هل يقبل الرئيس السابق محمد خاتمي بتزعّم قائمة الإصلاحيين في الإنتخابات النيابية المقبلة في إيران؟ حتى الآن، يبدو أن خاتمي وقسماً من الإصلاحيين ضد هذا الخيار. بالمقابل يسعى نائبه السابق، محمد علي أبطحي، إلى إقناعه بتغيير رأيه.
بدل حصر النقاش في دوائر مغلقة، وجّه أبطحي، في “البلوغ” الذي يحرّره، ما يشبه رسالة مفتوحة إلى خاتمي يعرض فيها الأسباب الموجبة لترشيخ خاتمي. ومن الواضح أن خلفية هذا النقاش هي خشية الإصلاحيين، وحتى المحافظين “المعتدلين” مثل هاشمي رفسنجاني (وأيضاً، آية الله منتظري الذي نشرنا رسالة منه قبل يومين)، من سياسات أحمدي نجاد التي قد توصل إيران، المعزولةعالمياً، إلى صدام عسكري مع أميركا قد يعرّض النظام بأسره للخطر.
ما يلي “مداخلة” محمد علي أبطحي التي يشرح فيها لماذا ينبغي على خاتمي أن يتراجع عن رفضه لفكرة إعلان ترشيحه للبرلمان، ولاحقاً لرئاسة البرلمان:
“أولاً، إذا أعلن خاتمي عن ترشيحه، فستزول جميع الخلافات بين الإصلاحيين. فكل المجموعات الإصلاحية مستعدة لتعديل قوائمها على أساس ترشيحه، وهذا بحد ذاته يعتبر نجاحاً كبيراً.
“ثانياً، ترشيح خاتمي سيوضح الأمور للراغبين في الإقتراع مع الإصلاحيين في طهران والمدن الأخرى. فالناس قد لا تعرف أسماء العديد من الجماعات الإصلاحية. وفي بعض المدن، يمكن أن يزعم بعض المرشّحين أنهم مرشحو الإصلاحيين. أما إذا تم تجميع الشخصيات الأفضل ضمن قائمة واحدة، وكان لأعضاء هذه القائمة وحدهم حق الإعلان بأنهم رفاق خاتمي، وإذا ما رافق ذلك حملة دعائية واسعة، فإن ذلك سيعطي القائمة التي يقودها خاتمي حظوظاً كبيرة بالنجاح.
“ثالثا، لحسن الحظ فإن خاتمي ليس من السياسيين الذين لا يفهمون الوضع الصعب الراهن. وإذا ما استخدم شعبيّته، “التي تعود جزئياً إلى إنجازاته، وجزئياً إلى تذمّر الناس من الوضح الحالي”، لصالح الشعب والبلاد، فستشهد الإنتخابات إجماعاً قوياً سيكون صعباً تحقيقه بدون ترشيح خاتمي.
“رابعاً، يمكن أن تحوز قائمة خاتمي على أغلبية الأصوات، بحيث سيكون طبيعياً أن يتبوّأ خاتمي منصب رئيس البرلمان المقبل. وإذا ما اضطرّ لخوض معركة للحصول على هذا المنصب، فإن بوسعه الحصول على أصوات عدد من المحافظين المعتدلين أو المنفتحين. إن احتلال مثل هذا المنصب والدخول في دائرة السلطة سيحدث تحسّناً كبيراً في الوضع السياسي داخل إيران. وفي أسوأ الأحوال، وإذا لم تحصل قائمة خاتمي على العدد الضروري لإيصاله إلى منصب رئيس البرلمان، فإنه سيظل متمتّعاً بنفوذ كبير بصفته رئيس كتلة الأقلية في البرلمان. وستكون هذه الأقلية أفضل أقلية في تاريخ البرلمان الإيراني. وسيكون بوسع خاتمي أن ينظّم مجموعة الأقلية بدون أن يتحمّل مسؤولية تنفيذية، وسيلعب دور ناقد جاد ومؤثر قادر على إيصال آراء الفئات التي تشعر بقلق حول مستقبل البلاد.
“خامساً، وعدا قدراته السياسية، فخاتمي يملك أهلية واسعة للدفاع عن الأفكار الدينية المتقدمة. وصوته مسموع دينياً حينما يقف ضد إستخدام العنف في أنحاء العالم بذريعة الدين، أو حينما يقف ضد العداء غير المبرّر للإسلام. وهذا الدور مهم. إن تبوّء منصب رئيس البرلمان، أو منصب زعيم الأقلية البرلمانية، لا يتعارض مع هذا الدور. بل إن دوره كمشرّع سيعزّز موقعه هذا، بحيث لا يكون مجرّد مثقف بين مثقّفين كثيرين.
“سادساً، أن الحضور القوي للسيد خاتمي يمكن أن يخفّف من المشكلات الداخلية والدولية التي تعيشها إيران. فهو معروف كشخصية تتمتع بالحكمة. وهو لا يتبع النزعة المتطرّفة التي تمثّل الرسالة الطاغية لقسم من القيادة الإيرانية الحالية. وبناءً عليه، سيكون قادراً على تغيير موقف الرأي العام الدولي تجاه إيران، كما سيكون صوتاً مختلفاً من داخل إيران عما اعتاد العالم أن يسمعه من هذا البلد. وهاتان النقطتان تتّفقان مع حاجات إيران حالياً، وسينجم عنهما تخفيف قلق الناس، وتزداد المهمة صعوبة أمام الأعداء.
“سابعاً، مع اعتقادي أننا إذا أخذنا بالإعتبار الظرف الحالي للبلاد ، والتقسيم الإنتخابي، والصعوبات الإقتصادية والإجتماعية، فإن ترشيح خاتمي للرئاسة قد لا يكون لصالحه أو حتى لصالح الشعب، فإذا ما طرأ (في موعد الإنتخابات الرئاسية) ما يقنعه بأن يصبح مرشّحاً للرئاسة، فإن ذلك لن يتعارض مع ترشيحه للبرلمان. فإذا كان الإصلاحيون قادرين على خلق الحركة الشعبية الضرورية للفوز بالإنتخابات البرلمانية، فسيكون بوسعنا أن نأمل بانتخاب رئيسٍ إصلاحي. أما إذا لم يتمّ خلق مثل هذا المناخ للإنتخابات البرلمانية، فإن إنتخاب رئيس جمهورية إصلاحي يصبح مطلباً صعبا ًجداً. إن ترشيح السيّد خاتمي هو الوحيد القادر على خلق مثل هذا المناخ للإنتخابات البرلمانية. أعتقد أن على كل المعنيّين بمصير البلاد أن يسعوا لتشجيع السيد خاتمي على إعلان ترشيحه”.
بيار عقل