مع كل اغتيال يستهدف لبنان، يسارع البعض، لا سيما في المعارضة اللبنانية الى إغراق الوسط السياسي اللبناني بالسجال حول مسؤولية السلطة السياسية والأجهزة الأمنية في كشف المجرمين، في محاولة للتذاكي من اجل الهرب من اهداف الجريمة ومراميها، لكن سرعان ما يظهر ان هذا الكلام يبيّت نية صرف انتباه الناس عن حقيقة الحدث. بل هو يبيّت ما هو أسوأ من ذلك: تحييد الأنظار عن سعي الجهة المجرمة الى إحداث تعديل في ميزان القوى بالقتل ودعوة الى التسليم بهذا التعديل والاعتراف بتفوق القاتل على المجتمع السياسي بأكمله. وهذا يعني تشريع الاغتيال على انه واحد من وسائل العمل السياسي، مثله مثل الانتخاب في صندوق الاقتراع، ومثل الإدلاء ببيان سياسي أو إصدار موقف، أو أنه مثل التحالفات التي تقوم على تقاطع المصالح الظرفية…
ان النتيجة العملية لعمليات الاغتيال التي تجتاح لبنان منذ عام 2004، هي جعل اللبنانيين يقتنعون بأن لا حول ولا قوة لهم، بل ان البعض يذهب الى حد التصرف كأن الضحية تعرف ما اقترفته من أفعال سياسية «عدائية» ضد الجهة التي تنظم الاغتيالات وأن لا دخل للآخرين بهذا النوع من الصراع، وعلى من يتعرض لهذا الأسلوب الإجرامي ان يحسب جيداً حسابات هذه الأفعال السياسية قبل الإقدام عليها وإلا عليه تحمّل مسؤولية تبعاتها… ولا سيما الاغتيال.
هكذا تعامل البعض في لبنان، مع اغتيال النائب، الوديع والآدمي الفائق التواضع، الصافي السريرة والانتماء والانفتاح، الشهيد أنطوان غانم…
لقد بات حديث هذا البعض عن مسؤولية الحكومة والأجهزة الأمنية عن كشف الجريمة، والتلميح الى استفادة القوى التي تنتمي إليها الضحية واستغلال الجريمة، مزحة سمجة، لم يعد يجوز الانجرار الى السجال حولها في وضع مأسوي كالذي يمر به لبنان كل بضعة أشهر.
ان العبارة اللئيمة التي تعتبر ان العمل السياسي ليس عملاً خيرياً، لأنه يشمل الكثير من الخداع والمناورات والكذب والأفخاخ… في وجه الخصوم، لا تبرر للبعض هذا القدر من السادية في تعاطيه مع هؤلاء الخصوم حين تسيل دماؤهم على الشكل الذي نراه في لبنان. وهي على الأقل لا تبرر لهذا البعض تبرئته للمتهمين بالجريمة.
وحتى لا يضيّع الكثيرون بوصلة الأحداث فإن اغتيال غانم في الظروف السياسية المحيطة به، قبل الاستحقاق الرئاسي اللبناني، يهدف الى الحؤول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية للأكثرية الحصة الأكبر فيه، إذا كان هذا الاغتيال يأتي في سياق إنقاص عدد نوابها وتحويلها الى أقلية. انه يقصد منع التغيير في الرئاسة اللبنانية كمحور رئيسي في السلطة السياسية المركبة في لبنان، بالانتخاب. وهذا المنع يتم بالدماء والتفجير والقتل. واغتيال غانم، برمزيته، وعلى رغم اختلاف موقع كل من الضحيتين، يشبه اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عام 2005، من اجل الحؤول دون حصول تغيير في إحدى مؤسسات السلطة أي المجلس النيابي، خلال الانتخابات النيابية التي كان الحريري يتهيأ لخوضها بقوة لاحقاً، والتي كان سيربحها في وجه خصومه من حلفاء سورية.
وإذا كان توقيت الاغتيال صادف اليوم نفسه لصدور بيان المطارنة الموارنة الذي اعتبر مقاطعة النواب لجلسة الانتخاب مقاطعة للوطن، وحض هؤلاء على حضورها، منعاً لإفقاد جلسة الانتخاب النصاب، وحدد مواصفات الرئيس الجديد لتشمل عدم تأثره بالخارج، فإن اغتيال نائب مسيحي كتائبي يعني تهديداً للنواب المسيحيين جميعاً، ولمراجعهم، بأن ذهابهم في هذا المنحى، خلافاً لنهج سياسة الرئيس الحالي اميل لحود، دونه مخاطر عليهم، حتى لو كان هذا المنحى يجيء بدعم وتغطية الفاتيكان الذي كان لمحادثات البطريرك الماروني نصر الله صفير الأسبوع الماضي مع سيده البابا بنديكتوس السادس عشر أثر في صوغ بيان المطارنة.
تتكثف مفاعيل اغتيال النائب انطوان غانم في اللحظة السياسية المفصلية التي يمر فيها لبنان، على ابواب احتمال انتقال السلطة فيه الى مرحلة جديدة مختلفة تماماً عن السنوات التسع الماضية، وعن الأشهر التسعة الماضية التي شهدت شللاً في مؤسسات هذه السلطة، بفعل استقالة وزراء المعارضة واعتصامها في وسط بيروت. إنه رسالة الى الدول الغربية والعربية التي تصر على منع حصول الفراغ الرئاسي وعلى انتخاب رئيس من دون تدخل خارجي، خلافاً لانتخاب لحود والتمديد له. وهو بهذا المعنى رد على مبادرة فرنسا نيكولا ساركوزي.
وأخيراً ان اغتيال غانم يضع شروطاً على مبادرة الرئيس نبيه بري اذا كان صلبها هو التوافق بين المعارضة (أو جزء منها) والأكثرية على الرئيس، ويضع شروطاً على من تجاوبوا مع هذه المبادرة بهذا المعنى.
انه تحد لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول التحضير لبدء العمل بالمحكمة ذات الطابع الدولي، بالتعاون مع الحكومة اللبنانية في اليوم نفسه للاغتيال…
الحياة
اغتيال انطوان غانم وكثافة اللحظة
من الذي سينتصر في النهاية المافيات اوالارهاب ام الديمقراطية واحترام ؟
ان المنطقة مستنقع اجرامي قذر من مليشيات ارهابية ملالية وخوارج قاعدية وعصابات مافياوية اجرامية دولية تدعمها انظمة استبدادية مافيوية اذلت وفقرت شعوبها وانتقلت لجيرانيها وسوف تنتشر وتدمر العالم والانسانية فماذا يفعل وسيفعل العالم الحر والامم المتحدة لتجفيف هذا المستنقع القذر؟