ذهبت الاحزاب المصرية لاقناع د. محمد البرادعي ومن بعده د. أحمد زويل للترشيح في انتخابات الرئاسة في العام 2011. رد زويل بانه لا يعمل في السياسة ولا اعرف بعد ماذا كان رد فعل البرادعي النهائي علي الاقتراح، لكنه رد بأدب شديد قائلا إنه لم يعلن رغبته أو عدم رغبته المشاركة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الرجلان ممن حازا علي جوائز نوبل وهما عالمان في العلوم الطبيعية ولهما صفات مرموقه بحسدهما عليها اي مواطن ويفتخر بهما في آن واحد.
لكن القضية ليست في الرجلين انما في الاحزاب التي تعمل منذ عقود في الحياه السياسية المصرية ولم تجد او ربما لم تخرج لنا من طياتها شخصيات او كوادر سياسية يمكن ترشيحها. كل حزب من احزاب مصر التعسة له ايديولوجية ملاكي خاصة به، يجدد الحديث عنها ويطريها ويدافع عنها في كل احتفال بولادة ذكر او انثي من ابناء الحزب او حفل زفاف او ماتم عند فقدان احد كوادره. فكل حزب له فكر ما، واعضاء وموارد ومعونات من الدولة ومقار في كل انحاء الجمهورية. كلهم لهم رؤساء علي راس سلطة كل حزب ومع ذلك لم يجرؤ ايا منهم علي القول بترشيح نفسه، ولم يتطرق فكر ايا منهم كيف يراهم رجل الشارع الذي يمزقونه اربا، بينما معاركهم في داخل كل حزب زكمت الانوف وملأت الصحف والمحاكم وساحات القضاء.
الحزب له وظيفة واحده ومهمة محدده هي الوصول الي السلطة عبر اقناع الناس بمنهجه وترشيح كوادره لتولي منصب رئاسة الدولة وتشكيل الحكومة وتنفيذ سياسته طبقا لايديولوجيته. لكن ما يجري عندنا عكس هذا تماما فأعضاء الاحزاب في تناقص بل ان كثير من اعضاء حزبي التجمع اليساري أو القومي الناصري (وهما حزبان علمانيان) باتوا ممن يؤيدون الاتجاهات الدينية ويطالبون ببحث مدي اتفاق برامج الحزب مع الشريعة. أما حزب الوفد فكان علي عجل من أمره، فلم ينتظر وصول الكارثه اليه فذهب هو اليها في العام 1984 بتحالفه مع الاخوان المسلمين.
أحزاب مصر الرئيسية اما متخلية عن دورها وإما تطلب ان يحكم مصر شخصيات من خارج تكويناتها السياسية الشرعية والمعترف بها. فلا زويل او البرادعي ممن لهم منهج او ايديولوجيا محدده لتطبيقها علي الواقع المصري. ربما اجمعت الاحزاب علي ايا من هاتين الشخصيتين بهدف انقاذ مصر من وضعها الحالي الذي ينبئ بكارثة او ربما التفافا علي خطة التوريث التي تدبرها الحكومة. فالتوريث مهين للجميع وهو امر يعطينا بعض الامل بانه لازالت هناك بعضا من الكرامة السياسية لدي هذه الاحزاب كبقايا او فضلات من زمن الليربالية. كان نشاط الاحزاب المصرية منذ تشكيلها في السبعينات هو كتابة المقالات تفنيدا لمارسات النظام الحاكم وفضح افعاله لكن هذا لا يكفي بل لا معني له لان نتائج ما تفعله السياسة المصرية داخليا وخارجيا سيكون واقعا يشعره البشر إن عاجلا او آجلا. وهنا ناتي الي جدوي تلك المقالات والصحف فلا هي انقذت ما ضاع ولا اوقفت نزيف الثروات ولا حققت وعيا يؤدي لتغيير الامور. اما عند الاختبار الحقيقي للاحزاب نجدها تهرب من ان تنفذ برامجها لو انها اخذت السلطة عبر تهربها من ترشيح احد ينتمي لها. وهنا ناتي الي السؤال الاهم، كم حجم الكذب في برامج تلك الاحزاب خاصة لو اننا اعدنا النظر ووجدنا ان برمجها جميعا من مخلفات سلالة النظم الساقطة او المهزومة او التي باتت اضحوكة امام العالم.
elbadry1944@gmail.com
* القاهرة
أحزاب مصر السياسية
As usual, Elbadry presented a high caloric and well articulated assay. BUT it is for those who have ears to listen to logic and mental rational and for those who has the clear sight to see the grave reality of the Egyptian decline in all aspects of daily life vis-a-vis the air headed and emotionally entangled theocrats. Again well done Elbadry.