نهر البارد (لبنان) (رويترز) – قالت مصادر أمنية ان الدبابات اللبنانية قصفت مواقع متشددين اسلاميين في مخيم للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان يوم الاثنين وان تسعة مدنيين على الأقل قتلوا مما رفع عدد القتلى خلال قتال مستمر منذ يومين الى 66 شخصا.
وقال شهود ان الدبابات قصفت مخيم نهر البارد الساحلي الذي يضم نحو 40 ألف لاجيء فيما كان مسلحون من جماعة فتح الاسلام يطلقون قنابل ونيران مدافع رشاشة على مواقع عسكرية بالمنطقة.
وفتح الاسلام جماعة سنية ظهرت على الساحة أواخر العام الماضي. ولا يتجاوز عدد مقاتليها بضع مئات وهي لا تحظى بتأييد سياسي كبير في لبنان لكن يبدو أنها مسلحة تسليحا جيدا ومنظمة تنظيما جيدا.
وقالت مصادر فلسطينية في مخيم نهر البارد ان القصف ادى الى مقتل تسعة مدنيين وإصابة 20 وأبدت مخاوفها من زيادة عدد القتلى لان القتال يعرقل أعمال الاغاثة.
وأغلق الجنود جميع الطرق المؤدية الى المخيم وسط قتال عنيف لكن أمكن إجلاء تسعة جرحى من المدنيين. وتصاعدت أعمدة الدخان من مبان صغيرة داخل المخيم ونشبت النيران في مبنى واحد على الاقل. وكانت الشوارع في المخيم والمناطق القريبة منه خاوية.
وتسببت المعارك التي دارت يوم الاحد في المخيم وفي مدينة طرابلس القريبة في مقتل 27 جنديا على الاقل و15 متشددا و15 مدنيا في أسوأ اقتتال داخلي منذ الحرب الاهلية في لبنان التي استمرت من عام 1975 الى عام 1990 .
وأظهر العنف مدى هشاشة الامن في لبنان المليء بالانقسامات السياسية والتوترات الطائفية منذ حرب اسرائيل وحزب الله العام الماضي في الجنوب وسلسلة الاغتيالات قبل وبعد انسحاب القوات السورية من لبنان في العام 2005.
ومن المقرر ان يجتمع اليوم الاثنين مجلس الوزراء الذي يعاني هو نفسه من أزمة سياسية طويلة لمناقشة الوضع في المخيمات الفلسطينية في لبنان حيث يعيش نحو 400 الف فلسطيني.
وقال شهود ان أئمة المساجد دعوا الجيش عبر مكبرات الصوت الى وقف القصف على المخيم وطالب الصليب الاحمر بهدنة. وابدى ريتشارد كوك مدير عام وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطييين (اونروا) في لبنان قلقه الشديد “للازمة الانسانية المتنامية” في المخيم.
ويقول وزراء في الحكومة اللبنانية ان سوريا تستخدم فتح الاسلام لزعزعة الاستقرار في مسعى لعرقلة خطوات إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المشتبه بهم في مقتل رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في العام 2005.
وقال مروان حمادة وزير الاتصالات اللبناني “انفجار الاشرفية هو معاودة للمسلسل القديم الجديد… فتش عن المجرم هو نفسه من يحمي ويزود ويرعى فتح الاسلام وهو نفسه من اغتال رفيق الحريري ورفاقة.” ولم يسم الجهة التي يقصدها.
ومن غير المسموح ان يقتحم الجيش اللبناني مخيمات اللاجئين لمطاردة المسلحين تمشيا مع اتفاقية تعود الى عام 1969 مما خلف فراغا أمنيا ملاته فصائل فلسطينية. ولم تستجب هذه الفصائل لقرار أصدره مجلس الامن في العام 2004 ويطالب بنزع سلاح كل الميليشيات في لبنان.
ويلقى القرار رفضا أيضا من جماعة حزب الله التي تحظى بدعم ايران وسوريا.
ويواجه الجيش اللبناني الذي يضم 40 ألف فرد ضغوطا بالفعل بعد ارسال 15 ألفا الى جنوب لبنان العام الماضي عقب الحرب بين اسرائيل وحزب الله و8000 اخرين الى الحدود مع سوريا.
وعبر جيران نهر البارد اللبنانيون عن تأييدهم لمحاولة الجيش السيطرة على المتشددين.
وقال احمد فروشي (55 عاما) وهو مزارع يعيش قرب المخيم “لم ننم في الليل. اطفالنا مرعوبون. لن نترك بيوتنا. لا نريد الا رحمة الله.”
واضاف “المخيم يجب ان يحترم الدولة. انهم يدمرون لبنان زارعين فتنة وكله بسبب المحكمة وسوريا.”
وكان قد صدر حكم غيابي بالاعدام على زعيم حركة فتح الاسلام شاكر العبسي في الاردن في قضية مقتل دبلوماسي امريكي عام 2002 . وكان حكم مماثل قد صدر على قائد القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي في نفس القضية وذلك قبل مقتله.
وكان العبسي وهو فلسطيني في الخمسينات من عمره قد سجن في سوريا وغادرها الى لبنان بعد اطلاق سراحه العام الماضي.
فتح الاسلام تهدد بالرد “خارج طرابلس”
(ا ف ب) – هدد متحدث باسم مجموعة فتح الاسلام الفلسطينية المتهمة بعميات ارهابية الاثنين بالرد “خارج طرابلس” كبرى مدن شمال لبنان اذا استمر قصف الجيش اللبناني لمخيم نهر البارد معقلها الرئيسي في شمال لبنان.
وقال ابو سليم طه في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة فرانس برس “الوضع بالنسبة للمدنيين لا يحتمل. القصف يستهدف المنازل. اصابت القذائف مسجدين التجأ اليهما المدنيون كما سقطت اسقف المنازل على ساكنيها”.
واضاف بدون ان يعطي تفاصيل اضافية “الجيش لا يستهدفنا فقط انما يقوم بقصف عشوائي. اذا استمر الحال كذلك سننقل المعركة خارج طرابلس”.
واوضح ابو سليم ان “فترة هدوء مؤقت بعيد ظهر الاثنين سمحت باخلاء الجرحى من المخيم”.
رئاسة الإتحاد الأوروبي تدعو إلى نزع سلاح الميليشيات
(ا ف ب) – دانت المانيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي الاثنين “باشد العبارات” المواجهات بين الجيش اللبناني والاسلاميين التي اوقعت اكثر من خمسين قتيلا ودعت الى نزع سلاح “الميليشيات” في هذا البلد.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الالمانية مارتن ياغر للصحافيين في برلين “اننا نتابع هذه المعارك بين الجيش اللبناني والمجموعات المسلحة في مخيمات اللاجئين الفلسطنيين بقلق كبير” مضيفا ان “الحكومة الالمانية تدين الهجوم على قوى الامن اللبنانية باشد العبارات”.
واضاف ان هذه الاحداث “تذكرنا الى اي حد بات من الملح نزع اسلحة الميليشيات في لبنان”.
وقال ياغر “ندعو كافة الاطراف الى تفادي تصعيد النزاع”.
تيري رود لارسن يحذّر من إنهيار تام للموقف إذا لم تتصرّف جميع الأطراف الدولية بشكل مسؤول
من جهة أخرى، حذر الموفد الخاص للامم المتحدة الى لبنان تيري رود لارسن الاثنين من “انهيار تام” للموقف في لبنان ما لم تتصرف جميع الاطراف الدولية بشكل “مسؤول”.
وقال لارسن للصحفيين بعد لقاء مع الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة “نيابة عن الامين العام للامم المتحدة (بان كي مون) أدعو من هنا جميع الاطراف اللبنانية الى التصرف بشكل مسؤول حتى لا ينهار الموقف في لبنان تماما”.
واضاف لارسن الذي التقى كذلك الرئيس المصري حسني مبارك ووزير خارجيته احمد ابو الغيط ان هناك اتفاقا في الرؤية بين الامم المتحدة والجامعة العربية على ان التطورات التي شهدها لبنان الاحد والاثنين “تدعو للقلق” مشددا على ضرورة تصرف الاطراف اللبنانية “بمسؤولية من اجل لبنان”.
واوضح مصدر في الجامعة العربية ان موسى ناقش مع لارسن “الوضع السياسي والامني في لبنان نظرا لخطورة وتدهور الاوضاع جراء الاحداث الحالية في الشمال وتاثيراتها السلبية على الامن والاستقرار والتي تتزامن مع طرح قضية المحكمة ذات الطابع الدولي في مجلس الامن الدولي بهدف اتخاذ قرار بشانها”.
من جهته اكد موسى للصحفيين “ادانته بكل قوة لما يجري في لبنان والمساس بالجيش اللبناني”.
وقال ان “الجيش اللبناني باعتباره احدى المؤسسات الرئيسية التي تعبر عن السيادة اللبنانية يجب ان يكون بمنأى عن هذه المناورات والاحداث الاجرامية التي لا يمكن قبولها تحت اي مسمى”.
وعبر موسى عن استنكاره لاتخاذ الاسلام كشعار للعدوان وتساءل “ما معنى فتح الاسلام (..) هل المراد ادخال الاسلام في مثل هذه الاعمال الاجرامية التي يذهب ضحيتها مدنيون وابرياء وتشكل مساسا بالسلطة في لبنان؟”.
وتابع ان “اسباب الاحتقان السياسي في لبنان معروفة ولا يجب ان نضيف له اسبابا اخرى غير معروفة توقع ضحايا”.
ممثل منظمة التحرير في لبنان: ان فتح-الاسلام “لا علاقة لها بابناء المخيم”
(اف ب) – اعلن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي الاثنين ان التخلص من ظاهرة فتح-الاسلام الفلسطينية المتهمة باعمال ارهابية يتم بالتعاون مع الدولة اللبنانية لافتا الى صعوبة دخول الجيش اللبناني الى مخيم نهر البارد.
وقال زكي للصحافيين اثر اجتماعه برئيس الحكومة فؤاد السنيورة “لدينا عقل مفتوح واستجابة كاملة لما تطلبه منا الدولة (…) نتمنى ان تنتهي ظاهرة فتح الاسلام بالتعاون المشترك شرط ان لا تكون تكلفتها عالية جدا على الابرياء” بدون ان يعطي تفاصيل اضافية.
ولفت عباس الى صعوبة دخول الجيش اللبناني الى مخيم نهر البارد الذي يقطنه نحو 22 الف فلسطيني وتتخذه فتح-الاسلام معقلا لها وقال “ليس امرا سهلا”.
اضاف “التخلص من هذه الظاهرة يتم بمعالجة تعبر عن دراسة واتفاق وانسجام خاصة مع ساكني المخيم”.
واضاف “قرار القضاء عليها هو اولا قرار لبناني” مؤكدا انه لمس من السنيورة “حرصه على الا يذهب ابرياء”.
وشدد عباس على ان فتح-الاسلام “لا علاقة لها بابناء المخيم” مشيرا الى ان الفلسطينيين “لا يريدون ان يكونوا عنوان تفجير او فتنة او شرارة حرب اهلية”.
واشار الى ان مخيم نهر البارد الذي استؤنفت الاشتباكات في محيطه الاثنين “يتعرض لقصف ولديه مجموعة جرحى وشهداء بحاجة الى اخلاء” بدون ان يعطي ارقاما محددة.
واكد عباس ان الوفد الفلسطيني قدم الى السنيورة “جملة مطالب تخفف معاناة اهالي مخيم البارد” ومعاناة الفلسطينيين عموما مشيرا الى “عمليات توقيف لبعضهم رغم ان الكل يدرك انهم غير معنيين بهذه الظاهرة التي هبطت علينا”.
ورفض اسامة حمدان ممثل حركة حماس في لبنان الذي رافق عباس الحديث عن تفاصيل ما دار في الاجتماع وقال للصحافيين “لسنا بصدد الحديث عن الخطوات التي سنقوم بها او على ما اتفقنا عليه للتداول مع السنيورة (…) ذلك قد يؤدي بالمحصلة الى افشال ما نسعى اليه”.
واكتفى بان يضيف “ثمة مسألتين واضحتين: الفلسطينيون غير مسؤولين عما جرى وعن تداعياته والكل معني بتجاوز المعاناة الانسانية لاهالي مخيم البارد بشكل سريع”.
الوزير السابق سليمان “الزغير” فرنجية: جماعة 14 آذار هي التي أعفت عن هذه التنظيمات المتطرفة عام 2005
إعتبر الوزير السابق سليمان فرنجية أنّه لا يجب إطلاق الشائعات من قبل السلطة الحاكمة، لأنّ ما يحتاجه اللبنانيون حقائق عملية. وقال فرنجية في حديث تلفزيوني أنّ فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي لديه المعلومات المفصلّة عن هذه الخلايا التخريبية، وهو على إتصال معهم، مذكراً بتصرّف نواب الأكثرية المتهاون مع هذه التحركات خصوصاً أنّ الجيش اللبناني ألقى القبض على قسمٍ منهم، والسلطة السياسية أفرجت عنهم. تابع فرنجية: “جماعة 14 آذار هي التي أعفت عن هذه التنظيمات المتطرفة عام 2005 ، وهي تتحملّ المسؤولية عن الخلل الأمني”.
وأشار فرنجية إلى أنّ التفجيرات الأمنية في كلّ مرّة تحصل لصالح تمرير تعثر المحكمة الدولية، سائلاً فريق السلطة كيف تكون هذه الأعمال الإرهابية معطلّة لعمل المحكمة؟ أضاف: “يبدو أنّ الدم يفيد بعض الجماعات السياسية، وتفجير الأشرفية هو لتغيير وجهة نظر اللبنانيين عن المشكلة الحقيقية، لافتاً إلى أنّ قيادة فتح الإسلام أعلنت عن نيتّها بضرب الداخل السوري، بعكس ما يوحي الأكثرية النيابية المتاجرة.