حسناً فعلت قيادة إعلان دمشق داخل سوريا بإصدار البيان التالي المهم، والدقيق في تعابيره. فقد ساورنا بعض القلق، في الأيام الأخيرة، من بعض تحرّكات بعض المعارضين السوريين في الخارج، وبعض من يحسبون أنفسهم، أحياناً، من المعارضة السورية!
أعجبنا، منذ البداية (أي منذ العام 2005)، أن مؤسّسي إعلان دمشق أنهم لم يعتبروا أنفسهم “أصحاب” الإعلان، وأنهم شجّعوا أية مجموعة من المواطنين السوريين على تبنّي مبادئ الإعلان والإجتماع حولها بصفتهم “إعلان دمشق” أصيلين وليس “مكلّفين” من أحد. والمؤسف أن ذلك لم يتم دائماً، في الخارج، كما كان يرغب المؤسّسون.
ومع ذلك، كان ضرورياً أن نسمع أراء “إعلان دمشق الداخل”، بما فيها تحفّظاته، حول مؤتمر “أنطاليا”، وحول العلاقة مع الدكتور عبد الرزاق عيد. وقد جاءت وجهة نظر “إعلان الداخل” دقيقة، وصائبة. و”إعلان الداخل” على حق تماماً بالمشاركة في مؤتمر أنطاليا، وفي التذكير بأن تشكيل “مجلس وطني إنتقالي” من الخارج سيكون خطأً كبيراً وخطيراً! وسيكون خطأ “خطيراً” أيضاً إذا ما أسفر المؤتمر عن وضع وضع مسودة دستور جديد لسوريا!
هذه مسائل يقرّرها السوريون، في الوقت المناسب، داخل سوريا (وداخل السجون السورية أيضاً) وخارج سوريا- ولكن، في الوقت المناسب! وهذا الوقت المناسب لم يحن بعد!
دولة مدنية ديمقراطية
وقد لفت نظرنا في بيان “إعلان دمشق” عبارة ”
إن إعلان دمشق، يشكر ويدعو بالتوفيق، لكل جهد يبذله أبناء سوريا في المهجر لخدمة مشروع سوريا: “الدولة المدنية الديمقراطية”. وليس من حق أحد مصادرة رؤى وتقديرات الآخرين.”
وهذا التذكير أكثر من ضروري لأن المؤتمر يتمّ في تركيا التي يحكمها حزب إسلامي حليف لـ”الإخوان المسلمين”، وقد يسعى الأتراك للإستفادة من مأزق النظام لإقناعه بتحالفٍ ما مع جماعة “الإخوان المسلمين” السورية (سمعنا أن تركيا اقترحت على بشّار الأسد “توزير” عضوين من الإخوان !). لا أحد يقبل باستبعاد “الإخوان المسلمين”، ولكن أحداً لن يقبل بإعطائهم وزناً إضافياً إستناداً إلى تحالفات خارجية!
الثورة السورية يصنعها شعب سوريا بكل فئاته، و”الإخوان” جزء من الشعب السوري لهم ما له وعليهم ما عليه. بما في ذلك شعار “لا سلفية ولا إخوان” الذي رفعه السوريون في مختلف مدنهم وقراهم ومحافظاتهم! ولن يقبل شعب سوريا بمحاولات دول خارجية لـ”توجيه” ثورته بهذا الإتجاه أو ذاك. لا تركيا، ولا غير تركيا!
بيار عقل
*
إعلان دمشق: بيان إلى الشعب السوري جمعة حماة الديار- دموية أيضاً
أنهت انتفاضة الشعب السوري أسبوعها العاشر، جمعة أسماها الناشطون جمعة حماة الديار. إنها رسالة وطنية، ومناشدة إنسانية للجيش السوري، بألا ينجر لقتل الشعب السوري، أو ينحرف عن مهمته الأساسية في حماية الوطن والشعب من الأخطار الداخلية والخارجية.
كان القتل أقل من الأسابيع التي سبقت. لقد سقط اثنا عشر شهيداً وعددٌ من الجرحى برصاص القوى الأمنية. والمظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة عمت كافة المدن السورية. فهي تؤكد أن السوريين باتوا أكثر إصراراً وثباتاً وثقة بقدرتهم على الفوز بحرياتهم على الرغم من القتل والعنف ومكابرة النظام. وما سيزيدهم إصراراً ما يُكشَفُ عنه كل يوم من مجازر ومقابر جماعية، وممارسات بشعة تخجل منها بربريات القرون الوسطى. إن صور الشهيدين الطفل حمزة الخطيب ذي الثلاثة عشر ربيعاً، والشاب حسين الزعبي، اللتين هزتا ضمير الأحرار في سوريا والعالم، ستكونان وصمة عار في جبين سفاحي سوريا، الذين يعتقلون ويعذبون ويقتلون ثم يمثلون بالجثث، الأمر الذي دعا السوريين للتظاهر في سبت الشهيد حمزة في أكثر من مدينة، وقد تتحول معه إلى مظاهرات يومية.
ممارسات النظام السوري وعنفه في مواجهة المتظاهرين العزل باتت تدفع بالموقف الدولي نحو التشدد تجاهه. وهي ما برحت تعطيه الفرصة تلو الفرصة، وتنصحه بمغادرة الخيارات الأمنية، وأن يفتح المجال للعملية السياسية. هذا ما بدر عن قمة الثماني، التي عقدت في فرنسا، وبعثت للنظام برسالة واضحة، بشكل جماعي وفردي، تفيد “بأن الملف السوري بات على بعد خطوات من التدويل“، ويبدو أن تركيا تبذل جهوداً استثنائية لإقناع الدول الفاعلة بالعالم من أجل منح النظام مثل هذه الفرص، فهل يستفيد منها؟.
من جانب آخر، تجري معارضة الخارج، تحضيرات لمؤتمر حول سوريا، يعقد في أنطاليا التركية آخر هذا الشهر، تداعى له عدد من الشخصيات والقوى المعارضة في الخارج، إن إعلان دمشق الذي هو أحد القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في الداخل، وله امتداد في المهجر، لا بد وأن يوضح موقفه من هذا المؤتمر:
إن الإعلان، يرى أن من حق الجاليات السورية في الخارج، أن تتحرك لدعم انتفاضة الشعب السوري الباسلة في الداخل، بل من واجبها أن تشارك في صناعة مستقبل وطنها الذي حرمت من العيش فيه، ما دامت عيون المؤتمرين على الداخل وكسب تأييد الرأي العام العالمي إلى جانب قضية الشعب السوري المنكوب بالاستبداد. إلا أن قيادة الإعلان في الداخل قررت المشاركة في هذا المؤتمر بصفة مراقب، وكلف السيدين أنس العبدة وكاميران حاجو بتمثيل أمانتي الداخل والخارج بهذه الصفة من التمثيل. ذلك أن للإعلان تحفظات حول التسرع في عقد هذا المؤتمر دون أية استشارات مع الداخل بشكل مسبق. والإعلان يتحفظ على نقطتين رئيسيتين في جدول أعمال المؤتمر، أولهما: البحث في تشكيل مجلس وطني انتقالي. ذلك أن الوضع في سوريا يختلف عنه في ليبيا، والقياس هنا غير مفيد. وثانيهما: البحث في وضع مسودة دستور جديد لسوريا المستقبلية، وهذه النقطة تحديداً، نرى أنها من حق الشعب السوري عندما تجتمع تمثيلاته المختلفة في الداخل والخارج في مؤتمر عام للحوار الوطني، يعقد داخل سوريا.
خلاصة موقف الإعلان أنه يرى أن العمل الأساسي المطلوب من الجاليات السورية في الخارج في هذه المرحلة، يجب أن يتركز على دعم انتفاضة الداخل، سياسياً وإعلامياً ومادياً، وبما يضمن استمرارها.
إن إعلان دمشق، يشكر ويدعو بالتوفيق، لكل جهد يبذله أبناء سوريا في المهجر لخدمة مشروع سوريا: “الدولة المدنية الديمقراطية”. وليس من حق أحد مصادرة رؤى وتقديرات الآخرين.
وفي هذه المناسبة فإن الأمانة العامة لإعلان دمشق في الداخل، ترى أن من المناسب، إبلاغ المؤتمرين وكل أعضاء الإعلان ومناصريه في الداخل والخارج، مع كامل التقدير والاحترام لشخص الدكتور عبد الرزاق عيد، فإنه لا يمثل إعلان دمشق، وكل ما يصدر عنه، يمثل رأيه الشخصي ولا يوجد بيننا وبينه أي تنسيق.
إن تطور الانتفاضة السورية أضحى حقيقة لم يعد باستطاعة النظام تجاهلها، فالتضحيات كبيرة، والمآسي التي صنعها النظام كبيرة أيضاً. وإصرار السوريين على التغيير الوطني الديمقراطي، ونقل سوريا نحو دولة مدنية ديمقراطية لكل أبنائها، بات أكثر وضوحاً ورسوخاً وثقة. النظام بحلوله الأمنية، أخذ يهتز، وهذا فأل خير لسوريا وشعبها. فعسى أن يُفتحَ بابٌ للحلول السياسية التي تنقذ سوريا من المجهول. وربما يكون اعتراف الإعلام السوري بشكل خجول بحقيقة التظاهر، وهو الذي تعمد التضليل، وتحريف الحقائق، منذ شهرين ونيف، أحد دلالات ذلك. هذا يرتب على الشعب السوري بكل فئاته، خاصة الكتلة التي ما زالت صامتة منه، ولم تقل رأيها بعد، إما خوفاً من النظام، أو لارتباط مصالحها به، عليها أن تغادر هذا الموقف السلبي، وأن تخفف آلام المخاض العسير، كي نحافظ جميعاً على سوريا مأمونة، ونحفظ دماء السوريين ووحدتهم المجتمعية من عبث المغامرين وأنصار العنف.
دمشق في 29/5/2011
الأمانة العامة
لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
“إعلان دمشق” بالداخل يضع النقاط على الحروف بالنسبة لمؤتمر “أنطاليا”
لا تختلفوا فتذهب ريحكم..على الداخل ان يصمد ويواصل الضغط على النظام .
على الخارج ان يدعم صمود الداخل بكل مايحتاج.
بالرغم من محاولة الجامعة العربية والدول العربية الابتعاد عن مايجري في سوريا فانني ارى انه يجب على المعارضة في الخارج الاتصال ببعض الدول العربية للحصول على الدعم السياسي والمالي لصمود الداخل .
يجب على معارضة الداخل تكثيف النشاط الاعلامي وتصوير مشاهد القمع والاذلال وتمريرها لمعارضة الخارج لتوصيلها للرأي العام الدولي الذي سيزداد شراسة مع كل عملية قمع وسقوط قتلى
رحم الله شهداء سوريا والمجد للمطالبين بالحرية والكرامة.