التقنين على الطريقة السورية من الحريات العامة …إلى الكهرباء

1

عسى أن لا يصل التقنين، إلى الهواء.. والتنفس.. والإنجاب.. وأمور كثيرة، لا نحبذ ذكرها!!

فالتقنين ياسادة، دخل الحياة السورية منذ الأزل.. ومن باب التندر، أضحى التقنين لدينا أمرا تاريخياً؟؟ فوق ما يضاف إلى كل شيء تاريخي في بلادنا؟؟

فالقرارات ، والخطابات , والمؤتمرات، والوقائع، والأحداث ، التي تقع في سوريا ياللروعة!! كلها تاريخية؟
بالمرور السريع على الحياة السياسية، والتقنين الذي وصل إلى حد القطع التام الذي أصاب حرية الكلمة، والمتعلق بأي نشاط لقوى المعارضة السياسية والوطنية في سوريا، من إغلاق كل المنتديات، ومنع بالقوة، لكل أشكال الاعتصامات السلمية، ومنع السهرات واللقاءات، وحتى الأحاديث الجانبية، والنشر، وإقفال كل مواقع الانترنيت وليس تقنينها فقط، حيث لم يبق مسموحا لمتصفح الانترنيت، إلا مواقع صحف البعث والثورة وتشرين، ومواقع الوزارات إن استطعت فتحها؟؟

كل هذا، للأسف أضحى أمراً واقعاً في سوريا، ولامجال للخوض مطولاً في الأسباب، والدواعي، التي أدت لذلك. وقد اعتدنا عليها من واقع ” لاحول ولا قوة إلا بالله “. حتى وصل الأمر إلى مشكلة المشاكل ” الكهرباء ” وما فيها من تداعيات، على كل الصعد , الاقتصادية , والاجتماعية , والثقافية , وكل مايتعلق بالحياة العامة من تغيير لعادات النوم، والعمل والطعام والسيران، وتعديل في مواعيد الصلاة والعزاء!!، حتى اضطرت المواطن السوري إلى الصراخ عاليا ليصل صوته ” قبة الله ” حتى بات أمر التذمر والشكوى لغير الله مذلة….

إن واقع الكهرباء، ومشكلته هي قديمة، وقد تعود إلى الثمانينات من القرن الماضي، حين كان الوضع يومها، أشبه بما نحن فيه الآن , لكن السؤال الحاضر حالياً : هل من المعقول أن يحصل ذلك في سوريا بلد (التطوير والتحديث)، بلد الشعارات الكبيرة التي التهمت كل شيء , (بلد الانتخابات الشفافة والنزيهة)؟؟(ودولة المواجهة الأولى مع العدو الصهيوني)؟؟

على كلّ…

إن الجاهل بالأمر، يدرك، بأن الشبكات والمحطات والمولدات، التي كانت قبل /20/ عاما أصبحت الآن عاجزة، أمام متطلبات العصر. من توسع عمراني، أخذ يتضاعف بشكل طردي بدون الأخذ طبعاً، بالتمدد العشوائي وفوضى البناء المخالف، الذي طاول اغلب المناطق في سوريا. وكل ذلك، تم، ويتم تحت نظر، وإشراف، ومتابعة، المسؤولين من كافة المستويات في اغلب بلديات القطر؟؟ وضواحي دمشق من كل الاتجاهات (جرمانا، والمخيمات، وركن الدين) خير دليل على ذلك!!!

كل الذي يحصل، ألا يستدعي، ولو قليلاً من الاهتمام، بأن كل الفوضى التي قامت، تبعها فوضى في مجال استهلاك الكهرباء والمياه والطرقات، وكل الخدمات الضرورية لذلك.. وان الشبكات الحالية التي أصبحت خردة، يلزمها ولو قليلاً، من الصيانة والإصلاح والتحديث. حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن _ من عجز للحكومة _ واضح للعيان، حيث ذهبت مهلة السيد رئيس مجلس الوزراء الـ /15/ يوما، أدراج الرياح، وطرحت كلمته الأرض؟؟ من قبل من؟؟؟ لا ندري!!

– هل هي البيروقراطية المتعفنة، التي أكلت الأخضر واليابس، في دوائر الدولة؟؟؟ والتي لم تعد تعني لها مهلة السيد رئيس مجلس الوزراء شيئاً؟؟

– أم هي الظروف الجوية الغير متوقعة، والتي نسينا أن نحسب لها حساب للآسف (لضيق الوقت)، وان ارتفاع درجات الحرارة، هي التي لم تمكن طواقم الصيانة، من متابعة العمل لإصلاح وتطوير المحطات؟؟

– أو إن السبب، هو مكيفات سيادة وزير الكهرباء، ومدراؤوه العامون، التي أنستهم، مايحدث خارج مكاتبهم من واقع (جحيم جهنم) الذي يتخبط فيه أبناء سوريا!!!. حتى أصبحنا (ياحرام) مثار شفقة لأهل (أفغانستان والعراق والصومال).

– هل تتحمل الحكومة وأجهزتها، الخسائر المادية، التي أصابت الصناعة والصناعيون، والتجارة والتجار؟؟ وماهو حال وزارة الصناعة والتجارة من جراء ذلك؟؟ وقد لفت نظري حديث للسيد الدردري، في عدد الثورة 13247 تاريخ 28 شباط 2007 حين قال فيه : (لا نقبل أن نفشل في قطاع الصناعة).. وما رأيه في ذلك الآن؟؟.
لقد أصبحت الآن، من الذين يؤمنون بأن (سوريا فعلاً الله حاميها) وبان الأمور تسير بقدرة قادر؟؟

والذي جعلني اقتنع أكثر بأن الله حلال لكل المشاكل في سوريا، هو تأجيله لهذه الأزمة من شهري – نيسان وأيار – موعد انتخابات مجلس الشعب، والاستفتاء والاحتفالات التي رافقت إعادة انتخاب السيد رئيس الجمهورية، إلى الآن؟؟… إلا حكمة للذين يتوهمون؟!!!

نعود للسؤال من جديد :
هل الحكومة عاجزة عن معالجة الأمر إلى هذا الحد؟؟

إذا كانت المشكلة تحتاج إلى أموال طائلة، فنحيل ذلك لأجهزة الرقابة في الحكومة.. وللعلم إن وزارة الكهرباء، هي شركة استثمار رابحة، وقد تكون من أغنى الوزارات في الحكومة!!! وإذا لم تستطع تجديد وتحديث أعمالها فتلك هي الكارثة.. ويكون السبب في ذلك، تحصيل حاصل، لسياسة الفساد، والنهب المستمر، التي طالت كل مؤسسات القطاع العام، حتى بات المرء يتصور إن الوزارة مهددة بالإفلاس، وإنها قد تعرض للبيع بالمزاد العلني للقطاع الخاص , أو إنها سياسة جديدة، ليصل الأمر إلى رفع الدعم الحكومي عنها، وليتحمل بعد كل ذلك (المواطن الذي لايستطيع أن يتأخر دورة واحدة عن دفع مايترتب عليه من فواتير مستحقة) مسؤولية فشل وزارة الكهرباء في معالجة عجزها!!

فالسرقات. وإهدار المال العام، لم تستثن أي وزارة من وزارات الحكومة العتيدة، وكل يوم تطالعنا الصحف الرسمية بأخبار جديدة عن واقع النهب، والنزف المستمر لأموال الوطن على حساب مواطنيه الغلابة..
فقد طالعتنا جريدة الثورة الرسمية، في عددها / 13375 / الصادر في 30 تموز 2007 _ تحت عنوان : ” 4 مليارات الفساد المكتشف عام 2006 وما خفي أكبر ” حيث قالت وزارة المالية ” إنها أصدرت العام الماضي 2006 قرارات حجز للأموال المنقولة، وغير المنقولة، بحق أشخاص وشركات، لقضايا مختلفة، تجاوزت قيمتها 4 مليارات ليرة سورية، وهناك قرارات تصدر بشكل يومي، يصل حدها الأدنى إلى 2 مليون ليرة سورية، وما فوق “.
إن هذا الخبر، الذي ورد بشكل قطعي، لا لبس فيه بأن الفساد، أصبح مشكلة خطيرة، حتى غدا كالسوس ينخر في جسم الوطن بكامله، وبدون تمييز بين كل الوزارات، حتى بات أمر العلاج صعب للغاية، وقد يكون مستحيلاً، كالسرطان، وان أي عملية، إذا لم يتوفر لها المقدار الكافي من النجاح، تكون فاشلة، وينتشر بذلك المرض في كل الاتجاهات!!؟؟ وهذا ماهو حاصل اليوم!!؟؟ حتى باتت الحكومة مشلولة ، أشبه بحكومة تصريف أعمال للآسف؟؟ وكل ذلك يحصل، تحت نظر السلطة التشريعية الموقرة، التي لاحول لها ولاقوة، غير التثاؤب، والململة، من الجلسات الطويلة في (مجلس الشعب) دون فائدة ترجى منهم. اقلها وهذا ” أضعف الإيمان ” حجب الثقة عن الوزير المسؤول عن الأزمة؟؟ أو مسائلة الحكومة من باب التساؤل فقط؟؟

بعد كل هذا، ألا يلزم الأمر، وزير الكهرباء أن يقدم استقالته، وإعفائه من مهامه، عملا بالتقاليد الجارية في حكومات الدول المتقدمة، والتي نحن بالضرورة منها , أو إن الأمر أكبر من ذلك بكثير , لتقدم كل الحكومة استقالتها , لأسباب هي تعرفها أكثر من غيرها , وقد يكون هذا للوطن ” أفضل علاج “.. لتصبح في سوريا الحكومة وكل وزرائها ” حكومة عمل ” يحاسب كل من فيها، على نجاحه أو فشله , وليصبح بذلك المنصب الوزاري، أو أي منصب أخر في الدولة ” منصب تكليف وليس تشريف ” أو ولاءات حزبية، أو عائلية، أو طائفية، أو مكافأة نضالية قديمة، سددت فاتورتها بمنصب وزير شكلي، أو عضو لمجلس الشعب كمتقاعد وظيفي، أكل الدهر عليه وشرب؟؟

هل ننتظر في الأيام القادمة، تشكيل حكومة بوجوه جديدة، تنوي العمل (من قلبها) لصالح الوطن والمواطن , يراعى فيها أسلوب وتقنية ” الرجل المناسب في المكان المناسب “..

السويداء في 2/8/2007

marwanhamza@maktoob.com

1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
smartevil
smartevil
17 سنوات

التقنين على الطريقة السورية من الحريات العامة …إلى الكهرباءان طرحك ممتاز ولكنك تتجنى على وزراءنا وحكومتنا ادامها الله وقدس سرها وادام البسمة على وجهها ( لانها اذا عبست اكلنا هوا ) لحكومتنا العتيده ياصاح اهتمامات اكبر من المواطن فمن سيطلق التصريحات عن محاربة الامبرياليه العالميه والاستعمار ومن سيهتم بالمشاكل الاقليميه من اريتريا الى الجزر العذراء الى الانحباس الحراري فوق القطب الشمالي هل تريد من حكومتنا ان تهتم بالمواطن ورفاهيته ليتخلى عن مبادئه الثابته والمرافقه له من المهد الى اللحد لذا فلحكومتنا اولويات اهم فلا يمر يوم دون ان ينفضك مسؤول بحديث شريف ان الامبرياليه والرجعيه هي سبب انقطاع الكهرباء وهذا… قراءة المزيد ..

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading