هل تحوّل المتوسّط إلى مقبرة للنفايات السامة تحتوي على أكثر من 30 سفينة تم إغراقها بحمولاتها من النفايات السامة؟ وما هي “حصّة” سوريا ولبنان خاصةً، والسواحل العربية الأخرى، من هذه السفن الغارقة؟ وهل ينبغي على الأمم المتحدة إعلان “حالة طوارئ” بيئية في المتوسط؟
فقد كشفت جريدة “لوموند” في عددها الصادر اليوم أن السفينة الغارقة “كونسكي” Cunsky التي تم العثور على حطامها على عمق 487 متراً وعلى مسافة 14 ميل من ساحل “سيترارو” في “كالابريا” كانت في طريق العودة من لبنان حينما قرّرت “المافيا الكالابرية” إغراقها في البحر. وقد تمّ كشف السفينة الغارقة بفضل إعترافات “تائب” من المافيا.
ونقلت “لوموند” عن الصحفي في جريدة “إل مانيفستو” الشيوعية، “أندريا بالادينو” أنه في “الفترة نفسها تعرّضت 3 سفن أخرى لمصير مماثل: وهذه السفن هي L’Yvonne A وVorias Sporadies وJolly Rosso، التي اختفت جميعاً مع حمولتها من النفايات السامة. وهذه السفن كانت جزءاً من قافلة أبحرت، في العام 1989، إلى لبنان لكي تسترجع مئات الآطنان من النفايات السامة التي كانت محمّلة على سفينة أخرى، تدعى “لينكس” Lynx. وكانت النفايات المذكورة من مخلّفات مصانع أدوية ومصانع كيميائية إيطالية. ومقابل 500 “أورو” للطن الواحد كانت شركة Jelly Wax، ومقرّها في “ميلانو”، تؤمّن التخلّص من نفايات المصانع الإيطالية في بلدان العالم الثالث. وحيث أن “كلفة” التخلّص من النفايات في العالم الثالث لم تكن تتجاوز 30 “أورو” للطن الواحد، فإن أرباح الشركة كانت خيالية. إن السفينة “لينكس” Lynx كانت قد أبحرت إلى “جيبوتي” ثم “فنزويلا” وأنهت رحلتها في لبنان. ولكن جميع هذه الدول رفضت السماح لها بإفراغ حمولتها”.
وحسب الفرضية المرجّحة فإن رفض 3 الدول للسفينة “لينكس” دفع الوسطاء إلى استخدام وسائل أكثر حسماً، فعهدوا إلى المافيا الكالابرية (N’dranghettaà بالتخلّص من السفن وحمولتها.. عبر إحداث إنفجار فيها يؤدّي إلى غرقها. وكانت منظمة “غرين بيس” قد ألمحت إلى هذا الخطر في العام 1995، ولكن الحكومة الإيطالية استخفّت بذلك الإحتمال. وهذا مع أن قضية النفايات السامّة أدّت في العام 1994 إلى اغتيال صحفيين إيطاليين في “الصومال” أثناء محاولتهما التحقيق حول هذا الموضوع.
ويقول القاضي الإيطالي “غيوردانو” المكلّف بالملفّ أنه “إذا كان إكتشاف السفينة الغارقة “كونسكي” قد أثبت صحّة إعترافات التائب من المافيا، فذلك يعني أن هنالك سفينتان أخريان، على الأقل، غارقتان قبالة الساحل الإيطالي وتحتويان على حمولات سامّة. أي أن هذه القضية باتت تهمّ إيطاليا كلها”.
وقد صرّح “سيباستيانو فينيري”، وهو نائب رئيس جمعية Legambiente المدافعة عن البيئة أن “المشكلة الآن لم تعد مشكلة منطقة كالابريا أو حتى إيطاليا، بل مشكلة البحر المتوسط كله”. وتنوي الجمعية نقل الموضوع إلى المجموعة الأوروبية وإلى الأمم المتحدة بهدف إعلان “حالة طوارئ” بيئية في المتوسط.