المنستير (تونس) (رويترز) – قام آلاف التونسيين بمسيرة في الشوارع تكريما للزعيم السابق الحبيب بورقيبة في الذكرى السنوية لوفاته في أول مرة يقومون فيها بذلك بحرية بعد ان أنهت الانتفاضة الشعبية الحكم الاستبدادي.
وتوفى بورقيبة مؤسس تونس الحديثة الذي حكم البلاد أكثر من ثلاثة عقود في عام 2000 لكن خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لم يكن يتم احياء ذكراه علانية على نطاق واسع.
وتولى بن علي الذي كان رئيسا للوزراء في عهد بورقيبة الرئاسة في عام 1987 بعد ان أعلن الاطباء ان بورقيبة لم يعد لائقا للحكم.
واقتصر إحياء الذكرى لسنوات على حفل صغير في المنستير بلدة بورقيبة يحضره بصفة أساسية مسؤولو حكومة بن علي. وكانت الشرطة تفرض حراسة مشددة على المنستير في ذلك اليوم ولا يحمل السكان الا صور بن علي.
لكن الرجال والنساء والاطفال تدفقوا على شوارع المنستير يوم الاربعاء حاملين صور الزعيم السابق ومرددين “بورقيبة .. انت في قلوبنا”.
وقالت امرأة تدعى فاطمة وهي تكفكف دمعها “هذه لحظة تاريخية بحق. يمكننا ان نحتفل بهذه المناسبة دون ان نقول (عاش بن علي).”
وتجمع نحو 100 شاب امام تمثال بورقيبة في وسط البلدة في الصباح مرددين “نحبك يا رئيسنا”.
وقال أحمد البالغ من العمر 12 عاما “لا اعرفه لكن والدي يقولان لي انه رمز الوطنية في بلدنا.”
وأطاحت احتجاجات شعبية ببن علي في 14 يناير كانون الثاني وهرب الى السعودية بعد 23 عاما في السلطة. وفي اطار مساعيها لتأكيد سلطتها وكسب شرعية في عيون المحتجين الذين أجبروا بن علي على الفرار تهاجم السلطات الانتقالية بقايا حكمه.
وحضر الرئيس المؤقت فؤاد المبزع ورئيس الوزراء الباجي قائد السبسي مراسم احياء الذكرى في ضريح بورقيبة. وبعد المراسم جاءت الحشود لتضع الزهور على قبره.
وقال رجل مسن “انه رئيسنا الى الابد.”
وأضاف “على مدى سنوات لم يكن يمقدورنا احياء هذه المناسبة.. لم يكن بمقدورنا الا ان نحمل صور بن علي. والان نحن أحرار.”
وبعد الاستقلال عن فرنسا بوقت قصير في عام 1965 أعطى بورقيبة المرأة التونسية حق التصويت وألغى تعدد الزوجات وحظر زواج من هم دون سن 17 عاما وسمح للمرأة بحقوق متساوية في الطلاق. وأمضى سنواته الاخيرة في منزله ببلدة المنستير التي تقع على مسافة تقل عن 200 كيلومتر جنوبي العاصمة تونس.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الناصر انه على مدى سنوات كانت هناك رغبة قوية في تهميش بورقيبة لكن رجلا مثقفا وليبراليا وعصريا مثله لا يمكن ان ينسى والدليل على ذلك الحشود التي اجتمعت لاحياء ذكراه.
وأحيا تونسيون في أنحاء البلاد الذكرى السنوية وخصصت وسائل الاعلام تغطية خاصة لبورقيبة. وسافر كثير من التونسيين الى المنستير خصيصا من أجل هذه المناسبة.
وقالت هاجر ابنة بورقيبة انها تأثرت لوجود هذا العدد الكبير من الناس. وقالت ان لديها رسالة للتونسيين وهي انهم يحتاجون للوحدة وتأمين الطريق نحو الديمقراطية.