الهجوم الذي شنّه أحمدي نجاد على الرئيس الروسي ميدفيديف ليس مألوفاً حتى في الإسلوب “النجادي”! لكن الأكثر مدعاة للدهشة كان كلام سفير طهران في موسكو الذي اعلن، في تصريح لوكالة فارس”ان المفاعل الذري في بوشهر سوف يتم افتتاحه هذا الصيف بأمر من رئيس الوزراء الروسي بوتين لان المؤسسات في روسيا تولي اهمية خاصة لقرارات بوتين”!!
ماذا يعني ذلك؟ رغم الحماقات المألوفة لأحمدي نجاد، فالظاهر أن مراهنته على خلاف بين ميدفيديف وبوتين إزاء “الملف الإيراني” قد تكون في محلها. ففي مطلع شهر أيار/مايو الحالي، قامت جهات مجهولة في روسيا (قد تكون مقرّبة من الرئاسة) بتسريب تقرير من 70 صفحة أعدته لجنة في الخارجية الروسية ويتضمّن “إعادة نظر” شاملة في السياسة الخارجية الروسية. التقرير تمّ تسريبه لمجلة “نيوزويك” الصادرة بالروسية.
توصي الوثيقة السرية التي أعدّتها الخارجية الروسية بالتخلي عن سياسات التحدي والتفرّد التي اتُّبِعت في عهد بوتين وبالسعي للتقارب مع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي. ويوصي وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، في مقدمة المذكرة السرية التي تم تسريبها، بـعقد “أحلاف تحديثية” مع بلدان يمكن أن تساعد روسيا للتغلب على تأخرها التكنولوجي وعزلتها الإقتصادية. ويضيف لافروف: “ينبغي إعطاء أكبر قدر من الأهمية لتقوية علاقات الإعتماد المتبادل، خصوصاً في ميادين الإقتصاد والثقافة مع القوى العالمية البارزة”. وحسب خبير روسي، فهذا الكلام يشير إلى أهمية تقوية العلاقات مع البلدان التي تشكل مصدراً “للإستثمارات والإبتكارات التكنولوجية”.
نقطة أخرى مهمة تضمّنتها الوثيقة الروسية المُسرّبة هي “أن علينا أن نضغط على الصين للتنسيق مع روسيا في الميدان الدولي، حيث الصين بحاجة إلينا أكثر مما نحن بحاجة إليها”!
في ضوء ما سبق يمكن فهم التقدم الذي حققته روسيا في تقاربها مع بولندا، وتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع فرنسا، واقامة علاقات عسكرية مع اوكرانيا، والتقدم الحاصل على صعيد معاهدات وقف انتشار الاسلحة النووية مع الولايات المتحدة.
وثمة جانب آخر هو اشتداد المنافسة الإقتصادية بين روسيا وإيران.
فالتنافس يتزايد بين روسيا وايران في سوق الغاز الدولي، علما ان هذا القطاع حيوي ورئيسي لاقتصاد البلدين. فكلاهما من كبار المنتجين العالميين للغاز الطبيعي، وقد إيران ابرمت صفقة مع تركيا عام 2001 لتزويدها بعشرة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما شكل ايضا بداية لتمدد انابيب الغاز الايرانية الى وسط آسيا واوروبا من خلال الانابيب التي تبيع الغاز لتركيا. ومن خال هذه الانابيب اصبحت ايران المنافس الجدي والخطير للغاز الروسي في احد اكبر اسواق الغاز ربحية واستهلاكا. ولكن العقوبات المرتقبة على ايران سوف تحول دون بيعها الغاز لاوروبا
وربما كان واجباً الإنتباه إلى أن شعبية بوتين ما تزال أقوى بكثير من شعبية الرئيس ميدفيديف، وهذا ما يراهن عليه أحمدي نجاد في انتقاداته غير المألوفة للرئيس الروسي. علماً بأن أحمدي نجاد بحاجة إلى دعم روسي وصيني للإتفاق الذي وقعه مع البرازيل وتركيا لمواجهة خصومه في النظام الإيراني؟
نجاد حذّر روسيا من التعامل مع الشعب الايراني بشكل يدرجها في صف الاعداء
وحسب وكالة “فارس” الإيرانية، فقد انتقد الرئيس محمود احمدي نجاد روسيا لتعاملها مع الجمهورية الاسلامية الايرانية ودعا زعماءها الي عدم التعامل مع الشعب الايراني بشكل يدرجها في صف الاعداء.
و أفاد مراسل القسم السياسي بوكالة أنباء فارس أن الرئيس احمدي نجاد اعلن ذلك في الخطاب الذي القاه اليوم الاربعاء في الحشود الغفيرة بمدينة كرمان التي تجمعت لسماع خطابه.
و شدد رئيس الجمهورية علي أن ايران وروسيا تربطهما قواسم الجيرة ومن الطبيعي أن يكون الشعب الايراني صديقا للشعب الروسي ولذا يجب علي الطرفين الالتزام بمباديء حسن الجوار والصداقة.
و اعتبر الرئيس احمدي نجاد المستلزمات الاولي للصداقة وحسن الجوار بين بلدين هي الاحترام المتبادل وشدد علي أن ذلك يعتبر أقل توقعات الجمهورية الاسلامية الايرانية من روسيا.
و قال رئيس الجمهورية ” انه يوّجه كلامه للرئيس الروسي حيث أن الشعب الايراني لايعرف سبب موقفه ضده ولم يعرف هذا الشعب هل أن روسيا بلد صديق لإيران أم لا وما الذي تريده بالذات “.
و أضاف قائلا ” لو كنت رئيس جمهورية روسيا لكنت أتريث في ابداء وجهات النظر أو اتخاذ القرارات بشأن الشعب الايراني العظيم الذي يمتلك حضارة عريقة وتاريخا خالدا “.
و استطرد قائلا ” ان البلد الجار لنا وقف الآن الي جانب من يتعرض للشعب الايراني منذ 30 عاما بكل ما لديه من قوة ونأمل أن يلتفت هذا البلد الي الامور واصلاح موقفه وذلك لأن بيان طهران النووي يعتبر أفضل فرصة لذلك “.
سفير ايران في موسكو : مفاعل بوشهر يفتتح هذا الصيف بأمر من بوتين
وحسب وكالة “فارس”، فقد ذكر السفير الايراني في موسكو ان المفاعل الذري في بوشهر سوف يتم افتتاحه هذا الصيف بأمر من رئيس الوزراء الروسي بوتين لان المؤسسات في روسيا تولي اهمية خاصة لقرارات بوتين .
ونقل تقرير فارس ان السفير الايراني في موسكو سيد رضا سجادي ذكر لوكالة انباء ريانوفوستي بمناسبة الذكرى التاسعة لتاسيس العلاقات بين ايران وروسيا , ان ايران اظهرت مرة اخرى حسن نيتها تجاه المجتمع الدولي ومن خلال الوضع الجديد الذي يسود العالم لايوجد ما يمكن ان يعد دليلا يمكن على اساسه فرض عقوبات على ايران .
واضاف سجادي , نظرا للخطوة التي قطعتها ايران على صعيد تبادل الوقود المنخفض التخصيب مع وقود اخر درجة تخصيبه 20 بالمئة فاذا ما تم الاصرار على تلك العقوبات ولم نجد اي حسن للنية من قبل المجموعة 5+1 عبر تسييس الملف فان ايران ستضطر الى مراجعة ما تم التوافق عليه مضيفا بان على مجلس الامن الدولي التعاطي بحكمة مع الفرص الجديدة , وحيث ان التوقيع على تبادل الوقود بشكل رسمي فان ما يثير التعجب هو اصرار بعض اطراف تلك المحموعة على فرض عقوبات على ايران .
وعن موعد تسليم صواريخ اس 300 الروسية الى ايران فان السفير الايراني لدى موسكو ذكر بان تلك الصواريخ هي لاغراض دفاعية كما انها لاتخالف القوانين والقرارات الدولية فان ايرن بذلك على استعداد لاستلامها وانها تنتظر من روسيا الايفاء بوعودها , واشار سجادي بقوله , بما ان روسيا تعتبر شريكا يتميز في علاقته معنا بالثقة فان عدم تسليم هذا البلد الصواريخ اس 300 لايران يعني فقدان الاخرين الثقة بها .
وعن الموعد المحدد لافتتاح مفاعل بوشهر قال السفير الايراني ان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين اصدر امرا بافتتاح مفاعل بوشهر خلال الصيف ولاشك بان الاجهزة والمؤسسات الروسية تولي اهمية كبيرة للقرارات الصادرة عن بوتين .
الكرملين: السلوك المنافي للمنطق والتطرف السياسي غير مقبول
وقد ردّ الكرملين بعنف على تصريحات أحمدي نجاد وسفيره.
فطلب كبير مستشاري السياسة الخارجية في الكرملين سيرغي بريخودكو من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التوقف عما وصفه بالديماغوجية السياسية، بعد أن عاتبت طهران روسيا لتأييدها فرض عقوبات جديدة.
وقال بريخودكو في بيان “لم يتمكن أحد على الإطلاق من المحافظة على سلطته بالديماغوجية السياسية، وأنا مقتنع بأن تاريخ إيران على مدى 1000 سنة دليل على ذلك”.
وأضاف أن “الاتحاد الروسي تحكمه مصالح الدولة في المدى الطويل، وموقفنا روسي، فهو يعكس مصالح جميع شعوب روسيا العظمى، وبالتالي لا يمكن أن يميل صوب الأميركيين أو الإيرانيين”.
ووجه المسؤول الروسي توبيخا صريحا لطهران بشأن تقاعسها عن تبديد المخاوف بشأن برنامجها النووي، وقال “أي سلوك مناف للمنطق وأي تطرف سياسي وغياب للشفافية أو تضارب في اتخاذ قرارات تؤثر على المجتمع الدولي وتهمه، (أمر) غير مقبول بالنسبة لنا”. وأضاف “سيكون من الأفضل أن يتذكر الذين يتحدثون الآن باسم شعب إيران الحكيم ذلك”.
إخيراً لا بد من تساؤل: هل ستخدم إعلان السيد حسن نصرالله بأن حزب الله بات يسيطر على البحر المتنوسط (بانتظار البحر الأحمر..) سياسات إيران، أم هل سيدرجها الروس في سياق ما اعتبروه “سلوكاً منافياً للمنطق وتصرفاً سياسياً.. وديماغوجية”؟