استقالة لاريجاني ليست أمرا عاديا، فالسؤال الذي يتبادر للأذهان هو: ما الذي حدث؟ وهل هناك أسباب محددة لاستقالته بخلاف ما قاله عن رغبته في التركيز على «نشاطات سياسية أخرى، بعد أن قال يوم الأربعاء 17 أكتوبر الجاري لعدد من المراسلين خلال اجتماع مع قادة في جيش إيران انه سيعقد محادثات مع مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، الأسبوع المقبل لمناقشة القضايا المتبقية في ما يتعلق بنشاطات إيران النووية. ويعني ذلك أن قراره بتقديم استقالته لم يكن قد توصل إليه خلال الأيام القليلة الماضية، بل كان يحضر نفسه للمشاركة في جولة جديدة من المحادثات مع سولانا في روما. إذاً، ما الذي حدث له منذ يوم الأربعاء 17 أكتوبر حتى السبت 20 أكتوبر؟
في الاعتبار قضيتان، من يوم الأربعاء حتى السبت، الأولى أن غيابه خلال اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع آية الله خامنئي الأسبوع الماضي أثار تساؤلات في الدوائر السياسية بإيران، ذلك ان لاريجاني ثاني اكبر مسؤول إيراني من المفترض أن يشارك في ذلك اللقاء. وندرك جميعا انه عندما يعقد اجتماع في مكتب مسؤول رفيع في الدولة، فإن مكتب هذا المسؤول هو الذي يعد للاجتماع. ترى، هل تجاهل مكتب آية الله خامنئي توجيه الدعوة إلى لاريجاني، أم ان الدعوة وجهت له ورفض المشاركة؟
ثانيا، بوصفه أمير المجلس الأعلى للأمن القومي، قال لاريجاني يوم الأربعاء 17 أكتوبر، إن الرئيس الروسي بوتين تقدم بمقترح خاص قيد الدراسة الآن بشأن البرنامج النووي وان زعيم إيران قال أيضا إن المقترح له أهميته فيما ناقش الرئيس نجاد بصورة مباشرة تصريح لاريجاني بشأن المقترح الروسي خلال زيارته الأخيرة إلى إيران الأسبوع الماضي. شارك كل من لاريجاني واحمدي نجاد في انتخابات 2005 الرئاسية، وفشل لاريجاني المرشح المحافظ الأساسي في انتخابات الرئاسة، وفاز نجاد، إلا أنهما قررا العمل معا. وخلال فترة رئاسة خاتمي كان لاريجاني الناقد الأهم لسياسة خاتمي، خصوصا لإدارة روحاني للمجلس. وكان لاريجاني معروفا بنظريته التي تقول: نحن أعطينا الأوروبيين ماسة رائعة وتلقينا قطعة كراميل بالمقابل. وواصل نقده لخاتمي وروحاني.
فهل تخيل يوما انه يمكن أن يستبدل بجليلي غير المعروف كثيرا ؟ وقد كتب ابطحي، نائب خاتمي، في مدونته على الإنترنت أن استقالة لاريجاني خطرة جدا خصوصا في الوضع المعقد الراهن. ويعتقد الرئيس نجاد أن ملف الطاقة النووية الإيراني قد أغلق. وهذا يعني أن مفاوضا كبيرا مثل لاريجاني لا يمكن أن يلعب أي دور في هذه العملية. ويحتاج نجاد شخصا مثل جليلي بالخبرة المحدودة جدا لفرض أفكاره عليه.
وفي غضون ذلك انتقد مصدر يبدو مقربا من لاريجاني، الناطق باسم الحكومة، ورفض تفسيره بشأن استقالة لاريجاني. وقال إن لاريجاني لا يتهرب من مسؤولياته، وانه كان خلال السنوات الثلاث الماضية واحدا من أرفع المسؤولين في الحكومة الإيرانية. كما رفض فكرة أن لاريجاني يريد المشاركة في الانتخابات البرلمانية الجديدة. ويظهر توضيحه أن لاريجاني ابعد من منصبه كسكرتير لمجلس الأمن، لنواجه سؤالا أكثر أهمية وهو لماذا ابعد لاريجاني وهل وافق خامنئي على هذا القرار ؟
أتذكر مقدمة كتاب محمد رضا شاه ـ جواب على التاريخ ـ حيث كتب انه لم يستطع أن يفهم سلوك الحكومة الأميركية ولماذا عاملته بمثل تلك الطريقة، ولماذا أرسلته وزوجته إلى مستشفى للمجانين لأنه فعل كل ما طلبته أميركا منه !
لقد فعل لاريجاني كل ما بوسعه ضد الرئيس السابق وحكومته وضد الكتاب والمفكرين خلال فترة عمله كمدير لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون. وقد اعد البرنامج الخاص «هوفيات» في عهده، وهو برنامج قدم الكثير من المفكرين والباحثين المعروفين باعتبارهم عملاء لأميركا.
كنت في زيارة إلى الكاتب والباحث الإيراني الشهير الدكتور زارينكوب، وابلغني انه من غير المعقول أن تلفزيون إيران قدمني أمس باعتباري عميلا لأميركا، واليوم أتلقى هدية خاصة نيابة عن القراء. ألم يكن مديرا للتلفزيون تحت رعاية القائد؟ لماذا طردوا لاريجاني؟
ربما تحتاج إيران إلى خلق فرصة جديدة لحل الأزمة النووية. ولكن يبدو أن استبدال سكرتير مجلس الأمن يشبه المقامرة. وفي المستقبل سندرك ما إذا كان طرد لاريجاني في مصلحة إيران أم ضدها. أعتقد أن استقالته الصادمة تظهر نوعا عجز الحكومة الإيرانية، فقد كان القرار خاطئا وفي اتجاه خاطئ أيضا.
نقلاً عن “الشرق الأوسط”
مقال محمد علي أبطحي عن إقالة لاريجاني:
Regarding the Dangerous Resignation of Ali Larijani
Mohammad Ali Abtahi