نشر “الشفّاف” هذا الموضوع الممتاز لحسن خضر حول “الخلافة الإسلامية” في ٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، وقمنا بترجمته إلى الإنكليزية. وحيث أن التاريخ العربي، منذ ذلك الحين، قطع بضعة أشواط، إلى الخلف (إلى “أبو بكر البغدادي”، أو “الخليفة ابراهيم، مثلاً)ـ فقد ارتأينا إعادة نشره تعميماً للفائدة في هذا الزمن العاطل!
(الصورة المرفقة للسلطان-الخليفة “عبد الحميد” طبعاً)
*
تكلّم أكثر من ناطق باسم الإسلام السياسي في الآونة الأخيرة عن اقتراب موعد قيام الخلافة الإسلامية. هذا القول ناجم عن نشوة الفوز في الانتخابات البرلمانية في أكثر من بلد في العالم العربي.
كيف نفكرُ في أمر كهذا؟
أولاً، الخليفة حسب التقليد الإسلامي صاحب سلطتين، زمنية وروحية. وبهذا المعنى فإن طاعته واجب على رجال الدين والسياسة على حد سواء.
ثانياً، السلطتان الزمنية والروحية، حسب التقليد نفسه، عابرتان للحدود والقوميات، فهما فوق “القومية”، وفوق “الدولة” بالمعنى السياسي والجغرافي المألوف في الأزمنة الحديثة.
ثالثاً، تنطوي النقطتان السابقتان على عدد لا يحصى من المشاكل التي تحتاج إلى حلول مبتكرة وجديدة، أي لم تكن مألوفة في عهد ما قبل القومية والدولة الحديثة. من هذه المشاكل جنسية الخليفة، وآليات اختياره، وكيفية إنشاء سلطته، وضمان ديمومتها، وكيفية تطبيق سياسته، والخضوع لقراراته، وكيفية عزله إذا خرج عن إرادة “الأمة”، وكيفية نقل السلطة من خليفة إلى آخر (بالوراثة أم الانتخاب).
رابعاً، تندرج نقطتا الجنسية وآليات الاختيار في نطاق ما ندعوه في الأزمنة الحديثة بـ”الشرعية”، التي أصبحت وفي الأزمنة الحديثة، أيضاً، محكومة بضوابط من نوع الانتخابات، وصناديق الاقتراع، وتداول السلطة، وآليات المراقبة المالية والإدارية.
خامساً، الجنسية مسألة عويصة. ففي بعض مدارس التقليد الإسلامي ينبغي للخليفة أن يكون “قرشياً”، و”من الدوحة المحمدية”. وقد خضع هذا التقليد لاجتهادات مختلفة نجمت عنها انشقاقات مذهبية، وأشعلت نيران حروب أهلية وقبلية لا تعد ولا تحصى.
سادساً، فلنفكر في الآن وهنا، ولنفترض، جدلاً، أن ممثلي الإسلام السياسي وجدوا قُرشياًَ صالحاً، فهل سيقبل المصريون والعراقيون السوريون والليبيون والتونسيون والفلسطينيون واللبنانيون والجزائريون بالخضوع لسلطة حاكم كهذا؟ وماذا عن الأتراك والإيرانيين؟
وإذا قبلوا، فما هي الآليات المحتملة للتعبير عن هذا القبول: عن طريق صناديق الاقتراع، أم من خلال ممثليهم في برلمانات مُنتخبة؟ وماذا عن الإندونسيين والماليزيين والمسلمين الأوروبيين والأميركيين والصينيين والهنود، وعن ازدواجية الولاء في ظل أنظمة أميركية وآسيوية وأوروبية ترفض فكرة الولاء المزدوج.
ولنفكر بطريقة أخرى، لنفرض أن مصرياً من الإخوان المسلمين أو غيرهم نال هذا الشرف، فهل سيقبل السعوديون والقطريون والإماراتيون، خاصة وأن سلطاته زمنية وروحية، وطاعته من الضوابط الشرعية؟
سابعاً، وإذا افترضنا، جدلاً، أن القبول تحقق بقطع النظر عن الطريقة، وان الخليفة وقد أصبح معنياً بخير ورفاهية المسلمين قرر وقف “خراج” السعودية وقطر والإمارات والكويت لمدة ثلاث سنوات لإخراج مصر من محنتها الاقتصادية، فهل سيقبل السعوديون والقطريون والكويتيون والإماراتيون باقتسام عائدات النفط مع المصريين؟
ولنفرض، مرّة أخرى، أن هذه الدولة أو تلك عصَت واستعصت، فهل الحرب هي السبيل أم المفاوضات؟ هل سيكون من حق الخليفة تقرير السياسة النفطية، مثلاً، ومراجعة عقود التسليح والتسّلح، والتبادل التجاري مع الولايات المتحدة؟ وهل سيكوّن رأياً مستقلاً يتجاوز حسابات الدول القائمة بشأن إسرائيل والقدس ومعاهدات السلام؟
ثامناً، وإذا افترضنا، جدلاً، أنهم قبلوا بقطع النظر عن الطريقة، فهل سيقبل الجنرالات الباكستانيون بوضع مقدرات بلادهم النووية تحت أمرة حاكم من خارج البلاد؟ ولنفترض أنهم قبلوا، فهل سيقبل الصينيون والأميركيون والأوروبيون والهنود؟
تاسعاً، ماذا عن إيران، وعن الشيعة في العالمين العربي والإسلامي، فالخلافة مؤسسة سنيّة.
عاشراً، فلنضع كل فكرة السلطة السياسية، ونظريات علوم السياسة والاجتماع، في الأزمنة الحديثة جانباً.
الخلافة في آخر تجلياتها، أي في إمبراطورية بني عثمان سقطت لأسباب داخلية وخارجية. داخلية لأن تنامي النـزعة القومية بين مختلف شعوبها أطاح بها، وخارجياً لأن الدول الغربية أرادت اقتسام أملاكها. بهذا المعنى، فإن النـزعة القومية مسؤولة عن انهيار الخلافة. وهذه النـزعة أقوى ألف مرّة، في الوقت الحاضر، مما كانت عليه قبل مائة عام، خاصة وقد نجحت في إنشاء مؤسسات دولانية وهويات محلية.
وبقدر ما يُسعفنا التاريخ، فإن التجليات الجنينية لتلك النـزعة، والتمركزات الجهوية والقبلية والإثنية حوّلت سلطة الخليفة على امتداد القسط الأعظم من تاريخ الإسلام إلى سلطة رمزية، بينما أنشأ الحكّم المحليون ممالك وسلطنات وولايات لا تخضع بالمعنى الإداري والسياسي لسلطة الخليفة، الذي أصبح في حالات بعينها رهينة لدى حّكّام أقوياء في هذه الولاية أو تلك.
وفي السياق نفسه، إن وجود الحزب نفسه، أو الأيديولوجيا نفسها، في بلدين مجاورين أو غير مجاورين، لا يعني، بالضرورة، النجاح في توحيد البلدين تحت سلطة واحدة. “البعث” في سورية والعراق فشل في ذلك رغم الكلام عن الأمة العربية الواحدة والرسالة الخالدة. والماركسية في الاتحاد السوفياتي والصين فشلت أيضاً، رغم كل الكلام عن الأممية والطبقة العاملة والإمبريالية.
هل يمكن في الأزمنة الحديثة إنشاء هويات “فوق دولانية” و”فوق قومية”؟ كان الاتحاد السوفياتي إمبراطورية متعددة القوميات واللغات والثقافات، لكنه انهار لأن الهوية السوفياتية لم تكن قادرة على صهر القوميات واللغات والثقافات في إطار واحد موّحد. أميركا، أيضاً، إمبراطورية، لكن “الخليفة” الأميركي لا يملك حق البقاء في سدة الحكم أكثر من ثماني سنوات.
فلنحوصل: الخلافة أمر غير ممكن. لدينا في الوقت الحاضر نموذج نبيل العربي والجامعة العربية، ونموذج إحسان أوغلو ومنظمة المؤتمر الإسلامي. هل ثمة إمكانية لتجاوز هذين النموذجين، وهل ثمة من إجابات غير بلاغية على النقاط الواردة من أولاً وحتى تاسعاً؟
هذه أسئلة مفتوحة على سبيل البيان والتبيين في خلافة المسلمين.
khaderhas1@hotmail.com
* كاتب فلسطيني- برلين
البيان والتبيين في خلافة المسلمين..!! فكرةالخلافةاٍنتهت زمنياواقليمياوديمقراطيا هناك فرق بين الأماني الطيبة والواقع الحادث والموجود فعلا منذ خلافة عثمان -رضي – ما عدا شذرات من العدل الاٍجتماعي – الى الآن لم يستطع أي من الحكام المسلمين في كل البلاد التي تقول بأن دين الدولة الاٍسلام أن يطبقوا أى شىء من هذه الوصايا ، وهنا نواجه بالسؤال لماذا ؟ والجواب لأنه أولا: ليس هناك من مقياس للاٍيمان ، فاٍيمان الحاكم سر بينه وبين ربه . وثانيا : ليس هناك من رقابة شعبية أو مؤسساتيةعلى الحاكم وحاشيتة في أي من البلاد التى تدين بالاْسلام . ان اٍرهاب الدولة وسيطرة أجهزة المخابرات وتحكمهم… قراءة المزيد ..
البيان والتبيين في خلافة المسلمين..!!
الأستاذ حسن خضر
مقالك عقلاني .. ومهم في التأكيد على وهم يعيشه ويعمل لتحقيقة الأخوان المسلمين. ولكنك توقعت وانت تكتب المقال أن كلّ قراء مقالك مطّلعون على تصريحات الأخوان والأسلاميين بشأن أعادة الخلافة.. كنت أتمنى لو وضعت روابط لتلك التصريحات لكي نعرف من صرّح وماذا قال..
البيان والتبيين في خلافة المسلمين..!! كلام خيال واضغاث احلام ولو اجتمع كل المسلمون على تحقيقه فلن يحدث هكذا الا اذا تمكنوا من اسباب القوة والمنعة وهذا لن يحدث لأن الآخرين ليسوا حفاة رعاة ينتظرون كرم الخلافة بطاسة نفط وإقط!! حقيقة عواطف المسلمين للخلافة والدولة الواحدة هي عواطف الاسلام السياسي والذي يتسلقها فقط للوصول للسلطة واذا وصل هذا كافي وسترون. وحين يصل كل فريق اسلامي للحكم في دولة اسلامية ستبدأ بل هي بدأت اصلا اي المناهج او المذاهب اقرب لتلك الدولة او تلك ثم الدخول في دائرة حروب الطوائف. الم نقل بأن دولة الخلافة كانت ضرورة في وقت مضى ثم تجاوزها… قراءة المزيد ..
البيان والتبيين في خلافة المسلمين..!! جحظت عيناي وأنا أتفرج على هذه الصور ، فمنها ما لم اره سابقا. و بالرغم انه لم يكن هناك دستور1895 ، و أن إعلان المشروطية حصل بعد الإطاحة ب”السلطان أبن السلطان عبد الحميد خان خلّد الله ملكه إلى يوم الدين”في 13 آذار 1908،على يد الجيش الأول ومركزه سالونيك و مع وجود”ثورة مضادة”قامت باعتقال كل من رتبته ملازم و ما فوق! بينما بقي الجيش الرابع و تمركزه في ولايات : بيروت و الموصل و بغداد و البصرة و الحجاز و سنجق القدس ، بقي مواليا شهرين بعدها لعبد الحميد. بالرغم من كل هذا فإن الكاتب أبدى… قراءة المزيد ..