وأخيرا وصلنا إلى مخيم عين الحلوة. التوتر الأمني المستجد على خلفية اغتيال مرافقي قائد الكفاح المسلح العميد محمود عيسى المعروف بـ”اللينو”، وما حصل بين الإغتيالين من مناوشات، ما زال يفرض نفسه، إضافة إلى شائعات يتناقلها سكان المخيم عن احتمال وقوع تفجير كبير على غرار ما جرى في مخيم “نهر البارد” في الشمال.
تتمركز بشكل دائم على مداخل المخيم الأربعة حواجز للجيش اللبناني مهمتها المساعدة في حفظ أمن المخيم والتدقيق في هويات الخارجين والداخلين إليه، تتضاعف أسئلة واستفسارات عناصرها خلال أوقات “الهدوء الحذر”. ورغم ذلك، هناك طرق غير شرعية للتسلل إلى الداخل، طرق لا يعرفها إلا المحيطون بخارطة المخيم الجغرافية والسياسية، كما أشار مرافقي، الذي نصحني أثناء تسللنا مشيا على الأقدام إلى المخيم بترديد أغنية مارسيل خليفة “من أين أدخل في الوطن” قتلا للوقت، أو للتوتر!.
يقع مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين جنوبي مدينة صيدا. هو “وطن الشتات” و”عاصمة القرار” الفلسطيني في لبنان. وهو حاليا “مالئ الدنيا وشاغل الناس”، بسبب العاصفة الأمنية التي هبّت عليه مؤخرا.
يتوزع سكانه ديموغرافيا على أكثر من عشرين حارة تحمل كل واحدة منها اسم القرية أو البلدة التي أتى منها سكانها، وجلّهم من مناطق حيفا وعكا. ويضم حوالي 80 ألف نسمة ينتمون إلى جميع القوى الفلسطينية العاملة في لبنان، التي تشكل في مجتمع المخيم مثلثا سياسيا متفاوتا في الحجم والحضور والنفوذ تمثل فصائل منظمة التحرير رأسه، وتتوزع على طرفيه فصائل التحالف والقوى الإسلامية.
يعتبر سكان عين الحلوة أن الأحاديث المتناقلة عن انتشار جماعة “جند الشام” و “فتح الإسلام” و”كتائب عبدالله عزام”في المخيم مسألة غير دقيقة. فهي لا تدخل ضمن النسيج المجتمعي لمخيم عين الحلوة وينحصر وجودها في حي الطوارئ فقط.
كما أن أحياء المخيم جميعها تخضع أمنيا لما يسمونه “الأمن بالتراضي”، وهو تدبير توصلت إليه القوى الوطنية والإسلامية الأساسية في المخيم لمعالجة الخروقات الأمنية المتكررة، بمعزل عن الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تنامت حديثا في المخيم وبالتحديد في حي الطوارئ, غير الخاضع لسلطة الكفاح المسلح الذي تنسق قياداته مع الجيش اللبناني من أجل حفظ الأمن.
ويصف سكان المخيم أن هذه الجماعات تحاول الهيمنة بالقوة على مخيم عين الحلوة، وهي مدعومة ماليا وعسكريا من أطراف خارجية دفعها القلق مما يجري من تغييرات سياسية في العالم العربي إلى التخطيط لضرب استقرار المخيم أولا، ومدينة صيدا خاصة، وتوتير الوضع الأمني في الجنوب عامة.
يقرأ سكان عين الحلوة الأحداث الأمنية المستجدة بطريقة مغايرة لما يتم تداوله، ويرون أن المقصود بضرب استقرار مخيمهم هو مقدمة لضرب إستقرار مدينة صيدا معقل “تيار المستقبل” في الجنوب، بغية الإقتصاص من زعيمه الشيخ سعد الحريري.
فبعد المحاولات الفاشلة في تلبيس “تيار المستقبل” تهم تصدير السلاح والرجال والمال إلى سورية، والإخفاق في توتير الوضع الأمني على الحدود اللبنانية السورية، وما بينها من اعتداءات وتصريحات نارية طاولت أهالي “وادي خالد” و”عرسال”، وغيرها من المناطق الحدودية مع سوريا، وصعوبة إشعال فتيل المواجهات في العاصمة، كان لا بد من إيجاد حلقة ضعيفة لتنفيذ المخطط المشبوه، لذلك وقع الإختيار على عين الحلوة.
تربط القوى الفلسطينية الفاعلة في مخيم عين الحلوة علاقة طيبة بالنائبة بهية الحريري، خاصة فصائل منظمة التحرير. وتلعب “الحاجة بهية” دورا بارزا في إطفاء الحرائق وتعبيد طرق التواصل بين القوى الفلسطينية في المخيم وخارجه، بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، الأمر الذي أدى إلى إرساء نوع من الإستقرار الأمني شبه الدائم على أجواء المخيم والمدينة، وتوحيد الموقف السياسي الفلسطيني. لكن الجماعات الأصولية في المخيم تحكمها علاقة متوترة بفصائل منظمة التحرير، خاصة حركة فتح، الحاكم الفعلي للمخيم، وينعكس هذا التوتر على العلاقة بالنائبة الحريري.
الإسلاميون في عين الحلوة منزعجون من كون قيادات منظمة التحرير هي المرجعية السياسية والأمنية الأساسية للمخيم، ومن عدم التفات مرجعيات المدينة لحضورهم، لذلك يقومون من وقت إلى آخر بإشعال النار في المخيم على قاعدة “خالفوا تعرفوا”.
“حماس” تنأى بنفسها عن.. التهدئة!
كذلك فإن “حركة فتح” تنسق مع قيادة “حماس” على ترتيب الأوضاع الأمنية في المخيم. لكن الأخيرة نأت بنفسها في الصراع الحالي، ولم تتدخل قيادتها من أجل تهدئة الأجواء، رغم أنها شريكة في القرار السياسي في المخيم من ناحية. ومن ناحية أخرى، تمثل “حماس” مرجعية القوى الإسلامية في المخيم دون استثناء، وهذا ما دفع سكان المخيم إلى طرح كثير من التساؤلات.
وبناء عليه تشير الإشكالات الأمنية في مخيم عين الحلوة إلى أكثر من اتجاه:
أولاً، تخريب استقرار المخيم. ثانيا، إضعاف الحضور الرسمي الفلسطيني. ثالثاً، الإقتصاص من “تيار المستقبل”. رابعاً، إشعال جبهة الجنوب، وذلك ربطا بالأحداث الأمنية على مساحة الجنوب اللبناني التي توالت منذ أسابيع، حيث بدأت مع الإعتداءات على القوة الفرنسية العاملة في إطار اليونيفيل، أعقبها إطلاق كتائب “عبد الله عزام” صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة، ثم الصواريخ القصيرة النفس التي سقطت “في بلدة “حولا” الحدودية, ،وأخيرا العثور على كاتيوشا مطمورة في سهل المجيدية قرب “حاصبيا .
يستغرب سكان عين الحلوة تقاعس الدولة اللبنانية عن أداء دورها في مسألة إنهاء ملف الجماعات الإسلامية المتطرفة خاصة “جند الشام” و”فتح الإسلام”، التي نزحت وأعادت تشكيل نفسها في مخيم عين الحلوة تحت نظرالأجهزة الأمنية وقوى الأمر الواقع في الجنوب, علماً أن عناصرها مطلوبون للعدالة من خلال مذكرات توقيف صادرة عن القضاء اللبناني تتهمهم بارتكاب جرائم قتل بحق عناصر في الجيش اللبناني وقوات “اليونيفل” وقيادات في “حركة فتح”. ويؤكد بعضهم أن هذه الجماعات لديها ارتباطات وثيقة بالمخابرات السورية وبعض حلفائها في لبنان وقد أُعطيت الضوء الأخضر للتحرك انطلاقا من عين الحلوة لضرب الإنسجام الفلسطيني الفلسطيني بعد المصالحة التاريخية بين فتح وحماس، وتأديب المجتمع الدولي لوقوفه إلى جانب الشعب السوري في محنته من خلال ضرب قوات “اليونيفل”. وتحويل الأنظار عما يجري في الداخل السوري إلى الحدود مع فلسطين من خلال توتير جبهة الجنوب,. كذلك حرق مدينة “صيدا” بنيران الإسلاميين لمعاقبة سعد الحريري وتيار المستقبل على تحديهما لهيبة النظام الأسدي.
و تعلقيا على ما يجري يتساءل الفلسطينيون في المخيم: لماذا صمتت حماس على ما حصل من أحداث في عين الحلوة؟ وما تبرير تغاضي حزب الله عن الإنتهاكات الأمنية الصارخة في الجنوب، علما أن الحزب يعتبر أن الجنوب جزيرته الأمنية المغلقة!
والجواب يأتينا من دمشق وهو “الإستقرار مقابل البقاء”.
إشتباكات “عين الحلوة”: مفتاحها في دمشق وفي .. الضاحية الجنوبية!
العصابات الاسدية تجمع المساجين في سجون حمص وحماة وادلب والشام والدير ويأخدوهم لمرفأ اللاذقية و يضعوهم بحاويات مغلقة مع فتحات صغير للتهوية و سيقومون بجمعهم بالمينا ومنعوا الموظفين من الدخول من يوم 22 ليوم 25 باستثناء الامن وانه ممكن ان يضعوهم بسفينة و تسير بالبحر لحتى يخلصوا من موضوع اللجنة .
إشتباكات “عين الحلوة”: مفتاحها في دمشق وفي .. الضاحية الجنوبية!
في تصوري أنّ التنظيم الأساسي التابع لحزب الله في المخيم أيمه أنصار الله . ويبقى اسمه بعيدا عن الأعلام حتى هنا!