يعتبر الإصلاحي مهدي كروبي في نظر الكثير من المراقبين أكثر المرشحين ليبرالية في انتخابات الرئاسة الإيرانية، وهو رجل دين معتدل ومن المرجح أن يحصد أصواتا كثيرة من النساء والشبان والمثقفين، لكنه قد لا يستطيع أن يضاهي الإصلاحي مير حسين موسوي في منافسة الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد، وذلك لأسباب عديدة يأتي على رأسها أن غالبية المنتمين للتيار الإصلاحي، وفي مقدمتهم الرئيس السابق محمد خاتمي، باتوا يراهنون على موسوي في منافسة نجاد.
وفي عرض لتاريخ كروبي تقول وكالة رويترز للأنباء إنه انتقل إلى المعسكر الإصلاحي حين تولى خاتمي الحكم عام 1997. وتضيف بأن بعض الذين كانوا يأملون في حدوث تغيير جذري إصلاحي في إيران، ينحون باللائمة عليه وعلى خاتمي لأنهما لم يصمدا في وجه المؤسسة الدينية المتشددة. لكن كروبي مؤيد لتحرير الاقتصاد وتحسين العلاقات مع الغرب، وقد اتهم الرئيس نجاد بعزل إيران من خلال “انتقاداته اللاذعة” للولايات المتحدة و”نهجه القتالي” تجاه سياسة إيران النووية و”استخفافه” بالمحرقة النازية. وقال في ندوة انتخابية في مارس “سياستنا سياسة وفاق. نريد التفاعل مع العالم بأسره، باستثناء إسرائيل”. وأثناء زيارة انتخابية إلى مدينة أصفهان، قال إن “ائتلافا من مختلف الأطياف يقدم لي المشورة في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. هذا هو مفتاحي للنجاح”. وهو يعتبر المرشح الوحيد الذي شكل حزبا باسم “اعتماد ملي” أي الثقة الوطنية.
كما انتقد كروبي مسئولي الحرس الثوري لانحيازهم لنجاد على الرغم من حظر مشاركة القوات المسلحة في السياسة. ويعمل الحرس الثوري وقوة البسيج التابعة له المشكلة من متطوعين قوامها 12 مليون شخص، بالتوازي مع الجيش الإيراني. وقد قال كروبي بعد تسجيل اسمه كمرشح رئاسي في التاسع من مايو “نحن هنا لإجراء انتخابات حرة دون تدخل البسيج أو القوات المسلحة أو القوات المارقة”.
ويقول المحللون السياسيون إن كروبي ربما يقع تحت ضغوط لينسحب من المنافسة الانتخابية تجنبا لانقسام أصوات الإصلاحيين لتفادي فوز نجاد، لكن أوساطا قريبة من كروبي تنفي ذلك. وأيا كان من سيفوز بالانتخابات، سواء كروبي الليبرالي أو موسوي الإصلاحي أو نجاد المتشدد أو محسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري، فإنه لن يتمتع سوى بسلطة محدودة في نظام الجمهورية الإسلامية.
ففي استفتاء أجري بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وافق الإيرانيون بأغلبية ساحقة على إقامة جمهورية إسلامية لتحل محل النظام المَلكي للشاه. وفي وقت لاحق من ذلك العام أيد الإيرانيون دستورا جديدا لنظام يجمع بين عناصر الديموقراطية والزعامة الدينية غير المنتخبة. وبالتالي يصبح الرئيس المنتخب، أيّاً كان، تابعا للزعيم الأعلى المعين أو ولي الفقيه. وعلى نفس المنوال يلقي مجلس صيانة الدستور بظلاله على الشأن السياسي الإيراني. ويتكون هذا المجلس من 12 رجل دين وقاض شرعي غير منتخبين لهم سلطة رفض أي تشريع يتنافى مع فهمهم للدين الإسلامي وحق الاعتراض على المرشحين لانتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية.
وتجيء سلطة الرئيس في المرتبة الثانية بالمقارنة بسلطات ولي الفقيه أو الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وعلى صعيد الممارسة تقيد مجموعة من الأجهزة غير المنتخبة يسيطر عليها رجال دين متشددون حرية تصرف الرئيس. ودعمت هذه الأجهزة، ومن بينها مجلس صيانة الدستور، الرئيس أحمدي نجاد منذ انتخابه عام 2005.
ويعتبر الرئيس الإيراني مسئولا عن السياسة الاقتصادية، ويتولى إدارة الشؤون اليومية للدولة، كما يرأس المجلس الأعلى للأمن القومي الذي ينسق سياسات الدفاع والأمن، ويستطيع توقيع اتفاقيات مع حكومات أجنبية والموافقة على تعيين السفراء، أما القضايا الأكبر حجما فيتركها للزعيم الأعلى.
فالزعيم الأعلى، الذي يعيّنه مجلس من كبار رجال الدين يتم انتخابهم في اقتراع شعبي، له الكلمة الفصل في أمور مثل السياسة النووية والعلاقات الخارجية، خاصة القرار المتعلق بتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. كذلك يحدّد الزعيم الأعلى الخطوط العريضة للسياسة الداخلية والخارجية، ويسيطر بشكل مباشر على القوات المسلحة ووكالات المخابرات، ويعيّن رئيس السلطة القضائية ورئيس هيئة الإذاعة الحكومية إلى جانب مناصب مهمة أخرى. ويوجد ممثلون شخصيون للزعيم الأعلى في مختلف المؤسسات الحكومية والأقاليم والمناطق. لذلك، لايستطيع المرشحون للانتخابات، الإصلاحيون منهم أو المحافظون، إجراء تغيير – مثلا – في السياسة النووية لأن هذا النوع من التغيير يقرره خامنئي، رغم أنهم أظهروا اختلافات طفيفة في طريقة تعاملهم مع هذا الموضوع. فأي من المرشحين الأربعة للانتخابات الرئاسية لم يشر إلى أن ايران تستطيع معالجة مخاوف الغرب بشأن برنامجها النووي. وفي موضوع العلاقات مع الولايات المتحدة قال جميع المرشحين إنهم منفتحون على فكرة استئناف العلاقات، لكنهم جميعا يطالبون بتغييرات أساسية في سياسة واشنطن تجاه إيران، وهو ما ردده قبلهم الزعيم الأعلى.
تقول دراسة أعدها مركز الدراسات العربية الايرانية في لندن إن مشكلة الشعب الإيراني تكمن في صعوبة التخلص من سلطة الزعيم الأعلى أو سلطة من هو مفروض من السماء، بينما لم يكن القضاء على شاه إيران بحاجة إلى أكثر من بضعة شهور من التظاهرات والمسيرات.
وتقول المادة الخامسة من الدستور الإيراني حول ارتباط ولي الفقيه بالسماء “في زمن غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه تعتبر ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الولي الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر والشجاع القادر على الإدارة والتدبير ممن أقرت له أكثر الأمة وقبلته قائدا لها”.. ويقول آية الله منتظري (النائب السابق لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني، والمعزول راهنا) في أحد اجتماعات مجلس الخبراء في الأشهر الاولى بعد انتصار الثورة معلقا على حدود سلطة ووظائف ولي الفقيه إن سلطة الولي هي “بلا حدود” نظرا لأنها سلطة إلهية حيث يقوم ولي الفقيه بتنفيذها خلال غيبة ولي العصر (الإمام المهدي)، لكن منتظري غيّر رأيه راهنا وطالب بتعديلات في الدستور الإيراني تمس سلطات الزعيم الأعلى.
وكان التنافس بين الإصلاحيين وبين ولي الفقيه منذ أصبح خاتمي رئيسا للبلاد، هو تنافس بين الشعارات المرفوعة والبرامج المطروحة لدعم الديموقراطية في إيران من أجل تعديل الدستور وتصحيح الصلاحيات الممنوحة لكل من الرئيس وولي الفقيه، وبين فكر الولاية المرتبط بالسماء والقائم على مبدأ فرض “الوصاية” السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية على المجتمع.
يقول مؤسس الجمهورية الإسلامية حول وصاية الفقيه على السلطة والدولة “إن دستورية الحكومة الاسلامية لا تعني أن صلاحية القوانين ونفاذها مشروطان بمصادقة الغالبية عليها بل تعني أن الحكام أنفسهم خاضعون لمجموعة من الشروط والمعايير التي جاءت في الكتاب والسنة في مسألة الحكم، وبما أن الفقهاء يدّعون إنهم وحدهم الذين يمتلكون شروط معرفة ما جاء في الكتاب والسنة وتفسيره فإنه ليس من المقبول أن تخضع مراكزهم وأدوارهم للإنتخاب والتصويت من قبل الناس أو العامة الذين يجهلون المعايير الشرعية التي يجب أن يتم التصويت وفقا لها”.
لذلك، فإن مسؤولية الإصلاحيين لا تكمن فحسب في وصول أفرادها إلى سدة الرئاسة، بل تكمن في تغيير الواقع السياسي – الاجتماعي في المجتمع الإيراني للوقوف في وجه السلطة المزدوجة في إيران وتعديل الازدواج في الطبيعة السياسية والدينية للسلطة الحاكمة سلطة ولي الفقيه أو الزعيم الأعلى. فطبيعة دولة الولاية الدينية في إيران تسمح لأنصار الولاية من المتشددين والمحافظين إبقاء سيطرتهم على المؤسسات ذات الصبغة السلطوية ولا تسمح لمعارضي الولاية بذلك، ضاربة الديموقراطية والمفاهيم التي يقوم عليها المجتمع المدني بعرض الحائط.
ssultann@hotmail.com
كاتب كويتي
الانتخابات الإيرانية.. والخضوع للفقيه
احب اقول انو الرجو للقايد الاعلى للثورة الايرانية . كان صحيح مافيش اى كلام .وتحياتى للدكتور محمود احمد نجاد الف اللللللللف الففففففف مبروك وبقول ليو هذه الفوز من الله سبحانه وتعالى عشان تنصر الامة العربية والاسلامية