في مقابلة مع “الفيغارو” الفرنسية، أعطى نائب الرئيس العراقي “إياد علاوي” التقييم التالي لإداء رئيس حكومة العراق “حيدر العبادي”:
“حينما تم تعيينه في الصيف الماضي، أكّد حيدر العبادي أن المصالحة ستكون أولويته. ولكن الأشهر الثمانية الماضية تظهر أنه ليس مهتماً بمصالحة حقيقية. فلم يتم تسجيل أي تقدم. ولم يفعل رئيس الحكومة أكثر من تقديم الوعود. وقد يعود السبب إلى إيران التي تدفعه لذلك. إن إيران لا ترغب في حدوث مصالحة ناجحة في العراق، تماماً كما لا ترغب في ما يتعلق بها بالتصالح مع المنطقة.
يضيف إياد علاوي:
“حتى في عهد نوري المالكي لم نشاهد إيرانيين يخوضون القتال داخل العراق. العراق ينبغي أن يبقى بلداً مستقلاً وذا سيادة. ولسوء الحظ، فإن سياسة عبادي تؤدي إلى مزيد من التطرّف ومزيد من التشدد!
كيف يمكن هزيمة “داعش”؟
أجاب علاوي: “النصر العسكري على “داعش” يتطلب قوات خاصة قادرة على القيام بعمليات جراحية ضد قيادة “داعش” بالإستناد إلى معلومات استخبارية مباشرة. ولكن النصر لن يتحقق إلا بمقاومة “السنّة” الذين يعيشون تحت سيطرة المتطرفين. وهذا هو الأهم. إن علينا بصورة مطلقة أن نشجّع القبائل السنّية على المشاركة في تحرير مدنها. والحال، فإن قسماً فقط من هذه القبائل مستعد لمقاتلة المتطرفين. علينا أن نقدّم لهم السلاح الذي يطلبونه، وعلينا أن نساعدهم مالياً.
ولكن، ينبغي كذلك أن نجيب على تساؤلاتهم حول اليوم التالي: ما هي القوة الأمنية التي ستكون مسؤولة عن المناطق المحررة. ما الوقت الذي تستغرقه عودة النازحين إلى منازهم؟ ومن سيعوض عليهم؟ إن ما حدث مؤخراً في تكريت، حيث تم نهب منازل وإحراقها على أيدي الميليشيات الشيعية لا يشجع السنّة إطلاقاً على تعبئة صفوفهم ضد “داعش”. خصوصاً أنه بعد 6 أشهر من انسحاب “داعش” من “ديالى” و”جرف صخر” لم يتمكن الناس بعد من العودة إلى منازلهم. وقد اضطروا إلى تعبئة مستندات لمعرفة ما إذا كانوا انتسبوا إلى حزب البعث أو إلى منظمات سياسية أخرى في عهد صدام حسين.
ما هو الدور الذي ينبغي أن تلعبه الميليشيات الشيعية في الحرب ضد “داعش”؟
أجاب علاوي: “الميليشيات الشيعية، مثل القبائل السنّية، مهمة جداً في الحرب ضد “داعش”. ولكنها كلها ينبغي أن تكون خاضعة للجيش وللحكومة. ولا يمكننا أن نسمح لأي كان بحمل السلاح لمقاتلة “داعش”. لقد التقيت قبل قليل برئيس إحدى أهم قبائل “الموصل”، وهي قبيلة “شُمّر”. وقال لي أنه مستعد لمواجهة “داعش”، ولكن رجاله يطالبون مسبقاً أن يكون الجيش العراقي هو المسؤول عن العمليات. حالياً، بعض القبائل تؤيد “داعش”، وبعضها يؤيد الحكومة. وبدون سيطرة حكومية، فسيودي ذلك إلى أعمال ثأرية بعد تحرير “الموصل” خصوصاً، وخلال القتال يمكن لبعض القبائل أن تنتقل من جهة إلى أخرى.
أين وصل مشروع المصالحة بين الطوائف؟
أجاب علاوي: “الإنتصار العسكري وحده لا يكفي لإنهاض العراق. ينبغي أن يسبق ذلك إجراء مصالحة حقيقية. ولكي نصالح العراقيين في ما بينهم لا يد من إعادة الثقة بين الطوائف. ويقتضي ذلك، وعلى وجه السرعة، إقرار قوانين عادلة لا تتّسم بالظلم، وإطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين، وإعادة النظر في ملفات البعثيين القدامى.
في المناطق التي تسيطر عليها “داعش” لدينا إتصالات مع أشخاص ينشطون في المقاومة، ومع عناصر من القبائل، ومع بعثيين وعسكريين سابقين. إن مثل هؤلاء هم من ينبغي أن يستفيدوا من المصالحة. لا يمكن أن تستمر الشكوك في ما يتعلق بملايين الأشخاص، بحجة أنهم كانوا بعثيين قبل 15 أو 20 سنة. ينبغي وضع حد لعملية إزالة البعث هذه، وأن تتحرك العدالة ضد من يُعرَف أنهم ارتكبوا جرائم في عهد صدام حسين. إن عملية إزالة البعث مستمرة منذ 12 سنة. وهذا أمر غير معقول! وكونوا على ثقة بأنه إذا استمر نفس المسؤولين العراقيين في السلطة، فستستمر عملية إزالة البعث لعشرات السنين.
لكي يبقى العراق، ينبغي أن تكون المصالحة هي المفتاح الأساسي. وبدون مصالحة حقيقية، لن ينهض العراق.