في مقابلة مع وكالة “مهر نيوز” ومع “طهران تايمز”، قال نائب وزير النفط الإيراني السابق، “محمد نجاد حسينيان”، أن على إيران أن تقوم بتطوير حقول النفط التي تتقاسمها مع العراق، بغية الحصول على تعويضات عن الأضرار التي ألحقها نظام صدام حسين بإيران إبان الحرب العراقية-الإيرانية في الأعوام 1980-1988,
وأضاف أنه خلال 3-4 سنوات، حينما يبدأ العراق بإنتاج النفط من الحقول المشتركة، فإن إنتاجه النفطي سيصل إلى 5،1 مليون برميل في اليوم، وسيشكّل نزوح النفط الإيراني إلى العراق خسارة كبيرة للجمهورية الإسلامية.
حديث “محمد نجاد حسينيان” ربما يعني أن تحرّك قوات إيرانية رمزية لاحتلال حقل “فكّه” ارتبط مباشرةً بإعلان حكومة العراق عن منح عقود تطوير لعدد من الشركات الأجنبية. أي أن حكومة طهران تعمّدت القيام بالعملية العسكرية الرمزية لتذكير الحكومة العراقية بأنها لا تستطيع أن تتصرّف بالحقول المشتركة بدون مراعاة مصالح إيران فيها. ويقول حسينيان بصراحة فجّة أن “الوضع الراهن غير قابل للإستمرار. إن النزاعات بين طهران وبغداد حول مدى اتساع حقول النفط المشتركة والنزاعات الأخرى المتعلقة بالحدود يمكن أن تهدّد أمن المنطقة كلها.”
إن مشكلة الحقول المشتركة ومشكلة “نزوح النفط” لا تُطرَح للمرة الأولى. فقد طرحها صدّام حسين وتذرّع بها لغزو الكويت!
ولكن مشكلة إيران الآن متعددة: فهي تخضع لعقوبات دولية وغربية تحول دون حصولها على التكنولوجيا والرساميل المطلوبة لتطوير حقولها النفطية والغازية. وتحتاج إيران، حسب وزير النفط الحالي، إلى 35 مليار دولار سنوياً خلال 5 سنوات المقبلة، في حين لا تؤمّن سوى 10 مليار دولار من دول آسيوية وشرقية. والأهم، فإن إيران، كما عرضنا في موضوع سابق، يمكن أن تصل بحلول العام 2014 (حسينيان نفسه، في حديث سابق، اعتمد تاريخ 2019) إلى مرحلة تتوقّف فيها كلياً عن تصدير النفط: بسبب تآكل مرافقها وحقولها، وبسبب زيادة إستهلاك النفط الداخلي. وهذا، في حين يمكن أن يقترب إنتاج العراق النفطي خلال الفترة نفسها إلى 4 مليون برميل يومياً. وهذا كله يعني أن مسألة “الحقول المشتركة مع العراق” يمكن أن تشكّل موضوعاً “حاسماً” من زاوية الإقتصاد الإيراني. وحسب نائب وزير النفط الإيراني السابق فإن “هذه الحقول تمثّل، بالتأكيد، بعضاً من أكبر الإحتياطات الإيرانية”!
وكما يشير نائب وزير النفط الإيراني السابق، فمصلحة إيران هي أن تحسم موضوعات تعويضات الحرب الآن، أي قبل أن يستعيد العراق عافيته الإقتصادية.. والسياسية!
وفي ما يلي نص المقابلة:
سؤال: بعد أن قام العراق بمنح عقود لعدد من الشركات الأجنبية لتطوير حقوله النفطية، قمتَ أنت بتحذير المسؤولين الإيرانيين من إمكانية نزوح النفط الإيراني في حقول النفط المشتركة باتجاه العراق. كم عدد حقول النفط المشتركة، وهل هنالك تقديرلاحتياطات النفط في تلك الحقول؟
جواب: حتى الآن، تم تحديد حوالي 20 من حقول النفط والغاز على الحدود بين إيران والعراق، ومعظم هذه الحقول تمثّل حقولاً مشتركة بين البلدين. وليس هنالك تقدير دقيق لاحتياطات النفط فيها، ولكن هذه الحقول تمثّل، بالتأكيد، بعضاً من أكبر الإحتياطات الإيرانية.
سؤال: ما هي الإجراءات التي ينبغي للمسؤولين الإيرانيين القيام بها للحؤول دون نزوح النفط الإيراني من حقول النفط المشتركة باتجاه العراق؟
جواب: أعتقد أن من الضروري أن يبدأ البلدان بتطوير حقول النفط المشتركة في وقت واحد. ولكن حتى هذا الإجراء لن يحلّ المشكلة كليا.
فحينما يكون هنالك أكثر من مشغِّل لحقل نفط مشترك، فإن كل مشغِّل يسعى لإنتاج أكبر كيمة من النفط والغاز في المنطقة التابعة له وذلك في أقصر مهلة ممكنة. وتبعاً لذلك، يكون التركيز على زيادة الإنتاج إلى أقصى حد ممكن، وذلك على حساب صيانة الحقل وعلى حساب الإنتاج وفقاً لأفضل شروط تقنية وإقتصادية.
إن مثل هذه السياسة يمكن أن تلحق الضرر بالحقل كله، وبمصالح كلا البلدين.
سؤال: ما الذي ينبغي القيام به للحؤول دون مثل هذا الوضع ولمنع نزوح النفط الإيراني إلى العراق؟
جواب: الخيار الأكثر جدوى هو التطوير المشترك للحقول المشتركة. بكلمات أخرى، إن تطوير أي حقل ينبغي أن يتم بواسط نظام موحّد. يعني ذلك تعيين مقاول لتطوير الحقل المشترك بأكمله في حين يتم الإستغلال الأمثل للحقل المشترك بواسطة هيئة مشتركة. وأخيراً، فإن الدخل الناتج عن الإنتاج يُوَزَّع على البلدين.
سؤال: هل تعتقد أن هذه الفكرة عملية فعلاً؟
جواب: ينبغي على المسؤولين الإيرانيين أن يتفاوضوا مع زملائهم العراقيين بغية إقناعهم بأن هذه السياسة تخدم مصالح كلا البلدين.
وأعتقد أنه ينبغي تذكير بغداد بأن الوضع الراهين غير قابل للإستمرار. إن النزاعات بين طهران وبغداد حول مدى اتساع حقول النفط المشتركة والنزاعات الأخرى المتعلقة بالحدود يمكن أن تهدّد أمن المنطقة كلها.
إن العراق يعرف أن الأمن يمثّل الشرط الأول لعمليات الشركات الأجنبية.
إن المشاغل الأمنية يمكن أن تردع معظم المقاولين الأجانب عن العمل في بيئة محفوفة بالمخاطر. وباعتقادي أنه إذا ما توصّلت طهران وبغداد إلى إتفاق بهذا الصدد، فإن العراق يمكن أن يطلب من أي يرسو عليها العطاء أن تمدّ عملياتها إلى الحقل المشترك بأكمله. ويتعين على العراق أن يتحمّل الأكلاف الإضافية التي يتكبّدها المقاول المسؤول عن تشغيل الحقل كجزء من التعويضات عن الحرب الإيرانية-العراقية.
وبعد مباشرة تشغيل الحقول المشتركة، ينبغي أن يتم دفع القسم المتبقي من تعويضات الحرب بشكل متناسب مع كميات النفط التي يتم إنتاجها.
سؤال: ولكن العراق لم يقبل بمبدأ دفع تعويضات حرب لإيران؟
جواب: تمثّل مسألة تعويضات الحرب واحدة من المسائل المهمة في علاقات طهران-بغداد التي يبدو أنه تمّ تناسيها لأسباب مبهمة. إن العراق ملزم بتعويض إيران عن الأضرار التي تكبّدها إبان حرب صدام حسين ضد إيران.
إن بعض المسؤولين الذين عارضوا صدام يشغلون حالياً مناصب رسمية مختلفة، من الرئاسة وحتى المراتب الأدنى. وحينما كان صدام في السلطة، كان هؤلاء يزورون إيران وقد أدانوا مراراً وتكراراً غزو العراق لإيران.
علاوة على ذلك، هنالك أدلة ومستندات وافية لإدانة الغزو العراقي لإيران. وإذا لم تسعَ حكومة إيران للحصول على تعويضات حربية الآن، فإن فرص نجاحها في الحصول على أية تعويضات ستتضاءل في المستقبل.
بناءً عليه، أعتقد أن اللحظة الراهنة مناسبة لإقناع العراقيين بالموافقة على صفقة تقضي باعتماد سياسة التطوير الموحّد لمثل هذه الحقول المشتركة بغية ضمان الصيانة السليمة للحقول. إن مثل هذه السياسة… سوف تعزّز أمن الحدود من جهة، وستساعد العراق في دفع تعويضات لإيران عن الحرب من جهة أخرى.
سؤال: كيف يمكن تنفيذ مثل هذه الفكرة؟
جواب: كما قلت، فإن تنفيذ هذه الفكرة ليس صعباً جداً. فإذا ما توصّلت طهران وبغداد إلى إتفاقية حول الموضوع، فسيكون على العراق أن يطلب من الشركات التي رست عليها العطاءات أن تمدّ منطقة عملياتها إلى حقل النفط والغاز المشترك بأكمله. وفي هذه الحالة، سيدفع العراق حصة إيران في أشغال تطوير الحقل المشترك كجزء من التعويضات عن الحرب.
ومع بدء عمليات الإنتاج في حقل النفطن فإن نسبة من النفط الذي يتم إنتاجه ينبغي أن يتم تسليمها لإيران كدفعات من التعويضات الحربية، وهذا علاوة على حصة إيران المشروعة في الشراكة.
سؤال: أصدر الرئيس أحمدي نجاد مؤخراً أمراً بإعداد تقدير مالي للأضرار التي ألحقتها قوات الحلفاء بإيران إيان الحرب العالمية الثانية. ألا ينبغي أن تُعطى الأولوية الآن للحصول على تعويضات حرب من العراق؟
جواب: أعتقد أن ذلك يمثّل أولوية فعلاً حيث أن هنالك تقديرات مالية للأضرار التي لحقت بإيران إبان الحرب. علاوة على ذلك، فإن الله قد منح العراق موارد طبيعية وفيرة. بناءً عليه، لا ينبغي أن يمثّل تعويض إيران عن الحرب مشكةً كبيرةً لاقتصاد العراق. ولهذه الأسباب، آمل أن يكون الحصول على تعويضات حرب من العراق على جدول أعمال المسؤولين الإيرانيين.
ساعة الحقيقة لطهران: صادرات النفط تتوقّف بحلول 2014 إذا استمرّت العقوبات