خرج زوار الصرح البطريركي في بكركي أمس جميعهم راضين مما سمعوه من سيد الصرح البطريرك الراعي إذ أن لغبطته لكل مقام مقال!
فقادة من قوى الرابع عشر من آذار سمعوا من الراعي أن كلامه تعرض للتحريف وأنه لم يتخل عن الثوابت الكنسية وأنه هو من ابرز المساهمين في كتابتها، وأنه سيعالج سوء الفهم الذي نتج عن هذه التصريحات خلال جولاته الراعوية، واعدا القيادات من قوى ثورة الارز بتصحيح ما بدر عنه في شأن الوضع السوري والموقف من سلاح حزب الله!
اما الجنرال عون فكان واضحا الارتياح على محياه وإبتسامة الرضا التي ظهرت على وجهه وهو يدردش مع الصحافيين عقب خروجه من لقاء الساعة ونصف الساعة مع الراعي.
ويبدو أن غبطته كرر مع القوى السياسية المختلفة التي زارته أمس واقعة مدافن قرية دفون في بلاد جبيل (كما كتب ايلي الحاج في “النهار”) فخرجوا جميعهم وفي نفوسهم قلة ثقة بالبطريرك في الحد الأدنى.
مصادر قريبة من الصرح البطريركي اعتبرت أن الراعي يعني كل كلمة قالها في باريس بشأن موقفه من الاقليات وسلاح حزب الله وإعطاء المزيد من الفرص لنظام الاسد!
وعزت المصادر موقف الراعي الى مجموعة من المقربين يحيطون به وهم في مواقع قرار كنسية ورهبانية متعددة من الذين يزودون الراعي بالأضاليل والتوجسات.
ومن أبرز هؤلاء، الاب كميل مبارك رئيس جامعة الحكمة، الاب عبدو بو كسم رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام، رئيس رهبنة المريمين الاب ايلي ماضي، الاب طوني خضرا رئيس مؤسسة لابورا، والاب الممثل والمطرب فادي تابت، والاب توفيق بو هدير، وحبيب يونس وسواهم..
وتضيف المصادر أن بعض هؤلاء على قناعة بأن مخطط تقسيم سوريا أصبح ناجزا، وهو سيكون وفق ترتيب قائم على قيام دولة أقليات مسيحية شيعية وعلوية تمتد من لواء الإسكندرون بعد إستعادته من تركيا وصولا الى شمال فلسطين.
وأن هذه الدولة ستكون ملجأ لمسيحيي العراق وسوريا ولبنان إضافة الى العلويين والشيعة. وفي حسابات الديموغرافيا فإن عدد المسيحيين في هذه الدولة سيكون قرابة 6 ملايين وسيكونون عدديا أكثر من العلويين والشيعة.
وفي حين لم يأت منظروا فلسفة التقسيم “المضحكة” هذه من المقربين للبطريرك الراعي على ذكر مصير الموحدين الدروز في دولتهم الموعودة! إلا أنهم تدبروا أمر “السنة” من خلال العمل على ترحيلهم من طرابلس وبانياس وطرطوس وغيرها من المدن الساحلية الىالداخل السوري بحيث تكون الدولة الموعودة بعرض الدولة اللبنانية الحالية وعلى طول الساحل الممتد من تركيا الى شمال فلسطين ويكون “السنّة” في دولة في الداخل السوري من دون منافذ بحرية.
وفي النهاية، فـ”الشفاف” هنا لا يكشف “مؤامرة”، لأن قيمة هذه “الهلوسات” الكهنوتية ليست أكثر من قيمة الحبر الذي تُكتَب به. وهي بقيمة مشروعات بن لادن لبناء “إمارته” الإسلامية التي كان يُفتَرَض أن تضم باكستان والهند (بعد فتحها) وأفغانستان. أو بقيمة مشروع “ولاية الفقيه الإيراني” الممتدة من طهران إلى كفرشوبا..! وهذا، إلا إذا فضّل القارئ أغنية قديمة للسيدة “صباح” عنوانها “عالبطاطا البطاطا، يا عيني عالبطاطا”!
وقديما قيل “العقل زينة”!
تحذيرات من رجال أعمال مسيحيين في الخليج
وفي سياق متصل تنادى العديد من رجال الأعمال اللبنانيين من الذين يعملون في الخليج العربي لتشكيل وفد للقاء الراعي لتحذيره من مغبة الإستمرار في إطلاق المواقف العشوائية في حق الطائفة السنية. وفي يقين هؤلاء أن تهور امين عام حزب الله أدى الى طرد العديد من الشيعة اللبنانيين من الخليج العربي، وأتهم لا يريدون ان يتسبب تسرع الراعي ومواقفه المسطحة في تهجير المسيحيين من الخليج أسوة بنظرائهم الشيعة.
البطريرك تراجع ولكن “هلوسات” الأقلويين منتشرة في الوسط الكهنوتيبالفعل يصعب على المراقب فهم ذهاب أشخاص متعلّمين ومبدئياً مثقفين ودون الاسترجاع بصفات بعضهم الروحية، إلى تصوّر ترتيبات جيوسياسية كالواردة في المقال هنا. إذ أن هذه الترتيبات لا تقيم وزناً لأي من العوامل المحدِّدة عادة لتكوّن مجموعات بشرية بصيغة منظمة، فعلى شكل دول بالمعنى التاسع عشري الأوروبي الحديث، مقتصرة على الشارة الطائفية-الدينية دون سواها. لا انسجام نظرياً عقائدياً ولا اقتصاد ولا لغة ولا تاريخ ولا جغرافيا ولا قوة راكزة ولا حتى عدو مشتركاً مفترضاً أو واقعياً. فقط التلوينة الطائفية، وفي مقابلها “تهديد” سني لا أثر له بتاتاً بحدّ ذاته لا في الخطاب… قراءة المزيد ..
البطريرك تراجع ولكن “هلوسات” الأقلويين منتشرة في الوسط الكهنوتي
بالفعل سيد مروان: العقل زينة. نحن ندافع عن الحق ونحذر مما نسبته إلينا خطأ. با ليتك تقرأ ما قاله البطريرك، وإذا قرأت تفهمه على حقيقته، وإذا فهمته على حقيقته، بشر به، فتسلم الأنام جميعًا، لأنه قائم على الشركة والمحبة.
شكرًا لأنك أعطيتني شرفًا لم يتسن لي، وهو أن أكون من ضمن حلقة القرار المحيطة بصاحب الغبطة، فأنا لست سوى مؤمن يتبع هذه الكنيسة، وإن كنت في ممارستي وعقيدتي السياسية علمانيًّا صافيًا.
حبيب يونس