إن كل شيء أليم ومفجع، فبيني وبينك هوة منذ اول التاريخ، ومنذ كنت أنت وأنا سديما في بطون أمهاتنا، فانفصلنا بعد ذلك عن جسدين/شخصين. إنها تبدأ من كل شيء، ولا تنتهي أبدا، إننا لا نلتقي إلا صدفة، وإذ نلتقي نجلس تحت ظلة اللغة السائدة هناك بلا وارف ولا نسيم.
تعال هنا نقف تحت لغتي، نستظل بها. انني عندما أحاول أن أضع أمامك داخلي، انظر كم هو مضطرب، ممزق، معذب، كم هو يحب، وكم يكره، كم هو يضجر، كم هو إنساني، او كم هو بشع. وأحاول لك ذلك بصفاء، ورقة، وعذوبة، ومتعة وطهارة، إنني تمرنت على كل هذا وأنا أكتب.
رأيت كل أزاهير الألم هذه، وأنا في الطريق إليك، إلى لغتي الأقرب مني، الأقرب منك، والخاصة بي. إنني أريدك أن تعرفني كما اعرف نفسي، كل هذا لأقول لك ‘أنا’ واضحة، متوترة، كما أراها في نفسي، لتكتشف كم أنا مفجوع وبائس ووحيد. وقد يهمك بعد ذلك ان تعرف انني من المغضوب عليهم، ممن بذرت بهم بذرة الضجر منذ الصغر.
لقد بدأت القصة بأن ‘خربت’ نفسي في زاوية صغيرة، عندما اردت ان افهم ما حولي.
وكما خربت حياتي هناك، فهي خراب انى ذهبت، لذلك يحترق مثل هؤلاء كل لحظة، قد لا أصدقك القول ان قلت من اجلك،انهم يحترقون بلا سبب، انهم مرضى من نوع آخر.
أحلامي.. عذاباتي.. طفولتي.. ما احبه. يا ترى هل يستطيع ما هو عادي من وسائل تعبيري – كلامي – إشاراتي، أو حركات جسدي، أو تعابير وجهي – إيماءاتي، أو صوتي، ان تقول لك هذا؟ اني اشك في ذلك!
إذا المشكلة في الدافع للكتابة بالأساس – الكتابة الأخرى الخاصة – هي عدم الثقة باللغة، الشك فيها والريبة منها، إنها حرب مع هذه اللغة السائدة، التي هي بنفسها خلقت كل شيء سائد حولنا، هي حوته – رعته – ربته وكبرت فيه، ونحن نحارب هذا السائد.
من هنا يأتي اختلافنا.
اننا لا نثق بأن هذا السائد يقارب بيننا، بينك وبيني، ولذلك لا نثق بلغته وهي روحه ان تقرب، انها بالعكس تباعد.
ان كل شيء نتهاون فيه معها تبلعه في جوفها الكبير.
لذلك لا طريق سوى ان نعامل هذا السائد بضدية نكسره، ونعيد بناءه، او ان نعيد بناءه ونكسره.
انني عندما اكتب أحاول ان أحقق لغتي الخاصة..
اكتب لأصير آخر حرف يسكن المسافة الأبدية بين آدم والموت.
ayemh@hotmail.com
* الكويت
إذا ابتسم لك حجر فهل تجرؤ على الحديث بذلك؟
قد يعاني كل من يتجرأ ويمسك بقلم من هذه العلاقة المتوترة مع اللغة أو حتى الحرف وذلك لارتباطها فينا بصورة عميقة جداً من الصعوبة بمكان كشفها. نص بديع وجريء