مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية يكثف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله من طلاته الاعلامية، وهو المقلّ بها عموما، ويوزع مواقفه في الشؤون المحلية والعربية والاقليمية، كما اعلن الاستنفار في صفوف عناصر حزبه على خلفية المناورات الإسرائيلية المقبلة.
مراقبون عزوا مواقف نصرالله الى سلسلة متغيرات ابرزها على المستوى المحلي إضطلاع الدولة اللبنانية من اجهزة امنية وحكومية بمهامها في شأنين لطالما اعتبرهما نصرالله وحزبه خاصين بهما:
الاول قيام السلطات اللبنانية بالطلب الى قيادة قوات الطوارىء الدولية اليونيفيل باستيضاح السلطات الاسرائيلية بشأن اهداف المناورات العسكرية واتخاذ التدابير اللازمة بالتزامن مع مع المناورات.
اما الشأن الثاني فهو اكتشاف وتفكيك شبكات التجسس الاسرائيلية واعتقال افرادها والمتورطين فيها، وإذا صحّت المعلومات فإن ثلاثة من بين المعتقلين هم من قيادات حزب الله.
وإذا أضيف الى ما سبق عدم قيام حزب الله بأي عمل يذكر من اعمال المقاومة ضد اسرائيل منذ توقف الاعمال العسكرية في تموز من العام 2006، وتحوّل سلاح الحزب نحو الداخل اللبناني، خصوصا في السابع من ايار الماضي والاحداث الامنية المتنقلة من البقاع الى الشمال الى العاصمة اللبنانية، مما يضع وجود الحزب العسكري وسلاحه على بساط البحث، خصوصا وان مقاومة اسرائيل ليست متاحة حاليا امام الحزب مما يفقده المزيد من شرعية حمل السلاح.
على المستوى الاقليمي تزامن اعلان استنفار حزب الله مع إطلاق الصاروخ الإيراني “سجيل 2″ القادر على بلوغ الأراضي الإسرائيلية (20-5-2009)، وهما أي الاستنفار والصاروخ، بمثابة إشارة قوية إلى أن إيران جاهزة للرد على ما يمكن أن يستهدفها، وإلى أن حزب الله يمثل أحد الأذرعة الإيرانية التي وضعت في حالة التأهب القصوى.
والى ما سبق، يبدو ان السيد نصرالله يمعن في الاستخفاف بالقوات الدولية والقرار 1701 (خطابه في 15 أيار الجاري) ما اعتبره مراقبون بمثابة تهديد لهذه القوات. فرفع من ما وصفه بـ”الاجراءات الاحتياطية” التي لا تأخذ في الاعتبار وجود القوات الدولية وصولا إلى مستوى تهديد وجود هذه القوات بكاملها وإلغاء القرار 1701 عمليا مكرسا موقفه السابق الذي لا يعطي للقوات الدولية أي دور في حماية لبنان كما جاء في مندرجات القرار الدولي 1701 وبيان الحكومة الحالية الذي نالت على اساسه الثقة.
وفي سياق متصل اقليميا، اشارت معلومات لـ”الشفاف” ان ثمة معطيات جديدة تؤشر إلى العودة إلى التضامن السوري-الإيراني، على خلفية تطورات المنطقة التي تحشر الطرفين، خصوصا استمرار الادارة الاميركية الجديدة في اعتماد سياسة اليد الممدودة الى ايران، مما يضع لبنان مجددا في دائرة الضوء للاستخدام كصندوق بريد ايراني – سوري لتوجيه رسائل الى المجتمع الدولي، خصوصا عند الاستحقاق الاول الذي ينتظره اللبنانيون والمجتعين العربي والدولي وهو الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي هذا السياق تشير المعلومات الى انه وفي اجتماع لقادة المعارضة في دمشق بداية الأسبوع الماضي مع مسؤولين سوريين كبار للبحث في موضوع المعركة الانتخابية، اتفق المجتمعون على رفع وتيرة التنسيق، والتركيز على خرق لوائح 14 آذار في مناطق قوتها، بهدف وصول المرشحين التالية أسماؤهم إلى البرلمان: وجيه البعريني (عكار)، عمر كرامي (طرابلس)، عبد الرحيم مراد (البقاع الغربي)، جبران باسيل (البترون). ولهذه الغاية تضيف المعلومات تم إدخال ضباط أمن سوريين جدد إلى عكار وطرابلس والبقاع، إضافة الى تصعيد الحملة على رئيس الجمهورية والتركيز على انقاذ وضع ميشال عون الانتخابي، نظرا لتدهور وضعه الميداني.
وتضيف المعلومات ان من ابرز مؤشرات الدخول السوري على خط الانتخابات النيابية اللبنانية هجوم وكالة “شام برس” على صاحب جريدة الديار شارل أيوب الذي شن هجومه المعلوم على العماد عون الأسبوع الماضي، وإعلان انضمام سليمان فرنجيه في حال نجاحه إلى “تكتل الإصلاح والتغيير”، والكلام عن مساع جديدة لحل الخلاف في جزين بين بري وعون.
كما اتفق المجتمعون برعاية سورية على لقاء أواخر الشهر الجاري من اجل تقويم الموقف الانتخابي واتخاذ القرار النهائي بشأن إمكان تأجيل الانتخابات .
وإزاء ما تقدم يطرح المراقبون تسؤلات عدة بشأن ما إذا كانت الانتخابات النيابية المقبلة ستحصل في موعدها، وفي ما إذا كان التحول السوري قابلاً للعودة إلى الالتزام بـ”دفتر الشروط الدولية” قبل حصول الانتخابات، أم أنه سيستمر ويتصاعد؟ وفي هذه الحال، ما هو مصير الانتخابات إذا رأى النظام السوري أنها خاسرة لا محالة؟
من جهة ثانية وضع حزب الله الانتخابات النيابية المقبلة، بما في ذلك احتمال “تأجيلها” على “إيقاع إقليمي”. من دون استبعاد التوتيرات الداخلية، والتي يمكن أن تؤدي إلى النتيجة نفسها (أي التأجيل) إذا اقتضت مصلحة حزب الله.