الازمة التي نشبت في دولة البحرين بين السلطة والمعارضة، لم تنته بعد. ولم يؤسس دخول قوات درع الجزيرة الى هذه الجزيرة الصغيرة اثر انتفاضة 14 شباط، لحل فعلي لأزمة ممتدة بين المعارضة والعائلة الحاكمة. ولم يعد خافيا ان الازمة تعقدت وما حققته المعارضة من مكاسب طيلة العشرين سنة الماضية قد انهار. لكن، في المقابل، لم تحقق السلطة الاستقرار المطلوب لتدخل ازمة البحرين بقوة في صراعات اقليمية حادة تكاد تبتلع المطالب الداخلية بعدما دخلت في المواجهة السعودية الايرانية المرشحة الى مزيد من التصادم في المرحلة المقبلة.
قبل ايام زار لبنان احد اعضاء البرلمان البحريني القريب من العائلة الحاكمة. لم يكن القادم في زيارة سياحية الى لبنان، بل يحمل في جعبته هواجس قد تتجاوز ما لدى شخصيات المعارضة البحرينية حيال مستقبل هذه الدولة، ويحاول قراءة هذه الهواجس واختبارها في آراء بعض الجهات اللبنانية السياسية ولدى المراقبين. عبّر الزائر عن قلق الحكومة البحرينية مما وصفه بتدخل ايراني في بلاده، وهو تدخل بحسب تعبيره يتم في جزء اساسي منه عبر حزب الله، مشيرا الى
معطيات لدى حكومته الى ان حزب الله قام ويتجه الى القيام بخطوات تستهدف امن البحرين وحتى دول الخليج عموما.
الزائر ذهب بعيدا في اظهار ان ما جرى في البحرين وان كان يتضمن بعدا داخليا، فهو باعتقاده كان نتيجة التدخل
الخارجي ولاسيما الايراني، ويستحضر في هذا السياق بعض الشعارات التي رفعت من قبل المتظاهرين والمواقف التي صدرت عن بعض شخصيات المعارضة التي ذهبت الى حد المطالبة بدعم ايران و باسقاط النظام.
يبدي المسؤول البحراني اهتماما بالغا بمساعي السلطة لاعادة اطلاق الحوار الداخلي. لكنه في المقابل يعتبر ان ما يعوق مثل هذه الخطوات وامكانية نجاحها هو التدخل الايراني. سمع المسؤول البحريني في بيروت كلامين واحد يذهب الى مزيد من تحريض السلطة على المعارضة باعتبارها امتداداً لنفوذ ايراني، وآخر، منهم كاتب هذه السطور، يشير بوضوح الى ان الاعباء الخارجية لا تلغي المسؤولية لدى السلطة حيال التفاعل مع مسار الاصلاحات التي باتت امرا لا مفر منه، وهو امر يمكن ان تؤجله السلطة الى حين لكنها لن تستطيع تجاوزه. وسمع ايضا ان التدخل الخارجي ايا كان هذا التدخل ما كان ليحصل لولا المنافذ التي اتاحتها ادارة الحكم . وبهذا المعنى ليس من الحكمة بمكان القيام بما تؤكده تقارير غربية موثوقة عن عمليات التجنيس المستمرة لمواطنين عرب وغير عرب بهدف لاحداث توازن مذهبي بين السنة والشيعة في هذا البلد. مع ما يخلق ذلك ايضا من مشكلات تتجاوز الجانب المذهبي الى تناقضات اجتماعية ناشئة عن التمييز الذي يجعل من المجنسين في موقع متقدم في الحقوق والمكاسب على فئة واسعة من المواطنين.
والى هذا السلوك المستفز والمثير لنعرات مذهبية، تتشكل السياسات الاقتصادية والتنموية في حيّز كبير منها على قواعد التمييز بين فئات المجتمع لحساب المحيطين بالسلطة وبشكل تعسفي، الى الحد الذي فقد مواطنو هذه الجزيرة اي منفذ متاح على الشاطىء بسبب استثمار الاملاك العامة على الشاطىء من قبل المتنفذين.
لا شك ان ابناء البحرين يدركون ان احدا لا يريد تحقيق الاستقرار في هذا البلد، اكثر من ابنائه. ومن هنا، وازاء الحديث عن التدخل الخارجي سواء الايراني او الخليجي، والسعودي تحديداً، لا بد من الاشارة الى ان المشهد البحريني انتقل من ازمة محدودة ضمن حدود هذه الدولة الى خارجها. لقد نجحت التدخلات الخارجية وسوء الادارة السياسية للسلطة البحرينية، وعدم قدرة المعارضة على تقدير الموقف الاقليمي لتحديد جرعة الاصلاحات الممكنة، كل ذلك ادى الى تحويل مطالب الاكثرية الشيعية في البحرين الى مشكلة او مطالب اقلية شيعية في الخليج. واذا كان هذا التحول المدروس او المفروض، قد حال دون نشوء نظام موالٍ لايران في البحرين، كما ينوّه بعض مؤيدي التدخل الخليجي، فان ذلك في المقابل يتيح لايران استثمار التململ الشيعي في البحرين وغيرها من دول الخليج مستفيدة من نفوذ مجاني يؤمنه التأزم المذهبي.
ازمة البحرين تطرح الى جانب تحديات الاصلاح السياسي في هذا البلد، ازمة مقاربة المسألة الشيعية من زاوية الحد من تسرب الصراعات الاقليمية الى داخل دول الخليج. وهو بالتالي يتطلب من القيادة البحرينية او القيادة السعودية تلافي تداعيات هذا الصراع على الخليج العربي عموما بتحقيق اصلاح سياسي جدي هو كفيل بذاته بعدم الانزلاق نحو خلق مسألة شيعية في الخليج.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
* البلد
البحرين بين الثورة والخارج
هل نفهم من كلامك ان الاصلاحات والديمقراطية التي في بلدكم هي التي مكنت ايران من امتلاك لبنان واستخدامه للمقايضة مع الغرب لحماية اسرائيل. لو ان الامر مجرد اصلاح وحقوق للشيعة في الخليج لهان الامر ولما استعصت المشكلة على الحل لكن يبدو ان الجمهورية الايرانية النصر الاهية في الضاحية والجنوب واحتلال بيروت والاحتكام للسلاح ومصادرة قرار لبنان بالسلم والحرب والتنقيب عن النفط وادخال الجيش في ثكناته لم تجيبكم بعد على الاصلاحات التي تريدها ايران والشيعية المتطرفة وحتى ذلك الحين اين هو لبنان الان هل هو جمهورية عربية ام ايرانية فارسية؟؟