**
1 ـ الإسلاميون اشد مقتا وعداء لليساريين.
ليس من شك في كون التيارات الإسلامية ارتبطت نشأتها برعاية الأنظمة السياسية في إطار الصراع الإيديولوجي الذي طبع حقبة ما سمي بالحرب الباردة. وتعود بدايات تشكل هذا التيار في المغرب إلى بداية السبعينيات من القرن العشرين، حيث لعب عبد الكريم مطيع دورا مركزا كما جاء على لسانه /قلمه بخصوص النشأة الأولى (لقد مرت لحد الآن اثنتان وثلاثون سنة على البداية التأسيسية للتيار الإسلامي المغربي الذي أجرى الله بفضله على يدي ـ في بداية 1970 ـ وضع لبناته الأولى. ثم مع مطلع سنة 1972 سُيِّج هذا التيار بروافد من جمعيات تربوية كان ضمنها منظمة الشبيبة الإسلامية) (الصحيفة عدد 56 ـ 8 مارس 2002 ). والهدف الأساس الذي كرست الشبيبة الإسلامية نشأتها ووجودها من أجل تحقيقه يتمحور حول محاربة “التوجهات الفكرية والعقدية” التي اعتبرتها، كما الدولة، “مهددة لمقومات البلاد والعباد”. وهذا ما أكده مطيع في قوله: (أؤكد بادئ ذي بدء أن التيار الإسلامي الذي أشرفت على تأسيسه لم يكن في أول أمره مشروع حزب سياسي أو تدخلا نضاليا في سير المجتمع، أو مجال اتخاذ القرار، وإنما كان منهج عمل تربوي لإعادة بناء العقل والوجدان وهيكلتهما على أسس سليمة بعد أن استبد بهما ما كان سائدا من توجهات فكرية وعقدية وسلوكية اعتبرت مهددة لمقومات البلاد والعباد)، ويقصد بالتحديد التوجهات اليسارية.
ولم يكن مطيع إلا الأب الروحي الذي زرع بذور تكفير اليساريين ومعاداتهم وإرهابهم بكل السبل التي تفنن فيها أتباعه وفروعهم من بعد. وبات، بسبب هذا التوجه التكفيري الحاقد، اليساريون والاشتراكيون هم العدو رقم واحد الذي تستهدفه تنظيمات الإسلام السياسي بكل تلاوينها، لدرجة أن قتل اليساريين لا يشفي حقد الإسلاميين كما عبر صراحة عبد الباري الزمزمي في فتوى صدرت له في جريدة “التجديد” عدد 205، جعلت قتل هؤلاء ــ اليساريين والاشتراكيين ــ واجبا على كل “مسلم”. وكانت الفتوى تتعلق بموضوع اغتيال المهدي بن بركة حيث جاء فيها: (فكيف يكون شهيدا من كان قتله مشروعا بصرف النظر عمن قتله. وذلك لكونه خارجا على الأمة وثائرا على السلطان وفارا من القضاء ومارقا من الدين وواحدة من هذه الجرائم توجب قتله، فكيف وقد اجتمعت كلها فيه. فإنه لو أمكن قتله ثلاث مرات لكان ذلك واجبا في شرع الله).
بل إن الزمزمي انساق مع مشاعر الحقد والضغينة إلى حد نفي الإيمان عن كل اليساريين ومؤاخاتهم مع اليهود كما في قوله: (ولا غرابة في هذا التوافق والتطابق الحاصل بين الفريقين. فاليسار واليهود إخوة من الرضاعة فهم جميعا يد واحدة على الإسلام وأهله، وهم جميعا لا يؤمنون بالآخرة ولا يعلمون لها). وباعتبار معاداة اليساريين هي عقيدة ومبدأ لدى الإسلاميين، فإن نشاط الحركات الإسلامية أريد له يبني “شرعية” وهمية ويستمدها من حربه ضد اليساريين الذين تجعلهم كل التنظيمات الإسلامية “أعداء” الدين والأمة والساعون لـ”هدم” أركانهما. هكذا نقرأ في المطوية التي وزعها حزب العدالة والتنمية على التلاميذ والتلميذات في مارس 2003، ومما جاء فيها: (أخي المسلم، أختي المسلمة، تتصاعد هذه الأيام وثيرة التحركات والضغوطات التي يمارسها بعض الجهات على أصحاب القرار بصدد مطالب علمانية ترمي تخريب الأسرة المغربية باسم إنصاف المرأة.. وذلك بشكل مستفز لديننا وشريعتنا وهويتنا الإسلامية.. داعين الغيورين إلى مناهضة هذا التوجه التغريبي المفسد ).. بل سبق لنفس التنظيم أن أعلن صراحة عن عدائه وتحريضه ضد اليساريين كما جاء في افتتاحية التجديد عدد 51 بتاريخ 12 يناير 2000، والتي تدعو صراحة إلى مقاطعة ومواجهة فئة من المواطنين بعد اتهامهم بـ ” موالاة” أعداء الإسلام والمسلمين، وذلك كالتالي : (وستكتشف بعد القراءة المتأنية أن مناط الخلاف مع واضعي الخطة والمتعصبين لها ليس هو التنمية ولا إدماج المرأة في التنمية، وأن القضية أكبر من هؤلاء، إذ تتعلق بمواجهة مؤامرة على الأسرة المسلمة تقف وراءها قوى دولية هي التي زرعت الكيان الصهيوني في فلسطين.. وستكتشف أن الأمر لا يعدو أن يكون بالنسبة لفئة من بني جلدتنا خضوعا لدورة جديدة من دورات الاستعمار.. وستكتشف أن المستهدف هو هدم أحكام الشريعة الإسلامية وتقويض الأركان التي تقوم عليها الأسرة المسلمة.. وسيأخذك العجب العجاب ويذهب بك إلى أقصى حد الاستغراب، حينما ستكتشف أن الذي يقوم على تنفيذ هذه الخطة الاستعمارية المسندة أمريكيا وصهيونيا ليس هو اليمين الليبرالي (الرجعي )، كما عودنا خطاب أيام الحرب الباردة، وإنما هو اليسار الاشتراكي التقدمي ، وجمعياته وشبكاته وجبهاته ). لهذا لا نستغرب أن تظل تصدر مواقف وفتاوى تعادي اليساريين وتحاربهم بالتكفير وشرعنة قتل في حقهم.
فالإسلاميون على كلمة سواء بينهم ألا “موالاة” مع اليساريين، بل هي المعاداة كما تفرضها عقيدة الولاء والبراء التي يدين بها التيار الإسلامي. ومهما كان المشروع المجتمعي الذي يناضل من أجله اليساريون وعظمت في سبيله تضحياتهم، فإنهم سيظلون، في حكم الإسلاميين، أعداء الدين والأمة كما قال هذا صراحة الدكتور الريسوني عبر قناة ” العربية” (الآن هناك دعاة كثيرون للإصلاح لكنهم مثلا في بلدنا وفي غير بلدنا يرون بالذات أن الإصلاح هو إزالة ما بقي من ديننا، ونحن نقول الإصلاح هو إعادة ما ضاع من ديننا ). وبالتالي، يصر الإسلاميون على جعل الصراع السياسي بينهم وبين اليساريين، صراعا دينيا، أي صراعا بين الإيمان والكفر. وهذا الصراع لن ينتهي، في نظرهم ن إلا بهلاك اليساريين وإقبار طموحهم السياسي والمجتمعي. ولا يختلف الإسلاميون عن السلفيين الجهاديين في معاداتهم لليساريين وممارسة كل أشكال الترهيب /الإرهاب. بل إن السلفية الجهادية تعتبر العيش مع اليساريين في وطن واحد وأمة واحد أمر مستحيلا. وهذا ما نقرأه في مجموع الفتواى التي ألقاها أبو حفص في درس رفقة الفيزازي والكتاني والحدوشي، حيث قال (أما بخصوص هذه الحملة الشرسة التي يقوم بها اليساريون والعلمانيون على الإسلام والمسلمين فهي ليست بغريبة. هذا الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر. ونحن يجب أن نكون على أتم الاستعداد لمثل هذه المواجهات.. لا بد من الحرب. وليس غريبا ما يشنه اليوم اليساريون والعلمانيون على الإسلام والمسلمين.. هذه الأحداث (يقصد الأحداث الإرهابية التي وقعت ليلة 16 ماي 2003 ) التي وقعت من بعض الإخوة والتي استغلها هؤلاء من أجل إعلان الحرب على المسلمين ليست هي السبب في هذه الحرب. هم فعلا استغلوا هذه الأحداث لشن هذه الحرب.
لكن هذه الحرب كانت ستعلن بأي شكل من الأشكال. لأن أنت تقدم مشروعا يخالف مشروعهم، تقدم دينا يخالف دينهم، ولا يمكن الاجتماع ولا يمكن الالتئام. ولهذا بعض الناس الذين يتصورون أنه يمكن العيش مع اليساريين ومع العلمانيين في ود وفي وئام وفي موالاة، هذا خبل، خلط في الكلام )(نقلا عن موقع أبي حفص). هذه هي عقيدة الإسلاميين على تعدد أطيافهم. كلهم يسعون لـ”تطهير” البلاد من “رجس” اليساريين، بل كلهم يهفون لـنيل الجنة إما بقتل اليساريين “جهادا” فيهم، أو “شهادة/استشهادا” على أيديهم. لهدا فكل الإسلاميين في معاداة اليساريين سواء،إذ لا فرق بين إسلاميي الداخل وإسلاميي “المنفى”. وفي هذا الإطار نقرأ ما قاله الناطق باسم الأمانة العامة للشبيبة الإسلامية (تمثل عودة فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع لنا ولكافة الإسلاميين الصادقين وأنصار الحرية والسلم الوطني عودة للحق إلى نصابه ورفعا للظلم عن الدعاة، وفشلا للملاحدة وأعداء البلاد في محاولتهم تجريد الدولة من عناصر القوة والمنعة (يقصد الاشتراكيين واليساريين) (الصحيفة عدد 65). إنه عداء عقائدي وإيديولوجي وسياسي.
2 ـ اليساريون أشد مناصرة للإسلاميين.
في مقابل ما يتعرض له اليساريون من تكفير وكراهية وترهيب على لسان ويد الإسلاميين، فإن الممارسة اليومية تثبت مناصرة اليساريين للإسلاميين حتى في أخطر الجرائم الإرهابية التي نفذوها أو خططوا لها. ومن يتبع الأحداث سيجد أن اليساريين جعلوا من محاكمات الإسلاميين والجهاديين قضيتهم الأولى. وهذا الموقف تمليه عوامل أهمها :
أ ــ الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان. ذلك أن الهيئات الحقوقية الأكثر فاعلية هي التي يشرف عليها اليساريون. لهذا نجدها تضع مبادئ حقوق الإنسان فوق كل اعتبار. علما أن هذه المبادئ هي كل لا يتجزأ. وبالتالي لا ينبغي أبدا جعل حق التعبير مقدما على حق الحياة وحق الاستقرار والأمن. إذ يمكن أبدا إعطاء حرية التعبير لمن يتهدد أم المجتمع وحياة المواطنين. من هنا كان واجبا التمييز بين حرية التعبير وبين الإفتاء. فالأولى هي حق يجب ضمانه وصيانته، أما الإفتاء فهو تشريع باسم الله يلزم الناس بتطبيقه. وهذا التمييز لا تدركه، للأسف، هذه الهيئات الحقوقية.
ب ـ معاداة النظام الملكي/السياسي. لا شك أن فصائل يسارية نشطة داخل الهيئات الحقوقية تناصر الإسلاميين والجهاديين ليس من باب الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، ولكن بغرض تصفية الحساب مع النظام السياسي الذي تتهمه بالاستبداد. هذه الفصائل لم تغفر للنظام الخروقات والانتهاكات التي مارسها في حقبة الصراع على السلطة ضد المعارضين. ورغم الجهود التي بذلها النظام لطي صفحة الانتهاكات والتأسيس للمصالحة والإنصاف، فإن هذه الفصائل تظل على قناعتها وعدائها. من هنا يأتي موقفها المساند للإسلاميين والجهاديين لأنهم يلتقون عند هدف مرحلي، ألا وهو ضرب النظام لإضعافه. وعلى هذا الأساس صاغت هذه الفصائل شعارها ” الضرب معا والسير على حدة”. ومؤداه أن الإسلاميين والجهاديين على طرف نقيض مع اليساريين، لكن توجد تقاطعات مرحلية بينهم تقتضي توحيد الجهود لمواجهة “عدو” مشترك. ولم ينتبه اليساريون هؤلاء أن “العدو” الذي يضعونه على رأس اللائحة، تضعه التنظيمات الإسلامية في مؤخرتها. وهذا العداء للنظام يخفي على اليساريين حقيقة واضحة وهي أن إضعاف النظام السياسي لن يخدم أبدا أهداف اليساريين، بل سيكون وبالا عليهم. فقوة النظام والدولة هي التي تضمن الأمن والحرية لليساريين وتحميهم من بشط الإسلاميين وسيوف ومتفجرات الجهاديين. فهل سيتعظ الإسلاميون بالتجربة المرة والمأساوية التي عاشها وعانى منها نظرائهم مع الخميني بعد نجاح ثورته في إسقاط الشاه ؟ اعتقد أن أمام اليساريين متسع من الوقت لمراجعة المواقف وتغيير الخنادق.
selakhal@yahoo.fr
الإسلاميون واليساريون أية علاقة؟كما عهدنا من الكاتب دائما..وهي العادة التي نتمنى ان يشفى منها او يشكل قطيعة معها..لانها ترديه في مهاوي الشوفينية والتعصب وتظليل القاريء..وهي صفات تناقض الاستنارة التي يزعم انه من مناصرها.. اولا ان مطيع ابن الحركة الوطنية بمختلف تمظهراتها السياسية الاولى قبل ان تتشكل عبر مسارلت ايدلوجية..وهو من اعضاء الشبيبة الاتحادية ولقد زعم ان الشبيبة الاسلامية هي رد فعل لانشاء الشبيبة الاتحادية بعد ان اقصي مطيع منها عبر تكتيكات تلك المرحلة.. اريد ان اقول ان الشبيبة الاتحادية والاسلامية هي ادوات للصراع استغلها كل طرف لتحقيق نقطة ضد الاخر ولا علاقة لذالك بمسمى اليسار والاسلاميين..وهي نقطة يجب التركيز عليها… قراءة المزيد ..