قد تكون الاشاعة عن وجود فيلم مسيء للاسلام ونبي الاسلام سبقت تصوير تلك المقاطع او المشاهد التي يتبين انها واضافة للمضمون السيئ والمستفز رديئة بالشكل. فالانتاج ضعيف وكذلك الإخراج والاداء، والمرجح انها جمعت ورتبت على عجل لتدعم الاشاعة وتزيد من هيجان البعض ومن عنفهم وفي توقيت يظهر انه مبرمج، ياتي بعد فشل كل المحاولات التي هدفت لتشويه صورة الثورات العربية التي تمكنت ولوجزئيا من كسر تلك الصورة النمطية السلبية المرتبطة بشعوب العالم الاسلامي والعربي، فهناك حالة حضارية بدأت تظهر بوضوح وان شابها بعض التشويش. فالديمقراطية التي غيبتها الانظمة الاستبدادية طويلا وبتشجيع ودعم من الغرب باتت واقعا، والشعوب التي حرمت من الحرية لعقود استفاقت من غيبوبتها القصرية الطويلة لتثبت بالقول والفعل انها شعوب حية تستآهل حريتها. الم تواجه جلاديها وبكافة فئاتها وشرائحها بالتحركات السلمية وبصوت الحرية وانتصرت؟ الم تحتكم لصناديق الاقتراع وتقبلت النتائج وخيارات الناس والتزمت بها؟ وهي التي لم تسمح لها انظمتها يوما ان تمارس هذا الحق بحرية وكانت تفرض نتائج معدة سلفا لم تتراجع نسبتها يوما عن ال 99 % . كل ذلك وغيره اتى ليؤشر وبشكل واضح على ان تلاحما شعبيا بدأ بالتشكل وهذا نقيض الانقسام الذي كان قائما والذي خطط له طويلا ليترسخ ولاهداف ليست خافية على احد وان هذه الشعوب التي الصقت بها زورا صفات مثل الارهاب والجهل والتعصب ليست كذلك وان بقيت فيها بعض الشرائح الشاذة والتي لابد انها تعمل ضمن مخططات مرسومة من هذه الجهة او تلك ،او من بقايا الانظمة البائدة والتي كانت وعلى مدى سنوات حكمها تنفذ اوامر خارجية لا تعكس ارادة شعوبها المقهورة .
ومن هنا يظهر ان قرارا قد اتخذ ليس بالعودة الى الوراء وهذا امر مستحيل، بل بالقفز الى الامام عبر خلق واقع جديد يطيح بكل الانجازات المحققة وينتج حالة تسمح باعادة التسلط والهيمنة والانقسام. وان كان ذلك صعبا عبر الحكام الذين يحاسبون وحكوماتهم يوميا في الشارع فليكن ذلك عبر المحكومين اي الشعوب فاللعب على الوتر الديني كفيل بزيادة جرعة الانقسام تصاعديا مما يسمح بالخرق ومن ثم الانقضاض وصولا للتحكم والسيطرة والتدجين والترويض للعودة الى ذاك السبات العميق الذي مضى. اما تحقيق ذلك فلا يحتاج للكثير من الجهد فشعوب المنطقة عاشت لسنوات طويلة ونتيجة مخططات مدروسة شاركت فيها الانظمة في اجواء خوف مفتعل من الاخر المختلف على دينها وكيانها ووجودها وهنا يمكن القول ان تفريخ الاصوليات لم ياتي صدفة بل اتى ليفرض على بعض المكونات التقوقع والانعزال والتربص تحسبا لاي انقضاض واعتداء صور لهم انه سيأتي لامحالة الامر الذي انتج قلقا كبيرا وهذا ما يفسر عودة الحديث وبقوة عن خوف الاقليات وحاجتهم للحماية وهنا لا حاجة لنا لان نشرح مفهوم الحماية وما تؤدي اليه.
امر اضافي لا بد من التوقف عنده وياتي في هذا السياق وهو ما يحصل في سوريا فالملاحظ ان هناك إصراراً دائماً على توصيفه بانه إقتتال طائفي ومذهبي و المؤسف ان الصور والافلام التي تسرب من هناك بهدف اظهار الارتكابات الخطيرة والمجازر المخيفة والمرعبة يتم استغلالها لتشكيل القناعة باننا شعوب همجية تقتل بعضها البعض باسم الدين اما عن سكوت العالم المريب على ما يحصل وعدم التصدي له ووقفه فيتبين ان المطلوب وصول جرعات العنف الى حدها الاقصى بحيث يترسخ في ذهن شعوب الارض قاطبة باننا رواد في فن القتل والاجرام والاهم ان ذلك سيؤدي للانقسام الحاد المطلوب ان يستمر لعقود طويلة بين مكونات المجتمع وعليه يتقدم فيها الاهتمام بالقضايا الداخلية الصغرى على الاهتمام بالقضية اوالقضايا المركزية الكبرى.
في ظل هذا الواقع ياتي فيلم براءة الاسلام، وعلى الارجح ان العنوان تم اختياره بدقة وعناية فهو جاذب ويوحي بان الفيلم يهدف لمنح الاسلام براءة مما ينسب اليه زورا بينما الواقع وكما اصبح معروفا هو عكس ذلك تماما. فقد اراد اصحابه ان يظهروا للعالم براءة الدين واتباعه من الاخلاق والقيم والمبادئ ومن راس الهرم الى قاعدته. وفي نظرة متفحصة لما حصل في عدد من الدول العربية ومنها لبنان بعد انتشار خبر الفيلم المسيء لوجدنا ان هناك تتمة للفيلم لكن هذه المرة اريد لها ان تؤدى على ارض الواقع وبالبث الحي المباشر. وهكذا كان، فالجموع الغاضبة والمدفوعة قررت ان تنتصر لاشرف الخلق فكان ذلك بابشع الاساليب وارذل الاعمال ومن المؤكد ان ذلك لم ياتي صدفة بل في سياق مخطط محسوب النتائج من قبل صناعه المتخفين الجاهزين لاغتنام الفرصة واصطياد الصور التي تمكنهم من انتاج واخراج جزء ثان اكثر اساءة للنبي الكريم بحيث تظهر امته كمجموعة من الغوغائين تحرق وتنهب وتقتل وتغتصب (السفير الامريكي في ليبيا تم اغتصابه) هنا وازاء هذا المشهد تطرح تساؤلات كثيرة ومنها عن الاسباب التي تجعلنا دائما ننقاد نحو الفخ المعد لنا ونقع فيه وعن الاسباب التي تجعل هذه الشرائح المسيئة والمأجورة تتصدر المشهد ؟ والجواب ، لان ملايين المثقفين واصحاب الفكر من العرب المنتشرين في كل اصقاع العالم غالبا ما يكتفون بالتعبيرعن آرائهم بالتصريحات والكتابات وهذا امر اساسي ومطلوب لكن في هذه الظروف الدقيقة والصعبة والتي تشهد تحولات سياسية واجتماعية جذرية وصراعا حادا وصعبا لتثبيت دعائم الديقراطية عليهم ان يتخلوا عن لعب الادوار الثانوية وان يتواجدوا مجتمعين وبكافة انتماءاتهم الدينية والفكرية ودون استثناء في موقع الحدث يواجهون الكاميرا معا ويتصدرون المشهد ويفرضوا انفسهم ابطالا في فيلم الاعتراض الحضاري الجامع و من المؤكد ان ذلك سيساهم في تشكل صورة حضارية جديدة معها يكون منطلق الاعتراض فكريا وعلميا وثقافيا وليس انفعاليا متفلتا يقاد بالعصبية.
حان الوقت لتلك الشريحة الغائبة طوعا او المغيبة قصدا لان تاخذ المبادرة وتعمل على قلب وتغيير المعادلة المعتمدة عند كل حالة اعتراضية والتي اساءت الينا كثيرا واظهرتنا شعوبا تعيش خارج العصر والزمن شكلا ومضمونا وتصرفات وانه ليس في قاموسنا من اساليب التعبيرالا تلك التي تعرض ويرونها وفيها الكثير من العنف وتقدمنا للعالم كمجموعات متنافرة متناحرة متفرقة لا مكان للعقل في قاموسها. ومن المؤكد انه لو ساد الوعي حياتنا وتقدم منطق الفكر على منطق القوة وتشكلت القناعة بان تميز الانسان يكون بناء على عطاءه للمجتمع والوطن والانسانية وليس بناء على الانتماء ومن اي نوع كان فان ذلك وحده ما يحمينا من الانقسامات وشرورها ويبدد المخاوف وسيكون الرد الاقسى والافعل في وجه كل المخططات التي ترسم وتدبر لنا.
hadijoubali@yahoo.com
إعلامي لبناني
أساؤوا اليكم بفيلم تسيئون لانفسكم بافلام
تحليل ممتاز ويضع الاصبع على الجرح..
ولكن للاسف فأننا ننساق نحو الفخ ودون ارادتنا.. ويا لبت الشريحة الغائبة المثقفة والمغيبة يسمح لها بأن تاخذ المبادرة وتعمل على قلب وتغيير المعادلة المعتمدة…
فائق الاحترام والتقدير للاعلامي كاتب المقال..
أساؤوا اليكم بفيلم تسيئون لانفسكم بافلام
للبناني المعلق اكبر مشاكل البشرية سببها الغباء و قلة الفهم!!!
أساؤوا اليكم بفيلم تسيئون لانفسكم بافلام
للبناني المعلق على الموضوع (الذكي، الجهبذ بما انه ينعت غيره بالسذاجة)اوليس ايضا العيش بلا منطق ولا ضوابط احسن و اجمل بالمرة ،
تتحدث بقطعية كما لو انك ملكت الحقيقة و اليقين الذي لا مراء فيه ان من يقوم بالعنف واع و مطبق لتعاليم دينه
صدق من قال العاقل بعقله يتعذب و الجاهل بجهله يتنعم
….
أساؤوا اليكم بفيلم تسيئون لانفسكم بافلام
1. اكثر مشاكل البشرية سببها الاديان،الاديان هي اكبر وهم يعيشه الانسان، الحياة بلا اديان افضل واجمل، لقد اخترع الانبياء وغيرهم الاديان لكي يسيطر على البشر في فترات غابرة واستغل رجال الدين سذاجة الناس في هذه الايام ليسيطروا على عقولهم، اي انسان يفكر بتجرد عن موروثاته سوف يكتشف الحقيقة.