إذا حصل تحول سياسي مفاجئ لدى الثلاثة ملايين كردي في سوريا، الذين يسيطرون الآن على الكثير من حدود بلادهم مع تركيا، فسوف يوفر ذلك فرصة للولايات المتحدة لتنسيق سياستها بصورة أفضل مع الحلفاء في المنطقة، وتشجيع المعارضة السورية على احترام حقوق الأقليات.
في الوقت الذي يركز العالم انتباهه على التفجيرات والصدامات في دمشق وحلب، كان أكراد سوريا يدفنون خلافاتهم الداخلية في منتصف تموز/يوليو – بمساعدة الأكراد العراقيين ومباركة تركيا – ثم بدأوا على أثرها بطرد قوات النظام السوري من أراضيهم. ويُعد ذلك ضربة قاصمة للنظام قد تؤدي على الأرجح إلى إخلاء الممرات الشمالية، المؤدية إلى حلب، أمام قوات المعارضة. غير أن العلاقات الكردية مع بقية فصائل المعارضة السورية ما تزال سبباً لخلاف عميق.
الحركات الكردية المتنافسة في سوريا
انقسم أكراد سوريا مؤخراً بحدة بين حركتين رئيسيتين هما: “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي تأسس عام 2003 ويتعاون مع كل من نظام بشار الأسد و “حزب العمال الكردستاني” المعادي لتركيا الذي يتبع العنف، و”المجلس الوطني الكردي” في سوريا وهو مزيج تشكل في تشرين الأول/أكتوبر 2011 من خمسة عشر حزباً محلياً معارضاً لكل من الأسد و”حزب العمال الكردستاني”. وحيث اشتد وطيس الثورة السورية خلال العام الماضي بدأت هاتان الحركتان معركة فعلية بينهما في المناطق الكردية في سوريا. لكن المحاولات السابقة للإصلاح بينهما وخاصة تلك التي بُذلت في كانون الثاني/يناير وثانية في أيار/مايو 2012 لم تؤت ثمارها حيث كانت خلافاتهما ببساطة عميقة جداً كما أن الداعمين للحركتين متساوون في القوة بما يجعل من الصعب الوصول إلى اتفاق دائم.
وعلى ضوء هذه الخلفية المشؤومة دعا رئيس “حكومة إقليم كردستان” المجاورة في العراق مسعود بارزاني في أوائل تموز/يوليو الزعماء الأكراد السوريين من كلا الفصيلين المتنافسين الرئيسيين إلى مقر قيادته في صلاح الدين في العراق خارج أربيل في محاولة أخرى لصياغة اتفاق. وقد نجحت المحاولة هذه المرة رغم ما تردد عن وجود معارضة من قبل الداعمين المتعصبين لـ “حزب العمال الكردستاني” داخل “حزب الاتحاد الديمقراطي” وفي صفوف مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” من الأكراد السوريين في جبال قنديل بالقرب من الحدود بين العراق وتركيا وسوريا. والأمر الذي عزز هذا النجاح المفاجئ هو التصور المنتشر على نحو متزايد – حتى بين حلفاء بشار الأسد السابقين – بأن الرئيس السوري قد بدأ يفقد السيطرة على السلطة.
على أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي” في 11 تموز/يوليو لم يتم نشره رسمياً، إلا أن نقاطه الرئيسية تم قراءتها أمام كاتب هذه السطور في اسطنبول من قبل أحد كبار المشاركين في المفاوضات بعد مرور يومين من التوقيع. أولاً: سيتوقف “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي” عن مقاتلة بعضهما البعض ويتحدان معاً في “مجلس كردي أعلى” جديد [يكون مسؤولاً] عن منطقتهم في سوريا. ثانياً: سوف يركز “حزب الاتحاد الديمقراطي” من الآن فصاعداً وبشكل حصري على القضية الكردية داخل سوريا وليس عبر الحدود في تركيا، بما يحمل دلالة واضحة على أن الحزب يَعِدُ الآن بوقف أي دعم عملي لـ “حزب العمال الكردستاني”. ثالثاً: سيطرد الأكراد السوريون المتوحدون مؤخراً مسؤولي الحكومة السورية وقوات الأمن من منطقتهم – التي كانت تعمل فيها، قبل أسبوعين فقط، العديد من مؤسسات النظام بشكل طبيعي تقريباً – رغم الاضطرابات القائمة في أماكن أخرى من البلاد.
وحتى الآن وعلى ضوء جميع التوقعات السابقة يستمر الوفاق الكردي الداخلي بشكل كبير، حيث أوقف الأكراد السوريون مقاتلة بعضهم البعض. صحيح أن انفصال “حزب الاتحاد الديمقراطي” عن “حزب العمال الكردستاني” ليس قاطعاً إلا أن الأحداث والمراقبين المهتمين بالموضوع يعملون بقوة في اتجاه هذا المسار. فخلال الأسبوعين الماضيين انسحبت قوات النظام أو تم طردها من المدن الكردية الواحدة تلو الأخرى رغم أن هناك أنباء مفادها بأنه ما زالت هناك بعض المناوشات التي تقع في القامشلي ومناطق حدودية شرقية أخرى. كما أن بعض الأكراد المحليين يساعدون حلب على مقاومة حصار النظام السوري على الرغم أنه من [ناحية الأوضاع] برمتها يركز أكراد سوريا الآن على تأمين مناطقهم.
المعارضة السورية تتجاهل المطالب الكردية
ورغم ذلك ما تزال المعارضة السورية والأحزاب الكردية مختلفين بشدة حول مطالب الأكراد بالاعتراف بهم كشعب مميز داخل سوريا له حقوقه الثقافية واللغوية تحت نوع من “اللامركزية السياسية”. ووفقاً لبعض الشخصيات الكبيرة في المعارضة السورية وشيوخ القبائل وقادة “الجيش السوري الحر” في أنطاكيا واسطنبول فإنه لو حصل الأكراد على الاستقلال، فعندئذ السؤال هو ما حال الحشد الآخر من الأقليات السورية؟ وعلاوة على ذلك، تقول هذه الشخصيات إن تركيا سوف تجاهد لعرقلة أي اتفاق عربي – كردي في سوريا.
وحتى الآن فإن “المجلس الوطني السوري” الذي ما يزال يشكل المجموعة الرئيسية المنظمة في المعارضة لم يُظهر أية علامة على التزحزح عن هذا الموقف. ففي 22 تموز/يوليو التقى رئيسه عبد الباسط سيدا – هو نفسه من أصل كردي – بوزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، وأطلق بعد ذلك تصريحاً احتقارياً ومضللاً قال فيه “لقد سلم النظام السوري المنطقة إلى «حزب العمال الكردستاني» أو «حزب الاتحاد الديمقراطي». والمناطق التي رفع عليها هذان الفصيلان الكرديان أعلامهما هي تلك التي منحها لهما بشار الأسد. إن الشعب الكردي ليس من صف هذين الفصيلين ولكنه في صف الثورة. غير أن لبعض الأطراف أجندتها الخاصة التي لا تخدم القضية الوطنية السورية.”
ووفقاً لروايات خاصة عن المداولات التي دارت بين [فصائل] المعارضة السورية، يعكس هذا الموقف إلى حد ما إذعاناً للأماني التركية المتصورة. لكن هذا تحديداً هو السبب في أن ثمة أملاً الآن لقيام المزيد من المرونة في صفوف “المجلس الوطني السوري” حول هذا الموضوع. فالسياسة التركية تجاه المسألة الكردية السورية تتغير بهدوء بعيداً عن الربط التلقائي بين النشاط السياسي الكردي في تلك البلاد والتهديد الإرهابي لـ “حزب العمال الكردستاني” ضد تركيا.
سياسة أنقرة الجديدة “لننتظر ونرى” تجاه الأكراد السوريين
إن أية مسألة كردية هي موضوع حساس جداً في تركيا، كما أن التطورات الجديدة التي تحدث عبر الحدود السورية لا تشكل استثناء. فالإعلام التركي كعادته منقسم بشدة حول هذه المسألة. كما أن الصحفيين وكتاب العواميد الذين يدعمون “حزب العدالة والتنمية” الحاكم يؤكدون المنافع المرتقبة لتركيا من إعادة التقارب مع أكراد سوريا فيما ترفع صحافة المعارضة شبح عدو آخر وهو الجبهة الموالية لـ “حزب العمال الكردستاني”. وتَعِدُ التصريحات التركية الرسمية بالرد بحزم ضد أية استفزازات من داخل سوريا يقوم بها “حزب العمال الكردستاني”. وقد أفادت الصحافة المحلية بوجود تحركات عسكرية إضافية إلى الجنوب من سانليورفا باتجاه المناطق الكردية عبر الحدود السورية.
إلا أن التصريحات الرسمية التركية تشير أيضاً بدهاء إلى أن أنقرة سوف تتسامح مع أي تقدم تقوم به جماعات كردية سورية لو أنها رأت علامات واضحة على كون “حزب الاتحاد الديمقراطي” قد هجر “حزب العمال الكردستاني”. وفي 22 تموز/يوليو تردد عن مصدر بالحكومة التركية قوله “إننا سوف نراقب بدقة ما إذا كان «حزب الاتحاد الديمقراطي» يعمل مع أية جماعات كردية أخرى أم لا.” وبالمثل، ففي 25 تموز/يوليو على سبيل المثال صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان “إننا لن نسمح لتنظيم إرهابي بتهديد تركيا من داخل سوريا. ومن المستحيل بالنسبة لنا أن نتسامح مع تعاون «حزب العمال الكردستاني» مع «حزب الاتحاد الديمقراطي».” ويمكن عزو هذا الرد الحذر والمميز نسبياً إلى علاقة العمل الممتازة جزئياً القائمة بين تركيا ومسعود بارزاني الذي توسط في آخر اتفاق سوري كردي ويستمر في لعب دور محوري في تنفيذ هذا الاتفاق. ووفقاً لذلك، من المقرر أن يلتقي داوود أوغلو هذا الأسبوع مع بارزاني في أربيل لمناقشة تنسيق الخطوات القادمة في هذا التعديل الدقيق جداً في السياسة.
دلالات للسياسة الأمريكية
إنها لأخبار سارة أن يعمل أكراد سوريا نحو التصالح مع بعضهم البعض ومع جارين صديقين للولايات المتحدة – أي “حكومة إقليم كردستان” وتركيا – في الوقت الذي يقفون ضد نظام الأسد. ورغم ذلك فمن المفارقات أن هذا التحول الإيجابي المهم إنما يزيد أيضاً من التوترات مع الجماعات العربية التي تمثل أغلبية داخل المعارضة السورية، وكذلك بين “حكومة إقليم كردستان” والحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب في بغداد والتي أرسلت قوات إلى المنطقة الحدودية للتصدي لوحدات محلية من “حكومة إقليم كردستان”.
ولذا، ينبغي على السياسة الأمريكية ألا تكتفي بمجرد حث العرب والأكراد على تسوية خلافاتهم في كل بلد. فالأوْلى بها أن تنصح واشنطن رموز المعارضة السورية، وذلك بأنه نظراً لحاجتهم إلى اجتذاب الأقليات في البلاد فإن أفضل مسار لهم هو الانخراط بشكل أكثر إبداعاً مع تلك الجماعات، ولكن ليس بمحاولتهم فرض “رؤية” معينة لمستقبل سوريا بغض النظر عن مدى “تعدديتها.” وعلى العكس من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن تشجع الأكراد السوريين والعراقيين على دعم المعارضة السورية بكل طريقة ممكنة. والثمن الذي يستحق الدفع هو أن تغير واشنطن سياستها عن طريق دفع المعارضة السورية نحو اعتراف أكبر بالحقوق الكردية وعرض دعم أمريكي أكبر للمعارضة السورية كحافز حاسم.
وفي الرؤية مستقبلاً ينبغي أن يركز العون الأمريكي – حول التخطيط نحو الانتقال لفترة ما بعد الأسد – على تفادي الصراعات بين المطالب والتطلعات السياسية الكردية والعربية داخل سوريا. ويُعتبر هذا الموضوع خطراً ومهماً بنفس قدر خطورة وأهمية مسألة الأقلية العلوية التي تتمتع بالفعل باعتراف أكبر بكثير، لا سيما وأن الأكراد يمثلون نفس النسبة المئوية تقريباً بين سكان سوريا بالإضافة إلى أن هناك عدة ملايين من الأكراد في العراق وتركيا مما يجعل انخراط جيران سوريا أمراً محتملاً جداً. وعلى الأقل فمن خلال العمل مع تركيا و”حكومة إقليم كردستان” وغيرهما ينبغي أن تجاهد الولايات المتحدة من أجل تفادي وقوع صراع تركي كردي أو عربي كردي في سوريا أو على حدودها. وفي الوقت ذاته، ورغم نفوذها الأكثر محدودية ينبغي على الولايات المتحدة أن تحث بغداد على التصدي بقوة أكبر لإيران والتصالح مع “حكومة إقليم كردستان” والتخلي عن دعم نظام الأسد.
ديفيد بولوك هو زميل كوفمان في معهد واشنطن.
أكراد سوريا يتَّحِدون ضد الأسد، لكن ليس مع المعارضة مقولة: الاسد او تحرق البلد للنظام السوري الدموي السرطاني الارهابي الخبيث ورئيس شبيحتة بشار الاسد السفاح الدموي الارهابي تحولت الى الاسد او تحرق العالم او الانسانية. ان النظام السوري السرطاني الخبيث خلال 49 عاما عجافا نشر الاستبداد والفساد والرشوة والطائفية والارهاب وهجر المفكرين او اعتقلهم ونكل بهم وقام بتدمير الجوار واستخدم كلمة المقاومة والممانعة المزيفة مع من ساعدوه ومنهم النظام الايراني الفارسي الصفوي الحاقد لكي يغطي على نظامه الاستبدادي الفاسد فصنع لنفسه 19 فرعا امنيا ارهابيا وشبيحة مجرمة وكتائب الاسد الارهابية لكي يستمر في استبداده وفساده. ان الشعب السوري العظيم استفاق… قراءة المزيد ..