السيدات والسادة المهتمين بالتعديلات الدستورية :
أُحب دائماً أن أنظر في تُراث المصريين ، كلما تناولت قضية ما ، بل قبل البدء فيها ، ذلك أني أعتبر ذلك التراث الذي هو خبرة آلاف سنين، كنزٌ ثمين ، من يتجاهله كالمُبدد لميراثٍ ضخم ، المُضحي بنصيحة خالصة ، أو إستشارة مجانية ، دون سبب ، ولغير ما ضرورة !!!
القضية التي أثيرها اليوم ، هي : المدة التي يجب أن لا يتجاوزها شاغل الكرسي الرئاسي الجمهوري !!!
تلك القضية تناولها الدستور المصري ، في المادة الشهيرة (77) ، حيث يعطي ذلك النص ، مدداً غير محددة ، وفترات متعددة مدة كلٌ منها ست سنوات ، لرئيس الجمهورية ، لا تنتهي – عادة – إلا بوفاة الرئيس !!!
كما رجعت إلى برنامج حزب مصر الأم ، الذي شاركت في وضعه ، كما شرُفت بضبط صياغته النهائية ، قبل تقديمه للجنة شئون الأحزاب في 14/2/2004 ، فوجدته يتناول تلك القضية من خلال المطالبة بـ : ” النص على حدٍ أقصى لمدة رئاسة الجمهورية ، لتكون مدة الولاية (أربع سنوات) قابلة للتجديد مرة واحدة فقط”
للحقيقة، لم يبدع البرنامج المذكور تلك المطالبة ، بل كان هذا المطلب مطروحأ ، لدى حزب الوفد ، وأحزاب عديدة ، بل إنه أثير لأول مرة، بمناسبة الحديث الذي أدلى به الرئيس مبارك لجريدة أخبار اليوم المصرية ، عقب توليه منصب الرئيس نهاية 1981 ، قال فيه أنه لن يقضي في المنصب إلا مدتين، وسيقوم بتغيير النص بحيث لا يتعدى ذلك !!!
لكن ، ما حدث أن الضرورة أرجأت تحقيق هذا الوعد الرئاسي ، مرات ومرات ، حتى سمعنا رئيسنا يقول عقب تجديده للمدة الخامسة ، أنه سيعطي لمصر خالص جهده في منصب الرئيس حتى آخر نَفَس ولآخر دقة ينبض بها قلبه !!!
المنصب هام وخطير ، وواضح أن السُلطة مغرية جداً ، بحيث تجذب من يصل إليها كالمغناطيس الكهربائي ، فلا يستطيع أحد الإفلات منها ، إلا بالقوة القاهرة !!!
دعونا من ذلك الضعف البشري المتكرر ، حيث مازال حاضراً في الصورة وعدُ طازج شبيه يذكره –ولاشك- أعزائنا اليمنيين للرئيس علي عبد الله صالح !!!
فلنرى ، ماذا قال التراث المصري في هذا الأمر ؟؟؟
وتحديداً ما هو إتجاه الأمثال الشعبية ، التي أعتبرها – كما أقول دائماً “الماجنا كارتا المصرية” – دستورنا العرفي ، الأقوى ، والأصدق ، والأبقى تعبيراً عن خبرة الشعب ، ومبادئه الأساسية الحاكمة للمجتمع !!!
إذا بدأنا مسابقة ، أو لعبة ، فدائماً نقول : 1، 2 ، 3 ، ثم تكون البداية الجديدة !!
!
وإذا حاول شخص عمل شئ ، ولم يوفق في المرتين الأولى والثانية ، يقول هو ، ويُقال له : “التالتة تابتة” أي أن المحاولة الثالثة هي المرة الأخيرة والنهائية ، فلتنجح في محاولتك ، أو لتتنحى معطياً الفرصة لغيرك !!!
ما المانع أن نعيد حساباتنا ، ونلتزم بمنهجنا الدستوري الشعبي ، فبدلاً من المطالبة بمدتين إثنتين ، تشبهاً بالأمريكان وغيرهم ، فلنجعل المطالبة :
ألا تتعدى مدة الرئاسة ثلاث مدد ، سواء متتالية أو متباعدة ، مكتملة أو ناقصة !!!
بل إنني ذهبت ، وشطحت ، لأبعد من ذلك قليلاً !!!
فلنجعل عدد مرات إمكانية الترشُح لهذا المنصب الخطير هو : فقط ثلاث محاولات !!!
إننا بذلك ، نضمن تغيير الدماء بين كل المتنافسين على المنصب وليس فقط شاغله ، فمن ينجح لن يستطيع تولي نفس المنصب لأكثر من ثلاث مرات ، وإذا لم يوفق بعد نجاحه الأول ، فله محاولتين فقط للترشيح ، سواء نجح فيها أو لم ينجح !!!
ليس هذا فقط ، فهذا المطلب ، لو تم قبوله ، من الكتاب والسياسيين ، والمفكرين عامة ، فيمكننا أن نستفيد منه ، في كل المجالات ، وكل المناصب التي تتم عن طريق الإنتخاب الحر : النقابات ، الأحزاب ، المجالس المحلية ، البرلمان بشقيه : شعب وشورى ، وغير ذلك ، فتعدل كل القوانين ، بحيث يصبح :
حق الترشيح ، لأي منصب ، هو فقط لثلاث مرات ، وحتى نُحصن ذلك الإقتراح ، يمكن جعله مبدأً دستورياً !!!
الرجوع للحق فضيلة ، وشجاعة ، فقد كان رأيي في السابق أن يكون شغل منصب الرئيس لمدتين إثنتين فقط !!!
والآن أرى من الأفضل ، أن يكون التحديد لعدد مرات الترشيح ، بحيث لا تتعدى الثلاث مرات ، وأن يسري هذا الشرط على كل المناصب ، وفي جميع الإنتخابات ، سياسية ، إجتماعية ، رياضية …إلخ !!!
ما رأيكم ؟؟؟
وهل سبقني أحد للمطالبة بذلك ؟؟؟
أرجو المشاركة والإفادة بالرأي !!!
* المحامي بالنقض
وكيل مؤسسي حزب مصر الأم
samyharak@yahoo.com
http://samyharak.maktoobblog.com