إما أن المواطن حسن نصرالله كان “يمزح” في الخطاب الذي ألقاه مساء اليوم في بيروت، أو أنه يقول للبنانيين أنه صاحب الـ20 ألف صاروخ إيراني وسوري وأن عليهم أن يتقبّلوا “تحليلاته” حتى لو خالفت الحدّ الأدنى من المنطق، وإلا.. أعجبهم أم لم يعجبهم! على طريقة غازي كنعان ورستم غزاله وجميل السيّد..
السيّد نصرالله يتّهم إسرائيل باغتيال القادة اللبنانيين لكنه، هو وحليفه ديكتاتور دمشق، ضد المحكمة الدولية التي ستدين.. إسرائيل! عجيب! هل يريد نصرالله وبشّار حماية إسرائيل من العدالة الدولية؟
كل دعاية حزب الله تقول أن “جماعة 14 آذار” هم حلفاء إسرائيل وأميركا. ليس مهمّا: الليلة غيّر نصرالله رأيه. قال نصرالله في خطابه: “بما انكم لستم اخوان او حلفاء اسرائيل فمن الطبيعي ان يقتلوكم.” شكراً لهذه اللفتة “الإلهية”! و”وقد يكون هذا الأمر بعلم الأميركيين وقد لا يكون”! بعد “تبرئة” 14 آذار “يلمّح” نصرالله إلى تبرئة الأميركيين! (شكراً لنصرالله، نيابة عن “الأميركيين”..)! لكن لماذا “تتخصّص” إسرائيل باغتيال نوّاب الأغلبية الذين سينتخبون رئيس الجمهورية الجديد؟ ولماذا تتعمّد إسرائيل إنقاص عدد النوّاب المناوئين لنصرالله وبشّار الأسد، أي لماذا تتعمّد إسرائيل زيادة نسبة النوّاب المتحالفين مع نصرالله؟ ولماذا تقدّم إسرائيل خدمات مجّانية لنصرالله وحليفه البعثي؟ هل عدنا إلى عصر “الإيران غيت” حينما زوّدت إسرائيل جيش الخميني بالصواريخ ضد العراق؟ العلم عند الله!
بالمناسبة، نسي نصرالله “تفصيلاً” بسيطاً: أن حزبه أو جمهوره “غير المنضبط”، لا فرق، وزّع البقلاوة يوم مقتل جبران تويني، وأن جهازه الأمني الذي يحتلّ وسط بيروت “احتفل” باغتيال النائب أنطوان غانم! عجيب، أليس كذلك؟ إسرائيل تغتال قادة الحركة الإستقلالية، وحزب الله يحتفل بالعمليات الإسرائيلية “القذرة”! ما العلاقة بين إسرائيل وحزب الله؟
عجائب “السيّد” شملت الليلة الفقه القانوني: الدستور اللبناني ينصّ على إنتخاب الرئيس بأغلبية صوت واحد إذا لم يحرز أي مرشّح أغلبية الثلثين في الدورة الأولى. هذا نصّ دستوري. ونحن نفترض أن حسن نصرالله كان سيتّهم النواب الذين يخالفونه الرأي بأنهم “إنقلابيون” لو كان هو يملك الأغلبية النسبية. ولكن، بما أنه لا يمون إلا على “الأقلية”، فلا بدّ من تعديل الدستور لمرة واحدة! هذا منطق منطقي، أليس كذلك؟ وفي أي حال، فله “سوابق”. فقد فرض الإحتلال البعثي تعديل الدستور مرّتين، مرتين للتمديد للياس الهراوي بقرار من صاحب سوريا “الأب”، ومرة بقرار من صاحب سوريا “الإبن”! ألا يمون بشّار الأسد، وحليفه الإلهي، لتعديل الدستور مرة ثالثة؟
أما إقتراح “فلنستقدم 3 او 5 شركات استطلاع رأي موثوقة لمعرفة المرشح الأكثر شعبية وانتخابه..” فهذا نعتبره “طرفة” وليس إقتراحاً. إلا إذا كان المقصود شركات من نوع “مجلس تشخيص مصلحة النظام” الحاكم بأمره في إيران، والذي “يختار” المرشحين الذي “يحق للشعب” الإيراني أن يختارهم! بالمناسبة، ما رأي الأمين العام باختيار 3 أو 5 شركات لاستفتاء السوريين الذي انتخبوا بشّار الأسد بأغلبية 97 بالمئة مع أنهم شاركوا في الإنتخابات بنسبة تقل عن 5 بالمئة! كيف؟ بمعجزة “إلهية” حتماً، ولو أننا نحن نسمّيها مأثرة “أمنية”!
وكلمة أخيرة: ملايين اللبنانيين بتظاهراتهم الرائعة هم الذين أسقطوا الضباط القتلة وهم الذين فرضوا زجّهم في السجن بانتظار المحاكمة التي ستدينهم على الدماء التي تلطّخت بها أيديهم. من رفيق الحريري إلى سمير قصير وجورج حاوي. ورغم وجود 30 ألف جندي تابعين لنظام الإحتلال البعثي (نحن لا نقول الإحتلال السوري لأن سوريا محتلّة مثلما كان لبنان محتلاً)ورغم مظاهرات حزب الله التي رفعت شعار “شكراً لسوريا الأسد”!
ليسمح لنا السيّد نصرالله بـ”عتب” وحيد: ألا يستحق “خامسهم” وكذلك واحد فيهم كلمة واحدة؟ نحسب أن رستم غزالة سيعاتب الأمين العام على هذا التجاهل غير الودي. “ولو” ألا يستحقّ حاكم لبنان السابق “كلمة وفاء”؟
الشعب الذي ألحق الهزيمة بجيوش بشّار وحلفائه في لبنان لن ينهزم أمام تحليلات نصرالله التي لا نرى فيها سوى التهديد والتهويل!
أليس هذى معنى كلامه بأنه “لو شكلتم مئة محكمة دولية سيستمر القتل”؟ أليس هذا تهديداً صريحاً بالقتل؟
ماذا يريد نصرالله “لكي يتوقّف القتل”؟ ببساطة: إعلان حكومة لبنان تخلّيها عن القرار الدولي 1559، وإطلاق سراح الضباط القتلة وإعادتهم إلى وظائفهم (ألا يعود “البريء” إلى وظيفته؟) وانتخاب رئيس “توافقي” تقبل به سوريا بضمانة نصرالله! ويقول نصرالله: “وهذا الشخص موجود وموجود ونصف”! و”الشاطر يحزر”! ولماذا لا يكون هذا “الشخص” هو نفس الرئيس “الزلمي” كما أسماه نصرالله في خطاب سابق دون أن يحدّد “زلمة من” هو! نعم هو نفسه إميل لحّود الزلمي الذي فاز بالإنتخابات وبالتمديد بأغلبية الصوت الواحد، صوت بشّار الأسد!
هل يهدّد نصرالله اللبنانيين بالحرب الأهلية؟ نحن لا نعتقد أن الحرب الأهلية مصلحة إيرانية! الحرب الأهلية تخدم مصلحة بشّار الأسد حتماً. ولكن دور “الحزب” إيراني بالدرجة الأولى. وهذا الدور الإيراني سيظل دوراً “إحتياطياً” في المرحلة الراهنة. فما هي مصلحة إيران في خسارة “ورقة حزب الله” داخل لبنان الآن، بعد أن خسرتها على حدود لبنان مع إسرائيل؟ معه حق نصرالله حينما يقول: “المستقبل ليس مخيفا كما يصور لنا”!
الحرب الأهلية ليست على الأبواب رغم خطاب نصرالله. وكما هزم اللبنانيون وحكومتهم مشروع حكم “الثلث المعطّل” (“المعطّل” لصالح من؟)، يمكنهم أن يهزموا التهويل الحزب اللهي. حتى لو كان مموّلاً (في السنة الماضية وحدها) بـ4 مليار دولار من الكاز الإيراني “النظيف”!
إنتفاضة 14 آذار مستمرة حتى لو خرج منها الذين تقاطعوا معها بالصدفة!
وفي النهاية، شاوشيسكو سقط، وصدّام سقط، وكان عندهم أكثر من 20 ألف صاروخ..
**
القى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلمة لمناسبة يوم القدس العالمي، في احتفال اقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت
جاء في كلمة نصرالله:
“حتى نرى كيف نواجه الواقع الذي نقبل عليه، لقد شهدنا اخر عملية اغتيال وقد جرت العادة انه عندما تحصل أي عملية يسارع البعض لاتهام سوريا وتحميل المسؤولية لحلفاء سوريا، وعندما تطالبهم بالدليل يقولون هذا تحليل سياسي وليس لدينا دليل، ومن ثم يخرج بعض الفلاسفة ان دليلهم على ان سوريا والفريق الاخر هو الذي يقتل، هو انه ليس من المعقول ان تقوم قوى 14 اذار بقتل قادتها، وطالما أن المسألة قراءة سياسية لا أريد أن أتحدث عن فرضية بل عن قناعة ورؤية وهذه عقيدتي ورؤيتي للموضوع الأمني واعرضها على قادة 14 اذار وعلى عوائل الشهداء الذين قتلوا ظلماً وعدواناً طالما ان المسالة تحليل سياسي، إنا اقول ان الاسرائيليين هم الذين يقتلون قادة 14 اذار، وبما انكم لستم اخوان او حلفاء اسرائيل فمن الطبيعي ان يقتلوكم. والسوابق عن افعال اليهود وقتلهم لابنائهم من اجل اجبارهم على الهجرة كثيرة، اليهود تعرضوا للقتل من قبل الصهاينة واسرائيل لها مشروع سياسي في المنطقة. اذا كانت الدماء التي يجب ان تسفك من اجل المشروع السياسي هي من 14 اذار فليكن، ليس هناك من فارق بالدم بالنسبة لاسرائيل فمشروعها هو الأساس، وقد يكون الامر بعلم الأميركيين، وقد لا يكون. ولنأخذ نموذج عملية اغتيال النائب جبران تويني والوزير بيار جميل والنائب انطوان غانم، النائب جبران تويني قتل قبل اقرار المحكمة الدولية، والوزير بيار الجميل قتل قبل اقرار نظام المحكمة الدولية، والنائب غانم اغتيل عندما كان مجلس الامن مجتمعاً للاستماع الى التقرير التنفيذي لقيام المحكمة الدولية، فما هي الصدفة، وسوريا اكبر دولة متضررة من قيام المحكمة الدولية او أي احد من حلفاء سوريا لكن من الذي يفعل ذلك إسرائيل وأمريكا في لبنان حتى يفرض على سوريا تسوية على مستوى المنطقة، لاحظوا 3 عمليات الاغتيال كل المراقبين والمحللين العسكريين اجمعوا ان هذا العمل دقيق ومحترف ولديه قدرة عملياتية عالية وفي تلك المناطق. من الذي له مصلحة في ذلك اكيدة وقوية انها اسرائيل لان مشروعها في الفتنة، واسرائيل تنظر الى المقاومة من باب القلق الاستراتيجي لانها تمنع اسرائيل من تحقيق احلامها في لبنان وهي تستهدف ارهاق المقاومة واضعافها وهي المستفيد الاول من أي تقاتل داخلي وهم يريدون الفتنة فاسرائيل مشروعها الفتنة مهما قتلوا منا سنثأر من الصهاينة وليس من اللبنانيين، كان المطلوب ان يقتل من الطرف الاخر لان الطرف الآخر التهمة جاهزة لديه مئة بالمئة ولا يحتاج الى معطيات امنية.
وانا هنا في هذه الأيام أناشد القضاء اللبناني أن يحكم ضميره وان يتذكر أن له موقفاً كبيراً بين يدي الله عندما يبقي أشخاصاً في السجن. خلف القضبان اليوم هناك ضباط موقوفون بقرار سياسي، اناشد القضاء اللبناني ان يحكم عقله.
هناك فريق سياسي جاهز ليحمل مسؤولية الدم والمتهم جاهز لديه واسرائيل توغل في القتل، لقد قلتم ان اقرار المحكمة سيوقف القتل فلم يتوقف، لو شكلتم مئة محكمة دولية سيستمر في القتل،اقول بصراحة واتهم بالقرائن، اقول ان اسرائيل هي التي ترتكب اعمال القتل والاغتيال في لبنان ويجب على اللبنانيين ان يرتبوا حساباتهم على هذا الأساس وان لا يأخذوا بالظن وان لا يأخذوا لبنان الى حيث تريد اسرائيل ان تأخذ لبنان.
الاستحقاق الرئاسي
بعد ان طرحت مبادرة الرئيس بري ووافقت عليها المعارضة وكان ذلك تنازلاً كبيراً للمعارضة وليس ضعفاً، المعارضة قدمت التنازل تلو التنازل ليس من باب الضعف، ان المعارضة وجمهورها ليس ضعيفاً لكن من باب الحرص على البلد قررنا ان نتنازل عن موضوع حكومة الوحدة الوطنية، وعلى قاعدة اعتراف الطرف الاخر بقاعدة الثلثين. المعارضة قدمت عملياً تنازلاً كبيراً بقبولها التفاوض على رئيس توافقي وفريق 14 آذار لم يقبل بنصاب الثلثين، وهم كل يوم يهددون بالنصف + 1 وأكثر من حرص للمعارضة كهذا ماذا يريدون، المعارضة تريد سلامة وامن البلد، لكن من الذي يريد ان لا يكون هناك رئيس توافقي هو اسرائيل. انا اضمن لكم ان تقبل المعارضة سوريا برئيس توافقي، والذي يعنيه الرئيس التوافقي هو ليس رئيس مواجهة، وهو ما يعني حكومة وحدة وطنية، واسرائيل تريد رئيس مواجهة وتحدي، واسرائيل ومن خلفها امريكا تريد رئيساً ملتزماً الفتنة ونزع سلاح المقاومة. في الاستحقاق سمعنا أقوالاً كثيرة وانه الطرف الاخر يريد استحقاق رئاسي محض، نحن نوافق ونريد ان لا يتدخل احد فيها لا السوريون والاميركيون ، للمرة الاولى نريد اللبنانيين ان ينتخبوا الرئيس ونحن نؤيد ذلك بمعزل عن التدخلات الخارجية ، والتهديد بالنصف + 1 اننا نصغي لمكان اخر ، الأميركيون يمارسون “العجرفة” في كل العالم،وقتل النائب غانم لقطع الطريق أمام مبادرة بري، نؤيد ان يكون اللبنانيون الذين هم من ينتخب رئيسا للجمهورية، لنحتكم للشعب اللبناني ولو بتعديل دستوري، تفضلوا عدلوا الدستور ليتمكن الشعب اللبناني من انتخاب رئيس صنع في لبنان، يجب أن يعبر اللبنانيون بحرية عن مواقفهم،الا يستحق لبنان ان يكون لللبنانيين ان يجتمع النواب لينتخب اللبنانيون رئيسهم لمرة واحدة لنرى ارادة الشعوب ما الذي تريده، عندما توقع اتفاقيات سلام او تسوية لماذا لا تجروا استفتاءاً عنها لانه ممنوع على هذه الشعوب ان تعبر عن رأيها. اما ان تعدلوا الدستور لمرة واحدة حتى يعبر الشعب عن إرادته الحرة والمستقلة. وهناك خيار ثاني ان تقوم القوى السياسية وان تتوافق فلنستقدم 3 او 5 شركات استطلاع رأي موثوقة لمعرفة المرشح الأكثر شعبية وانتخابه وهذه صيغ او ان تقبلوا بالأكثرية العددية. فانتم تريدون لبنان متنوع ومبني على تركيبة طائفية. يجب ان يكون الاستحقاق لبنانياً محضاً ويجب ان يعبر اللبنانيين بمعزل عن الصراع الحالي لان النصف +1 هو الفراغ بعينه وهو اسوء منه.
شخص الرئيس اهم من البرنامج، فكر الرئيس نواياه وتطلعاته السياسية مؤثر في قرار الحكومة لانه قد يقدم برنامجه ومن ثم يتراجع عنه في لبنان ذلك من السهولة بمكان. السلطة الحاكمة في لبنان ليست رئيس الجمهوريّة بل الحكومة.
ماذا يعني شخص الرئيس، اننا نريد شخص وطني والتجارب تظهر انه لا يخاف وشجاع ويقدم المصلحة الوطنية وصادق ويفي بوعده وهذا الشخص موجود وموجود ونصف، وبالتالي يمكن ان نصل اليه ونتوافق عليه هذه رؤيتنا. شخص الرئيس هو الضمانة وليس الكلمة ولا الورقة التي يكتبها.المعارضة كلها وكلنا ونحن بالخصوص نؤكد حرصنا على امن ووحدة واستقرار والوفاق والحوار في البلد، الوفاق والحوار في لبنان اساسي.
أؤكد ختاماً أن المستقبل ليس مخيفا كما يصور لنا
إذا كانت إسرائيل تقتل قادة 14 آذار فلماذا يقف نصرالله وبشّار ضد المحكمة الدولية؟
عندما تجتمع عباءة الدين والسياسة ثم يضاف لها المال والسلاح في قالب رجل واحد , فالمحصلة تكون مسـخا بشريا مرعبا , وهنا لا فرق إن كان هذا المسخ كاردينالا , أم حاخاما , أم شيخا…