باريس – رنده تقي الدين الحياة – 18/07/07
قال مصدر فرنسي مطلع لـ «الحياة» ان باريس كانت قررت إرسال موفدها السفير جان كلود كوسران الى دمشق فور انتهاء اجتماع سان كلو، وذلك قبل عقد هذا الاجتماع، الا انها فضلت ان يتم ذلك بعد سان كلو كي لا تظهر وكأنها تأخذ إذناً وموافقة من دمشق، وأن الإدارة الأميركية أُحيطت علماً بقرار إرسال كوسران بعد المؤتمر. وذكر المصدر ان هدف الزيارة، بعد نجاح اجتماع سان كلو، إبلاغ دمشق بأمل باريس في ان يستمر هذا الحوار بين الأطراف اللبنانية.
وأقر المصدر بأنه لم تكن هناك منذ فترة طويلة زيارة لديبلوماسي بمستوى كوسران الى دمشق، ولكنه اعتبر ان «عقد اجتماع سان كلو وعدم منع سورية أصدقاءها اللبنانيين من المشاركة وتصرف الجميع في شكل منطقي ومقبول خلال الاجتماع… كل ذلك مثل بادرة ايجابية من جانب سورية وحلفائها على الأرض، ما سمح بنجاح الاجتماع على رغم تواضع الطموح بالنسبة الى نتائجه».
وتابع ان زيارة كوسران دمشق تدرج في إطار قناعة باريس بضرورة إشراك الجميع في الخروج من الأزمة السياسية في لبنان، ومن قناعتها بضرورة تجنب الفوضى العامة وزعزعة الاستقرار. وأوضح ان باريس قررت محاورة دمشق للقول لها ان من مصلحة الجميع ان تعبر فترة انتخابات الرئاسة في لبنان من دون مشاكل ومن دون الوقوع في فوضى، وأنها على قناعة بأن هذه الانتخابات لا يمكن ان تتم من دون الأخذ برأي سورية في شكل أو آخر عبر حلفائها في لبنان.
وقال المصدر: «مخطئ من يعتقد ان البديل يكون كما تتطلع إليه واشنطن، أو بعض أطراف 14 آذار، ويتمثل في انتخاب رئيس من دون موافقة المعارضة، وعقد نائب رئيس مجلس النواب اجتماعاً للنواب الـ 63 لانتخاب الرئيس مع امكان ان يلجأ الرئيس اميل لحود الى تشكيل حكومة… لأن هذا يعني الفوضى وينطوي على خطورة بالغة». وذكر ان باريس على قناعة بوجوب ان يُنتخب الرئيس بموافقة حلفاء سورية، كونهم لبنانيين ايضاً «من دون ان يعني ذلك ان باريس ستفاوض سورية حول اسم الرئيس أو حول الحكومة».
وأكد المصدر عينه ان منطق باريس «لا يقول بانتخاب الرئيس في لبنان مع سورية، فهذا مستبعد ومرفوض وفرنسا لم تغير موقفها ولن تشرك سورية في قرار يخص لبنان». ولفت الى ان اجتماع سان كلو «أنجز شيئاً لم يكن بديهياً، إذ انه لم يكن هناك حوار منتظم في لبنان منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وفشلت كل المحاولات لمعاودته، وتسنى في سان كلو اعادة ربط خيوط الحديث، وتنظيم الاجتماع في حد ذاته إنجاز مهم».
واعتبر ان «الاجتماع نجح لأن الأهداف المتوقعة منه كانت متواضعة جداً، وباريس رفضت وضع جدول اعمال له، وهو لم يكن بمثابة مؤتمر دولي او تحويل للحوار الوطني من لبنان الى فرنسا». وذكر ان الأمور «بدأت متوترة في سان كلو ثم ساد الارتياح والهدوء، وطرح كوشنير اسئلة على المشاركين، وكانت الخلاصة تأكيد أسس مهمة منها اتفاق الطائف».
ويزور كوشنير بيروت في 28 الحالي ويجمع الأطراف التي شاركت في سان كلو ويواصل الحوار معهم كما يلتقي القيادات على الأرض بعد ان يكون اتصل بنظراء له في المنطقة. ويعد كوسران للجزء الثاني من الحوار والتحضير له عبر اتصالاته الإقليمية مثلما فعل قبل سان كلو.