شدني حوار قام به مذيع في برنامج «أطباء» على قناة الـ«إم بي سي» مع أحد الرجال، والذي كان قد أجرى أخيرا عملية جراحية خطيرة، عندما سأله الطبيب: ما النصيحة التي توجهها إلى المشاهدين؟ ضحك المريض، وقال: «أنصح كل زوج أن يستمع لنصائح زوجته». القصة وما فيها أن الزوجة كانت ترى زوجها يتألم ليلا ونهارا وتطلب إليه أن يزور الطبيب، لكنه كعادة كل الأزواج كان يرفض ويتحجج بعدة أعذار ويؤجل الزيارة. يزداد ألم الزوج وتعبه فتعود الزوجة لتلح عليه أن يعرض نفسه على مختص أو يجري بعض الفحوصات، لكنه يتجاهل نصائحها ويتأفف من إلحاحها، إلى أن أتى يوم واكتشف فيه انه مصاب بمرض خطير ويحتاج عملية جراحية.
الإلحاح أو «الحنة» خليجيا، «النّق» شاميا، «الزّن» مصريا، هو حس طبيعي مزروع داخل المرأة، واعتقد أنه يكمن في الجينات الأنثوية تحديدا، وهو الطريقة الطبيعية التي غرزها الله تعالى، في قلب المرأة لتعتني بمن تحب، والأسلوب البسيط الذي تعبر به الزوجة عن حبها لزوجها وخوفها عليه. لكن معظم الأزواج ينزعجون من إلحاح (حنة) الزوجة ويضيقون بنصائحها وتعليماتها على شاكلة: «خفف أكل، لا تكثر من الحلو، أوقف التدخين، قم لنمشي، العب رياضة، لا تأكل لحما، راجع الطبيب، قس ضغطك، اعمل فحصا للقلب.. للكوليسترول.. للبروستاتة.. الخ»، لكن من المؤكد انه لو ذهب الرجل إلى أي طبيب فسيسمع النصائح نفسها ويحاول أن يتبعها بحرص، لكن أن تأتي من فم الزوجة فهو أمر مرفوض.
موضوع حدس المرأة، وامتلاكها إحساسا استثنائيا يجعلها الأقدر على العناية بمن تحب، وقدرتها الفطرية على أن تدرك مصلحة الحبيب سواء كان زوجا أو ابنا أو «وطنا»، يجرنا إلى قضية مهمة.. فلنجرب هذا الحس الأنثوي في مجلس الأمة هذه المرة.. ولندع نساءنا يتولين قضايانا ومشاكلنا، فمن المؤكد أنها من خلال جيناتها الأنثوية وإحساسها الطبيعي ستتفوق المرأة على بعض الرجال وستثبت أنها الأقدر والأفضل لتعتني بوطنها وشعبها.
فلنتجاهل كل الكلام الفاضي الذي خرج ويخرج عن الجمعيات (الدينية ـ السياسية) وممتطي الدين، الذين أحسوا بدنو أجلهم وضعف حجتهم، وتفوق المرأة المرشحة عليهم، فأخذوا «يفصلون» فتاوى على مقاسهم، فيرفضون النساء مرشحات ٍويحرّمون التصويت لهن، في حين يغازلوهن ويطالبون بأصواتهن ناخبات. كونوا على بينة، فليس في نصوص الإسلام الصريحة ما يسلب المرأة أهليتها للعمل النيابي ناخبة او نائبة.
***
إلحاح مطلوب
إن ألحّت زوجتك عليك للتصويت لمرشح أو مرشحة معينة يوم الانتخابات.. فأرجوك اسمع كلامها «ولا تسمع كلام الحركة السلفية»، وصوّت لمن اختارته. فلقد رأيت نتائج اختياراتك طوال عمر البرلمان.. جرّب اختيارها هذه المرة.. ولن تخسر أكثر مما خسرت!!
Dalaa@fasttelco.com
* كاتبة كويتية