في سابقة تاريخية تكاد تكون نادرة في عالمنا الثالث، سجل ممثلون عن الشعبين الفلسطيني واللبناني، خطوة متقدمة على الصعيد الأخلاقي والإنساني: ففي ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية، وتحديدا بتاريخ السابع من كانون الثاني 2008، تقدم السيد عباس زكي، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية لدى لبنان، باعتذار للشعب اللبناني، ورأى أن الوجود البشري والعسكري الفلسطيني في لبنان، قد أثقل على هذا البلد الشقيق، ورتب عليه أعباء فوق طاقته واحتماله، مختتما بقوله “…فإننا من جانبنا نبادر إلى الاعتذار عن أي ضرر ألحقناه بلبنان العزيز، بوعي أو من غير وعي، وهذا الاعتذار غير مشروط باعتذار مقابل.”.
وفي عشية ذكرى الحرب الأهلية في لبنان، تقدمت 44 شخصية مسيحية لبنانية، باعتذار لا يقل نبلا وسموا، ففي ندائهم الى الإخوة الفلسطينيين في لبنان، إقرار بالاعتذار عن أعمال غير مبررة، أدت الى سقوط ضحايا من الفلسطينيين، جاء هذا الإعلان ردا على اعتذار السيد عباس زكي، ومما جاء فيه: “… نود بدورنا أن نقر انه خلال تلك الحرب الطويلة صدرت عن بعضنا نحن اللبنانيين المسيحيين، أعمال غير مبررة أدت الى سقوط ضحايا بريئة من اخواننا الفلسطينيين. هذا الأمر يؤلمنا ونود ان نعتذر عنه. سائلين الله ان يلهمنا التعويض، ما أمكن عن كل ظلم اقترفناه.”.
حقيقة، قاومت لأن أحبس دمعة غص بها حلقي، لكنها تبقى دمعة فرح على أي حال، كوني فلسطينية المولد، لبنانية النشأة، وأعتز بانتمائي لهذين الشعبين العريقين، كما لم أخف ألمي لتلك الحرب بين الأشقاء.
لبنان، بكل أطيافه السياسية والطائفية، لم يدخل يوما البازار الخطابي العربي، بالمزايدة على تبني القضية الفلسطينية، ولم يدغدغ عواطف مواطنيه من الفلسطينيين، والمتاجرة بآلامهم، ولم يدع لبنان يوما، بأنه قلب العروبة النابض، ولا هو أم الدنيا وأبوها، وما حمل قضية التحرير أمانة في عنقه، لكنه في الواقع العملي، حمل الصليب الفلسطيني الى الحد الذي ناء به جسده الصغير.
فلبنان بكافة أحزابه القومية، والعلمانية والاشتراكية والطائفية، قد قدم إسهامات كبيرة في التوعية بالقضية، ثقافة وتنظيرا وكفاحا مسلحا… ما زلت أذكر حديث بعض الفلسطينيين ممن أزعجتهم الحرب واستنكروا المساهمة الفلسطينية لجهة على حساب أخرى، بأنهم عندما كانوا يجمعون التبرعات من المناطق المسيحية اللبنانية، لصالح “الفدائيين”، كانت بعض النسوة ممن لم يكن لديهم المال، كن يتبرعن بحليهن، حتى أن إحدى النسوة قد تبرعت بخاتم زواجها!!! لن استرسل في الوجدانيات لأنها تحتاج مني الى كتابة أسفار طويلة.
الخطوة الأولى باتجاه تصحيح مسار العلاقة الأخوية، جاءت على مستوى عال من الخلق العظيم، ويبقى السؤال المشروع طرحه هو: ماذا بعد؟ وهل أدى كل طرف قسطه من المعالي؟ أم أنّ الواجب الأن يتطلب متابعة مسيرة الإصلاح وتصحيح الوضع الخاطىء؟ وماذا يترتب على كل طرف من مسؤوليات وجهد متواصلين، لبناء جسور الثقة؟
مسؤوليات الطرف اللبناني
وتتمثل في إعادة الاعتبار لآدمية الإنسان الفلسطيني، بإعطائه الحقوق المدنية، وفي أولها حق العمل. فالفلسطيني في لبنان هو جزء من الدورة الاقتصادية للبلد، فهو لا يعمل ليرسل المال لأهل له في أماكن إقامة أخرى، بل انه يتلقى المعونات من أقاربه في الخليج وفي الدول الاسكندنافية ومن مطارح أخرى. ان حلا عادلا، وتحسينا لأوضاع المخيمات، والانفتاح اللبناني عليها، سوف يساعد في الخروج من تلك العزلة والبطالة، التي تسهل تسلل الحركات الأصولية التي ترى فرصتها في استقطابهم، من خلال المعونات المادية والعينية، من دواء وغذاء. ولا يخفى على أحد من اللبنانيين والفلسطينيين، سوء الأوضاع التي تتردى يوما بعد يوم، ما يدفع الشباب إلى إدمان أنواع من المخدرات الزهيدة الثمن، والتي تضر بالصحة الجسدية والنفسية، وما ينتج عنها من سلوكيات شاذة من عنف وانحراف أخلاقي، وارتماء في أحضان دعاة دينيين يبثون الأفكار الظلامية، ويبررون للشباب ارتكاب الموبقات، وبعض هذه المجموعات لا يتورع عن التدخل لفرض الحجاب على النساء وإزعاجهن، ومهاجمة البيوت التي ينبعث منها أصوات الموسيقى أو الغناء… ان تأمين فرص العمل، يشغل الشباب، ويؤمن لهم تأمين حاجياتهم وفرص الزواج.. ثم التعاون مع السلطة الفلسطينية في المخيمات، باتخاذ خطوات إصلاحية في صفوف الشباب، ونقل الملف الفلسطيني من ملف أمني، الى إنساني يستند الى شرعة حقوق الإنسان الدولية، الى حين التوصل الى الحل العادل لقضيتهم، وإسقاط ذريعة محاربة التوطين بإهدار كرامتهم كبشر.
مسؤوليات الطرف الفلسطيني
وهي مسؤولية أكثر تعقيدا، وتعترضها ألغام من كل الأنواع والأحجام، وتتركز في عدم جعل المخيمات أماكن آمنة للخارجين عن القانون اللبناني. وبحسب علمي فان السيد سلطان أبو العنين، قد دأب على التعاون في هذا المجال منذ فترة غير قصيرة.
ثم عدم السماح لعناصر غريبة بالتسلل الى المخيمات، كما حصل في مخيم نهر البارد، حيث استطاعت عناصر غريبة ومندسة، التسلل واحتلال مكاتب أحد التنظيمات بتسهيل منه، ثم قام ذلك التنظيم بالانسحاب من المخيم، ولم يكن أيا من تلك العناصر الطارئة من أهل المخيم، كما كانت أكثريتهم غير فلسطينية. وهذا يتطلب جهودا وتعاونا بين السلطتين الفلسطينية واللبنانية.
تأسس العديد من الفصائل الفلسطينية، بدعم من عدة دول عربية، قامت بإمدادهم بالمال والسلاح والعتاد، حيث دخلت تلك الفصائل في تصفية حسابات بين تلك الأنظمة، داخل المخيمات وعلى الأرض اللبنانية. ثم بدأت تلك الفصائل بالتكاثر عن طريق الانشطار بتخطيط وتشجيع ودعم من جهات عربية عدة، فأضعفت الصف الفلسطيني، وفقد معه عملية ضبط الانحرافات، كما انعكست فوضى وانفلاتا أمنيا في المحيط اللبناني. وحبذا لو احتضن كل بلد عربي الفصيل التابع له على أرضه ليمارس نضاله بالشكل الذي يرتأيه، فكل الدروب تودي الى فلسطين. ليس من العدل والإنصاف، أن يحارب العرب خطابيا، وإعلاميا، وأن يستمر لبنان ومخيمات الفلسطينيين فيه في أتون الحرب وحدهم. وهذا يتطلب تعاونا فلسطينيا لبنانيا ثم عربيا، اذا كان هناك حياة لمن تنادي.
الاعتذار الفلسطيني، وان جاء متأخرا فهو خير من أن لا يأتي. مثل هذه الخطوة كان يجب ان تحدث منذ عام 1982، وعلى أثر الاجتياح الإسرائيلي. لكنها تبقى خطوة حضارية، بين شعبين لهما اسهاماتهما المشرقة في الحضارة والثقافة العربية، رغم الكبوة التي نأمل ان ينهض منها الطرفان.
كتبت قبل أكثر من ثماني سنوات في احدى المناسبات”…أحب لبنان بصمت عاشقة في مجتمع مرتاب، حتى لا يفهم أننا نريده وطنا بديلا”. الآن، وبعد تلك الخطوة الحضارية، وبعد أن أصبحت مواطنة نرويجية، تحترم وتعتز بمواطنيتها الجديدة، أستطيع أن أصرخ بالفم الملآن “بحبك يا لبنان”.
Albakir8@hotmail.com
حنان بكير كاتبة فلسطينية من لبنان
albakir8@hotmail.com
أحب لبنان بصمت عاشقة في مجتمع مرتاب
1-التحول من استخدام المظاهرات والحجر الى استخدام صاروخ تنكي عشوائي وانتحارات دمر حماس وغيرها لان العدو بحيلة الارهاب دمر غزة وغيرها.2-ان اعتماد حماس على النظام الايراني المليشي الذي له اهداف استعمارية في المنطقة والنظام السوري المخابراتي دمرها وسيدمر القضية 3-دخول حماس في الانتخابات وفوزها لعبة من العدو لان وجودها في الحكم مخالف لمبدا الديمقراطية لان لها جناح مسلح فكيف تريد تطبيق الديمقراطية وتحمل صواريخ تنكية وجناح مليشي عسكري؟4-اتفاق مكة كان الفرصة المناسبة لحماس وغيرها لتنزع سلاحها وتنادي بالسلام واللاعنف كمبدا لتحريرها من الاستعمار البغيض كما فعل غادي ومنديلا.
أحب لبنان بصمت عاشقة في مجتمع مرتابرغم أن الأعتذارات المتبادلة لو أنطلقت قبل الآن لوفّرت الكثير من الدماء والآلام في مسيرة الشعب اللبناني الطيب والمنفتح. لكن كما تقول الكاتبة أنّ ظهور الأعتذار الى العلن له بالتأكيد فعله. السؤآل هو أنّ لبنان بلد صغير ومحدود الموارد. هل سيستطيع أستيعاب اللاجئين الفلسطينيين ومعاملتهم ضمن شرعة حقوق الأنسان؟ أذ أنّ هذا يعني توطينهم ومنحهم الجنسية. فهل هذا حلّ واقعي للبنان الصغير؟ فالمليوني لاجيء فلسطيني سيصبحون خمسة بعد عشرين عام. فعدد ولاداتهم أكثر من معدل ولادات اللبنانيين. وأغلب اللبنانيين يهاجرون كل ما استطاعوا ذلك. السؤآل: لم لهذا البلد ان يعاملهم بالتوطين ؟ ما الضمان… قراءة المزيد ..
أحب لبنان بصمت عاشقة في مجتمع مرتاب
Hei
Den har rørt meg veldig ..tusen takk Hanan stå på
Stor klem fra Huda Kayed
أحب لبنان بصمت عاشقة في مجتمع مرتاب
تحياتي لكاتبة المقال و مزيدا من التوفيق في مسيرة البحث عن المعرفة
benaissa-administratiion.blogspot.com