واشنطن من حسين عبد الحسين
قال المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي اليوت ابرامز ان الولايات المتحدة لا تلعب دورا «في اللعبة» اللبنانية في الوقت الحالي، وان التحالف الذي كانت تدعمه بلاده «تكبد خسارة فادحة»، معتبرا ان الحل الوحيد لنزع سلاح «حزب الله» هو عن طريق سورية، لكنه استبعد ان يقوم السوريون بخطوة مماثلة، نظرا للتوازن الاقليمي الذي يميل لمصلحة إيران.
وقال ان احد الحلول في الماضي كان يقضي «بدخول قوة عسكرية اميركية إلى لبنان»، الا ان «هذا لم يحصل في زمن (الرئيس السابق جورج) بوش، ولن يحصل في عهد الرئيس (باراك) اوباما».
واضاف ان «إيران لن تدفع «حزب الله» إلى المبادرة إلى الحرب مع إسرائيل، فالحزب هو سلاح الردع الإيراني من اجل اكمال البرنامج النووي، وليس من مصلحة طهران المجازفة بخسارة هذا الردع في حرب مع إسرائيل قبل اكمال برنامجها».
كلام المسؤول الاميركي السابق والباحث في «مجلس الشؤون الخارجية» جاء أثناء حلقة نقاش كتاب «امتياز ان تموت»، الذي ألفه الصحافي ثاناسيس كامبانيس عن «حزب الله» اللبناني.
واستضاف النقاش، الذي انعقد في «مركز التقدم الاميركي»، اول من امس، الباحث في المركز بريان كاتوليس.
ومما قاله ابرامز ان منافسة «حزب الله» في التقديمات الاجتماعية «امر ميؤوس منه». اما السبب فهو ان «حزب الله» يتمتع بفعالية اكبر من اجهزة الدولة.
وقال ان «الوكالة الاميركية للتنمية الدولية» لا يمكنها تسديد الاموال بسرعة التنظيمات الحزبية مثل «حزب الله» وحركة «حماس». وقال ان البيروقراطية الاميركية تفرض عملية طويلة على الموظفين قبل تسديد الاموال لمشاريع تنموية، اما الحركات الحزبية، قتنفق الاموال بسرعة اكبر.
وضرب ابرامز مثالا على صعوبة استخدام الاموال الاميركية، وقال: «اثر انتخاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قمنا بتحويل مبلغ 50 مليون دولار للحكومة الفلسطينية، وفي يناير 2006، فازت حماس بالانتخابات، فطالبنا عباس باعادة الاموال لاننا لم نكن ننوي تمويل عمل حكومة حماس».
واضاف ان السلطة الفلسطينية اعادت إلى الاميركيين، بعد عام، مبلغ 47 مليون دولار، اي انها لم تنفق اكثر من 3 ملايين دولار في غضون عام. هذه البيروقرطية الاميركية، من جهة، واللبنانية او الفلسطينية من جهة اخرى، هي التي اعطت تفوقا للاحزاب في تقديم تأمينات اجتماعية.
ابرامز اعتبر ان القوى الغربية والعربية رأت في حرب يوليو 2006 فرصة لتقليص نفوذ «حزب الله»، لكن مع ارتفاع عدد القتلى، انقلب الرأي العام العالمي ضد الحرب. اليوم، حسب ابرامز، «الحل الوحيد لتقليص هذا النفوذ هو عبر سورية».
الأسد رفض استعادة الجولان مقابل القطيعة مع إيران
ولفت ابرامز إلى ان «السعودية نظرت إلى لبنان ورأت انها امام خيارين، واحد سوري والاخر الإيراني مع حزب الله، فقررت اختيار السيناريو السوري». لكن ابرامز يعتبر ان «لا حل من خلال الخيار السوري، فسورية ملتصقة بإيران التي تشهد صعودا في الوقت الحالي».
وأضاف: «أثناء السنوات الاولى لإدارة بوش، في العامين 2001 و2002، حاولنا ان نأخذ الخيار السوري، وذهب (وزير الخارجية السابق كولن) باول و(نائبه ريتشارد) ارميتاج إلى (الرئيس السوري بشار) الاسد، وقلنا له ان الجولان يعود له على شرط ابتعاده عن إيران وحلفائها، والاسد لم يفعل هذا في الماضي، ولن يفعله الآن».
أما كامبانيس فرأى انه من «الصعب قصف حزب الله حتى ابادته»، وانه حتى «لو دخلت إسرائيل لبنان وقضت على كل اعضاء حزب الله وترسانته الصاروخية، فإن الحزب سيعيد بناء نفسه ومقاتليه وصواريخه في غضون سنة».
لذا، يعتبر كامبانيس ان لا تغيير مقبلا في وضع «حزب الله» من دون حدوث تغيير جيو استراتيجي او تغيير في الوضع الإيراني.
ويقول كامبانيس، الذي اجرى مقابلة أخيرا مع المسؤول في الحزب محمود قماطي، انه في زيارته الأخيرة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، رأى متغيرات. واوضح: «كنت عندما تدخل الضاحية ترى شبابا مع مسدساتهم وعلى موتوسيكلاتهم… واليوم اصبح هؤلاء يقدمون انفسهم على انهم اعضاء في حزب الله».
المال كثير ومسؤولو الحزب يتجوّلون في سيارات فخمة
واضاف: «في الماضي، كان عدم الانضباط من ميزات حركة امل… في احداث مايو 2008، دخل مقاتلو أمل وأحدثوا شغبا وفوضى، وتبعهم مقاتلو الحزب مع اجهزتهم اللاسلكية واعادوا النظام».
ويزعم كامبانيس انه اثار هذا التحول مع مسؤولي «حزب الله» الذين شرحوا له ان هذا التغيير في نوعية مقاتلي الحزب سببه الاستعدادات لحرب داخلية.
واضاف كامبانيس ان الفساد وصل إلى اعضاء وقيادة «حزب الله». وقال انه خلال تاريخ هذا الحزب، «لم يحدث ان استغل مسؤولوه سلطتهم لجني المال، حتى ان (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصرالله خسر ابنه في المعارك ضد إسرائيل، اما اليوم، فالمال كثير ومسؤولو الحزب يتجولون في سيارات فخمة.
وخالف كامبانيس ابرامز متوقعا حدوث «مواجهات» في لبنان، وقال ان «حزب الله يعتمد بنيويا على الصراعات»، وان مناصري الحزب يؤمنون انه يمكن هزيمة إسرائيل وانهاؤها من خلال الحرب.