لفتت مصادر سياسية لبنانية إلى أن اغتيال اللواء وسام الحسن كان خسارة كبرى لرئيس الجمهورية لأنه هدف إلى حرمانه من آخر جهاز مخابرات “حكومي” يمكن له الإعتماد عليه. ومعلوم أن جهاز مخابرات الجيش (أو “المكتب الثاني” في عهود سابقة) كان تابعاً لرئيس الجمهورية مباشرةً، وكان رئيسه بمثابة مستشار يومي لرؤساء الجمهوريات. والحال ليس كذلك في “جمهورية ميشال سليمان” حيث تتوزّع ولاءات “الأجهزة” (التي تكاثرت في عهد “إميل لحّود”، تقليداً للتركيبة الموجودة في سوريا) على “أحزاب” و”تيّارات” مختلفة، أو حتى تتوزّع “الولاءات” ضمن الجهاز الواحد بين محافظة ومحافظة! وهذا وضع فريد في تاريخ الجمهورية اللبنانية!
مع ذلك، أعربت مصادر سياسية عن اعتقادها أن الرئيس ميشال سليمان وعلى عكس الرؤوساء السابقين سوف ينهي عهده كرئيس قوي إستطاع ان يجمع حوله قوى سياسية مختلفة من مشارب متعددة.
وتشير المصادر الى ان سليمان ومن خلال مواقفه الاخيرة خصوصا بعد إندلاع الثورة السورية والمواقف السيادية التي أعلن عنها، احرج معظم القوى السياسية من ضفتي الثامن والرابع عشر من آذار.
مواقف “متطوّرة”!
فقوى الرابع عشر من آذار التي طالما أخذت على الرئيس سليمان مسايرته لحزب الله ودمشق على حساب الموقف السيادي، وجدته أمامها في الموقف من النظام السوري، وفي إعلانه انه ينتظر اتصالات من نظيره السوري بشار الاسد، ليوضح ملابسات الكشف عن مخطط سماحة المملوك لتفجير لبنان، وفي إعلانه ان جريمة إغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن على صلة بملف سماحة، ومشاركته في مراسم تشييع اللواء الشهيد ومرافقه، والقاء كلمة أثناء التشييع.
وقوى الثامن من آذار التي لطالما اعتبرت ان الرئيس يقف في صفها، ترهيبا او ترغيباً، وجدته متخلفا عن ركب سياسة تفتيت مؤسسات الدولة التي تعتمدها هذه القوى خصوصا تيار عون ووزرائه. كما ابدى حزب الله امتعاضه من ورقة الرئيس سليمان للاستراتيجية الدفاعية التي تضع، في نهاية المطاف، سلاح الحزب تحت إمرة الجيش اللبناني وإن على مراحل.
الرئيس سليمان بدأ يجمع حوله القيادات السياسية اللبنانية وفي مقدمها رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، إضافة الى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، في حين أن أكثر من قيادي من قوى الرابع عشر من آذار يصرح او يدلي بمواقف تعبر عن توجهات الرئيس سليمان، خصوصا رئيس حزب الكتائب امين الجميل، الذي يبدو انه وجد فرصة للتملص من التزاماته في قوى 14 آذار، من دون ان يكون مضطرا للالتحاق بالعماد عون او بقوى 8 آذار.
في آخر مواقف الرئيس سليمان، من الشأن السوري وإنقطاع الاتصالات بينه وبين نظيره بشار الاسد، قال سليمان، إنه وعندما اصدر القضاء السوري مذكرات توقيف في حق 33 شخصية لبنانية، إتصل بالرئيس الاسد مستفسرا الامر، فأجابه ان هذا الامر تدبير قضائي، وان الاسد لا يتدخل في شؤون القضاء، وإنه عندما وقع التفجير في مركز الامن القومي السوري اتصل سليمان بالاسد معزيا. في حين انه وبعد انكشاف مخطط سماحة المملوك، انتظر سليمان إتصالا من الرئيس الاسد، إلا أن هذا الاتصال لم يأت، كما ان احدا من القيادة السورية لم يتصل بالرئيس سليمان معزيا باللواء الشهيد وسام الحسن، وهو بمثابة بطل لبناني، وقائد احد افضل اجهزة الامن في المنطقة.
ويسأل الرئيس سليمان من الذي يسعى الى القطيعة؟