مروان طاهر – بيروت
تبارزت وسائل الاعلام العالمية والعربية في التحضير لتغطية وقائع الانتخابات الاميركية، وجميعها اعدت العدة لها فالحدث ليس استثنائيا فحسب بل هذه الانتخابات حملت تغييرا الى البيت الابيض قيل فيه الكثير قبل حدوثه وسوف يقال في تداعياته لاحقا.
وظهر تبارز المحطات في تكثيف العمل في اقسام الغرافيك والنقل الحي والمباشر والبرامج الحوارية التي تستضيف محللين في الشؤون الاحصائية الانتخابية ومدى انعكاس التصويت في ولاية دون الاخرى على النتائج التي لم تكن مفاجئة وان كانت شكلت مفاجأة، خيب فيها الشعب الاميركي ظنون المشككين بقدرته على تجديد ديمقراطيته.
عربيا كان لافتا، وقبل صدور النتائج النهائية واعلان فوز السيناتور باراك اوباما بمنصب الرئاسة، نشر صحيفة “المستقبل” اللبنانية لخبر يتيم الاب والام وغير منسوب مهنيا الى اي جهة، وفيه ان محطة العربية كانت الاولى في التغطية التي لم تكن قد انتهت بعد، وانها تجاوزت في تغطيتها قناة الجزيرة وال بي بي سي العربية وتجاهلت وجود محطة اخرى هي قناة الحرة التي تبث ايضا بالعربية وللعالم العربي شأنها في ذلك شأن قناة البي بي سي تمويلا وادارة وهي سابقة لها في البث العربي.
كتبت المستقبل تقول يوم الاربعاء في الخامس من الجاري :” وبالمقارنة مع السياق الذي جرت فيه المتابعة التلفزيونية، يمكن القول ان قناة »العربية« التلفزيونية تقدمت »الجزيرة« والـ«بي.بي.سي« في التغطية واستغلال التقنيات الحديثة وعبر شبكة المراسلين وانتشارهم وحركة الكاميرا ميدانياً، فضلاً عن أطر التحليل المنهجية للوصول الى الصورة الكبيرة وجعل كل شيء في متناول المشاهدين”. انتهى الاقتباس.
هذا التحليل غير المستند الى شركة متخصصة أو الى استطلاعات رأي في اوساط المشاهدين يثير الريبة من الغاية المتوخاة من نشره واستباق النتائج الاحصائية لافضل التغطيات، التي ان كانت موجودة، يفترض انها تعمل وفق آليات علمية تسمح باعطاء كل ذي حق حقه، على جهده في تحقيق السبق الصحفي وتأمين افضل التغطيات الاعلامية.
ومن خلال تتبع الفضائيات كمراقب ومشاهد لا يسعني إلا ان اكن الاحترام لجميع المحطات العربية الفضائية التي يجهد العاملون فيها الى إثبات حضور وسائلهم الاعلامية وقدرتها على الساحة الاعلامة الدولية وسط ظروف تنافسية غير متكافئة، إذا ان المحطات العربية الفضائية تخضع دائما وابدا لاعتبارات سياسية واجتماعية وتابوهات تحول دون تعزيز قدراتها التنافسية في معزل عن كفاءة العاملين على جميع المستويات.
هذا التقديم ضروري كي لا اتهم بالانحياز الى محطة دون الاخرى، ولكن من جديد العربية كانت تمارس دورها واذا كانت هناك من تهنئة على آدائها فهي لقسم الغرافيك الذي اجتهد فابدع في التقديم، اما بالنسبة لآداء العاملين على التغطية فمع الاحترام الشديد لهم فإن الآداء جاء اقل من عادي واحيانا خارج إطار المهنية.
وكي لا يكون الكلام تجنيا او افتراءا، اثناء التغطية، تلتفت احدى المذيعات الى زميلها لتستنبط منه اسباب افترار ثغره عن ابتسامة كلما ذكر اسم المرشح (الرئيس المنتخب) باراك اوباما، واقترابه من الفوز. وتسأله بفصاحة العارف، هل انت من مؤيدي اوباما؟ ويجيبها بعد ان وسّع ايتسامته اجل انا من مؤيدي السيناتور اوباما!!
وأثناء إعلان النتائج كان مذيع يقف على حائط الفيديو في محطة العربية، يقف وحيدا يشرح ويحلل، ويبدو انه في هذه الاثناء عممت وكالات الانباء نبأ فوز اوباما، فقفزت مذيعة من اللامكان الى حائط الفيديو، واستلمت الكلام لتسجل الحدث باسمها، فهي التي اعلنت على محطة العربية فوز السيناتور باراك اوباما.
كان الامر ليكون غيرة مهنية وصحفية لولا ان المذيعة نفسها التفت الى زميلها وهنأته بفوز اوباما لانه من مؤيديه، ثم تبادلا التهاني، قد نفهم هذا الامر لو ان العربية محطة اميركية ولها تأثير في اتجاهات الرأي العام الاميركي على غرار الواشنطن بوست وسواها من وسائل الاعلام الاميركية التي اعلنت تأييدها لهذا المرشح او ذاك، ولكن هذا الامر يندرج في سياق الديمقراطية الاميركية التي انتجت اوباما واوصلته الى سدة الرئاسة، وكمحطة اعلامية وفضائية عربية لا يمكن وضع هذا الامر إلا في إطار الهواية المهنية وليس الاحتراف.
ومع العربية ايضا كان لافتا غياب عناصر رئيسة في المحطة عن التغطية، عناصر تقود برامج حوارية رئيسة اثبتت نجاحها بدليل انها ما زالت على الهواء وتستقطب جمهور مشاهدين وربما كان هذا الامر يندرج في منطق الاستبعاد او اعطاء الفرصة للعناصر الشابة والجديدة والمحدثة في المهنة، ولكن من باب المهنية كان بامكان العربية تلافي هذا الكم الهائل من التخبط في الآداء خصوصا نطق اللغة العربية الفصحى واكتشاف ولاية ايوا على انها ولاية اميركية جديدة لو ان تغطية العربية ارتكزت على العناصر الاكثر خبرة ومهنية وثقافة اعلامية واختيار مناسبات اخرى لمنح العناصر الشابة والهواة فرصا لابراز مواهبهم.
وفي سياق خبر صحيفة المستقبل ايضا، التي يبدو انها على دراية بشؤون قناة العربية ووسائل الاعلام الفضائية اكثر من سواها، تم تجاهل امر رئيسي وهو الحساسية التقنية للانتخابات الاميركية وهي التي بدأت قبل اقل من سنتين،، فلم تخبرنا المستقبل نقلا عن العربية، ما اذا كان تم اجراء دورات تدريبية لتعريف العاملين في المحطة والذي تم انتدابهم لتغطية الانتخابات، تطلعهم على تفاصيل إجراء هذه الانتخابات تقنيا بدءا من الانتخابات التمهيدية التي اوصلت الى تبني كلا الحزبين هذا المرشح او ذاك؟!
ولكن يبدو من سياق التغطية ان هذا الامر لم يحصل، وهو إن كان حصل، فلم يتم استيعابه.، فبدا للوهلة ان العربية سعت الى الاستفادة من الحدث الانتخابي لتطويعه وابراز عناصر جديدة من صف الهواة، بدلا من الاستفادة من الحدث لتعزيز مهنية المحطة واعطاء ادوار للعناصر الشابة تنسجم مع مؤهلاتها المهنية.
وفي المقابل كانت قناة الجزيرة تعمل على جري عادتها بطاقات مالية غير محدودة وكاميراتها تتنقل بين الولايات الرئيسية المقررة لنتائج الانتخابات، بحرفية ومهنية، ومن دون ادعاء انها كانت الاولى في التغطية. واذا كانت المستقبل نشرت: “كان يمكن التميز جيداً بتقدم ملحوظ لشاشة العربية بطزاجة لافتة من حيث المعلومات والتحليلات والآراء الموصولة جيداً باللحظة الانتخابية، مما جعل الكـلام والتـــــعليق أشــــــبه بالصور لا سيما بعدما فقدت قناة »الجـــــــزيرة« عدداً من كبار مراسليها وأدواتها الذين شكلوا أثيرها لسنوات وجعلوها في الموقع الطليعي والمتقدم اعلامياً”، يحق لنا كمشاهدين ان نسأل العربية عن ادواتها وكبار مذيعيها وسواهم ممن افتدقناهم في هذا اليوم الانتخابي المشهود!!!..
وللامانة المهنية، كانت قناة الحرة من افضل القنوات العربية العاملة على تغطية الانتخابات بشهادة الكثيرين من الاعلاميين والمهنيين. ان الحرة كانت تواكب الحدث الانتخابي بدقة وتفصيل، وان كان لا يحسب للحرة اي فضل في هذا الامر اذ ان مقرها الرئيسي هو في اميركا إلا ان العاملين فيها اثبتوا، بما يخالف تشكيك المشككين، انهم نقلو الصورة الاميركية الى العالم العربي وهي الغاية التي وقفت وراء قرار الادارة الاميركية بإنشاء المحطة.
انها ملاحظات ودية وتهدف الى الاتعاظ من التجربة الاميركية التي ينهل منها الجميع اليوم بعد وصول السيناتور اوباما الى البيت الابيض، فاذا قيل سابقا ان العرب ظاهرة صوتية، فنربأ بوسائل الاعلام ان تتحول هي الاخرى الى منطق مادح نفسه يقرئك السلام.
Mtaher08@gmail.com
الاعلام العربي والانتخابات الاميركية: قناة العربية مادح نفسه يقرئك السلام!!غيلان العصر د. خالص جلبي -في داخل كل فرد منا وحش نائم ينتظر الإيقاظ. وكل منا يمكن أن يتحول إلى الفرعون بيبي الثاني فيما لو منح القوة دون كوابح. وهذا القانون إنساني لا يفترق فيه توني بلير عن نرويجا ولا ميتران عن صدام ولا بول بوت عن مانديلا. ومن يظن أن طيبة الأخلاق يمكن أن يوثق بها فقد ضل ضلالاً مبينا، طالما كان الحاكم تحت يده قوة هائلة دون ردع ومساءلة. وكمية من الغاز قابلة للانتشار في أي حيز ولو كان كل غلاف الكرة الأرضية، طالما لا يوجد حاجز يمنع من… قراءة المزيد ..