حسن فحص – الشفاف
انتهت اللعبة الديموقراطية وأدّى الشعب الايراني المهمة الموكلة اليه بتثبيت الشخص الأصلح لتمثيل الحكومة الاسلامية وعيّن محمود احمدي نجاد رئيسا للجمهورية.
تطورات الانتخابات الايرانية كشفت عن صراع واضح بين اتجاهين اساسيين في الحياة السياسية لهذا البلد، أي بين انصار الجمهورية تلامذة الامام الخميني من جهة، وانصار الحكومة الاسلامية المتحلقين حول المرشد آية الله علي خامنئي من جهة اخرى. وهو صراع حاول الاصلاحيون من الكتلة المؤسسة للثورة والدولة تأخيره او قطع الطريق عليه وحماية ايران من الانزلاق نحو قبضة حديدية دينية ستضعها على مسار يشبه المسار الذي انتجته حركة طالبان، لكن هذه المرة بنكهة شيعية مع الفارق في بعض الممارسات.
لم يغب عن توقعات الاصلاحيين امكانية عودة احمدي نجاد الى السلطة لمعرفتهم بالخلفيات السياسية الحاكمة خلف الكواليس، لكنهم حاولوا ابعاد هذه الكأس المرة عن ايران وتأخيرها ما امكن، بالمقابل سعى التيار المحافظ الى عدم تضييع الفرصة خوفا من عدم تكرارها، وبالتالي التأسيس لمستقبل وسياق يجب ترسيخه.
وعلى الرغم من اعلان فوز احمدي نجاد بمنصب رئيس للحكومة الاسلامية الا ان النتائج التي اسفرت عنها الانتخابات لم تحمل سوى خسائر توزعت على كل الاطراف ، فقد نالت من صدقية وحيادية مرشد النظام، الى عزل ومحاصرة الشخصية الابرز للثورة والدولة الشيخ هاشمي رفسنجاني وصولا الى مير حسين موسوي الذي تشكل خسارته سقوط اخر اوراق التراث الخميني والثورة، ما يعني ان ايران دخلت مرحلة حكم سلطة دينية لا تخضع للمساءلة، تملك كل مقاليد القرار على الصعيدين الداخلي والخارجي ولن يكون الرئيس الجديد القديم سوى قناة لإيصال صوتها لمن يريد ان يسمع.
القرار الذي اتخذه مرشد النظام الايراني علي خامنئي تكليفَ مجلس صيانة الدستور اعادة فرز اصوات المقترعين في الانتخابات الرئاسية في محاولة اخيرة لوضع حد للاعتراضات الشعبية والسياسية على النتائج التي اعادت احمدي نجاد الى منصب الرئاسة، هذا القرار يطرح علامة استفهام كبيرة على دور المجلس وقدرته على لعب دور حيادي في ظل انحيازه الكامل لأحمدي نجاد وتبعيته لتوصيات مرشد النظام وإرادته.
فالاعضاء الاثنا عشر للمجلس يعين ستة منهم المرشدُ مباشرة والستة الاخرون البرلمان بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية المعين من المرشد. ومن صلاحيات المجلس النظر في صلاحية المرشّحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وعضوية مجلس خبراء القيادة، الامر الذي يصدق عليه قول “فيك الخصام وانت الخصم والحكم “.
ومع صعوبة ان يخرج هذا المجلس بقرار الغاء نتيجة الانتخابات الامر الذي قد يُعدّ خضوعا لمطالب الشارع الاصلاحي وينال من صدقية المرشد الذي سارع إلى مباركة النتيجة وهنأ احمدي نجاد بفوزه.
ما بين إعادة فرز الاصوات والنتيجة التي يمكن ان يخرج بها هذا المجلس والشارع الغاضب والمعترض على سرقة اصواته كما يقول، يبدو ان النظام الايراني دخل في مأزق حرج، لان الالغاء سيضع الثقة بالنظام الاسلامي والمرشد في معرض المساءلة ويرفع سقف المطالب لاعادة النظر في صلاحية قيادته للنظام تمهيدا للمطالبة بعزله.
وقد يكون النظام الاسلامي، هذه المرة من بوابة مجلس صيانة الدستور امام امتحان تاريخي ومصيري، بان يعيد النظر في النتائج وان يعمد الى الغاء بعض نتائج الاقاليم بحيث تتراجع نسبة الاصوات التي حصل عليها المرشحون الى اقل من النسبة القانونية للفوز من الدورة الاولى، والدعوة إلى أجراء دورة ثانية تكون محصورة بين المرشح الاصلاحي مير حسين موسوي ومرشح النظام محمود احمدي نجاد . من غير ان يكون الشارع الايراني على استعداد لوقف مطالبه التي قد تصل الى الغاء كل المؤسسات الرقابية التي تحد من العملية الديمقراطية .
خصوصا وان الازمة خرجت من دائرة الصراع على نتائج الانتخابات والجدل على المنتصر او المهزوم ، ليدخل مرحلة اكثر تعقيدا قد تضع كل منجزات النظام والثورة في معرض التهديد . خصوصا وان الشعار الذي يرفعه المعترضون في مقدمتهم الرئيس السابق محمد خاتمي الشيخ رفنسجاني مع المرشحين موسوي ومهدي كروبي وكل النخب الفكرية والسياسية هو شعار استعادة الثورة والجمهورية من ايدي من اختطفها ويريد تحويلها الى حكومة اسلامية لا تقيم وزنا لرأي الشعب او العملية الديمقراطية وما يترتب عنها من انتخابات وحريات ومؤسسات مدنية.
مسيرات وتظاهرات الاعتراض التي تشهدها العاصمة طهران هذه الايام استعادت شعارات عام 1979 التي رفعها الثوريون ضد الحكم الملكي ونظام الشاه واجهزته الامنية ، في رسالة واضحة لاعلى القيادات بان الغضب والاعتراض وصل حدا لم يعد بامكان الشعب السكوت عليه او التراجع عن مطالبه بالديموقراطية .
والخيار الذي اتخذه الشعب الايراني والمطالبة بالغاء الانتخابات لم يترك لتيار السلطة والنظام ، خصوصا المرشد ، سوى احد خيارين ، اما الاصرار على اعتماد النتائج التي اعلنتها وزارة الداخلية التابعة لاحمدي نجاد ، ما يعني الاستعداد لمزيد من المواجهات والتظاهرات والاشتباكات الدموية التي بدأت وعمت المدن الايرانية الكبرى منذ صباح الثالث عشر من الشهر السادس من العام الحالي، واما الخيار الاخر وهو ان يعمد المرشد الى التراجع المباشر ويصدر امرا بالغاء الانتخابات من موقعه كولي للفقيه يسمى “حكم حكومتي” يتعدى صلاحيات كل المؤسسات الرقابية ويلزمها بما يمليه عليها ، وهو ما يستبعده الشارع، لانه سيعتبر بداية الهزيمة لمسار مشروع الحكومة الدينية الذي بدأ ترشيخه قبل اربع سنوات مع وصول احمدي نجاد للمرة الاولى.
يبدو ان الوصع الايراني في ظل اجواء عدم التراجع لدى الطرفين يتجه نحو التصعيد ، اعتراض سلمي قد يتحول الى عصيان مدني، وقبضة حديدية من قبل اجهزة النظام خصوصا الحرس الثوري والتعبئة المطالبين بحسم الامر سريعا قبل ان ينقسمان على نفسيهما.
تطورات قد لا تنفع معها ما يدور من حديث عن خطوة الاعتذار بشكل غير مباشر للشيخ رفسنجاني في محاولة لاسترضائه وفصله عن التيار الاصلاحي انطلاقا من اعتقاد بان رفسنجاني هو المحرك الرئيس لحركات الاعتراض، في حين ان طهران وفي حال اصرارها على السير في لعبة ابقاء احمدي نجاد في موقعه قد تكون مجبرة على تقديم بعض التنازلات على الساحة الدولية لإرضاء الرأي العام العالمي مقابل تمرير ما حصل في الانتخابات وما نتج عنها.
hassanfahs@hotmail.com
إسترضاء رفسنجاني بات متعذّراً وفي الأفق شبح “ثورة دستورية” في الجمهورية الإسلامية
Dictators are in love of bloodshed as much as we are in love of Democracy. Free people have no choice but to pay the price of Freedom and Free word. the Spider’s webs should be shaken hard to make them get out of their holes. The Elections in Iran is a copy of Elections in Lebanon, it is the battle between Reforms of the political system and Ignorance.
إسترضاء رفسنجاني بات متعذّراً وفي الأفق شبح “ثورة دستورية” في الجمهورية الإسلامية
لا جديد سيكون في خطاب علي خامئني وسيدعم النظام الصفوي المليشي الحالي الذي يدمر وسيدمر الشعب الايراني والعالم انها الديكتاتورية الدينية الفارسية الطائفية المليشية