ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل
هل يمكننا إجراء ربط بين المجريات التالية :
1 – تعيين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للأمير خالد بن بندر رئيساً للاستخبارات العامة، والأمير بندر بن سلطان مستشاراً وممثلاً شخصياً خاصاً له.
2 – اجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أولاً ومن ثم وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في هولير (أربيل) مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني.
3 – إعلان برلمانيين مهمين من لجنة العلاقات الخارجية والأمن في البرلمان الإيراني العاصمة السعودية (الرياض) كداعمة روحية ولوجستية وإيديولوجية لداعش.
4 – ما قاله فلاح مصطفى مسؤول العلاقات الخارجية في رئاسة إقليم كردستان العراق وهو يحدق في عيني الولايات المتحدة الأمريكية: “سنعلن استقلالنا، رغم رفضكم”.
5 – تصريح مجلس الأمن الروسي: “الهيمنة الأمريكية على الساحة العالمية انتهت، وينبغي الآن الجلوس على طاولة التفاوض على أساس الحرب الباردة “.
ومع أن لكل حدث من تلك الأحداث أجندة خاصة بها، إلا أن لها أيضاً أبعادا منفصلة أسهمت في “صحوة” طهران. (إذا كان هاجس واشنطن ولندن هو إزالة جزء رئيسي من توازن بغداد / المالكي مع أربيل، فإن المخرج الإسرائيلي كان دعم “كردستان مستقلة” بسرعة وعلانية).
علاقات الولايات المتحدة مع إيران هي من ناحية ضاغطةٌ على طهران، ومن ناحية أخرى هي مريحة وأشبه بدوران عجلتين في الوقت نفسه. يمكن مناقشة ما إذا كان ذلك ممارسة للسياسة الخارجية أم لا. لكن وجود ازدواجية سياسية يعني وجود مركزين مختلفين، وهو أمرٌ يتيحُ المجال أمام الديناميكات الداخلية في البلاد.
والمسألة المتناقضة الأخرى هي: إذا ما تم تقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء، فأي الأجزاء سيكون عاقاً أكثر وغير مطيع؟ يكمن سر المشكلة هنا في أن مشعلي الفوضى في المنطقة لا يريدون الإعلان عن أنفسهم، أو احتضان ذلك الجزء!
إيران تعارض إعلان “كردستان مستقلة” في المنطقة، وإذا اقتضى الأمر يمكنها حفر الخنادق أيضاً في مواجهة كردستان. أيضاً فإن إيران تلاحظ وجود إسرائيل في إقليم كردستان، وقد نبهتْ “هولير” إلى أن وقوفها في صف واشنطن سيكون مختلفاً عن وقوفها في صف طهران. وكان نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد حذَّر القيادات الكردية في الإقليم من أن “فكرة الانفصال لن تكون جيدة”.
الدعم الإسرائيلي لـ”كردستان مستقلة” يعني في الوقت نفسه امتلاكها بطاقةً اخرى في مواجهة إيران. ففي حال قررت أربيل أخذ جميع المخاطر بعين الاعتبار ومضت في طريق الاستقلال قائلة: “اليوم يومنا”، وتدخلت إيران كردة فعل، فإن الرد العميق على إيران سيكون من الموساد الإسرائيلي عبر إثارة موزاييك الأقليات الإيرانية (من الذي يقطع يد وسبل إيران في العراق وسوريا؟).
لدى إيران أيضاً أماكن يمكنها الاعتماد عليها. فنائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد زار موسكو قبل فترة وجيزة وأطلعها على الوضع القائم. وقد صرح في ختام اللقاءات الرسمية: “لدى روسيا وإيران وجهات النظر نفسها حيال مجمل القضايا الإقليمية”.
لدى كل دولة صيغةٌ ما تواجه بها القلق والمخاوف التي تعترض أمنها القومي فيما يتعلق بماهية تنظيم داعش والجهات الداعمة له هنا. وبحسب روسيا وإيران فإن الولايات المتحدة والسعودية داعمتان لعمليات داعش.
على العكس تماماً، فإن ملك السعودية يشعر بأنه لقمة سائغة! فالدولة الإسلامية في العراق والشام باتت على حدود المملكة، ومتطرفو اليمن يشكلون خطراً على عرشه، ومجمل الأخبار عن المرحلة التي بدأت مع توسع داعش في المنطقة وتحول المملكة إلى ضحية مرتقبة مصدرها بريطانيا، الأمر الذي يقتضي قراءة الوقائع بشكل مغاير.
يبدو الآن أن الرياض وواشنطن تبحثان عن بديل للمالكي، فيما طهران وموسكو تعارضان ذلك. وفي الوقت الذي ترسل فيه طهران وموسكو الطيران الحربي تباعاً إلى العراق، فإن واشنطن أجّلت تسليم 36 طائرة أف 16 إلى العراق في إشارة واضحة إلى موقفها مما يجري.
قطر لاعبٌ آخر في دور البطولة. إذ تتقرب من إيران وتشهد علاقتها بالرياض بروداً. وقد أجرى الرئيس الإيراني روحاني اتصالاً هاتفياً بالأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني الأحد الفائت للتشاور حول الأوضاع المستجدة.
بالنظر إلى جميع هذه “التوزانات السيئة”، هل ستعلن هوليرُ الاستقلال، وهي التي تجري التحضيرات وتضع الخطط من أجل إجراء الاستفتاء؟ إذا ما عُدَّتْ “التوازنات السلبية” ميزة، يمكنهم إعلان الاستقلال. وقد أعلن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني في برلمان الإقليم يوم الخميس 3 يوليو: “حان الوقت لنظهر للعالم مطلبنا، ولا مشكلة اليوم في شكل إعلاننا للاستقلال”.
أما بالنسبة لتركيا، فإن الصمت هو الذي يحكمُ موقفها، إضافة إلى انشغالها بالانتخابات الرئاسية، وسلامة مواطنيها والعملية السلمية مع حزب العمال الكردستاني. ولكن علينا عدم التعويل كثيراً على هذا الصمت! بهذا المعنى ينبغي الإشارة إلى غرابة التجاء مقاتلين من حزب العمال الكردستاني إلى تركيا بعد مواجهات عسكرية مع الجيش الإيراني مؤخراً!
• المصدر: صحيفة يني شافاق yenisafak التركية.