وجدي ضاهر الشفاف – بيروت خاص
اصيب الرئيس الارمني بالاحباط في خلال زيارته الى لبنان قبل ايام. فقد سعى لجمع تأييد اكبر شريحة من الارمن في ارمينيا وبلاد الانتشار من اجل دعم توقيع الاتفاقية التاريخية مع تركيا التي لم تنهِ ازمات متراكمة مع انقرة بل يمكن وصفها باتفاق هدنة او مصالحة مع وقف التنفيذ بين الدولتين اللدودتين.
وما فاجأ الرئيس الارمني هو التظاهرات التي نظمتها الاحزاب الارمنية في لبنان منددة بالزيارة وبالاتفاقية. وحدها احزاب اليسار الارمني ادركت اهمية المبادرة. فبادرت “حركة الارمن الاحرار” الى حل نفسها، في حين انضم حزب “الهنشاق” الى حزب “الطاشناق” لمواكبة المتغيرات الارمنية. ووجد نواب الاغلبية من الارمن نفسهم في وضع لا يحسدون عليه.
وما اصاب الرئيس الارمني بالخيبة هو التأثير الايراني، وتغليب أرمن الشتات اللبناني الاجندة السورية الايرانية على المصلحة الارمنية.
وخاطب الرئيس سركيسيان جمهور ارمن لبنان بالقول ان مواطنيهم في ارمينيا يخشون إقفال الحدود الوحيدة المفتوحة مع ايران لسبب من الاسباب. بناءً عليه، يجب ان يبادروا في اتجاه تركيا لحل النزاع التاريخي مع انقره من دون ان يتنازلوا عن اعتراف تركيا بارتكاب مجازر في حقهم، في مقابل ابقاء قضية “ناغورني كارباخ” واذربيجان معلقة والعمل على معالجة رواسب هاتين المسألتين في وقت لاحق.
واسهب الرئيس الارمني في شرح الافادة الارمنية من فك النزاع التاريخي مع تركيا، الا انه اصطدم بتعنت ارمن لبنان وتغليبهم خطاب “النوستالجيا” والنضال الارمني من لبنان على حساب المصلحة الفعلية للشعب الارمني في ارمينيا.
ومن غرائب اللقاء ان احد المشاركين من نواب حزب الارمن أخرج من جيبه خطابا مطبوعا وبدأ بتلاوته مشيدا بايران وانجازاتها وفضائلها على الشعب الارمني! فما كان من الرئيس سركيسيان الا ان نهره بالقول “انت تقرأ خطابا مكتوبا بدلا من مناقشة بنود الاتفاقية”.
ومن غرائب اللقاء ايضا ان الوزير العوني ألان طابوريان اراد مناقشة الرئيس سركيسيان باللغة الارمنية التي تبين انه لا يتقنها، فاستشاط منه سركيسيان غيظا خصوصا عندما استطاع افهامه ان ايران تحفظ حقوق الارمن، فأجابه الرئيس سركيسيان ان هذا الامر كان صحيحا لو انها كانت تسمى جمهورية ايران وليس الجمهورية الاسلامية الايرانية!
الرئيس سركيسيان خلص الى ان ارمن الشتات يعيشون حالة اغتراب فعلي عن قضايا مواطنيهم ونوستالجيا عاطفية اصبحت بعيدة كل البعد عن قضيتهم الرئيسية وقضية الشعب الارمني. فباتوا يمثلون البروجوازية المحدثة التي تعتبر انها بالتبرع للارمن في ارمينيا تكون ادت قسطها للقضية الارمنية، وتجيز لنفسها ان تفرض رأيها في مصير الشعب الارمني المحاصر بين سندان تركيا ومطرقة ايران.