إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
كلمة لا بدّ منها: نحن في “الشفاف” لا نعتبر قضية الشيخ الأسير قضية “سُنّية”!
قضية الشيخ الأسير، ومثلها قضية ما يسمّى “المعتقلين الإسلاميين” في شمال لبنان، وبعضهم مضى عليهم 24 سنة بدون محاكمة، هي قضية “لبنانية” بامتياز.
يحلو للبعض أن يتحدث عن “طائفية النظام اللبناني”! هذا خطأ. في النظام اللبناني، ووفق دستورنا، لم يحدث أن كان هنالك “تمييز” بين مواطن لبناني ومواطن (أو حتى أجنبي) آخر على أساس الدين أو المذهب. ولم يحدث أن كان هنالك “تمييز” ديني أّو طائفي على أساس الدين أو المذهب سواءً في التعليم أو الخدمات الإجتماعية. ولا بدّ من التذكير بذلك لأن كثيراً من اللبنانيين يتناسونه!
القضاء اللبناني القائم على “المساواة بين المواطنين” كان “جوهرة التاج” في النظام اللبناني، ولكنه سقط أمام “الإحتلال الأسدي” للبنان، ثم سقط مجدداً أمام “الإحتلال الإيراني” للبنان.
الأسوأ في “الإحتلال الإيراني” هو أنه أضاف، إلى الإحتلال، نغمةً طائفية للتمييز بين اللبنانيين. أصبح “حسن نصرالله” يحمل سلاحا”ً وصاروخاً ويُسمّى “مقاوماً! وبات السُنّي الذي يحمل السلاح “إرهابياً”!
بالنسبة لنا، “السلاح ليس زينة الرجال”! حمل السلاح “وظيفة” الجيش وقوى الأمن الداخلي فقط. وينبغي للدولة أن تستعيد دورها بالكامل. والقضاء العادل أحد المقوّمات الأساسية للدولة.
حان الوقت لإطلاق سراح الشيخ الأسير والمعتقلين الإسلاميين، وإعادة محاكمتهم في ظروف تسمح بالعدالة.
بيار عقل
*
لقد حان وقت فتح ملف الموقوفين الإسلاميين، وعلى رأسهم الشيخ أحمد الأسير. حان وقت العودة إلى الرشد في السياسة وفي القضاء العسكري. كل التُهم الموجهة إلى معظم الإسلاميين الموقوفين باتت باطلة بفعل التطورات في سوريا وإن كانت هذه التوقيفات جاءت على هوى نظام البعث، فالأجدى أن تذهب إلى ما ذهب إليه هذا النظام. أما ملف الشيخ أحمد الأسير فبعدما اكّدت المؤسسات القانونية التابعة للأمم المتحدة الشوائب التي سُجلت في محاكمته. حان وقت إعادة فتح هذا الملف، وإعادة المحكمة والسماح بعرض الأفلام التي توثِّق صاحب الرصاصة الأولى.
هيئة العلماء المسلمين وفي مؤتمر صحفي لها. أكّد رئيسها الشيخ سالم الرافعي ضرورة اقفال هذا الملف واطلاق سراح كافة الموقوفين وعلى راسهم الشيخ أحمد الأسير.مشيراً إلى “أنّ إطلاقهم اليوم تصحيح لخطأ كبير واستمرار اعتقالهم هو إمعان في هذا الخطأ الكبير”.
فيما أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري طالب بإطلاق سراح الموقوفين الاسلاميين وإقفال هذا الملف.
لبنان أمام مرحلة تغييرية
أحد وكلاء الدفاع عن الشيخ أحمد الأسير، المحامي محمد صبلوح أكّد في حديث لـ”أيوب”: أنّ “لبنان أمام مرحلة تغييرية جديدة، ولا شك التغييرات التي تحصل في سوريا ستؤثر على لبنان. ستُلزم المسؤولين أن يعيدوا نظرهم بالمرحلة الجديدة. نستطيع تسميتها بالعدالة الانتقالية حيث تعترف الدولة أنه بمكان ما حصل خطأ. لقد آن الآوان لإعادة النظر على الأقل لجبر الضرر وإعادة لُحمة المواطنين بين بعضهم ونسيان الخلافات السابقة”.
أما بالنسبة لمعركة عبرا ومحاكمة الشيخ أحمد الأسير قال: “معركة عبرا باتت معروفة بتفاصيلها، ومن أطلق الرصاصة الأولى فيها. ادعينا حينها على 80 عنصر من حزب الله وسرايا المقاومة شاركوا بالمعركة. لم يقبل أي قضاء أن يستلم الدعوى. حينها توجهت لصيدا أنا وزميلي في لجنة الدفاع عن الشيخ الأسير المحامي عبد البديع عاكوم، ورئيس هيئة الدفاع المحامي انطوان نعمة لتقديم الشكوى ولكن دون جدوى، حيث لم يقبل المدعي العام استلامها، ولم يتجرأ أحد على استلامها منّا رغم تقديمنا للأدلة القاطعة على تورط عناصر من حزب الله في ملف عبرا، وأنهم هم من أطلقوا الرصاصة الأولى. برزنا للحكمة أيضاً فيديو يثبت قيام عناصر سرايا المقاومة والحزب باطلاق “إنيرغا” على الجيش اللبناني، ودون نتيجة أيضاً. لهذا السبب عندما وجدنا أنّ المحكمة “غير عادلة” ولم تتجاوب معنا ولا نستطيع الوقوف بوجه القضاء العسكري. قررنا اللجوء إلى الأمم المتحدة حيث أدانت لبنان بهذه الرسالة واعتبرت أنّ محاكمة الشيخ الأسير لم ترقَ إلى المحاكمة العادلة”.
وأضاف: “التقرير صدر عن مفوضية الأمم المتحدة بسبب تعرّض الشيخ الأسير للتعذيب.أعيدت محاكمة الأسير في محكمة التمييز العسكرية، وطلبنا مراعاة طلبات الأمم المتحدة لتأمين محاكمة عادلة. اعتبرت الأمم المتحدة أنّ المحكمة العسكرية غير عادلة وكان رئيس المحكمة التمييزية في حينها طوني لطوف، فيما اليوم الملف بعهدة رئيس محكمة التمييز العسكرية جان قزي لذلك نأمل منه إزالة هذا الظلم الذي لحق بالشيخ أحمد الأسير وتحقيق العدالة”.
القضاء غير عادل
وبدوره، الناشط الصيداوي خالد البوبو قال لـ”أيوب” الكتاب الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة بشأن إلغاء حكم الاعدام، وإعادة محاكمة الأسير ليس بالجديد بل صدر عام 2017. نعيد نشره والتذكير به من فترة لأخرى لتذكير الاعلام بهذه القضية.
بسبب التقرير الصادر من جنيف أعيدت المحاكمة وتمييز الاحكام الـ3 الصادرة بحقه من قبل المحكمة العسكرية. الحكم الأول صدر بسجنه 20 عاماً بقضية واحدة، الثاني مؤبد، والثالث إعدام.
وأضاف: “نعيد نشر التقرير للتذكير دائماً لأننا نسمع ما يقولون عن الشيخ الأسير بأنه ارهابي ومحكوم بالاعدام. لذلك نبرز الوثيقة لنقول لكل من يصفه بالارهابي أنّ أقواله أخذت والمحكمة حكمت عليه بعدما تعرّض لكافة طرق التعذيب والتجويع والضرب، والسجن الانفرادي ومنع الدواء عنه. الشيخ الأسير أقل واحد من بين هؤلاء الشباب ممن تعرضوا للتعذيب. هناك شاب من مدينة صيدا يدعى نادر بيومي توفي تحت التعذيب أثناء التحقيق معه. المعروف أن المحكمة تابعة للثنائي الشيعي لا نستطيع القول أن القضاء في لبنان عادل، بل هو غير عادل بتاتاً”.
هل سيتم تحريك القضية؟
قدّم تكتل “الاعتدال الوطني” اقتراح بصفة المعجل المكرر إلى مجلس النواب بتاريخ 19 تشرين الثاني 2024 يتعلق بخفض السنة السجنية إلى ستة أشهر. النائب محمد سليمان ابن مدينة عكار قال في تصريح له: “توجب اقرار قانون عفو عام وقانون تخفيض للسنة السجنية، بخاصة أن آلاف المسجونين المستحقين سيستفيدون من ذلك، وهذا الموضوع سبق وتمّ طرحه عدة مرات خلال السنوات الماضية على جلسة عامة في المجلس النيابي من دون التوافق على صيغته، فأنني سأتشاور مع الزملاء في كتلة الاعتدال الوطني من أجل المطالبة بإدراج اقتراحيّ قانون للعفو العام ولتخفيض السنة السجنية“.
صبلوح رأى في القوانين التي قدمتها كتلة الاعتدال ظلم أكبر على الموقوفين في ملف عبرا حيث قال: “القوانين التي قدمتها كتلة الاعتدال فيها ظلم أكبر لأنّ أغلب الموقوفين محكومين بالاعدام، والشيخ الأسير واحد منهم، وغيره محكوم بالمؤبد باتهامات سياسية أو ممن فُبركت لهم ملفات. وبالتالي تحديد الاعدام بـ 30 سنة والمؤبد بـ 25 ولكنهم وضعوا شرط للسنة السجنية ليست 6 أشهر بل 9 أشهر (فيما السنة السجنية لمرة واحدة 6 أشهر). هذه الشروط ستضعنا أمام اجتهادات قضائية كان يجب على الكتلة أن توضحها أكثر. من الشروط أيضاً عمر السجين(55 سنة اعدام و 50 سنة مؤبد) فيما الشباب الموقوفين بأحداث عبرا هم صغار السن أعمارهم بين 18 و 19 سنة.
انتقدنا هذا القانون، وهناك مشروع قدمناها مع اللواء أشرف ريفي ونواب آخرين في المجلس النيابي يراعي كل هذه النقاط. المفترض من المجلس النيابي أن يتباحث بهكذا مشروع للوصول إلى خلاصة منصفة للجميع.
تفاصيل قرار مفوضية الأمم المتحدة
أدانت مفوضية الأمم المتحدة محاكمة الشيخ أحمد الأسير واعتبرتها غير قانونية ولا تراعي المعايير الدولية، وطالبت بإعادة المحاكمة بعدما حكمت المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين العبد الله بحكم الاعدام على الشيخ أحمد الأسير في ملف عبرا في 28 أيلول 2017.
طلبت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توضيح من الدولة اللبنانية عن ظروف اعتقال الشيخ أحمد الأسير وقد تبين لهم أن الشيخ الأسير تعرض للتعذيب الممنهج في ظروف اعتقاله ولم يتم مراعاة أنه شيخ وإمام مسجد. وأن المحققين انتزعوا قسراً افادة تدين الاسير نفسه وقد أجبر على التوقيع على افادته دون السماح له بقراءتها..
وأضافت مفوضية الأمم المتحدة في كتابها وتقريرها المفصّل أن المحكمة العسكرية أبعدت فريق الدفاع الموكل عن الشيخ الأسير وعينت بدلاً منه محامياً عسكرياً وصدر الحكم بإعدامه.
وهذا ما يعتبر انتهاكاً للقانون اللبناني وللمعايير الدولية، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، واتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تدعي تطبيقها الحكومة اللبنانية.
لذلك فقد أصدرت مفوضية الأمم المتحدة كتاباً مفاده أن محاكمة الشيخ أحمد الأسير تتعارض مع أبسط المعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمة العادلة وطالبت بإلغاء حكم الاعدام واعادة محاكمته…
تقديم ممتاز فكلنا نطمح أن تنفرد الدولة اللبنانية بممارسة سلطتها من اقصى الجنوب إلى أقصى الشمال و تتولى هي الاشراف على المرافق من مرفأ ومطار الخ. وشكرا للاستاذ بيار عقل وشفاف الشرق الأوسط.