مع الإمتنان للتحرك السريع الذي قام به الملك عبدالله، وللدعم المصري لمؤسّساته الحكومية، فلا يستطيع اللبناني إلا أن يشعر، اليوم، بالمرارة!
فما الذي أوصل بلد “إنتفاضة الإستقلال”، التي هزّت المنطقة العربية كلها في العام 2005، إلى “حجرة العناية الفائقة” اليوم؟
فليس سرّاً أن لبنان كان أمس، وقد يعود غداً، إلى حافة سقوط الدولة، و”صوملة” البلد، وبداية الحرب الأهلية.
وهذا مؤدّى تهديدات حزب الله، في الأسبوعين الأخيرين، بسبب المحكمة الدولية ولكن تحت “غطائها” أيضاً. “الحزب” يريد أن “يفرض” على “الدولة” إعلان “براءتها” من المحكمة الدولية لأن هنالك شكوكاً في دورٍ ما للحزب نفسه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولكن، ماذا يحدث إذا رضخت الدولة للحزب؟ هل يتوقّف “الحزب” عند هذا الحد؟
رضوخ الدولة اليوم سيكون، بعد 7 أيار 2007، إعلاناً نهائياً بأن “السلطة اللبنانية” انتقلت من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس النوّاب إلى “مرشد الجمهورية”، زعيم حزب الله! أي أن لبنان بات “ورقة إيرانية” تستخدمها كما تشاء في مفاوضاتها النووية مع الغرب.
وللذين يشكّون في أن هدف حزب الله هو “الإنقلاب” على السلطة الشرعية في لبنان، فإن كل “محرّري فلسطين” بدأوا من “الحدود” وانتهوا “حكّاماً” في بلادهم، بدءاً من حسني الزعيم وحتى.. معمّر القذافي! حزب الله بدأ كـ”ميليشيا”، ولكنه تحوّل إلى “جيش” غير شرعي يريد أن يتحوّل إلى “الجيش الشرعي” للبنان! بكل بساطة..
هل اللبنانيون مسؤولون عن الوضع الذي آلت إليه بلادهم؟
حتماً، اللبنانيون يتحمّلون مسؤولية كبرى. وخصوصاً زعاماتهم. والموضوع طويل..
لكن، ليس صحيحاً الزعم بأن “إنقسام اللبنانيين” هو المسؤول عما يحلّ بالبلد.
اللبنانيون منقسمون مثلما ينقسم أي مجتمع “ديمقراطي”، بين أغلبية وأقلية. ولا وجود لنظام ديمقراطي إذا لم “ينقسم” مواطنوه. ولا يريد اللبنانيون أن يكونوا “موحدّين” على غرار “الوحدة” التي تعيشها معظم دول العرب. وقد أثبت اللبنانيون في الإنتخابات النيابية التي تمّت لمرتين منذ العام 2005، وفي الإنتخابات البلدية قبل أسابيع، أن “أغلبيتهم” الساحقة مع “الخط الإستقلالي”. ولم تفلح كل الأموال التي دفعتها إيران في إسقاط الأغلبية الإستقلالية.
لكن لبنان يظل أصغر بلدان المنطقة. ويظلّ عرضةً لضغوط النظام السوري الذي لم يهضم بعد طرده من لبنان، ولـ”تفضيل” إسرائيل للشيطان الذي تعرفه في دمشق على المجهول الذي يمكن أن يحلّ محلّه.
الشيخ نعيم قاسم قال اليوم أنه لا يفهم جماعة 14 آذار.
موقف جماعة 14 آذار بسيط. بين النظام السوري وحزب الله، فإن الخط الإستقلالي كان يميل، بداهةً، إلى حزب الله، لأنه لبناني مبدئياً. أي أن الإستقلاليين يفضّلون التعامل مع خصم “لبناني” على التعامل مع طرف “خارجي”! وهذا كان خط رفيق الحريري الذي كان يقول “لا أريد أن أترك الحزب للسوريين”!
ولكن، أين لبنانية حزب الله؟ هل يضمن حزب الله للبنانيين أنه لن يجرّهم إلى حرب إذا تعرّضت إيران لضربة؟ الجواب هو أن الحزب لا يملك قراره في هذا الموضوع.
وماذا كانت فحوى خطاب السيد حسن نصرالله الأخير؟ لقد طالب اللبنانيين بأن يعتذروا من النظام السوري على إنتفاضة 14 آذار! أي أنه ذكّر النظام السوري بأنه “ضامن” مصالح ذلك النظام في لبنان!
واليوم، وأمام مشهد، عودة سوريا (سياسياً) إلى لبنان عبر هذه التظاهرة غير المسبوقة، وحتى لو تمّت برعاية الملك السعودي، فإن من حقّ اللبنانيين أن يتساءلوا عن دور “مسمار جحا” الذي يمثّله الحزب لصالح النظام السوري. تهديدات الحزب هي التي فرضت على السعودية، وعلى مصر، وعلى اللبنانيين كلهم، أن يقبلوا بهذه العودة “المظفّرة” للنظام السوري! وحدها تهديدات الحزب هي التي فرضت هذا الوضع الجديد.
الحزب لا يستطيع الإنفكاك عن إيران. وميشال عون يدرك أنه لن يحقّق أمنيته بالوصول إلى رئاسة الجمهورية طالما ظلّت “الجمهورية” قائمة.
تلك هي المصيبة، وقد أدرك العرب أن محنة اللبنانيين اليوم تشكّل خطراً على الوضع العربي كله.
اللبنانيون يشعرون بامتنان، ولكن إمتنانهم يعادل شعورهم بالمرارة..
إمتنان لبناني ومرارة أيضاً..! مقال جيد كالعادة للشيخ بيار , ولكن هذا الموقع “الشفاف” تمترس في قوقعة بعيدا عن الحركة والعالم فيما يتعلق بهذه المسألة . قبل نفض اليد , في تعليق قبل عدة شهور بخصوص المسألة , سجلت ان (سلبية) العلاقة اللبنانية – السورية كالارجوحة التي فقدت دفعها التاريخي المستقبلي , فآخر مواقف الحريري .. اغتياله .. انسحاب القوات السورية .. موجة اغتيالات … تراشق اعلامي .. زيارات لبنانية رسمية لسوريا .. وأخيرا وليس آخرا زيارة الرئيس السوري بشار الاسد للبنان برفقة صمام الامان والاستقرار العربي (ابو متعب), ومباركة مصر (ام الدنيا) .. وهامش (جوكر) كما في كل لعبة… قراءة المزيد ..
إمتنان لبناني ومرارة أيضاً..! فاروق عيتاني — farouk_itani@live.com هي مرارات و ليست مرارة.أوّل المرارات ان لبنان ولظروف موضوعية لم يستطع خلق مواطنية لبنانية تتفق، وان كانت الهوية مسألة ذاتية تتعلق في ما يهوى الواحد منا، تتفق على خلق مواطنية تعتبر الخيانة هي خيانة الكيان اللبناني، والعمالة هي العمل المأجور لغير لبنان. أضاع اللبنانيون فرصا كثيرة. فجاء لبنان ساحلية ملتبسة لم تستكمل ساحليتها شمالا الى حدود تركيا. وعندما سقطت فلسطين وقامت دولة اسرائيل واقفلت الحدود الجنوبية، اطلت الوطنية السورية تحاصر لبنان و تبتزه. وبعد 67 انهار الوضع. لم ينجح الطائف وأوقف السوري مفاعيله . و عندما انفجر الوضع بوجهه2005، جرى تردد… قراءة المزيد ..