حسب بعض المراقبين، فإن تأجيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإنسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، هو موقف ضاغط موجّه ضد الأوروبيين أكثر من كونه موقفا موجها ضد إيران.
فقد أعطى ترامب، الجمعة، “فرصة أخيرة” للاتفاق، لكنه قرر في الوقت نفسه فرض عقوبات جديدة مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان وبرامج تطوير الصواريخ الباليستية على 14 فردا وكيانا إيرانيين، من بين هؤلاء رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، ما يعتبر تهديدا مباشرا لطموحات إيران في هذا الإطار، ورسالة واضحة بوجود المزيد من الخطوات التصعيدية ضد سلوك طهران. فقد قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن وجود لاريجاني على قائمة العقوبات “سيكون له تداعيات سياسية خطرة”، لأن الغاية من ذلك ضرب “راس النظام”.
وأكد ترامب أن هذه هي “المرة الأخيرة” التي سيوافق فيها على قرار تجميد العقوبات بموجب الاتفاق النووي، إذ يحتاج القرار إلى تجديد الموافقة عليه كل 120 يوما. وقال: “رغم رغبتي الشديدة في الانسحاب من الاتفاق إلا أنني لم أفعل ذلك بعد، وحددت مسارين للتقدم: إما إصلاح الأخطاء الكارثية في الاتفاق أو ستنسحب منه الولايات المتحدة”. أي أن ترامب يرسل رسالة للأوروبيين مفادها أنه أمامكم فرصة 120 يوما، فإمّا تأييدي لتعديل الإتفاق النووي، أو تأييدي لإلغائه تماما. بينما ترى أوروبا أن استمرار الاتفاق الذي أبرم في عام 2015 ضروري للأمن الدولي.
لكن، لماذا يضغط ترامب على الاتفاق النووي؟ حسب بعض المراقبين فإن الرئيس الأمريكي يعتقد بأن إيران “خرقت” الاتفاق عدة مرات، ويرى وجود “ثغرات” فيه، مثل رفع القيود على برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم بعد عام 2025، وعلى هذا الأساس تعهد بتعديل تلك الثغرات، ويريد أيضا أن تتمكن وكالة الطاقة الذرية من دخول المواقع العسكرية الإيرانية، وأن يشمل الاتفاق برنامج إيران للصواريخ الباليستية.
ويبدو أن ترامب يفضل تعديل الاتفاق على الإنسحاب منه، خاصة وأن مراقبين يعتقدون بأن الموقف الإيراني الرافض لأي تعديل سيتجه في نهاية الأمر إلى قبول ذلك، بسبب تأثير الضغوط السياسية والعقوبات على موقف طهران في هذا الإطار، وكذلك بسبب تأثير الإتفاق على الاقتصاد الإيراني ما أدى إلى استمرار معاناته وإلى تظاهر الإيرانيين احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية خلال الأسبوعيين الماضيين. وكذلك لأن التعديل يتوافق مع ما يريده الأوروبيون وهو استمرار الإتفاق لا الإنسحاب منه. ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول في إدارة ترامب قوله: “سنعمل مع حلفائنا الأوروبيين للتوصّل لملحق أو تعديل للاتفاق النووي”، فيما قال البيت الأبيض إن “قرار ترامب (حول الإتفاق) يؤكد أن المفاوضات المستقبلية ستكون مع الاتحاد الأوروبي وليس إيران”.
لكن، ما هو الموقف المتوقع من ترامب إذا ما فشل في تعديل الاتفاق مع الأوروبيين؟ الموقف المتوقع هو إعادة فرض العقوبات المرتبطة ببرنامج إيران النووي، وهذا يعني نهاية الإتفاق النووي.
وقال ترامب، الجمعة: “إذا شعرت في أي وقت بأن اتفاقا (نوويا) مثل هذا ليس في صالحنا، فسأنسحب فورا منه”. غير أن ما تريده الإدارة الأمريكية ليس انسحابا فرديا من الاتفاق النووي، إنما موقفا غربيا جماعيا ضده. فهل يستطيع ترامب أن يصل إلى هذا الموقف؟.
*كاتب كويتي