالانجازات الحقيقية.
معالجة المشاكل أو الانفجار
وإزاء ازدياد المشكلات داخل مجلس الوزراء وخصوصاً بين وزراء تكتل التغيير والاصلاح وبقية الوزراء، تعتبر المصادر المطلعة في التيار الوطني الحر «ان المطلوب العمل لمعالجة هذه المشاكل إن لجهة ايجاد لجان تنسيق وتعاون بين القوى الحليفة، أو الاتفاق على رؤية موحدة بين مختلف الأطراف حول القضايا الحساسة».
وبانتظار حل المشاكل الأساسية جرى الاتفاق على تأجيل بعض المشاكل الحساسة كملف تمويل المحكمة الدولية من خلال تأجيل البحث في مشروع الموازنة، وهذا التأجيل سيؤدي إلى عرقلة تنفيذ المشاريع الأساسية وعدم تحقيق أية انجازات أساسية مالية أو اقتصادية أو اجتماعية.
ومع ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وبعض أوساط حزب الله اعتبروا ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي نجحت حتى الآن بتحقيق بعض الخطوات الهامة، فإن مصادر التيار الوطني الحر تعبر عن عدم ارتياحها لما حققته الحكومة حتى الآن، ما ينعكس سلباً على شعبية التيار ومؤيديه.
وقد حصلت لقاءات واجتماعات ثنائية ومشتركة بين بعض قوى الأكثرية الجديدة لمعالجة بعض المشاكل، لكن يبدو ان أجواء الخلافات تتفاقم وخصوصاً بين وزراء التيار العوني ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي ويسعى الرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله إلى معالجة هذه المشكلات لمنع تفجير الوضع الحكومي.
ومن المعروف انه ليس لحزب الله ولا للرئيس ميقاتي او لاطراف الأكثرية الحالية مصلحة في استقالة الحكومة أو تفجيرها من الداخل، لأن ذلك سيخدم القوى المعارضة وقد يؤدي إلى عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وخصوصاً في ظل الأوضاع المتفجرة مع المنطقة عامة وفي سوريا خاصة. ومن هنا سيسعى الجميع إلى معالجة المشاكل القائمة والعمل على تحقيق أجواء التوتر ودفع الحكومة لتحقيق بعض الانجازات الأساسية. لكن ذلك لا ينفي ان وضع الحكومة ليس على ما يرام حالياً، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة ومسألة استقالة الرئيس ميقاتي أو تفجير الحكومة من الداخل لم تعد مستبعدة بل هي من الخيارات التي بدأت تطرح وتدرس من قبل بعض اطراف قوى الأكثرية.
اذن المشاكل والخلافات داخل الحكومة وخارجها تزداد يوماً بعد يوم، وقوى الأكثرية الجديدة معنية بالبحث عن حلول لهذه المشاكل وإلا فإن خيار الاستقالة أو تفجير الحكومة من الداخل سيكون مطروحاً بشكل جدي في الأسابيع المقبلة.
kassem_1960@hotmail.com
كاتب لبناني
مجلة الامان
-10-2011