كلما طال عمر النظام السوري زاد الاحتقان الشعبي السوري ضد ايران وروسيا. فالنظام السوري يوغل في استخدام كل ما لديه من قوة النار والسلاح لتدمير المدن والقرى وتشريد المواطنين، وبات غير قادر وغير مبال بالعودة الى المناطق التي انسحب او طرد منها. اما معارضوه فباتوا يرسخون وجودهم ويصلون جزر الثورة في ما بينها على امتداد الاراضي السورية.
ينقل قادمون من دمشق ان النظام يفتقد كل يوم الفئات المحايدة، التي باتت تلمس انه ذاهب الى تدمير البلد، وغير عابىء بمصالح الناس والدولة، الا بالقدر الذي يؤمن لقوته العسكرية القوة النارية الموفرة من روسيا والقدرة المالية التي تتكفل ايران جزءاً منها. النظام السوري، في اختصار، يقول هؤلاء: “يطبق القاعدة التي تقول انه ليس جزءًا من الحل لانه لن يكون جزءاً منه ولكنه قادر على تأخيره ومنعه”.
يتحدث القادمون من دمشق عن ان تحولا بدأ يظهر بشكل واضح في موقف المسيحيين في سورية، ينطلق من أن فرص بقاء هذا النظام انتهت، وبدأ التفكير لدى النخب المسيحية الكنسية وغيرها باللحاق بالمواطنين المسيحيين الذين بات جزء كبير منهم متعاطفا ومنخرطا في الثورة.
ويعزز من هذا التوجه ان العصبة الممسكة بالسلطة والنظام باتت عارية الا من السلاح، والحاضنة الشعبية للثورة تتسع كل يوم، فيما عجز النظام يتفاقم أكثر فأكثر.
اما الجيش فبات في رأي هؤلاء عرضة لانشقاقات متزايدة، وهذا ما يفسر امتناع النظام عن استخدام الكثير من الوحدات العسكرية. تلك التي بات استخدامها يعني ايذانا بانشقاقات متوالية، وهو ما جرى في معركة حلب اخيرا، وما يفسر ايضا استخدام العصبة الحاكمة لسلاح الطيران بشكل مبالغ به وغير مفهوم.
عامل الثقة يتفسخ ويتلاشى داخل ما تبقى من بنية النظام، والخوف المتبادل يزداد داخل مكوناته، وفي هذا السياق لا تزال القوى الدولية والاقليمية المؤيدة للثورة السورية تراهن على مزيد من الانشقاقات وعلى مزيد من الدماء التي توفر قاعدة العداء اللازمة للشعب السوري تجاه ايران وروسيا.
وفي هذا السياق تؤكد اوساط دبلوماسية غربية في بيروت ان لا حاجة ملحة لتدخل دولي عسكري في سورية، وان الجيش السوري الحر والمجموعات المعارضة كفيلة بمفردها بإسقاط النظام بقليل من الدعم العسكري والتنظيم .
لا تدخل اميركياً عسكرياً في سورية، لكنّ المزيد من خطوات الاحتضان للثوار السوريين وللانشقاقات متوقعٌ في المرحلة المقبلة على مستوى النظام السوري. في وقت ترجح هذه المصادر ان شهر العسل الايراني الروسي في سورية في نهاياته بعدما امسكت ايران بمعظم اوراق القوة الامنية والعسكرية في النظام اليوم، اذ يتردد بشكل متزايد في الآونة الاخيرة ان مقتل القادة الامنيين او اعضاء خلية الازمة كان ابرز مؤشرات ضعف التأثير الروسي وتراجعه في مسارات النظام وخياراته.
إنشقاق “مسيحي” إذا، وتفسّخ في الحلف الروسي الإيراني.. هما علامتا الآخرة الأسدية.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد