منذ بدأ الطيران الحربي الروسي قصف الأحياء الشرقية في مدينة حلب، وأخبار المدينة تتصدر وكالات الأنباء العالمية والصحف والمواقع الالكترونية. وبالتزامن مع هذه الهجمة الشرسة نظم ناشطون سوريون في مدينة “باريس” اعتصاماً للاحتجاج على قتل المدنيين وتدمير المشافي والمخابز والمرافق العامة في حلب. الاعتصام الذي نضم في ساحة الجمهورية بدأ بمجموعة من الشباب السوري الذي أعلن إضرابه عن الطعام في ٢٥ سبتمبر وحضر بشكل يومي إلى الساحة منذ الساعة الخامسة حتى التاسعة مساءً، مطلقين على حركتهم الاحتجاجية “إضراب الدم”، كإشارة لدماء السوريين المهدورة، داعين المجتمع الدولي للإضراب عن الدم السوري، الأمر الذي يوحي بإدمان العصبة الدولية على”دماء السوريين” والتي أصبح سفكها رصيداً في بورصة المناورات السياسية للدول العظمى.
المضربون عن الطعام وأصدقائهم اختاروا ساحة الجمهورية “ريبوبليك” المكتظة والتي تشهد احتجاجات ضد قانون العمل الفرنسي، الأمر الذي جعل من صور ضحايا القصف محط أنظار وجدل الحضور، ليشارك بعضهم بالتعبير عن مشاعره من خلال التحدث مع المعتصمين أو كتابة العبارات المنددة على صحيفة وضعت لهذا الغرض. آخرون اكتفوا بالنظر إلى الصور المعلقة بصمت، في حين قام بعضهم بتصوير المعتصمين واللافتات التي حملوها.
في اليوم الثاني للاعتصام، نصبت القوى اليسارية والنقابية منصة للحديث عن قانون العمل، ليتجه السوري “أحمد دركزلي” إليها ويخطب باللغة الفرنسية مندداً أمام المئات بمجازر الطيران الروسي في حلب، متهماً كل من روسيا وإيران والنظام بالمسؤولية المباشرة عن الكارثة الإنسانية التي تحدث هناك.
المضربون عن الطعام وهم كل من الأخوة” هيا ومنية وخالد” العلي، طه محمد، رنا الجندي، زاهية كركزلي، أنس الأيوبي، حضروا بشكل يومي إلى ساحة الجمهورية. وعن اإضراب عن الطعام علقت رنا الجندي” اخترت هذه الطريقة أولاً للتضامن مع المحاصرين في سوريا والذين لا يجدون طعامهم وثانياً للفت نظر الشارع الفرنسي وتذكيره بما يجري في حلب”.
طه محمد بدوره وجد في الإضراب أفضل طريقة للشعور بما يشعر فيه السوريين في الداخل، وأكد أنهم ينوون الاستمرار بنفس الأهداف وبنفس المكان، حيث وجد الفعل صدى لا بأس به على حد تعبيره.
هذا وقد اختار المعتصمون طريقة خاصة للتعبير عن الكارثة التي تشهدها حلب، من خلال تكميم أفواههم وعصب أعينهم والجلوس بصمت وهم يحملون لافتات تعبر عن الوضع المأساوي في سوريا.
مظاهرة أمام سفارة روسيا
عقب الاعتصام والذي استمر خمسة أيام انتقل العشرات من أبناء الجالية السورية والمعتصمون في الثلاثين من سبتمبر إلى مقر السفارة الروسية بباريس، حيث نظموا مظاهرة رفعوا بها صور الضحايا وأعلام الثورة واللافتات التي تندد بالمجازر التي ترتكبها الطائرات الروسية وبصمت المجتمع الدولي.
التظاهرة الأكبر جاءت في الأول من أكتوبر، حيث شاركت بها عدة منظمات حقوقية ومدنية والعديد من المتضامنين مع الشعب السوري، ومن بينهم فتاة روسية وجهت كلمة باللغتين الروسية والفرنسية نددت بها بموقف النظام الروسي وتبرأت منه وبأنه لا يمثل الشعب الروسي.
واللافت أثناء المظاهرتين أن نوافذ السفارة المقابلة للمظاهرة كانت تفتح ويقوم شخص بتصوير المتظاهرين بكاميرا من داخل المبنى، إلا أن الهتافات كانت تعلو وتزداد، كما قام بعض المتظاهرين برفع أحذيتهم للتعبير عن سخطهم واستهتارهم بموظفي السفارة، كما حضرت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية وغير الفرنسية لتصوير المظاهرة وأخذ آراء السوريين بالتدخل الروسي في بلدهم، في حين حضرت قوات الشرطة الفرنسية لمنع المتظاهرين من الاقتراب من السفارة.
هذا وينوي الناشطون من المجموعات المعتصمة والمتظاهرة، تنظيم عمل احتجاجي ضد زيارة بوتين المرتقبة في منتصف أكتوبر، تزامناً مع عريضة باللغة الفرنسية أطلقها ناشطون فرنسيون لجمع التواقيع عليها، موجهة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تطالبه برفع قرار لمجلس الأمن يدعو لفرض حظر جوي في سوريا، وإلغاء زيارة بوتين المرتقبة في منتصف أكتوبر إلى فرنسا.
الجدير ذكره أن المضربون قاموا بتعليق إضرابهم بعد سبعة أيام، وأكدوا أنهم ينوون الاستمرار في الاعتصام بساحة الجمهورية، وهم في انتظار الموافقة حيث حصلوا على تصريح سابق لمدة أسبوع واحد فقط.