الفرضيات حول من سيكون الحاكم المقبل للمملكة العربية السعودية – أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، التي تعتبر نفسها زعيمة العالم الإسلامي – تحتاج إلى المراجعة بعد الاستقالة المفاجئة لأحد أبرز كبار أعضاء العائلة المالكة. فالإعلان المفاجئ الذي جاء في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر بإعفاء وزير الداخلية الأمير “أحمد بن عبد العزيز” من مناصبه وتولّي ابن أخيه الأمير “محمد بن نايف” منصب وزير الداخلية يُدخل عناصر جديدة إلى المنافسة ضمن الكيان الحاكم في المملكة.
فالأمير أحمد البالغ من العمر 72 عاماً هو أصغر أبناء ما يسمى بـ “السديريين السبعة” التي هي أكبر مجموعة من الأخوة الأشقاء بين العديد من أبناء مؤسس المملكة الحديثة ابن سعود. وكان في الأشهر الأخيرة قد بدا وكأنه يمكن أن يشغل منصب الملك في المستقبل. فالعاهل السعودي الحالي الملك عبدالله، الذي سيبلغ من العمر 90 عاماً في السنة المقبلة، في صحة متدهورة، في حين تردد على نطاق واسع أن ولي العهد الأمير سلمان (76) هو في حالة ذهنية سيئة. وعندما توفي ولي العهد السابق الأمير نايف بن عبد العزيز في حزيران/يونيو حل محله “أحمد بن عبد العزيز” في وزارة الداخلية ونظم رحلات الحج في الشهر الماضي – الحدث الذي مر دون تعثر.
وقبل الإعلان عن الخبر الأخير كان الأمير محمد بن نايف قد خدم فترة طويلة كمساعد لوزير الداخلية المكلف بالإشراف على جهود مكافحة الإرهاب في المملكة – وهو الدور الذي كان يقوم به بكفاءة عالية وفقاً للكثير من المسؤولين الأجانب. ولكن لم تتم ترقيته إلى منصب نائب وزير الداخلية الشاغر خلال الصيف، مما أعطى إنطباعاً بأنه قد تم تهميشه. والآن، على العكس من ذلك، فقد أصبح فجأة الأول من بين أبناء جيله الذي حصل على منصب وزاري رفيع.
وفي سياق الخلافة، يتم الآن فتح الموضوع حول من هو المرجح لأن يكون “الرقم ثلاثة” – أي ولي العهد الجديد في الانتظار (بعد الأمير “سلمان”). فمن بين الأبناء الثلاثة عشر الآخرين لإبن سعود الذين ما زالوا على قيد الحياة من الصعب تحديد أيّ منهم يتمتع بمزيج من الخبرة المطلوبة والاحترام، وبصورة أساسية أيضاً نسب الأم (أي أن والدته لم تكن جارية). وأعاد هذا الغموض فتح مسألة الخلافة ومتى ستكون مفتوحة للجيل القادم.
تفوّقَ على أبناء عمومته
إن تعيين الأمير محمد (53) سيثير الغيرة على الأرجح في صفوف بعض من أبناء عمومته الأكبر سناً والذين هم (حتى اليوم) الأقدم من بين أبناء العمومة – وعلى وجه التحديد نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان (63) ووزير الدولة وقائد “الحرس الوطني” الأمير متعب بن عبد الله (60)، وحاكم المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد (62). وحتى شقيقه الأكبر سعود (56) الذي يشغل منصب رئيس ديوان سمو ولي العهد، يمكن أن يُدرج في هذه القائمة.
إن من المبكر جداً الإشارة إلى أن وزير الداخلية الجديد مرشح فوري ليكون ملكاً، ولكن إلى جانب الخبرة – والأقدمية حالياً – فإنه كان محظوظاً أيضاً. ففي عام 2009، نجا سالماً تقريباً عندما هاجمه مفجّر انتحاري نجح في التهرب من عملية الفحص [الأكلترونية] بإخفائه عبوة ناسفة في فتحة الجسم.
وبالنسبة للولايات المتحدة وغيرها، فإن هذا التعيين سوف يجبر المراقبين على إعادة تقويم فهمهم لبنية السلطة في المملكة العربية السعودية. وإلى الحد الذي لم يتم فيه توقع التعديل، فإنه يثير وعياً جديداً لغموض عملية اتخاذ القرارات في المملكة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن ومؤلف البحث باللغة الانكليزية “بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية”.