حينما تساءلنا (في مقال سابق) لماذا يحرص أغلب الجمهور الشيعي على حضور خطب رجال دين وشيوخ عُرف عنهم بأنهم من أنصار التفسير الأسطوري الخرافي لواقعة كربلاء، ولماذا لا يتجه هذا الجمهور إلى المجالس التي يتباين تفسيرها مع التفسير الأسطوري، أي إلى تلك التي تفسر الواقعة انطلاقا من اتجاهات أخرى من بينها: التاريخي، والعرفاني الصوفي، والاجتماعي العقلاني، كان الهدف من ذلك هو الإشارة إلى أن التفسير الأسطوري للتاريخ الديني وتقديس هذا التاريخ ورموزه بعدما أصبح غيبيا ومقدسا بدلا من أن يظل تاريخا بشريا، لا يتماشى مع سبل العيش في الحياة الحديثة، ولا يمكن أن يفيد الراهن المعاصر، الذي يستند في تحليل قضايا الحياة ومشاكلها وتاريخها إلى ما أنتجه العقل والعلم من نظريات ومفاهيم ووسائل حديثة، في حين لا يلعب التفسير الغيبي والأسطوري إلا دورا محدودا جدا في الحياة الراهنة، حيث استطاع العلم الحديث أن يضيق الطريق كثيرا على هذا التفسير.
قال الكاتب الفلسطيني سمير الزين في مقال قيّم له حول العلاقة بين المقدس والعقلانية، في صحيفة “السفير” اللبنانية في عدد يوم الجمعة الماضي تحت عنوان “طغيان المقدس يحتجز العقلانية العربية” إن “العقلانية شكلت مع الإصلاح الديني عامل هدم للمجتمع القديم وللماضي”، وأشار إلى أن “الفكر العقلاني أطاح بالفكر الديني الغيبي” وأن السبب وراء ذلك هو أن “الإنسان وضع نفسه كمحور داخل الطبيعة، يهدي نفسه بنفسه وفق معايير الصواب والخطأ”، وأكد أن “العالم ليس نسقا عشوائيا، بل له قوانين، وما يحدث يتم وفق هذه القوانين، وهي خاضعة للفهم ولسلطة العقل، وما هو غير قابل للفهم حاليا سيصبح مفهوما في مرحلة أخرى”، وأشار إلى أن “خضوع ما يحدث في الكون للعقلنة، يدفع بالإنسان عبر الزمن إلى مزيد من التقدم في طريق تحكم الإنسان بعناصر الطبيعة”.
إن أنصار الخطاب الشيعي الأسطوري ينزعجون انزعاجا شديدا من أي تفسير يخالف تفسيرهم، سواء تعلق بحادثة كربلاء ورموزها أو بغيرها من الأحداث التاريخية الدينية، ولا يقبلون بالرؤى المغايرة التي تفسر الأحداث التاريخية وفق نظرة تنتقد النهج الأسطوري، وفي العادة يصفون ناقدي تفسيرهم وطارحي التفاسير المتباينة بأنهم قد تعدّوا الحدود المسموح بها، بل قد يخرجونهم من الدين. لذلك هم يبرزون تفسيرهم وشخوصهم وكأنهم أوصياء على الفهم والتفسير، ويعتبرون منتقديهم أعداء للدين. وإذا ما ظهر تفسير علمي وعقلاني حداثي بشأن واقعة كربلاء، تفسير يستند إلى النهج العلمي الحديث في تحليل وقائع التاريخ، يتشدد أنصار الخطاب الأسطوري في إلغاء هذا التفسير، وينعتون أصحابه بنعوت غير أخلاقية، ويطرحون المسألة وكأنها مواجهة بين الحق المطلق والباطل المطلق، هم يمثلون الحق، وغيرهم المختلف معهم الناقد لتصورهم الغيبي الأسطوري يمثلون الباطل، رغم إن الإثنين لا يعكسان إلا تفسيرا بشريا وفهما بشريا وتحليلا ونقلا لروايات بشرية حول حادثة بشرية تاريخية، غير أن الأول (أي الحق المطلق) يمثل التفسير الغيبي الأسطوري الذي لا يمت للواقع العلمي الحديث بصلة، فيما الثاني (أي الباطل المطلق) يمثل التفسير الحداثي غير المرتبط بالماضي. فمفسّرو الخطاب الديني الأسطوري أكثر تشددا وإلغاءا للآخر المختلف معهم. كما أن تفسيرهم لا يرتبط بالعقل لكي يجاري الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق، وإنما ينطلق من الغيبيات واللاواقع والأسطورة. فعلاقة هذا التفسير بعملية التحليل العلمي هي علاقة ضدية، بل وعدائية في كثير من الأحيان. فناقل الأسطورة لا يسعى إلا لتركيبها في أذهان المستمعين، من دون أن يكون لهؤلاء المستمعين الحق في ممارسة النقد العلمي أو التشكيك في التاريخ، أي – مثلا – السؤال عن ماهية هذه الأسطورة وصدق أو ضعف الرواية المؤسسة لها.
ورغم ان إدخال نهج المساءلة في أروقة التاريخ الأسطوري المقدس هو خط أحمر يجب على “المؤمن” ألا يقترب منه، حسب ما يردّد الخطاب الديني الأسطوري، كذلك يعتبر السؤال في هذا الموضوع ليس سوى عبث فكري ومضيعة للوقت، لأن السائل لا يتعامل مع موضوع عقلي يقبل السؤال ليحصل منه على إجابة، وإنما يخوض في الغيب والأساطير التي لا مكان للعقل والعقلانية فيهما. فالسؤال والتحليل والنبش العلمي الأحفوري (علم الحفريات) والأنثروبولوجي في التاريخ هي وسائل بحث وتحليل حديثة ولا يمكن أن تدخل في معادلة الأسطورة الدينية، التي هي رؤية قديمة وغير عقلية ولا صلة لها بالواقع العلمي الحديث، لأنها قد تتوصل إلى نتائج تقلب الكثير من الأمور المقدسة رأسا على عقب وتقلب الطاولة على المفسر الأسطوري. مثلا، هل يقبل الخطاب الشيعي الأسطوري استخدام الوسائل العلمية الحديثة، كعلم الحفريات، للبحث في مكان دفن الإمام علي بن أبي طالب، في وقت يعتقد فيه معظم الشيعة بدفنه في مدينة النجف بالعراق، فيما يعتقد بعض الشيعة الأفغان أنه مدفون في مدينة مزار الشريف الأفغانية. إذن يعتبر الخطاب الحداثي والعلم الحديث وحرية البحث العلمي بمثابة العدو اللدود للخطاب الديني الأسطوري الغيبي المقدس.
لقد شن الخطاب الشيعي الأسطوري هجوما عنيفا على المفكر الإيراني الراحل الدكتور علي شريعتي واعتبره خارجا عن الدين، وذلك لطرحه تفسيرا عقلانيا حداثيا غير أسطوري تجاه مختلف الأحداث والقضايا الدينية التاريخية. فقد وضع شريعتي الخطاب الأسطوري أمام تساؤلات عقلانية ظلت تنتظر إجابات، وانتقد التفسير الأسطوري المقدس لواقعة كربلاء وطرح الحادثة انطلاقا من “الدور العقلاني” لرمزها الرئيسي الحسين بن علي لا استنادا إلى أسطورته، طرحها انطلاقا من “نظرة الحسين السياسية الثاقبة” في الإطاحة بحكم يزيد بن معاوية لا انطلاقا من أن الحادثة كانت مقدرة وخاضعة لكمية كبيرة من الغيبيات، طرحها انطلاقا من إدراك الحسين بأنه إن لم يستطع هزيمة جيش يزيد فإنه سيُقتل ويُستشهد وبالتالي سيفضح الطبيعة الظالمة لحكم الأمويين لا إستنادا إلى أن الحادثة هي بوابة لحل مشاكل الناس عن طريق الرؤى الغيبية الأسطورية. إن هذه الرؤية التحليلية لا تتوافق البتة مع نهج الأسطوريين، وتبعدهم مسافات عن الواقعية والعقلانية، في حين كان على المسلمين، وبالذات الشيعة، أن يستفيدوا من التحليل العلمي العقلاني لتاريخ رموزهم من أجل إظهارهم كقدوات. فرموز حادثة كربلاء لدى الأسطوريين ليسوا سوى شخصيات فوق بشرية لا قدوات بشرية، شخصيات لا تتناسب إلا مع الحياة القديمة التي كانت تستند إلى مبدأ الأسطورة في التعامل مع شؤون الحياة آنذاك، شخصيات تتناقض مع الحياة الحديثة التي تقوم على مبدأ العقلنة والعلم الحديث ومواجهة الغيبيات والتقليل منها في حياتنا.
فالحياة الحديثة بالنسبة للأسطوريين ليست سوى حياة الأسباب والوسائل، وليست حياة الرؤى والمفاهيم الحديثة. فهم يرفضون أن تتغلغل تلك الرؤى والمفاهيم في أذهانهم، لكي لا يواجهوا أزمات فكرية وروحية تزعزع إيمانهم بالتاريخ الأسطوري. وإذا ما طرحت حادثة كربلاء استنادا إلى التحليل التاريخي العقلاني فلن تكون هناك حاجة لممارسات الحزن العنيفة المشوهة لحادثة كربلاء، والتي هي نتيجة طبيعية للطرح الأسطوري.
ssultann@hotmail.com
كاتب كويتي
الحلقة الأولى:
في نقد التفسير الأسطوري لحادثة عاشوراء
فاخر السلطان
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
هناك كتاب هام في هذا الشأن هو في الأصل رسالة ماجستير لمؤلفه (أحمد لاشين) الكتاب تحت عنوان (كربلاء بين الأسطورةوالتاريخ دراسة في الوعي الشعبي الإيراني) الكتاب صادر 2009 عن دار رؤية للنشر القاهرة،ويتناول التفسير الأسطوري لكربلاء وومارسات عاشوراء بشكل كامل ،سواء في البنية الأسطورية للمعتقد الشيعي أو الأصل الأسطوري للمارسات العزائية مع دراسة تطور الطبيعة الرمزية على مدار العصور التاريخية التي تناولت القضية.فمن الممكن الرجوع إلى هذا الكتاب بوصفه ذا شأن بالموضوع
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة المسلمون الشيعة شأنهم شأن أي طائفة تتضخم الشخصيات عندهم ومن وراء التقديس الغير طبيعي يتضخم التاريخ ويخرج عن طبيعته فيعطى البطل ما تعطيه الأمم لأبطالها المقدسين علما بأن تاريخ الأئمة من أهل البيت لا يحتاج إلى أي إضافة وهم المجموعة الوحيدة التي تجمع الأمة على فضلهم وصفاتهم الإنسانية الراقية كحدٍ أدنى ثم تختلف الأمة فيما بعد ذلك القدر المشترك في أهل البيت فهل هم أئمة المسلمين وهل هم معصومون تلك مسائل تختلف فيها الأمة لكن المسلمين جميعا يعترفون لأهل البيت بالمقام الشامخ ولأنهم أصحاب مقام شامخ لذلك وجب الاهتمام بالحفاظ على مقامهم من كل زيادة… قراءة المزيد ..
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
لو كان سيدنا محمد عليه الصلاة موجودا في هذه الايام لقال هذة انحس امة ولند م على نزول الدين الاسلاامي على هذه الامه
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة الحقيقة لا ننكر ان هناك الكثير من السلبيات والممارسات الخاطئة التي قد تسيء الى اهل بيت العصمة ع وقد وجه مجموعة من علماء الشيعة انفسهم انتقادات لاذعة الى كل تلك السلبيات والممارسات منهم السيد محسن الامين والسيد فضل الله والسيد محمد الصدر ومرتضى مطهري ولكن البعض من الاتجاة التقليدي تعرض الى هؤلاء العلماء بالاساءة وصل الى حد التكفير والتفسيق واننا نعترض عن الكاتب من خلال المبالغة ومحاولة التجريح والاساءة والهدم لا الاصلاح والنقد البناء ويظهر ذلك من خلال استخدامة عبارات خرافات واساطير والا ان القضية تحتاج الى توجيه وتهذيب وان في الوسط الشيعي الان من… قراءة المزيد ..
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
فعلا الوضع غريب
علي رضي الله عنه سمى ولديه أبا بكر وعمر
وكذلك فعل الحسين رضي الله عنه
وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا اثنان منهما سموا بناتهم عائشة والثالث اسم حفيدته عائشة
ومع ذلك لا زال الشيعة يصرون على لعن أبي بكر وعمر وعائشة !!!!!!!!!!!!
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة غزة ونصر الله والعقول الأسطورية صالح الطريقي إن مشاهدة طفل وطالب جامعة عربيين سيصبح الأول شيعيا فيما بعد والآخر سنيا ، هذه الأيام ستكشف لك كيف يتم تأسيس غالبية العقول العربية. ذاك الطفل وقبل أن يتشكل وعيه ، تم دفعه عنوة ليمشي مع البقية في عاشوراء ، ويضرب نفسه ـ وإن لم يقسُ على جسده ـ دون أن يعرف لماذا يفعل هذا ، وما الحكمة في أن يتم تحميل هذا الطفل خطيئة أشخاص خذلوا المناضل والشهيد الحسين بن علي رضي الله عنه قبل 1400 عام ، في نفس الوقت يطلب من هذا الطفل أن ينتقم… قراءة المزيد ..
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة الجوزو: أبعدوا مآساة الحسين عن السياسة اعتبر مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو في تصريح امس “ان الحسين ليس شيعيا، الحسين لا يمكن ان تصادره مجموعة من الناس او فرقة من الفرق وتتحدث باسمه وتدّعي الانتماء اليه…الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول هو قدوته وهو امامه وهو الاسوة الحسنة له، ولآل البيت وللصحابة والمسلمين جميعا، بل هو اي الرسول هو رسول العالمين جميعا.. وهو رمز وحدة المسلمين “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”. أضاف: ” وتأميم مآساة الحسين.. ووضعها في اطار مذهبي ضيق لا يرضى به الحسين رضي الله عنه، ولا… قراءة المزيد ..
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
الأسطورة ليست في واقعة كربلاء فقط ، بل في كل تفسير وفكر ديني لأي طائفة كانت تدعي انه من عند الله وهو ( اي الفكر او التفسير) غير عقلاني و واقعي مثبت تاريخيا بالدراسات المؤيدة بالعلم الحديث، هو اسطورة بشر بائسة و مدمرة لهم مآرب اخرى و النتيجة واضحة امام ذي البصر و البصيرة مهما حاولوا اتهام او القاء اللوم على شماعة الآخر المغاير لهم تفسيرا وفكرا او حتى دينا.
التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة في العصر الحديث بعد زوال الفكر الشيوعي العنيف هناك فكرين متطرفين لدمار البشرية اليمين المسيحي الجديد يهيء لظهور المسيح ويعتمد على الحروب وقوة السلاح والعنف اي العودة الى(عهد ريتشارد قلب الأسد، وأباطرة الصليبية في العالم) واليمين الاسلامي الجديد العرقي الذي يهيء لظهور المهدي واستغلال اسشهاد الحسين رضي الله عنه وهذا التيار الفكري الحاقد التاريخي يعتمد على الجهلاء ويحولهم الى مليشيات وحرس ثوري ومخابرات مافياوية وانتحاريين..اي العودة الى(عهد الصفويين والفاطميين ..) الله يساعد الانسانية عليهم.فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض فعلى النظام الايراني المليشي ان يبدا بالتوقف عن دعموتربية المليشيات وتصديرها… قراءة المزيد ..